الاستبطان (أومطالعة النفس) هوتأمل باطني ينصب على ما يجري في عالم الشعور، ومنه الاستبطان التجريبي، وهومنهج نفسي يتلخص في حتى يوضع إنسان تحت اختبارات معينة ليصف شعوره في أثناء هذه التجربة. تعتمد عملية الاستبطان في فهم النفس حصريًا على ملاحظة المرء لحالته العقلية، بينما قد تشير في السياق الروحي إلى فحص روح الشخص. يرتبط الاستبطان بشكل وثيق بالتأمل الذاتي البشري ويتناقض مع الملاحظة الخارجية. يقدم الاستبطان بشكل عام ميزة وصول الشخص إلى حالاته الذهنية الخاصة دون وجود وساطة من مصادر الفهم الأخرى، وبالتالي تعتبر الخبرة الفردية للذهن فريدة من نوعها. يمكن للاستبطان حتى يحدد أي عدد من الحالات الذهنية بما في ذلك: الحسية والجسدية والمعهدية والانفعالية وما إلى ذلك. كان الاستبطان موضوعًا للنقاش الفلسفي طوال ألآف السنين. يتسائل الفيلسوف أفلاطون، لم لا ينبغي علينا مراجعة أفكارنا الخاصة بصبر وهدوء، ومن خلالها نفحص ونرى حقيقة تلك المظاهر الموجودة فينا،يا ترى؟ وبينما يُطبق الاستبطان على الكثير من جوانب الفكر الفلسفي، فربما يُعهد جيدًا بسبب دوره في الإبستمولوجيا؛ ويُقارن الاستبطان غالبًا في هذا السياق مع الإدراك الحسي والتفكير والتذكر والشهادة بوصفها مصدرًا من مصادر الفهم.

في مجال فهم النفس

فونت

يُزعم غالبًا حتى فيلهلم فونت، أبوفهم النفس الحديث، كان أول من تبنى الاستبطان في فهم النفس التجريبي، على الرغم من حتى الفكرة المنهجية كانت موجودة قبل فترة طويلة، مثلما كان الأمر لدى فهماء النفس المتفلسفين الألمان خلال القرن الثامن عشر، أمثال ألكسندر جوتليب باومجارتن أويوهان نيكولاس تيتنز. ويجب أيضًا تناول وجهات نظر فونت حول الاستبطان بحرص شديد. كان فونت متأثرًا بفهماء الفسيولوجيا البارزين، مثل جوستاف فشنر، والذي استخدم نوعًا من الاستبطان المُحكَم بوصفه وسيلة لدراسة الأعضاء الحسية البشرية. واعتقد فونت بناء على الاستخدام الموجود مسبقًا للاستبطان في الفسيولوجيا، بأن الاستبطان هوالقدرة على ملاحظة الخبرة أوالتجربة، وليس فقط التفكير المنطقي أوالتأملات، إذ تبنى البعض الآخر هذا المعنى الذي رآه فونت. وفرض فونت رقابة صارمة حول استخدام الاستبطان في معمله التجريبي في جامعة لايبزغ، وهوالأمر الذي مكّن الفهماء الآخرين من تكرار تجارب فونت في أماكن أخرى، ويعد ذلك تطورًا ثبتت أهميته بالنسبة لتطور فهم النفس بوصفه فهمًا حديثًا وتخصصًا فهميًا خاضعًا لمراجعة النظراء. كان مثل هذا التطهر أمرًا قياسيًا لفونت، ومنح تعليمات بأن تحدث جميع الملاحظات الاستبطانية وفقًا لنفس تلك التوجيهات: (1) يجب على المُلاحِظ، لوأمكن ذلك، حتىقد يكون في موقف يسمح له بالتحديد المسبق لمدخل العملية التي يريد ملاحظتها. (2) يجب على المُستبطن، حدثا أمكن ذلك، حتى يفهم الظاهرة في حالة من الانتباه المُرَكَز ويتبع مساره. (3) يجب على جميع ملاحظة لكي تكون مؤكدة حتى تكون قابلة للتكرار عدة مرات تحت ظل نفس الشروط. (4) يجب اكتشاف الشروط التي تحدث فيها الظاهرة من خلال تنوع الملابسات المصاحبة، وعندما يحدث ذلك فيجب حتى تتنوع التجارب المتماسكة المتنوعة وفقًا لخطة ما، عن طريق الاستبعاد الجزئي لبعض المحفزات وعن طريق التصنيف الجزئي لقوتها ونوعيتها.

تيتشنر

كان إدوارد تيتشنر رائدًا من الرواد الأوائل في فهم النفس التجريبي وتلميذًا لدى فيلهلم فونت. وبعد حصوله على درجة الدكتوراة تحت إشراف فونت في جامعة لايبزغ، شق طريقه نحوجامعة كورنيل، إذ أسس معمله وأبحاثه الخاصة به. كان فهم النفس ما يزال تخصصًا ناشئًا جديدًا، عندما وصل تيتشنر إلى جامعة كورنيل في عام 1894، وبوجه خاص في الولايات المتحدة، وكان تيتشنر هوالشخصية الأساسية التي نقلت أفكار فونت غلى أمريكا. ومع ذلك فقد أساء تيتشنر تقديم بعض أفكار فونت إلى مؤسسة فهم النفس الأمريكية، وتحديدًا فيما يتعلق برؤيته للاستبطان، والذي درسه تيتشنر للطلاب، واحتفظ به فقط بغرض التحليل النوعي للوعي في جوانبه المتنوعة، بينما اعتبره فونت بمثابة وسيلة لقياس تام الخبرة الواعية بشكل كمي. كان تيتشنر مهتمًا بشكل حصري بالمكونات الفردية التي تضم على الخبرة الواعية، بينما رأى فونت غرضًا ضئيلًا في تحليل المكونات الفردية، إذ ركز على هجريب أوبناء تلك المكونات. وشكلت أفكار تيتشنر في خاتمة المطاف، الأساس الخاص بالنظرية البنائية قصيرة العمر في فهم النفس.

التصورات الخاطئة في التاريخ

سيطر على التأريخ الأمريكي للاستبطان وفقًا لبعض المؤلفين، ثلاثة تصورات خاطئة. فيميل المؤرخون في فهم النفس إلى المُحاججة على وجه الخصوص بأن:

(1) الاستبطان كان هوالمنهج المسيطر في البحث السيكولوجي في وقت ما.

(2) كانت المدرسة السلوكية وتحديدًا لدى جون ب. واطسون هي المسؤولة عن تشويه أوإضعاف الاستبطان بوصفه منهجًا صالحًا.

(3) هجر هذا الجانب الفهمي من فهم النفس الاستبطانَ بشكل تام نتيجة تلك الانتقادات. ومع ذلك لم يكن الاستبطان منهجًا مهيمنًا على فهم النفس. فيُعتقد حتى الأمر كذلك نتيجة انحياز إدوين ج. بورنج إلى آراء تيتشنر بينما أهمل المصادر الأصلية ولم يعطها من الأهمية سوى القليل، إذ كان تلميذًا لإدوارد تيتشنر وصاحب رؤى مؤثرة تاريخيًا في فهم النفس التجريبي. انتقد الكثير من فهماء النفس الآخرين الاستبطان، بما في ذلك فيلهلم فونت ونايت دنلاب والذي قدم في منطقته (موقف ضد الاستبطان) حُجةً ضد الملاحظة الذاتية والتي لا تتأصل بشكل أساسي في الإبستمولوجيا السلوكية.

التطورات الأخيرة

تناقص استخدام الاستبطان بشكل جزئي بعد موت تيتشنر كنتيجة لسوء تقديمه له، مع انحدار لاحق للمدرسة البنائية. ورفضت الحركات السيكولوجية التالية مثل المدرسة الوظيفية والمدرسة السلوكية، الاستبطان نتيجة لافتقاره إلى الموثوقية الفهمية بالإضافة إلى عوامل أخرى. نشأت الوظيفية في الأصل للمعارضة المباشرة مع المدرسة البنائية، إذ عارضت هجريزها الضيق على عناصر الوعي، وأكدت على هدف أوغرض الوعي والسلوك النفسي الآخر. وانصبّ بشكل أكبر رفض السلوكية للاستبطان على عدم الموثوقية والعنصر الذاتي الذي يتناقض مع هجريز المدرسة السلوكية على السلوك القابل للقياس. تقبلت حركة فهم النفس المعهدي التي نشأت مؤخرًا، فائدة الاستبطان إلى حد ما، في دراسة الظواهر السيكولوجية، ولكن بشكل عام فقط في التجارب المتعلقة بالتفكير الداخلي الذي يُجرى في ظل ظروف تجريبية. على سبيل المثال، يشير الباحثون إلى المشاركين في (بروتوكول التفكير بصوت مرتفع)، حتى يتحدثوا بما يدور في تفكيرهم بصوت مرتفع، من أجل دراسة عملية التفكير النشط، دون إجبار فرد على التعليق على العملية نفسها.

انتقد المؤلفون بالعمل في القرن الثامن عشر، استخدام الاستبطان، سواء من ناحية فهم المرء لما في ذهنه أوباعتباره منهجًا لفهم النفس. أشار دافيد هيوم إلى الميل الذي يحدث عند استبطان حالة ذهنية، نحوتغير تلك الحالة نفسها إلى حد بعيد؛ ولاحظ المؤلف الألماني كريستيان جوتفريد شوتز، حتى الاستبطان عادة ما يوصف بأنه مجرد (إحساس داخلي)، ولكنه يحتاج بالعمل انتباهًا أيضًا، ولا يحدث هذا الاستبطان في حالات ذهنية غير واعية، ولا يمكن استخدامه بشكل ساذج –فيحتاج المرء إلى فهم ما يبحث عنه. وأضاف إيمانويل كانت أنهم إذا فُهموا بشكل ضيق للغاية فإن التجارب الاستنباطية ستكون محالة. يعطي الاستبطان في أحسن الأحوال، إشارات حول ما يجري في الذهن، ولا يكفي لتبرير نادىوي الفهم بشأن الذهن. واستمرت الفكرة مطروحة للنقاش بشكل مشابه بين جون ستيوارت مل وأوجست كومت. وتطلب الأبحاث السيكولوجية الحديثة حول الفهم ونظرية الإسناد، من الناس حتى يصرحوا عن عملياتهم الذهنية، كأن يقولوا مثلًا لما قاموا باختيار معين أوكيف من الممكن أن توصلوا إلى حكم معين.

انظر أيضا

• انشغال بالذات
• استبطان
• تفكر ذاتي للبشر
• تعقل نفسي

مراجع