الحافظ البغوي هوإمام حافظ وفقيه ومجتهد، ومسماه الكامل "أبومحمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي"، ويلقب أيضاً بركن الدين ومحي السنة. أحد الفهماء الذين خدموا القرآن والسنة النبوية الإسلامية، دراسة وتدريساً، وتأليفاً. والفراء : نسبة إلى عمل الفراء وبيعها. والبغوي : نسبة إلى بلدة ينطق لها : (بغ) وبَغْشور، وهي بلدة بخراسان^[]

بين

مروالروذ وهراة.

المولد والنشأة

ولد في بغثور وإليها نسبته وهى بليدة بين هراة ومروالروذ من بلاد خرسان^[] ، أنجبت كثيرا من المحدثين والفقهاء وأهل الفهم.

معظم المصادر التي ترجمت له لم تشر إلى السنة التي ولد فيها، غير حتى ياقوت الحموي نطق في معجم البلدان: إنه ولد سنة (433 هـ) أما الزركلي فأشار في الأعلام إلى أنه ولد سنة (436 هـ).

جميع من ترجم له أرخوا أنه توفى سنة (516) من الهجرة^[]

سوى ابن خلكان فأرخ وفاته (510)، ونطقوا إنه قد بلغ الثمانين أوتجاوزها، فيغلب الظن أنه ولد في أوائل العقد الرابع من القرن الخامس الهجري.

ونطق المضىي في كتابه السير: لا نعهد الكثير عن نشأته وحياته المبكرة، كما نجهل ما يتصل بأسرته وعدد أفرادها وذلك كله لأن المصادر التي ترجمت له لا تفصح عن ذلك، ولعل السبب في هذه الظاهرة حتى أسرة الإمام البغوي لم يكن فيها من له باع طويل في ميدان الفهم والفقه والكتاب والسنة، فيذكرون بتلك العلوم كما ذُكر، ويُشهرون بها كما شهر، فهماً بأن المدينة التي ولد بها ونشأ فيها وهي بلاد خراسان التي أنجبت كثيراً من الفهماء. والإمام البغوي قد نشأ في أسرة فقيرة كما ينشأ أكثر الفهماء في عصره، وخاصة حتى المصادر تذكر حتى أباه كان فرَّاءً يصنع الفراء ويبيعها.

عقيدته وممضىه

كان البغوي يعتنق عقيدة أهل السنة والجماعة فشهادات الفهماء ممن ترجم له، تشهد له بذلك فهوكما يقول ابن نقطة عنه انه: (إمام حافظ ثقة صالح) وهي من الدرجات العالية في التعديل والتقويم.

ويقول الإمام المضىي (على منهاج السلف حلاً وعقداً): ويتضح من هذه الأقوال حتى عقيدته هي عقيدة أهل السنة والجماعة. وأما ممضىه فقد كان شافعياً بل من أئمة الممضى الشافعي، وقد اشتهر ذلك لدى الفهماء وأكده من ترجم له، ومنهم ابن خلكان والمضىي والسبكي^[]

وغيرهم. أما اختياره للممضى الشافعي فبحكم البيئة التي نشأ بها والفهماء الذين تلقى عنهم ودرس عليهم الفقه.

وقد دفعه حبه حرصه على الفهم، وشغفه بالسنة حتى يرحل في طلب الفهم فرحل إلى مروالروذ ليلتقى بإمام عصره الحيسين بن محمد المروزى القاضى، فتتلمذ له وروى عنه. وطاف بلاد بخراسان^[]

وسمع إلى كثير من فهمائها وروى عنهم الصحاح، والسنن، والمسانيد، ودرس المذاهب الأربعة وخاصة ممضى الإمام الشافعي، وجالس فهماء اللغة وحمل عنهم الخط التي ألفت في غريب الحديث وفسر معانيه.

شيوخه

• 1- أبوعلى الحسين بن محمد بن أحمد المرزوى.
• 2- أبوعمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم المليحى الهروى.
• 3- أبوالحسن على بن يوسف الجوينى.
• 4- أبوبكر يعقوب بن أحمد الصرفى النيسابوري.
• 5- أبوعلى حسان بن سعيد المنيعي.
• 6- أبوبكر محمد بن عبد الصمد الترابى المرزوى.
• 7- أبوالقاسم عبد الكريم بن عبد الملك ابن طلحة النيسابوري القرشي الملقب شيخ بخراسان^[]

.

• 8- أبوصالح أحمد بن عبد الملك بن على بن أحمد النيسابوري.
• 9- أبوتراب عبدالبافى بن يوسف بن على بن صالح بن عبد الملك المراغى الفقيه الشافعي.
• 10- عمر بن عبد العزيز الفشانى.
• 11- أبوالحسن محمد بن محمد الشريزى.
• 12- أبوسعد أحمد بن محمد بن العباس الخطيب الحميدى.
• 13- أبومحمد عبد الله بن عبد الصمد بن أحمد بن موسى الجوزانى.
• 14- أبوجعفر محمد بن عبد الله بن محمد بن المفهم الطوسى.
• 15- أبوطاهر محمد بن على بن محمد بن على بن بوية الزراد.
• 16- أبوبكر أحمد بن أبي نصر الكوفانى.
• 17- أبومنصور محمد بن عبد الملك المظفرى السرخسى.
• 18- أبوعبد الله محمد بن الفضل بن جعفر الخرقى.
• 19- أبوالحسن على بن الحسين بن الحسن القرينينى.
• 20- أبوالحسن عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن المظفر الداودى.

تلامذته

• مجد الدين أبومنصور محمد بن أسعد بن محمد المتوفى سنة (571) ((وهوالذي روى شرح السنة عن مؤلفه (الإمام البغوى)،ثم أخذ عنه الكثير من فهماء الشريعة.
• أبوالفتوح محمد بن محمد بن على الطائي الهمذاني، محدث متوفى سنة 555 من الهجرة^[]

من تاليفه ((الأربعين في إرشاد السالكين إلى منازل المتقين))جمعه عن مسموعاته أربعين شخصا.

• أبوالمكارم فضل الله بن محمد بالنوقاني، وهواّخر من روى عنه وبقى إلى سنة ستمائة، أجاز للفخر علي بن البخاري شيخ الإمام الحافظ المضىي وأخذ عنه الكثير من فهماء أهل مرو^[]

.

صفاته

قيل أنه كان له الكثير من المزايا مما كان له أثر كبير في ظفره بلقب ((الإمام)) و((محى السنة)) و((شيخ الإسلام)).

وغيرها من الألقاب التي أطلقها عليه من ترجم له فاوضحوا انه كان حافظاً للقرآن وملماً لقراءاته، وعالماً بما أثر عن الصحابة والتابعين في التفسير، وذوبصر تام بممضى الإمام الشافعي وعالماً بالخلاف بين المذاهب الأربعة، وهومن أئمة الحديث وحفاظه، وكان لا يتعصب لممضى ولا يندد بغيره، وكان حريص على نشر علوم القرآن السنة.

الاستشهادات

• يقول الإمام المضىي في ترجمته: (الشيخ الإمام، العلامة القدوة الحافظ شيخ الإسلام، مُحيي السنة أبومحمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي المفسر صاحب التصانيف (كشرح السنة) و(معالم التنزيل) و(الجمع بين السليمين) وأشياء. وكان البغوي يُلقب بمحيي السنة وبركن الدين، وكان سيداً إماماً عالماً علامة زاهداً وله القدم الراسخ في التفسير والباع المديد في الفقه.
• ويقول الداودي^[]

في كتابه (طبقات المفسرين) : (كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه، جليلاً ورعاً زاهداً تفقَّه على القاضي حسين وهوأخص تلامذته، وسمع الحديث منه ومن أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي الحسن الداودي، وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرازي وغيرهم. وسماعاته بعد الستين وأربعمائة.

روى عنه أبومنصور محمد بن أسعد العطاري وأبوالفتوح محمد بن محمد الطائي وجماعة وآخرهم أبوالمكارم فضل الله بن محمد النوقاني وله من التصانيف (معالم التنزيل في التفسير) و(شرح السنة) و(المصابيح) و(الجمع بين السليمين) و(التهذيب في الفقه) وقد بورك له في تصانيفه ورُزق فيها القبول الحسن بنيته وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة، وكان قانعاً يأكل الخبز وحده، ثم عُذِل في ذلك فصار يأكله بزيت، توفي في شوال سنة 510هـ بمروالروَّذ ودفن عند شيخه القاضي الحسين وقد جاوز البغوي الثمانين ولم يحج). وذكر ذلك أيضاً المضىي.

• ونطق السبكي^[]

(وكان البغوى يلقب بمحى السنة، وبركن الدين، ولم يدخل بغداد، ولودخلها لاتسعت ترجمته، وقدره عال في الدين^[]

والتفسير والفقه والحديث).

• ونطق ابن العماد الحنبلي: (المحدث المفسر صاحب التصانيف، عالم أهل خرسان^[]

)

• ونطق ابن خلكان: (كان بحر في العلوم وصنف في تفسير كلام الله وأوضح المشكلات من قول النبى) الحديث
• ونطق ابن كثير في البداية والنهاية : (وكان علامة زمانه، ديِّناً، ورعاً، زاهداً، عابداً، صالحاً).
• ونطق السيوطي في طبقات الحفاظ : (وبورك له في تصانيفه، لقصده الصالح، فإنه كان من الفهماء الربانيين، ذا تعبد ونسك، وقناعة باليسير).

مؤلفاته

• شرح السنة
• مجموعة الفتاوى.
• التهذيب في فقه الإمام الشافعي.
• معالم التنزيل.
• مصابيح السنة.
• الأنوار في شمائل المختار.
• الجامع بين السليمين.
• الأربعين حديثا .

وفاته

توفي بمروالروذ مدينة من مدائن بخراسان^[]

في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ودفن بجنب شيخه القاضي حسين، وعاش بضعا وسبعين سنة.

المصادر