نظرية الدفع

عودة للموسوعة

نظرية الدفع نظرية مساعدة أوثانوية من ديناميك أرسطو، وضعت في الأصل لتفسير حركة القذائف بعكس الجاذبية. قدمها يوحنا النحوي في القرن السادس، وشرحها أبوإسحق البطروجي في نهاية القرن الثاني عشر. عدل النظرية جميع من ابن سينا في القرن الحادي عشر، وأبوالبركات هبة الله بن ملكا البغدادي في القرن الثاني عشر، قبل نشرها لاحقًا في الفكر الفهمي الغربي من قبل جان بوريدان في القرن الرابع عشر. هذه النظرية هي التي مهدت لمفاهيم العطالة وكمية الحركة والتسارع في الميكانيكا الكلاسيكية.

نظرية يوحنا النحوي

في القرن السادس، قبل يوحنا النحوي جزئيًّا نظرية أرسطوالقائلة إذا «استمرار الحركة يعتمد على استمرار عمل القوة»، لكنه عدلها لتضم فكرته القائلة إذا الجسم المدفوع يكتسب قوة دافعة، أويظهر ميلًا يدفعه للحركة القسرية من العامل المنتج للحركة الابتدائية، وإن هذه القوة تؤمّن استمرار تلك الحركة. ولكنه ناقش بأن هذه الميزة المفتعلة كانت مؤقتة: أي أنها كانت تستهلك نفسها، وبالتالي فمصير هذه الحركة القسرية حتى تفنى، عائدةً إلى حالة الحركة الطبيعية.

نظرية ابن سينا

في القرن الحادي عشر، نافش ابن سينا نظرية يوحنا النحوي في كتاب الشفاء حيث يقول في الفن الأول من (الطبيعيات) الموضوعة الرابعة الفصل الرابع عشر:

«لكنا إذا حققنا الأمر وجدنا أصح المذاهب ممضى من يرى حتى المتحرك يستفيد ميلاً من المحرك»

نشر ابن سينا نظريته الخاصة عن الحركة في كتاب الشفاء عام 1020. وافق حتى الدفع يصل للقذيفة عن طريق الرامي. وعلى عكس يوحنا النحوي، الذي آمن بأن الدفع مزية مؤقتة ستخمد حتى ولوفي الخلاء التام، رأى ابن سينا حتى الدفع مستمر، يحتاج قوى خارجية كمقاومة الهواء ليتبدد. ميز ابن سينا بين «القوة» و«الميل»، وناقش بأن الجسم يكتسب ميلًا عندماقد يكون في لقاءة حركته الطبيعية. فاستنتج حتى استمرار الحركة يرحع إلى الميل الذي انتقل إلى الجسم، وأن الجسم سيظل في حالة حركة حتى يصرف الميل بأكمله. زعم أيضًا بأن القذيفة في الخلاء لن تتوقف ما لم يؤثر عليها عمل. هذا الفهم للحركة متفق مع قانون نيوتن الأول في الحركة، العطالة. الذي ينص على حتى الجسم المتحرك يبقى متحركًا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية. هذه الفكرة الآتية من نظرة أرسطوسماها جون بوريدان لاحقًا «الدفع»، متأثرًا بـكتاب الشفاء لابن سينا. في القرن الثاني عشر، تبنى أبوالبركات هبة الله بن ملكا البغدادي نظرية ابن سينا في حركة المقذوفات وعدلها. نص أبوالبركات في كتابه: المعتبر في الحكمة حتى المحرك يعطي ميلًا قسريًّا للمتحرك وأن هذا الميل يتلاشى مع ابتعاد الجسم المتحرك عن المحرك. اقترح أيضًا تفسيرًا لتسارع الأجسام الساقطة يُرجعه إلى تراكم أجزاء متتابعة من الاستطاعة مع الأجزاء المتتابعة للسرعة. وفقًا لشلوموبّاينز، كانت نظرية البغدادي عن الحركة:

«أقدم نفي لقانون أرسطوالأساسي في الديناميك [الذي ينص على حتى القوة الثابتة تنتج حركة منتظمة]،[وبالتالي هي] تنبؤ مبهم بالقانون الأساسي في الميكانيك الكلاسيكي [الذي ينص على حتى القوة المطبقة باستمرار تنتج تسارعًا]».

رجع جان بوريدان وألبرت الساكسوني لاحقًا إلى أبي البركات في تفسير كون تسارع جسم ساقط نتيجةً لدفعه المتزايد.

الدفع البوريداني

في القرن الرابع عشر، استنتج جان بوريدان مفهوم القوة الدافعة، التي أسماها الدفع

«عندما يحرك المحرك جسمًا فإنه يغرس فيه دفعًا ما، أي قوةً ما تسمح للجسم بالحركة في الاتجاه الذي يبدؤه المحرك، سواءً كان إلى إلى الأعلى أوالأسفل أوالجانب أوفي دائرة. يزداد الدفع المزروع بنفس نسبة ازدياد السرعة. بسبب هذا الدفع يكمل الحجر حركته بعد توقف الرامي عن تحريكه. لكن بسبب مقاومة الهواء (وأيضًا بسبب جاذبية الحجر) التي تحاول تحريكه في الاتجاه المعاكس للحركة التي أنتجها الدفع، ستضعف تلك الأخيرة طيلة الوقت. وبالتالي ستصبح حركة الحجر أبطأ تدريجيًّا، وفي النهاية سيتلاشى أوينتهي الدفع إلى حد فوز الجاذبية وتحريكها الحجر إلى حيث مكانه الطبيعي. برأيي يمكن للمرء قبول هذا التفسير لأن التفسيرات الأخرى يثبت خطؤها في حين تتفق جميع الظواهر مع هذا التفسير.»

يعطي بوريدان هذه النظرية فيمة رياضية: الدفع = الوزن × السرعة خط طالب بوريدان المدعودومينيكوس دي كلافاسيوفي كتابه الصادر عام 1357 دي كايلو ما يلي:

«عندما يحرك شيء حجرًا تحريكًا قسريًّا، فإنه، بالإضافة إلى أنه يطبق عليه قوة عملية، يعطيه دفعًا معينًا. بنفس الطريقة فإن الجاذبية لا تعطي الحركة نفسها وحسب إلى جسم متحرك، بل تعطيه أيضًا استطاعةً دافعةً ودفعًا»

كان رأي بوريدان حتى الجسم المتحرك يمكن حتى توقفه فقط مقاومة الهواء ووزن الجسم الذي قد يعترض دفعه. حافظ بوريدان أيضًا على الرأي السائد الذي يقول إذا الدفع متناسب طردًا مع السرعة؛ وبالتالي، كانت فكرته الابتدائية عن الدفع مشابهةً كثيرًا للمفهوم الحديث عن كمية الحركة. رأى بوريدان حتى نظريته مجرد تعديل على فلسفة أرسطوالأساسية، متبنيًا الكثير من الآراء الأخرى للمدرسة المشائية، بما فيها اعتقاد أنه كان لا يزال هناك فرق جوهري بين الجسم في حالة الحركة والجسم في حالة السكون. حافظ بوريدان أيضًا على مقولة إذا الدفع لا يقتصر على حتىقد يكون خطيًّا، بل يمكن حتىقد يكون دائريًّا في طبيعته، مسببًا حركة الأجسام (كالأجرام السماوية) في دوائر. أشار بوريدان إلى عدم وجود محركات أرسطواللامتحركة ولا أرواح أفلاطون في الإنجيل، فطبق نظرية الدفع على الدوران الأزلي للأجرام السماوية بتوسعة مثال أرضي على تطبيقها على الحركة الدورانية على شكل حجر الرحى الدوار الذي يستمر بالدوران بعد سحب اليد المحركة له في الأصل بمدة طويلة، مقادًا بالدفع المعطى له. خط عن الدفع السماوي للأجرام ما يلي:

«الإله، حين خلق العالم، حرك كلًّ من الكرات السماوية كما يشاء، وفي تحريكه لها أعطاها دفوعًا تحركها دون حاجته إلى تحريكها بعد ذلك...وتلك الدفوع التي أعطاها للأجرام السماوية لم تتناقص أوتفسد بعد ذلك، لعدم وجود ميل لدى الأجرام السماوية لحركات أخرى. ولا مقاومة يمكن حتى تفسد أوتلجم ذلك الدفع.»

على كلٍّ، بحذف احتمال وجود أي مقاومة سواءً بسبب وجود ميل مناقض يدفع للحركة باتجاه معاكس أوبسبب أي مقاومة خارجية، استنتج حتى دفوع تلك الأجسام لم تفسدها بالتالي أي مقاومة. لم يحسب بوريدان أيضًا أي مقاومة أصيلة للحركة على شكل ميل الأجرام ذاتها للبقاء في حالة سكون، كما في العطالة التي افترضها ابن رشد وتوما الأكويني. إذ لولا ذلك لدمرت المقاومة دفع تلك الأجرام، وتُرجع أنيليز ماير، المؤرخة ضد-الدوهيمية للفهم، ذلك إلى حتى فهماء حركة الدفع الباريسيين كانومجبرين على هذا الاستنتاج بسبب إيمانهم بوجود عطالة متأصلة في جميع الأجسام (باللاتينية إنكليناتسيوأد كوايتيم).

دفع هذا إلى التساؤل: لما لا تحرك القوة المحركة للدفع بالتالي الأجرام بسرعة لانهائية،يا ترى؟ إحدى إجابات ديناميك الدفع كانت فيما يظهر حتى هناك نوعًا ثانيًا من القوى الدافعة ينتج حركةً منتظمة بدلًا من سرعة لانهائية، بدلًا من إنتاج حركة متسارعة بانتظام كما تعمل القوة الأساسية بإنتاج مقادير متزايدة باستمرار من الدفع. ولكن، عرض أوريسمي طالب بوريدان بديلًا عطاليًّا موافقاً لفلسفة توما الأكويني في كتابه أطروحة عن السماوات والعالم الذي تتحرك فيه السماوات بقوى ميكانيكية متأصلة لا تتحرك، يرد فيه على هذه المسألة إذ يفترض وجود مقاومة متأصلة للحركة في السماوات (أي في الأجرام السماوية)، لكنها مقاومة فقط للتسارع الزائد عن سرعتها الطبيعية، بدل كونها مقاومة للحركة ذاتها، وبالتالي فإنها كانت تبدي ميولًا للمحافظة على سرعتها الطبيعية.

تابع فكر بوريدان جميع من طالبه ألبرت الساكسوني (1316-1390)، وكتاب في بولندا من أمثال جون كانتيوس، وكذلك حاسبوأوكسفورد. شُرحت أعمالهم بدورها على يد نيكول أوريسمي الذي كان رائدًا في ممارسة عرض قوانين الحركة على شكل منحنيات بيانية.

انظر أيضًا

  • جهد (فلسفة)
  • قصور ذاتي
  • زخم الحركة
  • الفيزياء في عصر الحضارة الإسلامية
  • تاريخ العلوم

مراجع

  1. ^ Duhem, Pierre (1913), "Physics, History of", in Charles G. Herbermann; Edward A. Pace; Condé B. Pallen; John J. Wynne; Thomas J. Shahan (المحررون), , 12, New York: Encyclopedia Press, صفحة 51, مؤرشف من الأصل في ثلاثة يناير 2014 CS1 maint: ref=harv (link)
  2. ^ Samsó, Julio (2007). "Biṭrūjī: Nūr al‐Dīn Abū Isḥāq [Abū Jaʿfar] Ibrāhīm ibn Yūsuf al‐Biṭrūjī". In Hockey, Thomas; et al. (المحررون). The Biographical Encyclopedia of Astronomers. New York: Springer Verlag. صفحات 133–134. ISBN . (PDF version)
  3. ^ Aydin Sayili (1987), "Ibn Sīnā and Buridan on the Motion of the Projectile", Annals of the New York Academy of Sciences 500 (1): 477–482 [477]
  4. ^ "الشّفاء ـ طبيعيّات". books.rafed.net. مؤرشف من الأصل في ثلاثة أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 14 يناير 2020.
  5. ^ Espinoza, Fernando (2005). "An analysis of the historical development of ideas about motion and its implications for teaching". Physics Education. 40 (2): 141. Bibcode:2005PhyEd..40..139E. doi:10.1088/0031-9120/40/2/002.
  6. ^ حسين نصر & Mehdi Amin Razavi (1996). The Islamic intellectual tradition in Persia. روتليدج. صفحة 72. ISBN .
  7. ^ Aydin Sayili (1987). "Ibn Sīnā and Buridan on the Motion of the Projectile". Annals of the New York Academy of Sciences. 500 (1): 477–482. Bibcode:1987NYASA.500..477S. doi:10.1111/j.1749-6632.1987.tb37219.x.
  8. ^ Espinoza, Fernando. "An Analysis of the Historical Development of Ideas About Motion and its Implications for Teaching". Physics Education. Vol. 40(2).
  9. ^ Sayili, Aydin. "Ibn Sina and Buridan on the Motion the Projectile". Annals of the New York Academy of Sciences vol. 500(1). p.477-482.
  10. Gutman, Oliver (2003). Pseudo-Avicenna, Liber Celi Et Mundi: A Critical Edition. Brill Publishers. p. 193. ISBN 90-04-13228-7.
  11. ^ Crombie, Alistair Cameron, Augustine to Galileo 2, p. 67.
  12. ^ Pines, Shlomo (1970). "Abu'l-Barakāt al-Baghdādī , Hibat Allah". Dictionary of Scientific Biography. 1. New York: Charles Scribner's Sons. صفحات 26–28. ISBN . (cf. Abel B. Franco (October 2003). "Avempace, Projectile Motion, and Impetus Theory", Journal of the History of Ideas 64 (4), p. 521-546 [528].)
  13. ^ Pedersen, Olaf (1993-03-26). . CUP Archive. صفحة 210. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 16 يونيو2010.
  14. ^ "Jean Buridan: Quaestiones on Aristotle's Physics". مؤرشف من الأصل في 20 يوليو2011.
  15. ^ Questions on the Eight Books of the Physics of Aristotle: Book VIII Question 12 English translation in Clagett's 1959 Science of Mechanics in the Middle Ages p536
  16. ^ The distinction between primary motive forces and secondary motive forces such as impetus was expressed by Oresme, for example, in his De Caelo Bk2 Qu13, which said of impetus, "it is a certain quality of the second species...; it is generated by the motor by means of motion,.." [See p552 Clagett 1959]. And in 1494 Thomas Bricot of Paris also spoke of impetus as a second quality, and as an instrument which begins motion under the influence of a principal particular agent but which continues it alone. [See p639 Clagett 1959].
  17. ^ "For the resistance that is in the heavens does not tend to some other motion or to rest, but only to not being moved any faster." Bk2 Ch ثلاثة Treatise on the heavens and the world
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:45:22
التصنيفات: فلسفة طبيعية, ميكانيكا كلاسيكية, نظريات علمية متجاوزة, CS1 maint: ref=harv, مقالات يتيمة منذ يناير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة الفيزياء/مقالات متعلقة, بوابة تاريخ العلوم/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بالصور.. سلطات سيدي يوسف بن علي تشن حملة واسعة لتحرير الملك العام

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:15:42
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

“نتفليكس” تضيق الخناق على كلمات السر المشتركة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:15:42
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 39%

السلطات الحاكمة في غينيا توافق على تسليم السلطة للمدنيين

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:15:38
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 46%

حركاس حاضر رفقة الرجاء في مباراة الديربي أمام الوداد

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:16:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

أووك والداودي أبرز غيابات الوداد في الديربي أمام الرجاء

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:16:36
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

بعد عودته من الإصابة.. مزراوي احتياطي في مباراة اليوم ضد هوفنهايم

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:16:32
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 64%

الشرطة القضائية تحقق مع مديرة مركز حماية الطفولة بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:15:38
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 40%

الإعلان رسميا عن إنضمام مراكش إلـى شبكة المدن التعلم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-22 15:15:36
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 37%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية