حروب ماراثا ومغول الهند

عودة للموسوعة

اندلعت حروب مغول الهند وماراثا، والتي تسمى أيضاً حروب استقلال ماراثا، بين إمبراطورية ماراثا وسلطنة مغول الهند من عام 1680 إلى عام 1707. بدأت حروب ديكان في عام 1680 مع غزوسلطان مغول الهند أورنكزيب لأطراف إمبراطورية مارثا في بيجابور والتي أسسها تشاتراباتي شيفاجي. هزمت إمبراطورية مارثا مغول الهند بعد وفاة أورنكزيب في دلهي وبوبال، ووسعَّوا حدود إمبراطوريتهم حتى بانيبات في عام 1758.

إمبراطورية مارثا تحت حكم سامبهاجي (1681-1689)

أُرسلت الكثير من فرق مغول الهند في النصف الأول من عام 1681 لحصار حصون المارثا في غوجارات وماهاراشترا وكارناتاكا وماديا براديش. كان هذا الحصار بسبب توفير سامبهاجي المأوى لابن الإمبراطور المتمرد سلطان محمد أكبر، وهوالأمر الذي أغضب سلطان مغول الهند أورنكزيب، وبعد تسوية نزاعه مع عائلة موار المغولية، بدأ أورنكزيب حملته إلى هضبة ديكان لقهر إمبراطورية مارثا الناشئة، ووصل إلى اورانجاباد وجعلها المقر مغول الهند في ديكان وعاصمةً له. بلغ عدد جيوش مغول الهند في تلك المنطقة أكثر من نصف مليون مقاتل. لقد كانت حرباً غير متكافئة بجميع المقاييس، وبحلول نهاية عام 1681 كانت قوات مغول الهند قد فرضت حصاراً كاملاً على حصن رامسي. لكن الماراثا لم يستسلموا بسهولة، فقد استمرت المقاومة واستغرق مغول الهند سبع سنوات للاستيلاء على الحصن. هاجم سامبهاجي جانجيرا في ديسمبر 1681، لكن محاولته الأولى باءت بالفشل، رداً على ذلك هاجم حسين علي خان أحد جنرالات أورنكزيب شمال كونكان، فغادر سامبهاجي جانجيرا وهاجم حسين علي خان وأجبره على التراجع. حاول السلطان أورنكزيب توقيع صفقة مع البرتغاليين للسماح للسفن التجارية بالمرور في جوا، وهوالأمر الذي جاز له بفتح طريق إمداد آخر إلى هضبة ديكان عبر البحر، وعندما وصل هذا الخبر لسامبهاجي هاجم الأراضي البرتغالية وأجبر البرتغال على التراجع إلى ساحل الجوان، لكن نائب الملك كان قادراً على الدفاع عن مقر القيادة البرتغالية، وبحلول ذلك الوقت بدأ جيش مغول الهند الضخم بالتجمع على حدود ديكان، وكان من الواضح حتى جنوب الهند سيشهد نزاعاً كبيراً وطويل الأمد. انتقل أورنكزيب في أواخر عام 1683 إلى أحمد نغار، وقام بتقسيم قواته إلى قسمين تحت قيادة شاه علام وعزام شاه. هاجم شاه علام جنوب كونكان عبر حدود كارناتاكا بينما هاجم عزام شاه قنديش وإقليم مارثا الشمالي. أراد مغول الهند باستخدام استراتيجية الكماشة هذه تطويق إمبراطورية الماراثا من الجنوب والشمال. جرت الأمور في البداية بشكل جيد، فقد عبر شاه علام نهر كريشنا ودخل بلجاوم، ثم ولج جاوا وتوجه شمالاً عبر كونكان، ولكن شاه علام تعرَّض لهجمات متزايدة من المارثا حدثا ابتعد عن عاصمة مغول الهند، ونُهبت قوافل إمداده وعانت جيوشه من الجوع ونفاد المؤن، أخيراً أوفد أورنكزيب روح الله خان لإنقاذ شاه علام وإعادته إلى أحمد نغار، إلى غير ذلك فشلت المحاولة الأولى لتطبيق الكماشة. أوفد الإمبراطور أورنكزيب جنراله شاه الدين خان بعد نهاية فترة الأمطار الموسمية في عام 1684 لمهاجمة عاصمة مارثا مباشرة، ثم أوفد خان جيهان لمساعدته، لكن هامبيراوموهيت القائد الأعلى لجيش مارثا هزمه بعد معركة حاسمة في باتادي. هاجمت الفرقة الثانية من جيش مارثا شاه الدين خان في بشاد، ما تسبب في خسائر فادحة في جيش مغول الهند. عاد الجنرال شاه علام ليهاجم جنوب الإمبراطورية في أوائل عام 1685 عبر طريق جوكاك داروار، لكن قوات سامبهاجي هاجمته بشكلٍ مستمر في الطريق واضطر في النهاية للاستسلام وفشلت الكماشة مرة أخرى، دفع ذلك الإمبراطور أورنكزيب لتغيير استراتيجيته في أبريل 1685، فخطط لتعزيز سلطته في الجنوب من خلال القيام بحملات عسكرية إلى الممالك المسلمة في جولكوندا وبيجابور، إذ كانت هذه الممالك حليفةً للمارثا. خرق مغول الهند معاهدة السلام مع كلتا المملكتين، واستولوا عليهما بحلول سبتمبر 1686. انتهزت إمبراطورية الماراثا هذه الفرصة، فشن سامبهاجي هجوماً على الساحل الشمالي واستولى على بهاروش، وانتصر على مغول الهند في أكثر من معركة، لكنه أُسر في النهاية في إحدى المعارك وقتل، وسجن أورنكزيب زوجته وابنه لمدة عشرين عاماً.

إعدام سامبهاجي

بعد سيطرته على جولكوندا وبيجابور حول أورنكزيب انتباهه مرة أخرى إلى إمبراطورية المارثا، لكن محاولاته الأولى باءت بالفشل. نادى سامبهاجي قادته إلى اجتماع استراتيجي في سانجامشوار في كونكان في يناير 1688 لاتخاذ قرار بشأن المعركة النهائية للإطاحة بأورنكزيب وطرده من منطقة الدكن بالكامل، لكن سامبهاجي تعرّض للخيانة وهاجم جيش مغولي سانجامشوار بينما كان سامبهاجي لا يزال فيها دون حماية تُذكر. قاومت قوة صغيرة من المارثا جيش مغول الهند، وقبض على سامبهاجي في 1 فبراير 1689، وفشلت محاولة إنقاذه في 11 مارس. رفض سامبهاجي الخضوع لأورنكزيب، فأمر الأخير ببتر رأسه. يذكر المؤرخ جون ريتشاردز حتى سامبهاجي أُعدم بسبب قتله واعتنطقه للمسلمين، إذ حكم فهماء سلطان مغول الهند على سامبهجي بالإعدام بسبب الفظائع التي ارتكبها.

إمبراطورية المارثا في عهد الملك راجارام (1698-1700)

اعتقد سلطان مغول الهند أورنكزيب أنه قضى على مملكة المارثا بحلول نهاية عام 1689، لكن هذا كان خطأ فادحاً، فموت سامبهاجي لم يقضِ على المملكة بل جعلها أقوى، وجعل مهمة أورانكزيب محالة. أصبح شقيق سامبهاجي الأصغر راجارام إمبراطور المارثا، وفي مارس 1690 شن المارثا بقيادة سانتاجي غوربادي الهجوم الأكثر جرأة على جيش مغول الهند، حتى أنهم وصلوا للخيمة التي ينام فيها أورنكزيب نفسه. كان أورنكزيب في مكان آخر وقت الهجوم، ولكن قوته الخاصة والكثير من حراسه الشخصيين قتلوا في الهجوم، ومع ذلك فقد حدثت خيانة جديدة في جيش المارثا، وألقي القبض على زوجة سامبهاجي وابنها شاهوالأول. واصلت قوات مغول الهند الزحف جنوباً بقيادة ذوالفقار خان، وحاصر مغول الهند حصن بانهالا المنيع. صمد الحصن لفترة طويلة وألحق خسائر فادحة بجيش مغول الهند، حتى اضطر الإمبراطور أورنكزيب لمهاجمة الحصن بنفسه والاستيلاء عليه.

نقل عاصمة المارثا إلى جينجي

أدرك وزراء الملك راجارام حتى مغول الهند سيهاجمون العاصمة فيشالغاد، وأقنعوه حتى يغادر العاصمة إلى مدينة جينجي التي استولى عليها الملك خلال غزواته الجنوبية، وأصبحت العاصمة الجديدة لإمبراطورية مارثا. سافر راجارام جنوباً تحت حراسة خاندوبالال ورجاله، أغضب هروب راجارام الناجح الإمبراطور أورنكزيب، فاحتفظ بمعظم قواته في ولاية ماهاراشترا، وأوفد حملة صغيرة لملاحقة راجارام، لكن هذه القوة مغول الهند الصغيرة دُمرت بهجوم شنَّه اثنان من جنرالات المارثا: سانتاجي غوربادي وداناجي جادهاف، ثم انضمت قوات المارثا هذه إلى رامشاندرا بافاديكار في ديكان وأعادات تنظيم صفوفها من حديث بعد الهزائم المتتالية التي كانت قد تعرضت لها. اتبع جنرالات المارثا استراتيجية جديدة في أواخر عام 1691. كان أورنكزيب قد استولى على أربعة حصون كبرى في سهيادرايس، وأوفد ذوالفقار خان لإخضاع قلعة جينجي في الجنوب. شن سانتاجي وداناجي هجمات في الشرق لإبقاء بقية قوات مغول الهند منتشرة هناك، وهاجم الآخرون سلسلة من الحصون جنوب ولاية ماهاراشترا وشمال ولاية كارناتاكا لتقسيم الأراضي التي سيطر عليها مغول الهند إلى منطقتين، ما شكَّل تحدياً كبيراً للمغول في الحفاظ على إمدادات الجيوش، ومنعت قوات مارثا البحرية الجديدة التي أنشأها شيفاجي الإمدادت البحرية لقوات مغول الهند في الجنوب.

سقوط جينجي (يناير 1698)

أدرك أورنكزيب أخيراً أنَّ الحرب التي بدأها كانت أصعب مما كان يعتقد، فقرر إعادة تجميع قواته والتخطيط لاستراتيجية جديدة، وأوفد تهديداً لجنراله ذوالفقار خان بتجريده من جميع ألقابه إذا لم يسيطر على جينجي. شدد ذوالفقار خان الحصار، لكن الملك راجارام هرب من المدينة باتجاه منطقة ديكان. تولى ابن هاراجي ماهاديك الدفاع عن جينجي واستمرَّ في المقاومة لفترة طويلة في لقاءة ذوالفقار خان وداود خان حتى سقطت المدينة أخيراً في يناير 1698. منح هذا الحصار الطويل متسعاً من الوقت للملك راجارام للعودة إلى عاصمته القديمة فيشالغاد. سيطر مغول الهند على جينجي أخيراً لكنهم تكبدوا خسائر فادحة خلال سبع سنوات من الحصار الذي استنفد موارد الإمبراطورية وخزائنها. شهدت مملكة الماراثا تطورات هامة في هذه الفترة، فقد برز القائد داناجي بعد وفاة نراجي، وفي النهاية تمكَّن من اغتال منافسه القائد سانتاجي ليصبح القائد الوحيد لجيوش مارثا، شجَّعت هذه الأخبار سلطان مغول الهند أورنكزيب وقواته على مواصلة القتال. ولكن جيش مغول الهند لم يعد بحلول ذلك الوقت نفس الجيش القوي الذي بدء الحرب، وقرَّر الإمبراطور أورنكزيب الاستمرار في الحرب رغم معارضة الكثير من جنرالاته ذوي الخبرة.

إعادة توحيد قوات مارثا

توحدت قوات مارثا من حديث وبدأت الهجوم المضاد. عيّن الملك راجارام داناجي جادهاف قائداً عاماً للجيش، وقُسم الجيش إلى ثلاث فرق برئاسة جادهاف وبارشورام تيمباك وشانكار نارايان. هزم  جادهاف قوة مغولية كبيرة بالقرب من باندهابور، وهزم نارايان سارجي خان، واستولى خاندراودابهادي أحد جنرالات جادهاف على باغلان وناشيك، بينما حقق نيماجي شيندي أحد جنرالات نارايان فوزاً ساحقاً في ناندوربار.

غضب أورنكزيب من هذه الهزائم، وقام بشنِّ هجوم مضاد بنفسه، وفرض حصاراً على بانهالا وهاجم قلعة ساتارا. دافع براياجي برابهوأحد جنرالات مارثا المخضرمين عن ساتارا لمدة ستة أشهر، لكنه استسلم في النهاية في أبريل عام 1700 قبل بداية الرياح الموسمية مباشرة. أحبط ذلك خطة أورنكزيب لاحتلال أكبر عدد ممكن من الحصون قبل بداية الرياح الموسمية.

المراجع

  1. ^ Roy, Kaushik (2012-10-15). (باللغة الإنجليزية). Cambridge University Press. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 يناير 2020.
  2. ^ Alexander Mikaberidze (22 July 2011). . ABC-CLIO. صفحة 43. ISBN . مؤرشف من الأصل في 28 مارس 2017.
  3. ^ Medieval India نسخة محفوظة 27 يونيو2014 على مسقط واي باك مشين.
  4. Robinson, Howard; James Thomson Shotwell (1922). "Mogul Empire and the Marathas". The Development of the British Empire. Houghton Mifflin. p. 106–132.
  5. ^ Prachi Deshpande (2007). . Columbia University Press. صفحة 171. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 يناير 2020.
  6. ^ جون إف. ريتشاردز (1995). The Mughal Empire. مطبعة جامعة كامبريدج. صفحة 223.
  7. ^ Maharani Tarabai of Kolhapur, c. 1675–1761 A.D. نسخة محفوظة 12 أبريل 2017 على مسقط واي باك مشين.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:10:06
التصنيفات: القرن 17 في الهند, القرن 18 في الهند, تاريخ الهند العسكري, حروب الهند, حروب تشمل إمبراطورية ماراثا, حروب تشمل سلطنة مغول الهند, نزاعات في القرن 17, نزاعات في القرن 18, صفحات بها مراجع بالإنجليزية (en), قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, بوابة الهند/مقالات متعلقة, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حذف آخر 15 دقيقة.. غوغل تتيح ميزة طال انتظارها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:05
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

ملاحقات بالجملة ضد حاكم مصرف لبنان..اختلاس وتبييض أموال

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:30
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 89%

تراجع الين واليورو بسبب احتمال رفع الفائدة الأميركية 50 نقطة أساس 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:09
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 98%

موسكو: تدمير 137 منشأة عسكرية أوكرانية في يوم واحد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:31
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

تعرف إلى إنفاق السعوديين على خدمات التوصيل والبريد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:01
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 86%

إندونيسيا تجمع 195 مليون دولار من بيع صكوك إسلامية | آخر الأخبار

المصدر: CNBC عربية - الإمارات التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:24
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 73%

إدانة المعارض الروسي نافالني بتهم احتيال جديدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:32
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 86%

الله يرحمنا.. زخات مطرية رعدية وتساقطات ثلجية منتظرة بعدد من مناطق المملكة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:28
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

خوفا من ضربة مفاجئة.. إيران تخزّن أسلحة تحت الأرض بدمشق

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:46
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 97%

العراق: مخزون القمح لا يكفي إلا 3 أشهر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:59
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 88%

هذه أبرز توقعات "موديز" لمصر بعد رفع الفائدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:17:08
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 100%

موسكو لواشنطن: أوقفوا تهديداتكم ودعم كييف بالسلاح

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:31
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 95%

روسيا للناتو: أي تهوّر سيزيد التصعيد!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-22 12:16:29
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 100%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية