إيميلي هوبهاوس (9 أبريل 1860 –ثمانية يونيو1926) هي ناشطة نسوية وداعمة لسياسات الرفاهية والسلامية. تُعهد في المقام الأول لمجهودتها في توعية الشعب البريطاني والعمل على تغيير الأوضاع المزرية داخل معسكرات الاعتنطق البريطانية في جنوب أفريقيا التي وُظفت في حبس نساء البوير وأطفالهن أثناء حرب البوير الثانية.

مطلع حياتها

وُلدت هوبهاوس في سانت إيف بالقرب من أبرشية ليسكارد في كورنوال، وهي ابنة كارولين وريجينالد هوبهاوس، كاهن أنجيلي وأول رئيس شمامسة في أبرشية بودمين. وأخوها هوليونارد هوبهاوس، ناشط سلام ومؤيد لليبرالية الاشتراكية. وهي ابنة العم الثانية لناشط السلام ستيفن هنري هوبهاوس الذي هجر فيها تأثيرًا عظيمًا.

توفيت والدتها عندما كان عمرها 20 سنة، وقضت 14 سنة تالية ترعى والدها الذي كان في حالة صحية سيئة. بعد وفاة والدها عام 1895 انتقلت إلى مينيسوتا حتى تتكفل بأعمال الرعاية من أجل عمال المناجم الذين يعملون هناك، وقد جهزت زوجة رئيس أساقفة كانتربيري لرحلتها. أثناء إقامتها قابلت جون كار جاكسون وخُطبت إليه، ثم اقتنى الزوجان مغرسة مواشي في المكسيك، ولكنها لم تزدهر ولم تؤتِ ثمارها، وفي النهاية أُلغيت خطبتهما. وبعدها عادت هوبهاوس إلى إنجلترا عام 1898 بعدما جازفت بمعظم مدخراتها في هذا المشروع الفاشل. عُلقت طرحة عرسها التي لم ترتدها قط في المقر الرئيس لجمعية النساء البرتنطقية في بلومفونتين، أول منظمة تدعم رفاهية النساء في دولة البرتنطق الحرة (رمز للتعبير عن إخلاصها لحقوق النساء).

حرب البوير الثانية

بعد نشوب حرب البوير الثانية في جنوب أفريقيا في شهر أكتوبر من عام 1899، نادىها النائب الليبرالي ليونارد كورتني لتكون أمينة فرع منظمة الصلح في جنوب أفريقيا للنساء الذي كان يترأسه كورتني بنفسه. خطت هوبهاوس عن ذلك:

«فهمت في نهاية صيف 1900 حتى العمليات العسكرية أدت إلى إفقار المئات من نساء البوير وهجرهن في حالة مزرية... هُجّرت هؤلاء النساء من مكان إلى آخر وكنّ في أمس الحاجة للحماية والمساعدة المنظمة».

لذلك أنشأت صندوق الاستغاثة من أجل نساء جنوب أفريقيا وأطفالها، وأبحرت إلى مستعمرة كيب فيسبعة ديسمبر 1900 للإشراف على توزيع الإمدادات، ووصلت في 27 ديسمبر. خطت لاحقًا:

«غادرت بطبيعة الحال ملبية نداء إحساسي بوحدة النساء... عندما يهتز المجتمع من جذوره ينادي البؤساء بعضهم بعضًا، وتزدهر رابطة إنسانية بين جميع الناس توحد البشرية بأكملها».

لم تكن إيميلي تدري بأمر معسكرات الاعتنطق (باستثناء معسكر بورت إليزابيث) عندما غادرت لندن، ولكن عند وصولها إلى جنوب أفريقيا فهمت بوجود عدة معسكرات أخرى (45 معسكرًا). كانت إيميلي تحمل خطاب توصية إلى المندوب السامي البريطاني، ألفريد ميلنر، من عمتها زوجة آرثر هوبهاوس ابن هنري هوبهاوس، الأمين الدائم في وزارة الداخلية تحت رئاسة السير روبيرت بيل. وكان هنري يعهد ميلنر فهم شخصية. ثم حصلت إيميلي من ميلنر على حق استخدام شاحنات سكة الحديد بعد موافقة مقدم الجيش، اللورد كيتشنر، بعد أسبوعين، وذلك على الرغم من حتى تلك الموافقة سمحت لها بالسفر إلى بلومفونتين بحد أقصى وألزمتها بنقل شاحنة إمدادات واحدة فقط إلى المعسكرات، وهي تزن نحو12 طنًا.

الأوضاع في المعسكرات

أقنعت إيميلي السلطات بالسماح لها بزيارة عدة معسكرات اعتنطق بريطانية وتقديم المساعدات إليها. أعدت إيميلي تقريرًا عن أوضاع المعسكرات بعنوان «تقرير عن زيارتي لمعسكرات النساء والأطفال في مستعمرات كيب والنهر البرتنطقي»، ثم سلمته للحكومة البريطانية في يونيو1901. بناءً على ذلك التقرير عُقدت لجنة رسمية لمناقشة الأمر، وبُعث وفد من المحققين الرسميين بقيادة ميليسنت فاوست إلى المعسكرات لتفحصها. اتضح لفريق التحقيق حتى مسببات معدلات الوفاة العالية تتمثل في تكدس المحتجزين داخل بيئة سيئة غير صحية؛ نتيجة للإهمال وغياب الموارد، إذ وصل عدد الوفيات الكلي خلال فترة تشغيل المعسكرات (18 شهرًا) إلى 26,370 فردًا 24,000 منهم كانوا أطفالًا تحت سن السادسة عشر وعدة أطفال رضّع أيضًا، أي حتى معدل وفاة الأطفال يصل إلى نحو50 طفلًا جميع يوم. توضح الاقتباسات التالية من تقرير إيميلي هوبهاوس مدى الإهمال المتعمد من قبل السلطات:

«تمتلئ الخيمة الواحدة في بعض المعسكرات بمجموعتين من الناس، وفي بعض الأحيان ثلاثة مجموعات، وفي العادة يُساقعشرة أشخاص أوحتى 12 شخصًا إلى خيام صغيرة جدًا قد تصل سعتها إلى نحو500 قدم مربع (أي 14 متر مربع)».

«يتسم نظام المعسكرات بالوحشية جملةً وتفصيلًا... حدثا استمرت تلك المعسكرات في العمل، توفي المزيد من الأطفال».

«لن تُمحى تلك الذكريات بتاتًا من أذهان هؤلاء الناس، وهي أشد سقطًا على الأطفال. يتساقط هؤلاء الناس سقمًا بسبب الحر الشديد دون أخذ حاجتهم من الطعام المناسب. أيًا كان ما قد يعمله المرء لمساعدتهم، وأيًا كان ما تعمله السلطات (التي تعمل جميع ما بوسعها في ظني) فهوبلا جدوى. إذ ترى الآلاف من غير القادرين مُحتجزين في ظروف لا يمكنهم تحملها، ولا يرون أمامهم سوى الخراب... ليت البريطانيين هنا ليروا حياة هؤلاء الناس المزرية، ليتهم يرون هذا المشهد البائس. فقد اقتلعت الحرب قرى بأحدثها وألقت بها في مكان قاحل غريب».

«ذُهلت من أولئك النساء، فقد كن لا يبكين إلا لمامًا، ولا يشتكين أبدًا. يظهر الأمر كما لوحتى شدة معاناتهن وإهانتهن وقلقهن فقط ما ينتشلهن من وسط أحزانهن... ولا تبوح إحداهن بمشاعرها إلا عندما يشتد الحال بأولادها».

«أبلغني بعض الأشخاص في البلدة حتى هذا المعسكر هوجنة من السعادة. كنت في المعسكر هذا اليوم ورأيت في أحد الأركان الصغيرة مسقمة هزيلة متعبة غارقة في سريرها وهي بالكاد تقدر على حمل نفسها بعدما تكفلت برعاية نحو30 مريضًا، ولا أحد يساعدها سوى فتاتان غير مدربتان من فتيات البوير، وهي تطهوالطعام أيضًا إلى جانب التمريض. في الخيمة اللقاءة رأيت طفلًا رضيعًا بعمر ستة أشهر وهويلفظ أنفاسه الأخيرة على حجر أمه، ورأيت اثنان أوثلاثة آخرين يتساقطون من الإعياء من شدة الحر.

بعدها رأيت طفلة بعمر 21 يومًا تحتضر راقدةً على ننطقة. وبجانبها يقف والدها ضخم الجثة رقيق الطباع راكعًا بينما تشاهد زوجته في الخيمة اللقاءة طفلة بعمر السادسة تحتضر، وأخرى بعمر الخامسة تسقط من الإعياء. فقد هذان الأبوان ثلاثة من أطفالهما في المستشفى بالعمل وهما يعملان جميع ما بوسعهما للحفاظ على الثلاثة المتبقين، رغم أنني توسلت لإخراجهم من تلك الخيمة الحارة. لا يمكنني وصف رؤية أولئك الأطفال وهم يحتضرون. يظهر الأمر تمامًا مثل الزهور الذابلة المتساقطة. وعلى المرء هنا حتى يشاهد هذا البؤس وهومكتوف الأيدي».

«كان طفلًا جميلًا ثم تدهور به الحال حتى لم يبقَ منه سوى الجلد والعظام... وهن الطفل كثيرًا حتى أصبح من المحال حتى يستعيد صحته. عملنا جل ما كان بوسعنا ولكنه مات. لم يبلغ من العمر سوى ثلاثة شهور ولكنه كان عذبًا جميلًا... كان على قيد الحياة في الصباح، وعندما زرته في الظهيرة أشاروا إلي بأن آتي لأشاهده راقدًا وهويمسك بزهرة بيضاء في يده الصغيرة. بحسب ما آراه فقد كان قتيلًا بريئًا. وبعدها بساعة أواثنتان توفي طفل آخر، ثم توفي طفل آخر في منتصف الليل، ثم رأيت الثلاثة إلى جانب بعضهم بينما يلتقط المصور صورًا لهم حتى نريها لآبائهم الغائبين يومًا ما. رأيت النعوش البيضاء الصغيرة وهي تنتظر في الخارج أمام البوابة. سعدت لرؤيتهم في نعوشهم، ففي سبرنغفونتين دُفنت امرأة شابة في شوال، وتأذى الناس من ذلك إلى حد يرثى له.»

الخيام

«تصور معي شدة الحرارة خارج الخيام واختناق الناس بداخلها! ...إذ يخترق لهيب الشمس قماش الخيام، ويمتلئ المكان بالذباب بكثافة في جميع مكان. لم أجد هناك كرسيًا أومنضدة أوأي مكان يتسع لمثل تلك الأمور، لم أجد سوى صندوق صغير مُخصص لتخزين المؤن. يعيش أطفال السيدة بي الخمسة وخادمة صغيرة في تلك الخيمة. تؤوي بعض الخيام الأخرى عددًا أكبر. لدى السيدة إم ستة أطفال في المعسكر: أحدهما مريض، واثنان منهم مصابان بحمى التيفوئيد في المستشفى، والأربعة الباقين يعيشون في الخيمة. وما أدراك ما بالندى، فهوكثيف للغاية، يخترق قماش الخيمة مبللًا جميع شيء... وفي جميع صباح ترى الدهاليز ممتلئة بالبطاطين وغيرها من المتعلقات حتى تجف تحت الشمس. أبلغني الطبيب في هذا اليوم أنه يعترض بشدة على أحوال الخيام التي يسكنها الأطفال، وهويتسقط زيادة معدل الوفيات في يونيو».

النظافة العامة

«لا وجود للصابون في أي مكان ولا يُعطى هؤلاء نصيبهم منه. لذلك عكفت على إقناع السلطات بتحسين الأوضاع، وبعد بضعة أسابيع من المسائلة شرعوا في توفير الصابون بكميات قليلة جدًا لا تكفي لغسل الملابس والنظافة الشخصية.

تنتشر الحمى في معسكرنا بشكل مخيف ونخشى لذلك من انتشار الوباء، ولذا يفترض أن أوجه طاقتي نحوغلي مياه الشرب القادمة من نهر مودر، فقد نطق الأطباء إذا ذلك سيقتل جراثيم التيفوئيد.

لكن ليس بوسع هؤلاء الناس غلي الماء على الإطلاق، إذ إذا الوقود شحيح لا يكفي حتى لطهي وجبة واحدة في اليوم... ولا يسع هؤلاء سوى حتى يفتشوا التلال القاحلة عن أي مصدر للوقود. وإلى جانب ذلك لا يمتلك هؤلاء أي وعاء لحمل الماء عند غليه. لذا اقتُرح منح إناء واحد لكل خيمة واصدار إعلان يلزم الجميع بغلي الماء قبل شربه».

مراجع

وصلات خارجية

• إيميلي هوبهاوس على مسقط فايند أغريف

إيميلي هوبهاوس في المشاريع الشقيقة

---

• صور وملفات صوتية من كومنز