النهاية في غريب الحديث والأثر
عودة للموسوعةالنهاية في غريب الحديث والأثر هوكتاب ألفه مجد الدين المبارك بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري المعروف بابن الأثير لشرح الألفاظ الغريبة الواردة في الأحاديث، خصوصًا بعد دخول الأعاجم في الإسلام. قام فيه بدمج كتابين سابقين في هذا المجال، وأضاف إليهما.
سبب تأليف الكتاب
ذكر ابن الأثير دافعه من تأليف هذا الكتاب في مقدمته. فأشار أنه لما وقف على كتابي الغريبي للهروي، وكتاب المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث لأبي موسى (المتمم لكتاب الهروي) رأى حتى فيهما كلفة على طالب الغريب، خصوصًا أنَّهما مكونان من عدة مجلدات. فقرر جمعهما، وحذف غريب القرآن منهما.
وعندما خط الكتاب عثر أنَّ الهروي وأبي موسى فاتهما الكثير، فتنبه لذلك، فقام مع اختصاره كتابيهما بالإضافة عليهما من غريب ما وجده في المجامع والسنن، مع بحثه عن شرحها في معاجم اللغة العربية وكُتب غريب الحديث.
فنطق: (فرأيت حتى أجمع ما فيهما من غريب الحديث مجردًا من غريب القرآن، وأضيف جميع حدثة إلى أختها في بابها تسهيلًا لكلفة الطلب... فوجدتهما قد فاتهما الكثير الوافر... فتتبعتها واستقريت ما حضرني منها واستقصيت مطالعتها من المسانيد والمجاميع وخط السنن والغرائب قديمها وحديثها وخط اللغة على اختلافها فرأيت فيها من الحدثات الغريبة مما فات الكتابين كثيرًا فصدفت حينئذ على الاقتصار على الجمع بين كتابيهما، وأضفت ما عثرت عليه ووجدته من الغرائب).
أهمية الكتاب
ذكر الدكتور علي بن عمر السحيباني أهمية الكتاب كالتالي:
1- يعتبر كتاب النهاية أجمع كتابٍ أُلف في غريب الحديث. وأكد على ذلك السيوطي.
2- ضبط وتهذيب ما خط في كتابي الهروي وأبي موسى اللذان استند عليهما أساسًا.
3- يحتوي الكتاب إضافات عن الكتابين اللذان استند عليهما.
4- قام بترتيب الكتاب ترتيبًا أبجديًا، مما يسهل الرجوع لغريب المعاني والألفاظ.
منهج الكتاب
منهج المؤلف في عرض الكتاب
- خط ابن الأثير مقدمة ذكر فيها فضل فهم الحديث وفهم معاني غريبه، والحاجة لذلك، خصوصًا بعد دخول الأعاجم في الإسلام.
ثم شرح فيها تدوين غريب الحديث، وتطور التأليف فيه.
ثم انتقل للحديث عن كتابه والهدف من تأليفه، ومنهجه الذي يسير عليه فيه.
- رتب الكتاب ترتيبًا أبجديًا: فبدأ بباب الهمزة مع التاء، حتى آخر الحروف. ثم الباء مع الهمزة حتى آخر الحروف، إلى غير ذلك.
- كان يشير لما نقله من كتاب الهروي بالحرف (هـ) ولما نقله من كتاب أبي موسيى المديني بالحرف (س).
- كان يحرص على ذكر أصل الحدثة بعد حتى يوردها على ظاهر لفظها، ومثال ذلك حدثة (حدة) في باب الحاء والدال، حيث نطق في شرح حديث جابر رضي الله عنه في سيرة دفن أبيه: (فجعلته في قبرٍ على حدة). نطق: وأصلها من الواو، فحذفت من أولها، وعوض منها في آخرها، كعدة وزنة من الوعد الوزن .
- أحيانًا يرى بأن تصنيف الحدثة بناءً على ظاهر لفظها لا يغني عن ذكرها في موضعها الأصل، فيذكرها مرتين، مرة على اللفظ ومرة على حق اللفظ. ومن ذلك حدثة "أبض" فنطق: المأبض: باطن الركبة ها هنا، وهومن الإباض: الحبل الذي يُشد به رسغ البعير... وسيجيئ في حرف الميم.
- عدم الاقتصار على الحدثات الغريبة فحسب، إنما كان يورد الحدثات التي قد يحصل فيها خلط نتيجة التصحيف، ومن ذلك ذكره لحدثة (زبل)، فنطق: (الزبل: وهوبالكسر: السِّرجين، وبالفتح: مصدر زبلت الأرض: إذا أصلحتها بالزِبل) ثم نطق: (وإنما ذكرنا هذه اللفظة مع ظهورها لئلا تُصحف بغيرها، فإنها بمكانٍ من الاشتباه).
- عدم ذكر الحديث كاملًا: فهويورد جزء الحديث الذي ورد فيه الغريب، وذلك بخلاف ما عمله من سبقه من كُتاب خط الغريب.
- عمل ابن الأثير على التأكد من لفظ الحديث، وذلك برجوعه إلى مصادره.
- كان يتعرض أحيانًا لبعض المسائل الفقهية كالزكاة والحدود والبيوع وغيرها. ومن الأمثلة على ذلك قوله: (وفيه أنه نهى عن بيع الحصاة، هوحتى يقول البائع أوالمشتى: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع. وقيل: هوحتى يقول: بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها...).
- نسب الحديث إلى راويه في الغالب، أومن سقطت السيرة معه أوأمامه. فمثلًا يقول "وفي حديث عمر" ذلك أنَّ السيرة حصلت مع عمر.
منهجه في شرح الغريب
كتاب ابن الأثير إنما هوتفسير وتوضيح لغريب حديث رسول الله وآثار السلف. ولكن لم يقتصر على هذا، إنما شرح ألفاظًا غريبة وردت في القرآن والشعر، إلا حتى تلك نسبتها قليلة نسبةً لغريب الحديث وآثار السلف. واتبع في ذلك ما يلي:
- شرح الحديث بالقرآن.
- شرح الحديث بالحديث: وهذا أكثر ما اعتمد عليه. ومن أمثلة ذلك حديث رسول الله (لا تؤبن فيه الحُرَمُ) أي لا تُذكر بقبيح، فشرحه بحديث حادثة الإفك (أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي).
- شرح الحديث بأقوال الصحابة: وخصوصًا عبد الله بن عباس، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود.
- شرح الحديث بأقوال اللغويين والشعر، ومنه حديث (أنه سأل عاصم بن عدي عن ثابت بن الدحداح فنطق: إنما هوأتىٌ فينا)، أي غريب. وشرحه ببيت الشعر:
أطعتم أتاوى من غيركم | فلا مِن مراد ولا مَذحج |
- شرح الألفاظ باختلاف لغة أهل العرب، فأحيانًا يشرح على لغة أهل مكة، وأحيانًا على لغة طيء، وأحيانًا الأزد... إلخ.
- نقد لبعض ما ينقل، فلم يكن ينقل مجرد نقلٍ أصم، بل كان يقوم بترجيح بعض الآراء، وإضعاف أخرى، وتلميحٍ لرأيٍ في موضعٍ آخر.
- كان يتبع الأسلوب التالي:
- الاختصار.
- التفصيل.
- الاستقصاء: وهوعلى أنواع، فتارةً في الشرح اللغوي، وأحيانًا في بيان الأقوال الواردة في تلك الحدثة، أوالوجوه الواردة في معنى الحدثة.
- الإحالة.
منهجه في ضبط الحدثات والحروف
1- ضبط الحروف: المقصد منه ضبط حروف الحدثة بعبارة توضحها وتبينها. كأن يقول: بالنون، أوبالدال المهملة، أوبالذال المعجمة. وذلك في ضبط حرفٍ واحدقد يكون به بيان الحدثة، وأحيانًا يحتاج لضبط أكثر من حرفٍ لبيان تلك اللفظة.
2- ضبط حركات الألفاظ: ومن صور هذا ما يلي:
- ذكره بعض أوصاف الحدثة: مثلًا يقول: بالمد والتشديد، أوبالمد والقصر.
- الضبط بالميزان الصرفي: كأن يقول: هذا على وزن تعمل، أوعلى وزن أعملان.
- الضبط بالحدثة المعروفة الموافقة لها بالوزن: كأن يقول: أرب، بوزن فهم. وفي الأرومة، نطق بوزن أكولة. ومن حديث (من كذا وكذا إلى عدنِ أبيَنَ) فنطق: (أبين بوزن أحمر...).
- وصف حركة الحرف: كأن يقول: بكسر السين، أوبفتح الصاد. ومن أمثلة ذلك حديث النخمي (أن جارية زنت فجلدها خمسين وعليها إتبٌ وإزار) فنطق بعده: (الإِتبُ بالكسر: بردة تشق فتلبس من غير كمين ولا جيب...).
منهجه في الاستشهاد
كان المؤلف يدرج الأقوال، ويرجح أحدها، لكن دون دعم قوله بشواهد تقويه. بينما يستخدم الشواهد في بعض المواضع لتأكيد صحة معنى أوبيان أصل حدثة، أوغير ذلك، ومن مصادر تلك الشواهد:
- القرآن الكريم.
- الحديث.
- أقوال الصحابة.
- الأشعار.
- الأمثلة.
منهجه في علوم الحديث
فكان يعكف على مايلي:
- الناسخ والمنسوخ.
- الجرح والتعديل.
- الإدراج: وذلك في موضعٍ واحد من الكتاب، وهوفي الجزء الثالث، في حديث ((ما فينا إلا من هم أولم إلا يحيى بن زكريا)) فنطق بعده: (وقيل إنَّ قوله: "وما منا إلا" من قول ابن مسعود أدرجه في الحديث).
- الحديث المضطرب: وذلك في موضعٍ واحد من الكتاب في المجلد الثاني، في حديث ((من بتر سدرة صوب الله رأسه في النار)).
مصادر الكتاب
خط الحديث
سنن النسائي.
سنن أبي داود.
سليم البخاري.
سليم مسلم.
سنن الترمذي.
مسند إسحاق بن راهويه.
مسند الإمام أحمد بن حنبل.
مسند ابن عباس.
معالم السنن للخطابي.
المعجم الأوسط والمعجم الكبير للطبراني.
موطأ الإمام مالك.
أعلام النبوة للخطابي.مصادره في غريب الحديث
غريب الحديث لأبي عبيدٍ القاسم بن سلام (الهروي).
غريب الحديث لابن قتيبة.
غريب الحديث للحربي.
غريب الحديث لابن الأنباري.
غريب الحديث للخطابي.
الغريبين للهروي.
غريب الحديث للحميدي.
الفائق للزمخشري.
المجموع المغيث لأبي موسى المديني.مصادره في اللغة
الصحاح، للجوهري.
معجم العين، لالخليل بن أحمد الفراهيدي.
الكامل في اللغة والأدب، للمبرد.
الكتاب، لسيبويه.
المجمل، لابن فارس.مصادره في الفقه
الأم، للشافعي.
لغة الفقه، للأزهري.
الأموال، لأبي عبيد القاسم بن سلام.
مصادر أخرى
الأمكنة، للزمخشري.
ما نطقت القرابة في الصحابة، للدارقطني.
المنهاج في الطب.
الموازنة لحمزة الأصفهاني.
المؤتلف والمختلف للدار قطني.
الكشاف للزمخشري.فهماء أخذ منهم
ما تجاوز كان الخط التي ذكرها، لكنه ذكر أسماء نقل عنها دون حتى يذكر خطهم، ومنهم:
أبوعمر بن العلاءات: وهومن أهل اللغة والشعر، توفي سنة 154 هـ.
الفراء: المتوفى 207 هـ.
الأصمعي.
ثعلب النحوي: المتوفى 291 هـ.
غلام ثعلب: المتوفى سنة 345 هـ.
شمر بن حمدويه: المتوفى 355 هـ.
خط خطت عن الكتاب
وأشهرها: نظرًا لأهمية الكتاب في فهم الحديث، واشتماله، ولحجمه أيضًا، قام الفهماء من بعد ابن الأثير بكتابة اختصارات له، أوتذييل أونظم.
1- من الاختصارات المكتوبة:
قاموس البحر ونبراس الفجر في اختصار نهاية الإمام ابن الأثير، وقد ألفه إبراهيم بن علي النووي.
الدر النثير للإمام السيوطي.
مختصر النهاية، لعلي بن حسام الدين بن عبد الملك، المعروف بالمتقي.
وممن اختصره أيضًا إصلاح الدين الحفني.
2- ممن نظمه:
إسماعيل بن محمد البعلي، وسمى كتابه "الكفاية في نظم النهاية"
3- التذييل:
ممن ذيل عليه محمود بن أبي بكر الأرموي.
التذييل والتذنيب، للسيوطي.
الذيل على النهاية في غريب الحديث والأثر، لعبد السلام بن محمد بن عمر علوش.
المآخذ على الكتاب
ومن تلك المآخذ: 1- يذكر أحيانًا حدثة دون تجريدها من الزوائد: رغم أنه كان يقصد تسهيل الأمر على المبتدأ والترتيب الأبجدي، إلا أنَّه عمل به في بعض الحدثات دون أخرى.
2- ينقل أحيانًا نقولات من خط غريب الحديث لغير كتابي الهروي وأبي موسى دون حتى ينبه على ذلك.
3- عدم تحديد نهاية نقولاته من كلام الهروي وأبي موسى، فتراه يتبعها مباشرةً بالإيضاح أوغير ذلك دون فاصل يوضح نهاية النقل.
4- لا ينقل جميع كلام الهروي وأبي موسى، فيهمل أحيانًا ما لا يتفق معه. فعاب البعض عليه أنه كان يجب حتى يورده ويرد عليه.
5- ذكره لبعض الأحاديث الضعيفة أوالموضوعة دون التنبيه على رتبة ذلك الحديث.
6- يخطأ أحيانًا في شرح بعض الحدثات.
مراجع
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/4.
- ^ التأويل في غريب الحديث، علي السحيباني، 119 وما بعدها.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، ص. 3-12.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/11.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/355.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/15.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/294.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/398.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/17.
- ↑ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/21.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/20.
- ^ النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/152.
- ^ النهاية 2/354.
- ^ التأويل في غريب الحديث، علي السحيباني، 127.
- ^ التأويل في غريب الحديث، علي السحيباني، 136-138.
التصنيفات: علوم الحديث, كتب أهل السنة والجماعة, كتب الحديث, كتب تراثية, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة كتب/مقالات متعلقة, بوابة الحديث النبوي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات