المُلَّا علي القاري الهروي (ت. 1014هـ - 1606م) هوفقيه حنفي ماتريدي صوفي، من فهماء أهل السنة والجماعة.

اسمه

هونور الدين أبوالحسن علي بن سلطان محمد القاري، الهروي المكي، المعروف بملَّا علي القاري، اسم والده: سلطان. وُلد بهراة، ولم يذكر تاريخ لولادته.

حياته وموارد رزقه

كان زاهداً في الدنيا، بعيداً عن الحكام ومجالسهم، معرضاً عن الوظائف والأعمال، وكان شديداً عليهم، حاملاً على أهل البدع والضلالات في مكة المكرمة (محل إقامته)، وكان تعلَّم الخط العربي حتى برز فيه، فكان مورد رزقه مصحفان يخطهما في جميع عام، ويزين المصحف بعض القراءات (وهومن القراء)، فيبيع المصحفين أما أحدهما فيتقوَّت بثمنه طوال عامه، وأما الثاني فيتصدَّق بثمنه، وكان ذلك يكفيه؛ إذ كان يعيش بلا زوجة ولا جارية ولا ولد ولا أهل. نطق الشيخ محمد عبد الحليم النعماني: ظلَّ الملّا علي القاري قانعاً بما يحصِّل من بيع خطه، وغلب على حاله الزهد والعفاف والرضا بالكفاف، وكان قليل الاختلاط بغيره كثير العبادة والتقوى، شديد الإقبال على عالِم السر والنجوى جلَّ جلاله.

حياته الفهمية

يمكن تقسيم حياته إلى مراحل ثلاثة:

الفترة الأولى

وُلد في هراة، وتعلَّم القرآن الكريم وحفظه، وتلقَّى مبادئ العلوم وحضر حلقات الفهماء في بلاده وصلَّى بالناس إماماً، فلُقب بالقاري، كعادتهم في اللقب ذلك الزمان.

الفترة الثانية

انتقل إلى مكة مكرمة في شبابه، وذلك بعد وقوع فتنة السلطان إسماعيل الصفوي، الذي كان لا يتوجه إلى بلدة إلا ويفتحها ويقتل جميع من فيها وينهب أموالهم ويفرقها، وقد اغتال خلقاً لا يحصون يفوق على ألف ألف (مليون نفس)، وقتل عدة من أعاظم الفهماء بحيث لم يبق أحداً من أهل الفهم في بلاد العجم، وأحرق جميع خطهم ومصاحفهم؛ لأنها مصاحف أهل السنة. وقد عمل إسماعيل الصفوي في هراة، موطن الإمام القاري، ما عمل، مما دفع مَن نجا من الفهماء مِن القتل والذبح حتى يهاجر، فكان ممن هاجر من بلاده إلى بيت الله الحرام: الإمام علي بن سلطان محمد القاري. وقد ولج مكة المكرمة ما بين عامي 952 هـ - 973 هـ. وفي مكة جلس في حلقات المشايخ يرتشف من رحيقهم وينهل من معينهم. وقد شرح الله صدره في هذا المقام الذي انتقل إليه وهوجوار بيت الله الحرام، وكان لا يُرى إلَّا ومعه كتاب أوبين يدي أستاذ، واستمر على هذا إلى حوالي عام 1003 هـ، حيث بدأ تأليف الرسائل والخط.

الفترة الثالثة

وفي حوالي عام 1003 هـ بدأ التأليف أوأظهره، وقد أخذ يصنِّف الرسائل والخط، يقدِّمها للناس، فخط في تلك السنوات القليلة - من 1003 هـ إلى 1014 هـ - أكثر من 148 رسالة وكتاباً، كما نطق الباحث الشيخ خليل إبراهيم قوتلاي في رسالة (الإمام علي القاري وأثره في فهم الحديث).

رجوعه إلى الحق

كان الإمام علي القاري رأى فترة حتى والدي الرسول في النار^[] ، وخط في هذا رسالة، لكنه عاد عن ذلك في شرحه للشفاء للقاضي عياض، الذي انتهى منه سنة 1011 هـ، أي قبل وفاته بثلاث سنوات. فقد اتى فيه بعد كلام: (وأبوطالب لم يصح إسلامه): «وأما إسلام أبويه ففيه أقوال، والأصح إسلامهما على ما اتفق عليه الأجلَّة من الأمة، كما بيَّنه السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة.» ونطق: «وأما ما ذكروا من إحيائه عليه الصلاة والسلام أبويه، فالأصح أنه سقط على ما عليه الجمهور الثقات، كما نطق السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة.» نطق الشيخ خليل: إذا الإمام القاري فرغ من كتابه (شرح الشفاء) في سنة 1011 هـ، أي قبل وفاته بثلاث سنوات والله أفهم.

مؤلفاته

لقد خط الإمام القاري في الفنون الشرعية المتنوعة، فخط في القرآن الكريم وعلومه، وخط في الحديث الشريف وعلومه، وخط في التوحيد والعقائد، وخط في الفقه وعلومه، وخط في فروع مختلفة رسائل صغيرة، وكان على مسلك الإمام السيوطي في كثرة الكتابة، فما يكاد يقرأ موضوعاً إلّا ويؤلف له رسالة، وكذلك سلك الإمام القاري. وكان في أكثر كتاباته ناقلاً لما في خط السابقين، مع التبويب والترتيب، والإضافة أحياناً. وقد بلغ بعضهم بمؤلفاته إلى ثلاثمائة مؤلف، لكن منها ماقد يكون في صفحة أوصفحات أوقد يكون جزءاً أومجلداً أومجلدات.

نطق الشيخ خليل إبراهيم^[]

قوتلاي بعد حتى ذكر الخط الحديثية التي خطها الإمام القاري:

مؤلفات الشيخ علي القاري غير الحديثية:

• التوحيد/ 17 كتاباً.
• أصول الفقه/ كتاب واحد.
• الفقه/ 20 كتاباً.
• المناسك/ 11 كتاباً.
• الفرائض/ كتاب واحد.
• التفسير/ستة خط.
• القراءات والتجويد/خمسة خط.
• السيرة والشمائل/ستة خط.
• الأدعية والأذكار/ ثلاثة خط.
• التراجم/خمسة خط.
• اللغة/ ثلاثة خط.
• النحو/ستة خط.
• مواعظ وخط أخرى/ 21 كتاباً.
• رسائل منسوبة إليه غير مشهورة/ 24 كتاباً.

ومن أبرز مؤلفاته:

• تفسير الملا علي القاري المسمى (أنوار القرآن وأسرار الفرقان).
• الأثمار الجنية في أسماء الحنفية.
• منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر.
• ضوء المعالي شرح بدء الأمالي.
• مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.
• جمع الوسائل في شرح الشمائل.
• شرح مسند أبي حنيفة.
• شرح الشفا.
• شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر.
• الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة.
• المصنوع في فهم الحديث الموضوع.
• أدلة معتقد أبي حنيفة في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام.
• الرد على القائلين بوحدة الوجود.
• تسلية الأعمى عن بلية العمى.
• موعظة الحبيب وتحفة الخطيب.
• الأحاديث القدسية الأربعينية.
• شم العوارض في ذم الروافض.

نطقوا عنه

• نطق عنه الزركلي في كتابه الأعلام: «علي بن (سلطان) محمد، نور الدين الملّا الهروي القاري: فقيه حنفي، من صدور الفهم في عصره. ولد في هراة وسكن مكة وتوفي بها. وقيل: كان يخط في جميع عام مصحفا وعليه طرر من القراءات والتفسير فيبيعه فيكفيه قوته من العام إلى العام. وصنف خطا كثيرة، منها «تفسير القرآن- خ» ثلاثة مجلدات، و«الأثمار الجنية في أسماء الحنفية» و«الفصول المهمة- خ» فقه^[]

، و«بداية السالك- خ» مناسك، و«شرح مشكاة المصابيح- ط» و«شرح مشكلات الموطأ- خ» و«شرح الشفاء- ط» و«شرح الحصن الحصين- خ» في الحديث، و«شرح الشمائل- ط» و«تعليق على بعض آداب المريدين، لعبد القاهر السهروردي- خ» في خزانة الرباط (2503 ك) و«سيرة الشيخ عبد القادر الجيلاني- ط» رسالة، ولخص مواد من القاموس سماها «الناموس» وله «شرح الأربعين النووية- ط» و«تذكرة الموضوعات- ط» و«كتاب الجمالين، حاشية على الجلالين- ط» جزء منه، في التفسير، و«أربعون حديثا قدسية- خ» رسالة، و«ضوء المعالي- ط» شرح قصيدة بدء الأمالي، في التوحيد، و«منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر- ط» ورسالة في «الرد على ابن العربي^[]

في كتابه الفصوص وعلى القائلين بالحلول والاتحاد- خ» و«شرح كتاب عين الفهم المختصر من الإحياء- ط» و«فتح الأسماع- خ» فيما يتعلق بالسماع، من الكتاب والسنة ونقول الأئمة، و«توضيح المباني- خ» شرح مختصر المنار، في الأصول، و«الزبدة في شرح البردة- خ» في مخطة عبيد. ونقل لي عن هامشه، بشأن الخلاف حول اسم أبي صاحب الترجمة، الحاشية الآتية: «ودأب العجم حتى يسموا أولادهم أسماء مزدوجة مثل فاضل محمد وصادق محمد وأسد محمد واسم أبيه سلطان محمد. فهومن هذا القبيل على ما سمع وأما كونه من الملوك فلم يسمع».»

وفاته

توفي في شوال سنة 1014 هـ، ودُفن بمقبرة المعلاة في مكة المكرمة. وقد حكى بعض من ترجم للشيخ علي القاري أنه لما بلغ خبر وفاته فهماء مصر صلوا عليه بالجامع الأزهر صلاة الغائب في مجمع حافل يجمع أربعة آلاف نسمة فأكثر.

المصادر

• "البضاعة المزجاة" للشيخ عبد الحليم النعماني، موضوعة في مقدمة النسخة العربية من "مرقاة المفاتيح"، والواقعة في 11 جزءاً؛ "التعليقات السنية على الفوائد البهية في تراجم الحنفية"؛ والكواكب السائرة.. وغيرها، وخاصة كتاب: "الإمام علي القاري وأثره في فهم الحديث" للشيخ خليل إبراهيم قوتلاي.

المراجع

• كتاب: منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر، تأليف: الملا على القاري، ومعه: التعليق الميسر على شرح الفقه الأكبر، تأليف: الشيخ وهبي سليمان غاوجي، الناشر: دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى: 1998م، ص: 15-19.

الملا علي القاري في المشاريع الشقيقة

---

• صور وملفات صوتية من كومنز
• نصوص مصدرية من ويكي مصدر