معركة الزلاقة

عودة للموسوعة

مَعْرَكَةُ الزَلاّقَة أومعركة سهل الزلاقة (بالإسبانية: Batalla de Sagrajas)‏ (يوم الجمعة 12 رجب 479 هـ / 23 أكتوبر 1086)، تعتبر أول معركة كبيرة شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية في العصور الوسطى وإحدى أبرز المعارك الكبرى في التاريخ الإسلامي. استطاع فيها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين قائد المرابطين يسانده جيش أندلسي بقيادة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية إلحاق هزيمة كبيرة بجيش قشتالي مسيحي بقيادة ألفونسوالسادس ملك قشتالة وليون. سقطت المعركة بعد تردي أحوال الأندلس، والتي أدت لخضوع ملوك الطوائف لسلطة ألفونسوالسادس ودفع الجزية له، وانتهت هذه الحالة بسقوط طليطلة في يد ألفونسووجيشه عام 478 هـ الموافق 1085 م، أي قبل عامٍ واحد من معركة الزلاقة. على إثر ذلك، قام أهل الأندلس وأمراؤهم بإرسال سفارات ورسائل للأمير يوسف بن تاشفين تستنجده وتطلب منه الغوث والنصرة، فاستجاب لهم وعبر البحر بجيش المرابطين لنصرة مسلمي الأندلس، وتوحد جيش الأندلس مع جيش المرابطين في جيش كبير يقوده ابن تاشفين. سار الجيش حتى وصل سهل الزلاقة، وسار إليه ألفونسوالسادس بجيش كبير احتشد من أراتى أوروبا، ودارت بين الجيشين معركة كبيرة، انتهت بفوز المسلمين فوزًا عظيمًا، وهزيمة الجيش القشتالي المسيحي.

كان لمعركة الزلاقة تأثيرٌ كبيرٌ في تاريخ الأندلس الإسلامي، إذ أوقفت زحف الممالك المسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية المطرد على أراضي الأندلس. ولكن بسبب تراخي ملوك الطوائف، اضطر يوسف بن تاشفين للعودة مرةً أخرى لنصرة الأندلس في عام 481 هـ الموافق 1088، وأقام الحصار على حصن لييط الذي كان قاعدة لشن الغارات على أراضي الأندلس، وانتهى الحصار بالاستيلاء على الحصن. قرر يوسف بن تاشفين بعدها إنهاء حكم ملوك الطوائف بعد ما عثر منهم خيانات بإبرام التحالفات مع ألفونسوالسادس عدوهم اللدود، وبحلول عام 484 هـ الموافق 1091 كان المرابطون قد ضموا معظم أراضي الأندلس عدا طائفة سرقسطة التي حافظت على استقلاليتها حتى عام 503 هـ حين ضمها القائد المرابطي محمد بن الحاج اللمتوني إلى سلطان المرابطين.

خلفية تاريخية

أوضاع الأندلس

رسمة للملك الفونسولحظة دخوله طليطلة.

بعد وفاة المظفر بن المنصور بن أبي عامر عام 399 هـ، تولى أخوه شنجول حجابة الدولة الأموية في الأندلس ولم تمر أشهر حتى أجبر الخليفة هشام المؤيد بالله على إعلان تولية شنجول ولاية عهد الخليفة، مما أثار حفيظة أمراء بني أمية ودبروا المكائد لاستعادة سيطرتهم على الحكم حتى استطاع محمد المهدي بالله اغتال شنجول وخلع المؤيد بالله، وإعلان نفسه خليفة المسلمين في الأندلس لتبدأ فترة من الاضطرابات الداخلية في الأندلس عهدت بفتنة الأندلس دامت حتى عام 422 هـ، وانتهت بتفكك الخلافة إلى إمارات صغيرة متناحرة عهدت باسم ممالك الطوائف الذين كان أبرزهم بنوحمود أصحاب مالقة والجزيرة الخضراء في الجنوب وبنوعباد في إشبيلية في الغرب وهم أقوى ملوك الطوائف، وبنوذي النون طليطلة وبنوهود في سرقسطة في الشمال وبنوعامر في بلنسية ومرسية في الشرق.

في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي كان المسلمون في الأندلس أشد خصومة وتطاحنًا فيما بينهم من أعدائهم، ولم يتورع بعضهم عن التحالف مع الممالك المسيحية في الشمال، أوحتى يستمد عونها نظير الجزية، وما لبث حتى اندلع الصراع بين طائفة طليطلة وطائفة قرطبة، وشارك في هذه الحرب باديء الأمر أمراء طليطلة وقرطبة واشبيلية، استمر هذا الصراع سنينًا طويلة، حتى تحالف المأمون بن ذي النون أمير طليطلة مع فرناندوالأول ملك ليون وقشتالة، واستطاع المأمون الاستيلاء على بلنسية، ثم استطاع المعتمد بن عباد أمير اشبيلة الاستيلاء على مرسية وأريولة ومدن أخرى، ثم تحالف ابن عباد مع ألفونسوالسادس ملك قشتالة، على حتى يمد ألفونسوابن عباد بالجند في قتاله أمراء الطوائف، في حين يتوجب على ابن عباد دفع الجزية لمملكة قشتالة، ومن أبرز نتائج هذا التحالف حتى استطاع ألفونسوالاستيلاء على طليطلة (عاصمة القوط القديمة) وذلك في سنة 478 هـ الموافقة سنة 1085 م، أي قبل عامٍ واحد من معركة الزلاقة، وفقد بذلك المسلمون طليطلة إلى الأبد بعد حتى حكمها المسلمون ثلاثمائة واثنين وسبعون عامًا، واتخذها ملك قشتالة حاضرة مُلكه منذ ذلك الحين، وغدت بذلك عاصمة لقشتالة.

كان سقوط طليطلة ضربة قاضية على التحالف بين ألفونسووابن عباد أمير اشبيلية، لأن ألفونسولم يقنع بطليطلة بل استولى على جميع الأراضي الواقعة على ضفتي نهر تاجة، وعلى قلاع مجريط وماردة وبطليوس، فجزع ابن عباد، وخط إليه كتابًا يحذره فيه ألا يتعدى في فتوحاته طليطلة، فإن هوعمل فإن ذلك يعتبر خرقًا للتعاهد، ولكن ألفونسولم يُعر لكلام ابن عباد أي اهتمام، وقرر مواصلة فتوحاته، وعقد النية على غزوالإمارات المسلمة كلها، وأضحت طائفة سرقسطة مهددة بمصير كمصير طليطلة، عندها قرر معظم الأمراء المسلمين حتى لا ملجأ من ألفونسوإلا بالاستنجاد بالمرابطين في أفريقية.

أوضاع الممالك المسيحية شمال أيبيريا

توحدت جهود ألفونسوالسادس ملك قشتالة الذي كان يحكم جليقية وجزء من من البرتغال واستوريش وليون وبسكونية، وسانشوالأول ملك أراجون ونافارا، والكونت برنجار ريموند حاكم برشلونة وأورجل، على خوض معركة تنهي الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية، خاصة بعد حتى سقطت طليطلة في أيديهم، ونبذت الممالك المسيحية جميع خصوماتها السابقة والتي كانت تَشل قواها، وسار الجميع في جيش كبير قوي من جليقية وليون، واحتلوا مدينة قورية من بني الأفطس، ووصولوا إلى ضواحي إشبيلية، فأحرقوا قراها وحقولها، وسارت فرقة من الفرسان إلى شذونة، ثم اخترقت جزيرة طريف قاصية أسبانيا قرب مضيق جبل طارق، كما حاصر القشتاليون بمعاونة من جند الأراجونييون والقطلونيين الذي وضعهم ألفونسوتحت قيادته، قلعة سرقسطة الحصينة، التي يضع سقوطها حوض نهر أبرة في يده، ويجعل الشواطيء التي تليها من جهة البحر المتوسط عرضة لغاراته، ولكن الحصون الإسلامية المنيعة قاومت الضغط المتزايد على سرقسطة يومًا بعد يوم.

أوضاع المرابطين

دولة المرابطين في اقصى اتساع لها.

كان المرابطون أومن عهدوا بادئ أمرهم باسم الملثمين، بذرة لحركة إصلاحية إسلامية، اعتمدت في نشأتها على دعوة الشيخ عبد الله بن ياسين وقوة قبائل صنهاجة، وخاصة قبيلتا لمتونة وجدالة. فتأسست الدولة على منهج إسلامي سني مالكي. فلما توفي ابن ياسين آل زمام الحكم إلى أبوبكر بن عمر اللمتوني، والذي أوكل يوسف بن تاشفين الحكم طيلة فترة غيابه لاصلاح أمرٍ كان قد اندلع في صحراء المغرب وغاب لسنوات، فلما عاد عثر حتى الأمور قد استتبت ليوسف، فقرر التنازل عن الملك ليوسف. استطاع يوسف حتى يوطد سلطانه في المغرب الأقصى، فوحد المغرب تحت سلطة مركزية، وأتم فتح فاس في عام 455 هـ، ثم فتح تلمسان، وأعقبها فتح طنجة وسبتة. وفي عام 454 هـ، قرر ابن تاشفين بناء مدينة مراكش، التي جعلها عاصمة لدولة المرابطين، وأصبحت قاعدة عسكرية صلبة قوية، وبذلك استطاع يوسف بن تاشفين حتى يسيطر ويمتلك المغرب من بلاد العدوة من جزائر بني مزغنة، إلى طنجة إلى آخر السوس الأقصى، إلى جبال المضى من بلاد السودان.

استنجاد أهل الأندلس بالمرابطين

بلغ الأندلسيون في أواخر أيام عصر ملوك الطوائف، حالة عصيبة فرضتها عليهم سياسة أمرائهم المتمثلة في الاقتتال فيما بينهم وخنوعهم المخزي لعدوهم، فبدأوا يبحثون عن حل لما هم عليه من تردي، أخذت فكرة الاستنجاد بيوسف بن تاشفين وإخوتهم المرابطين تنتشر بين الأندلسيين، وقام بعض المتحمسين لهذه الفكرة بجواز البحر والتوجه نحومراكش ولقاء يوسف بن تاشفين، يشرحون له أحزانهم وآلامهم وما جرى لهم من ضيم وقهر بيد المسيحييين في الشمال. كان ابن تاشفين يستقبلهم بكل حفاوة واهتمام، ويعدهم بكل خير، يقول المقري التلمساني: «وكان يوسف بن تاشفين لا تزال تقدم عليه وفود ثغور الأندلس مستعطفين مجهشين بالبكاء ناشدين الله والإسلام، مستنجدين بفقهاء حضرته، ووزراء دولته، فيسمع لقولهم، ويصغي إليهم، وترق نفسه لهم»، وأصبحت مدينة مراكش قبلة لوفود الأندلس، التي يرون فيها الأمل والقدرة على إصلاح أحوالهم، ويروي ابن أبي غرس: «ويبدوحتى المعتمد بن عباد أمير اشبيلية حاول الحصول على مساندة يوسف بن تاشفين منذ وقت مبكر جدًا، ففي عام 467 هـ أوفد ابن عباد لابن تاشفين يطلب منه مناصرة الأندلس، اعتذر بوجود مدينتي طنجة وسبتة حاجزًا أمام المرور».

كتاب ابن الأفطس إلى يوسف بن تاشفين

أوفد المتوكل بن الأفطس أمير بطليوس رسالة إلى يوسف بن تاشفين يرثي إليه حالهم وما آل إليه أمرهم ونطق: «لما كان نور الهدى دليلك وسبيل الخير سبيلك، وصح الفهم بأنك لدولة الإسلام أعز ناصر، وعلى غزوالشرك أقدر قادر، وجب حتى تستدعي لما أعضل الداء، وتستغاث فيما أحاط الجزيرة من البلاء، فقد كانت طوائف العدوتطيف بها عند إفراط تسلطها واعتدائها، وشدة ظلمها واستشرائها، ولم يزل دأبها التشكيك والعناد، ودأبنا الإذعان والانقياد، حتى نفذ الطارف والتلاد، وأتى على الظاهر والباطن النفاد، وأيقنوا الآن بضعف المتن، وقويت أطماعهم في افتتاح المدن، وأُضرمت في جميع جهة نارهم، ورويت من دماء المسلمين أسنتهم وشفارهم، ومن أخطأه القتل منهم فإنما هم في أيديهم أسرى وسبايا، يمتحنونهم بأنواع المحن والبلايا، فيا لله ويا للمسلمين، أيسطوهكذا بالحق الإفك، ويغلب التوحيد الشرك، ويظهر على الإيمان الكفر، ألا ناصرًا لهذا الدين المهتضم، ألا حاميًا لما استبيح من حمى الحرم، وما أحضك على الجهاد بما في كتاب الله، فإنكم له أتلى، ولا بما في حديث رسول الله، فإنكم إلى معهدته أهدى، وفي كتابي هذا الذي يحمله إليكم الفقيه الواعظ، مسائل مجمله يفصلها ويشرحها، ومشتمل على نكت هويبينها لكم ويوضحها، وقد عولت على بيانه، ووثقت بفصاحة لسانه، والسلام»، فلما وصلت الرسالة لابن تاشفين أكرم حامليها وطمأنهم، ووعدهم بالإمداد والعبور للأندلس، وفتح باب الجهاد في سبيل الله عندما تسنح الفرصة، وتزول العوائق التي تقف في طريق المرابطين.

كتاب ابن عباد إلى يوسف بن تاشفين

على الرغم من خضوع أمراء الطوائف لمسيحيي الشمال، وتحكيمهم في كثير من قضاياهم وتسابقهم على استرضائهم وعقد المحالفات معهم، ودفع الأموال الجزيلة لهم، إلا حتى جميع هذا لم يزدهم إلا عنجهية في المطالب، وكان المعتمد بن عباد أمير اشبيلية قد انشغل في أحد السنوات في حرب من حروبه، أنساه عن دفع الجزية والضريبة المفروضة إلى ألفونسوالسادس ملك قشتالة، ولم يرسلها له في الوقت المحدد، فلما تمكن من إرسالها بعد ذلك، استشاط ألفونسوغضبًا، وطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجني وسأل في دخول امرأته إلى جامع قرطبة، لتلد فيه إذ كانت حاملًا، فكان من ابن عباد عام 475 هـ حتى أوفد إلى يوسف بن تاشفين رسالة يشرح فيه أوضاع الأندلس، وما آلت إليه أحوال المسلمين، من تغلب العدوعلى أكثر بلادهم، ويطلب المساعدة على درء العدوان، فأجابه يوسف: «إذا فتح الله لي سبتة اتصلت بكم، وبذلت في جهاد العدوالمجهود.»

كتاب ألفونسوإلى المعتمد بن عباد

أوفد ألفونسوالسادس ملك قشتالة لابن عباد أمير اشبيلية رسالة نقلتها المصادر العربية بهذا النص: «من القنبيطور ذي الملتين، الملك المفضل الأذفتش بن شانجة، إلى المعتمد بالله سدد الله آراءه، قد أبصرتم ما هبط بطليطلة وأقطارها، وما سار بأهلها حين حصارها، فأسلمتم إخوانكم، وعطلتم بالدعة زمانكم، والحذر من أيقظ باله، قبل الوقوع في حباله، ولولا عهد سلف بيننا نحفظ ذمامه، ونسعى بنور الوفاء أمامه، لنهض بنا نحوكم ناهض العزم ورائده، ووصل رسول الغزوووارده، لكن الإنذار يبتر الأعذار، وقد حملنا الرسالة إليكم القرمط البرهانس، وعنده من التسديد الذي يلقى به أمثالك، والعقل الذي يدبر به بلادك ورجالك، مما استنابته فيما يدق ويجل، وفيما يصلح لا فيما يخل، وأنت عندما تأتيه من آرائك، والنظر بعد هذا من ورائك، والسلام عليك يسعى بيمينك وبين يديك»

وكان رد المعتمد بن عباد: «سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإنه أول ما نبدأ به من دعواه، أنه ذوالملتين، والمسلمون أحق بهذا الاسم، لأن الذي يملكوه من أمصار البلاد وعظيم الاستعداد ومجبى المملكة، لا تملكه قدرتكم، ولا تعهده ملتكم، وإنما كانت سنة سعد أيقظ منها مناديك، وقد يأتي المحبوب من المكروه، والندم من عجلة الشروه، نبهت من غفلة طال زمانها، وأيقظت من نومة تجدد أمانها، ومتى كانت لأسلافك الأقدمين مع أسلافنا الأكرمين يد صاعدة، أووقفة متساعدة، إلا ذل تفهم مقداره، وتتحقق مثاره، والذي جرأك على طلب ما لا تدركه قوم كالحمر (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أومن وراء جدر)، ظنوا المعاقل والدول لا تنتقل، وكان بيننا وبينك من المسالمة، ما أوجب القعود عن نصرتهم، وتدبير أمرهم، ونسأل الله سبحانه المغفرة فيما أتيناه في أنفسنا وفيهم، ومن هجر الحزم، وإسلامهم لأعاديهم، والحمد لله الذي جعل عقوبتنا توبيخك وتقريعك كالموت دونه، والسلام على من فهم الحق فاتبعه، واجتنب الباطل وخدعه.»

وكان ابن عباد قد اتفق مع ألفونسوعلى جزية يدفعها جميع سنة، فأوفد ألفونسوقافلة تحتوي على خمسمائة فارس، يتزعمها وزير ألفونسواليهودي ابن شاليب لاستلام المال، فلما وصلت السفارة أنزلهم المعتمد بظاهر إشبيلية، وأوفد إليهم المال، ولكن اليهودي رفض استلام المال ونطق: «والله لا آخذ منه إلا مشحرًا (مضىًا خالصًا)»، وزاد في الكلام وأساء الأدب، فبلغ المعتمد خبره، فنادى عبيده وبعض جنده، وأمرهم بالخروج لقتل وزير ألفونسو، وأسر من كان معه، فعملوا ما أمرهم به من ذلك.

مؤتمر قرطبة

جامع قرطبة.

ما إذا انتشر خبر اغتال وزير ألفونسو، حتى استوعب الناس في الأندلس خطورة الوضع، لفهمهم بعجز ملوك الطوائف عن صد خطر الممالك المسيحية، فعُقد مؤتمر شعبي في قرطبة، شارك فيه مجموعة من رؤساء الأندلس، واجتمعوا بالقاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم، ونطقوا له: «ألا تنظر ما فيه المسلمون من الصغار والذلة، وإعطائهم الجزية بعد حتى كانوا يأخذونها، وقد غلب على البلاد الفرنج، ولم يبق إلا القليل، وإن دام هذا عادت نصرانية، وقد رأينا رأيًا نعرضه عليك، نطق: وما هو، نطقوا: نخط إلى عرب أفريقية ونبذل لهم إذ وصلوا إلينا شطر أموالنا، ونخرج معهم مجاهدين في سبيل الله، نطق ابن أدهم: المرابطون أصلح منهم وأقرب إلينا، فنطقوا: محرر أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، واسأله العبور إلينا، وإعانتنا بما يتيسر من الجند.»

وفي هذه الأثناء وصل المعتمد بن عباد إلى قرطبة، واجتمع مع القاضي ابن أدهم، أبلغه فيه بمطلب الناس ورغبتهم بالاستعانة بالمرابطين، والاستعداد العسكري للقاءة الخطر المسيحي، ونظرًا لوطأة الضغط العسكري الذي يمارسه ألفونسو، لم يعد هناك بد من الاستجابة لهذا المطلب، وممحررة يوسف بن تاشفين، وقد رغب ابن عباد حتىقد يكون القاضي ابن أدهم رسوله إلى ابن تاشفين، فوافق القاضي بذلك، وبذلك تقرر طلب النجدة من المرابطين بشكل رسمي، هذا ما وقع بعد مقتل وزير ألفونسومن الجانب الإسلامي، أما ألفونسوفإنه عندما فهم بمقتل وزيره وما جرى لسفارته أقسم بآلهته ألا يحمل يده عنه، وأن يحشد من الجند عدد شعر رأسه، ويصل بهم إلى بحر الزقاق.

كتاب ألفونسوإلى يوسف بن تاشفين

نفذ ألفونسومخططه بغزوالمسلمين في مدنهم، وقام بمحاصرة ابن عباد في قصره، وفي أيام مقامه بذلك الحصار خط إلى ابن عباد زاريًا عليه: «كثر بطول مقامي في مجلسي الذباب، واشتد علي الحر، فألقني من قصرك بمروحة، أروح بها على نفسي، وأطرد بها الذباب عني»، لما وصلت الرسالة لابن عباد رد عليه جوابه بلهجة جديدة وعزيمة قوية بعيدًا عن منطق الاستجداء والتبعية، فسقط له بخط يده خلف الرقعة: «قرأت كتابك، وفهمت خيلائك وإعجابك، وسأنظر لك مراوح من الجلود الملطية، في أيدي الجيوش المرابطية، تروح منك لا تروح عليك إذا شاء الله».

بعد حتى فهم ألفونسومراد ابن عباد في كتابه، أراد حتى يستخدم في خطابه مع ابن تاشفين نفس أسلوب تعامله مع ملوك الطوائف، فخط إليه رساله: «من أمير النصرانية أذفونش بن فردلند إلى يوسف بن تاشفين، أما بعد فإنك اليوم أمير المسلمين ببلاد المغرب وسلطانهم، وأهل الأندلس قد ضعفوا عن مقاومتي ولقاءتي، وقد أذللتهم بأخذ البلاد، وقد وجب عليك نصرهم، لأنهم أهل ملتك، فإما حتى تجوز إلي، وإما حتى ترسل إلي المراكب أجوز إليك، فإن غلبتني كان ملك الأندلس والمغرب لك، وإن غلبتك انبتر طمع الأندلس من نصرك إياهم، فإن نفوسهم متعلقة بنصرتك لهم»، ولما وصل كتاب ألفونسوليوسف، أمر محرره حتى يرد على رسالة ألفونسو، فخط كتابًا مفصلًا رد فيه على جميع فقرة وردت في الرسالة، ولما قرأ رده على ابن تاشفين، أحب به يوسف ولكنه رآه مطولًا، فأمر محرره حتى يخط على ظهر رسالة ألفونسو: «من أمير المسلمين يوسف إلى أذفونش، أما بعد فإن الجواب ما تراه بعينك، لا ما تسمعه بأذنك، والسلام على من اتبع الهدى».

كتاب ابن عباد إلى يوسف بن تاشفين

في غرة جمادى الأولى من عام 479 هـ أوفد ابن عباد رسالة لابن تاشفين: «إلى حضرة الإمام أمير المسلمين، إنا نحن العرب في هذه الأندلس، قد تلفت قبائلنا وتفرق جمعنا، وتوالى علينا هذا العدوالمجرم اللعين أذفنش، أسر المسلمين وأخذ البلاد والقلاع والحصون، وليس لنا طاقة على نصرة جاره ولا أخيه، وقد سائت الأحوال وانبترت الآمال، وأنت أيدك الله ملك المغرب، استنصرت بالله ثم بك، واستغثت بحرمكم، لتجوزوا لجهاد هذا العدوالكافر، والسلام على حضرتكم السامية، ورحمة الله تعالى وبركاته»، ولما وصل الكتاب لابن تاشفين أكرم حامليها، ثم استشار قادته وأمرائه، وأشاروا عليه بعبور الأندلس، فأوفد للمعتمد رسالة: «من أمير المسلمين إلى المعتمد بن عباد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد، فإنه وصل خطابكم المكرم، فوقفنا على ما تضمنه من استنادىئنا لنصرتك، وما ذكرته من كربتك، فنحن يمين لشمالك ومبادرون لنصرتك وحمايتك، وإنه لا يمكننا الجواز إلا حتى تسلم لنا الجزيرة الخضراء، تكون لنا، لكيقد يكون إليك على أيدينا متى شئنا، فأن رأيت ذلك فأشهد به نفسك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، ووافق المعتمد بن عباد على تسليم المدينة للمرابطين، وبذلك وافق المرابطون على العبور للأندلس.

العبور إلى الأندلس

الجزيرة الخضراء مقر معسكر المرابطين.

ما إذا منح المعتمد بن عباد موافقته على إعطاء المرابطين الجزيرة الخضراء، حتى منح يوسف بن تاشفين أمره لخمسمائة فارس بالتجهز للعبور إلى الأندلس كمقدمة لبقية الجيش، وبدأ الفرسان بالتوافد على الجزيرة الخضراء، ونزلوا بدار الصناعة، وضُرب معسكر للفرسان، وأخذ الفرسان بالتوافد حتى اكتمل عددهم وقد أحاطوا بالجزيرة من جميع جهة، وأحدقوا عليها يحرسونها بقيادة داود بن عائشة، ثم اتصل ابن عائشة بالمعتمد يخبره بوصولهم للجزيرة ويطلب منه إخلائها كما اتفق مع يوسف بن تاشفين، وبعد تردد من المعتمد بن عباد قرر المواصلة في التفاهم الذي عقده من ابن تاشفين خلال سفاراته إلى مراكش، ثم أوفد أمير المسلمين إلى ابن عباد رسالة فيها: «كفيناكم مؤنة القطائع، وإرسال الأقوات لأجنادنا كما وعدت»، فما كان من المعتمد إلا حتى أوفد لابنه الراضي بن المعتمد وكان وقتها أميرًا على الجزيرة الخضراء، بإخلاء الجزيرة للمرابطين فورًا، فدخلها المرابطون وعادت الأمور إلى ما كانت عليه من الصفاء، بعد حتى توجس المرابطون ريبة من تأخر ابن عباد في إخلاء الجزيرة، ثم انطلقت كتائب المرابطين تجوز البحر متوجهة إلى الأندلس، تكبر وتهلل، تضم أفواجًا من الذين انضموا للمرابطين بعد دعوة ابن تاشفين للجهاد، يقول ابن الكردبوس: «وقد أخلص لله تعالى نيته، وملأ البحر أساطيلًا، وأجاز رعيلًا رعيلًا، واحتل الجزيرة الخضراء في كتيبته الخضراء، المشتملة على اثني عشر ألف راكب من صناديد الأجناد».

المضيق الذي عبر منه المرابطون.

ولما ركب ابن تاشفين البحر متوجهًا للأندلس نادى الله: «اللهم إذا كنت تفهم حتى جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين فسهل علي جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعبه علي حتى لا أجوزه»، وكان ابن تاشفين قد أمر بعبور الإبل من المغرب إلى الأندلس لأغراض عسكرية، فعبر منها ما أغص الصحراء، وارتفع رغائها إلى عنان السماء، ولم يكن أهل الجزيرة قد رأوا جمالًا قط، ولا كانت خيلهم قد رأت صورها ولا سمعت أصواتها، وكانت تذعر منها وتقلق، وكان هذا قصد يوسف بن تاشفين في عبورها، فلما كانت المعركة كانت خيل الإفرنج تحجم عنها، وبهذا تكون قوة المرابطين قد أكملت عبورها إلى الأندلس، وحلت في الجزيرة الخضراء، وأصبحت قريبة من أرض المعركة، ولم يعد يفصلها بين القتال فاصل، فالقوات القشتالية كانت تغير على أي مكان في الأندلس، وتعيث وتخرب ثم تعود إلى ألفونسو، ولهذا أمر ابن تاشفين بتقوية حصون الجزيرة الخضراء، وشحنها بالسلاح والذخيرة والطعام، وتشديد الحراسة عليها لتكون قاعدة حصينة، ونقطة اتصال أمينة بين الدولتين الأندلس والمغرب.

وكان في مقدمة من استقبل ابن تاشفين القاضي أبوالوليد الباجي وعدد كبير من الفهماء، واستبشر أهل الأندلس بوصول المرابطين وأميرهم، وبهذا مهدت السُبل أمام المرابطين في الأندلس، وما إذا فهم المعتمد بوصول ابن تاشفين الجزيرة الخضراء حتى أوفد ابنه للقائه، بينما انشغل هوبتأمين مؤن الجيش، نطق الحميري: «وأمر عمار البلاد بجلب الأقوات والضيافة، ورأى يوسف من ذلك ما سره ونشطه»، ثم أمر المعتمد جنده بالتجهز والاستعداد للّحاق بجيش المجاهدين، وسار لاستقبال ابن تاشفين، والتقيا في معسكر ابن تاشفين، ولم يبقَ أحدٌ من ملوك الطوائف في الأندلس إلا بادر وأعان وخرج وأخرج، ولما اكتملت الاستعدادات وتهيأ الجند للتحرك يقودهم ابن تاشفين، أشار عليه ابن عباد بالسير لاشبيلية ليستريح من وعثاء السفر فأبى ونطق: «إنما جئت ناويًا جهاد العدو، فحيثما كان العدووجهت نحوه».

الاستعداد للمعركة

كان يوسف بن تاشفين على رأس الجيوش الإسلامية المتجمعة في الجزيرة الخضراء، والتي وهبها المعتمد للأمير يوسف لتكون مقرًا لجنده، ومركز اتصال وإمداد للمجاهدين، وخطًا مأمونًا للعودة، وكان ابن تاشفين يقول في غمرة استعدادهم للمعركة: «أنا أول منتدب لنصرة هذا الدين، ولا يتولى هذا الأمر أحد إلا أنا بنفسي»، وقد انضمت قوات المعتمد بن عباد أمير اشبيلية، وبعض قوات ابن صمادح أمير ألمرية، وعبد الله بن بلقين أمير غرناطة، وأخوه تميم أمير مالقة إلى معسكر المرابطين، وقدم القادر بن ذي النون والمتوكل بن الأفطس، فأمرهم أمير المسلمين ابن تاشفين حتىقد يكونوا في معسكر ابن عباد، فأصبح المسلمون معسكرين: معسكر الأندلس ومعسكر المرابطين.

مسير جيش المرابطين من المغرب حتى الزلاقة.

أصبح القائد العام لقوات الأندلس المعتمد بن عباد، ثم وزع المسلمون جيشهم كالتالي: المقدمة ويقودها المعتمد بن عباد ويؤازره أبوسليمان داود بن عائشة في عشرة آلاف فارس من المرابطين، والميمنة يقودها المتوكل على الله عمر بن الأفطس أمير بطليوس، والميسرة فيها أهل شرق الأندلس، الساقة فيها سائر أهل الأندلس، القوة الاحتياطية يقودها أمير المسلمين وهي مؤلفة من نخبة من أنجاد المرابطين وأهل المغرب وحرسه الخاص، ثم انطلق جيش المسلمين باتجاه العدو، واستمر في سيره حتى وصل مدينة بطليوس، واستقبلهم المتوكل بن الأفطس على مقربة منها، وقدم لهم المؤن والضيافات اللازمة، وانتهى إلى سهل يقع شمال بطليوس، على مقربة من حدود البرتغال الحالية، تسمية الروايات الإسلامية الزلاقة ويسميه الأسبان (sagrajas)، وفي هذا السهل تعاقد رؤساء الأندلس حتىقد يكونوا يدًا واحدة، يقول عبد الله بن بلقين أمير غرناطة: «وعاقدنا أمير المسلمين على حتى تصل الأيدي على غزوالروم بمعونته، وألا يعرض لأحدنا في بلده، ولا يقبل عليه رعيته، بمن يروم الفساد عليه»، ووصف ابن بلقين جوالمعسكر بقوله: «والعجب في تلك الفترة من حسن النيات، وإخلاص الضمائر، كأن القلوب إنما جمعت على ذلك».

اتىت أنباء اجتياز المرابطين إلى ألفونسوالسادس وهويشدد الحصار على مدينة سرقسطة، مما اضطره لحمل الحصار عنها، والتفرغ لإعداد الخطط وتجميع القوى، فأوفد إلى ابن ردمير الذي كان يحاصر مدينة طرطوشة، وإلى ألبارهانس القائد القشتالي الذي كان يحاصر بلنسية، فأتوه بجيشهما، وبعث إلى قشتالة وجليقية وليون، فأتى من تلك البلاد حشود كبيرة، واستمر ألفونسوفي الاستنفار والحشد من أراتى أوروبا، وأخذت النجدات تتوافد إلى قشتالة، حتى استكمل ألفونسواستعداداته العسكرية كاملة، فسار في عدة وعتاد، وارتقى ربوة مع جماعة من زعماء قومه ليبصر أعداد جيوشه، فأعجب بما رأى من كثرتهم ولمعان دروعهم، فنطق لابن عمه غرسية: «هذا اليوم لنا فيه الغلبة على المسلمين»، ثم واصل ألفونسووجيشه السير باتجاه بطليوس حيث سهل الزلاقة وجيش المسلمين، وكان ألفونسويظن أنه قادر على حسم المعركة لصالحه، لما رآه من كثرة جنوده وعتاده، فكان يقول: «بهؤلاء أقاتل الإنس والجن وملائكة السماء».

اختيار سهل الزلاقة

مسقط سهل الزلاقة على الخريطة.

سقط اختيار سهل الزلاقة مكانًا للمعركة المرتقبة، بعد تدبر وتخطيط من كلا الفريقين، فكان اختيار مدينة بطليوس من قبل المسلمين والتوقف عندها بأمر من أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، الذي كان يريد استدراج الجيش القشتالي وإخراجه من مواقعه الحصينة، ومن ثم قتاله على أرض يجهلها هو، بينما هي معروفة لدى المسلمين، يقول ابن بلقين: «وساقه القدر إلى التوغل في بلاد المسلمين وأبعد عن أنظاره، ونحن بإزاء المدينة متربصون، إذا كانت لنا فيها ونعمت، وإن لم تكن كانت وراءنا حرزًا، معقلًا نأوي إليها وأمير المسلمين يدبر هذا الأمر بحسن رأيه، ويلتوي عسى حتى تكون الملاقاة بتلك الناحية، ودون حتى يحوج إلى التوغل في بلادهم، وهم كما دخلوا الأندلس لا يعهدون من لهم ومن عليهم»، أما ألفونسوفقد وافق ابن تاشفين في اختياره لسهل الزلاقة، إذا عمد إلى مهاجمة عدوه في أرضه، وذلك بعد مشاورات ونقاشات دارت بينه وبين قادته، اتفقوا فيها على السير إلى الزلاقة، لاظهار الجرأة والتأثير على معنويات المسلمين، والتوغل في أرض المسلمين ، وقد برر ألفونسواختياره الزلاقة بقوله: «إني رأيت أني إذا مكنتهم من الدخول إلى بلادي فناجزوني فيها وبين جدرها، وربما كانت الدائرة عليّ، يستحكمون البلاد ويحصدون من فيها في غداة واحدة، ولكني أجعل يومهم في حوز بلادهم، فإن كانت عليّ اكتفوا بما نالوه ولم يجعلوا الدروب وراءهم، إلا بعد أهبة أخرى فيكون في ذلك صون لبلادي وجبر لمكسري، وإن كانت الدائرة عليهم كان مني فيهم وفي بلادهم ماخفت أنا حتىقد يكون فيّ وفي بلادي إذا ناجزوني في وسطها».

الرسائل بين ابن تاشفين وألفونسو

خيّر ابن تاشفين ألفونسوبين الإسلام أودفع الجزية أوالحرب عملًا بالسنة، واتى في الرسالة قول يوسف: «بلغنا يا أذفنش أنك دعوت إلى الاجتماع بنا، وتمنيت حتى تكون لك سفن تعبر بها إلينا، فعبرنا إليك، وقد جمع الله تعالى في هذه الساحة بيننا وبينك، وسترى عاقبة نادىئك (وما نادىء الكافرين إلا في ضلال)»، ولما وصل كتاب يوسف إلى ألفونسولم يستجب لدعوته، ونطق للرسول الذي حمل الرسالة: «إن صاحبكم يوسف بن تاشفين قد تعنى من بلاده وخاض البحور، وأنا أكفيه العناء فيما بقي ولا أكلفكم تعبًا، أمضي إليكم وألقاكم في بلادكم رفقًا بكم وتوفيرًا عليكم».

نهر يانة الذي عسكر بجانبه الجيشان.

وكان معتادًا في مثل هذه الحالات، واستنادًا لبعض الأعراف المتبعة في تلك العصور حتى يحدَّد يوم المعركة بموافقة الطرفين، وكان وصول ألفونسوأرض المعركة في شهر رجب من عام 479 هـ الموافق لشهر أكتوبر من عام 1086، فلما أصبح يوم الخميس أوفد ألفونسورسالةً يقترح فيها تحديد يوم الإثنين ميعادً للمعركة بين الطرفين، ومع حتى المسلمين أحسوا بأن ألفونسوإنما أراد من يوم الإثنين الغدر والخديعة، إلا أنهم وافقوا على اقتراحه بعد حتى ضاعفوا الحراسة وأخذوا الاحتياطات اللازمة، وبثوا عيونهم وطلائعهم يترصدون أي حركة للعدو، وهذا ما أثبته يوسف بن تاشفين في رسالته إلى المعز بن باديس صاحب أفريقية، وذلك بعدما انتصر في الزلاقة: «فسقط الاتفاق بيننا وبينه على الملاقاة يوم الإثنين، ونطق ألفونسو: الجمعة عيد المسلمين، والسبت عيد اليهود، وفي معسكرنا منهم خلق كثير، والأحد عيدنا، فافترقنا على ذلك، وأضمر اللعين خلاف ما شرطناه، وفهمنا أنهم أهل خداع ونقض عهود، فأخذنا أهبة الحرب لهم وجعلنا عليهم العيون».

تعبئة الجيشين

عسكر الجيشان الإسلامي والقشتالي كلٌ تجاه الآخر، لا يفصلهما سوى نهر وادي بيرا، وهوفرع صغير من وادي يانة الممتد ما بين مدينة بطليوس ومدينة ماردة، وكان الجيشان في حالة استنفار كبير، وانتهى المسلمون من ترتيب قواتهم، وجعلوا وحدات من الفرسان الثقيلة في المقدمة، التي كان لها دور فاعل وأساسي في سير المعركة وامتصاص زخم هجوم ألفونسوالعنيف، أما جيش قشتالة، فبعد حتى اتى المتطوعون من فرسان جنوبي فرنسا وإيطاليا، وفرسان الكنائس، فضلًا عن فرسان أراغون وجليقية، وفرسان أستورياش وبسكونية، تم تجميع قوات ألفونسوالسادس، فوضع خطته العسكرية، وقسم جيشه إلى قسم أول يقوده الكونت غارسيا، والكونت زودريك، وهذا القسم كُلف بمهاجمة قوات مقدمة المسلمين، وقسم ثانٍ يتألف من جناحين يقودهما سانشوراميريث ملك أراغون والكونت ريموند، والقلب يقوده ألفونسوبنفسه، أما المقدمة فيقودها قائده ألبارهانس ومعظمها من جنود مملكة أراغون.

المعركة

تم الاتفاق بين يوسف بن تاشفين وألفونسوالسادس على حتى تكون المعركة في يوم الإثنين، ولكن ألفونسوبحسب رأي المؤرخ الألماني يوسف أشباخ: «كان يرى وفقًا لمبدأ ذميم، أنه يحق له حتى يلجأ في الحرب إلى جميع خدعة، وأن ينكث بالعهد المقطوع، فيقاتل قبل اليوم المفروض ليفاجيء العدو، وليتمكن من هزيمته، ومن ثم فقد اعتزم حتى يلجأ إلى مثل هذه الخدعة، وأن يختار للقتال يوم الجمعة وهويوم المسلمين»، وكان المسلمون على الرغم من تحديد القتال بيوم الإثنين، إلا أنهم لم يدخروا وسعًا في التحوط ضد أي مفاجأة، وارتابوا في نيات ملك قشتالة، وقد عهد المعتمد بن عباد أمير اشبيلية من قبل خداعه في الحرب، فأكثروا العيون حول معسكر ألفونسو، وبثوا طلائع تترصد حركة جيشه، واستمرت الحالة على ما هي عليه حتى سحر يوم الجمعة 12 رجب 479 هـ الموافق 23 أكتوبر 1086، فارتدت الطلائع الساهرة إلى المعتمد بن عباد، يخبرونه أنهم سمعوا ضوضاء الجيوش واضطراب الأسلحة متحققين من تحرك ألفونسو، ونطقوا: «استرقنا السمع فسمعنا الأذفونش يقول لأصحابه: ابن عباد مُثمن هذه الحروب، وهؤلاء الصحراويون وإن كانوا أهل حفاظ وذوي بصائر في الحرب، فهم غير عارفين بهذه البلاد، وإنما قادهم ابن عباد، فاقصدوه واهجموا عليه واصبروا، فإن انكشف لكم هان عليكم أمر الصحراويين من بعده، ولا أرى ابن عباد يصبر لكم إذا صدقتموه الحملة».

عندها بعث ابن عباد رسالة يحملها أبوبكر بن القصيرة لأمير الجند ابن تاشفين يخبره بتحرك ألفونسو، وما قام به من غدر في الاتفاق، ويستحثه نصرته، فنطق له ابن تاشفين: «إني سأقرب منه إذا شاء الله»، وفي هذا أوفد ابن تاشقين إلى المعز بن باديس يخبره بما جرى: «فأتتنا الأنباء في سحر يوم الجمعة، حتى العدوقد قصد بجنوده المسلمين، يرى أنه قد اغتنم فرصة في ذلك الحين، فنبذت إليه أبطال المسلمين، وفرسان المجاهدين، فتغشته قبل حتى يتغشاه»، وكانت تكمن قوة خطة جيش المسلمين في القوة الاحتياطية التي خطط لها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، إذ تحتوي هذه القوة على أشجع مقاتلي المرابطين، وخطط لها حتى تنقض على جيش ألفونسوفي الوقت المناسب، بعد حتىقد يكون الإعياء قد بلغ منهم مبلغه، على حتى تضمن هذه القوة الاحتياطية التغلب على العدوبالمفاجأة، بجيش احتياطي يتبع نظام الكمين التي ساعدت عليه طبيعة أرض الأندلس، ووعورتها التي تتناسب مع هذا النوع من القتال.

سير المعركة

لما تهيأ الطرفان للمعركة، وقف رجال الدين المسيحيون في صفوف جيش قشتالة يحثونهم على القتال، ووقف الفهماء والفقهاء في صفوف المسلمين يحثون المجاهدين على القتال والاستشهاد، وسير ألفونسوالقسم الأول من جنده بقيادة الكونت غارسيا والكونت زودريك لقتال المعتمد بن عباد قائد معسكر الأندلسيين، وقصد ألفونسومن هذا الهجوم المفاجيء بث الاضطراب والفزع بين المسلمين، ولكن اصطدم جيش قشتالة قبل وصوله لمعسكر الأندلسيين بقوات المرابطين التي قوامها عشرة آلاف فارس بقيادة القائد المرابطي داود بن عائشة، ولم يستطع ابن عائشة حتى يصمد أمام السيل الزاحف من جيش قشتالة وعنف هجومهم، وكان اعتماد ابن عائشة على قوة كبيرة من رماة السهام والنبال، كان لها أعظم الأثر في مساعدته على صد هجوم القشتاليين، وأرغمهم على الارتداد إلى خط دفاعهم الثاني، وخسر المرابطون في صد القسم الأول من جيش ألفونسوخسائر بشرية كبيرة.

في هذا الوقت، كانت مقدمة المعتمد بن عباد تخوض معركة غير متكافئة في العدة والعتاد، ونظرًا لكثافة الهجوم وكثرة المشاركين فيه، وتفوقهم النوعي في العدة والسلاح الفردي، ارتدت المقدمة عن مسقطها، وفرّ بعض أمراء الأندلسيين بعد حتى أيقنوا بالهزيمة إلى مدينة بطليوس، واستطاع المعتمد بن عباد ومعه فرسان اشبيلية الصمود في مواقعهم، بعد حتى أحاط بهم من جميع صوب آلاف من جيش قشتالة، وقاتلوا وأبلوا بلاءً حسنًا، بعد حتى وجدوا مؤازرة من فرسان المرابطين بقيادة داود بن عائشة، الذين صمدوا في هجوم جيش قشتالة الأول.

كان ألفونسوقد أحس بالنصر القادم، عندما شاهد مقاومة المعتمد تضعف أمام هجمات جيشه المتواصلة، ورأى حركة الفرار والهرب تتسع بين مسلمي الأندلس شيئًا فشيئًا، ولكن جيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين كان يرابط خلف أكمة عالية، تحجبه عن أنظار عدوه، ولم يكن قد اشهجر في المعركة بعد، ولم يشهجر فيها مع جيش الأندلس إلا العشرة آلاف مقاتل، عندها قرر ألفونسومهاجمة قوات المرابطين المؤازرة لابن عباد بقيادة داود بن عائشة، فاصطدم تفوق القشتايين بصبر المرابطين، وكان ضغط النصارى يزداد على ابن عائشة وفرسانه، فما كان منه إلا حتى أبلغ يوسف بن تاشفين بحراجة الموقف وما حل بهم، فأمدهم ابن تاشفين بكتيبة يقودها أقوى قادته الأمير سير بن أبي بكر، على رأس قوة من المرابطين، استطاعت هذه الكتيبة حتى تنفذ إلى قلب جيش النصارى، وأن تتصل بقوات المعتمد بن عباد، فخف الضغط على الأندلسيين الذين أخذوا يستعيدون ثباتهم، إلا حتى ألفونسوالسادس أخذ يواصل ضغطه على قوات داود بن عائشة، ويزيد من تقدمه حتى أصبح أمام خيام المرابطين، واقتحم الخندق الذي يحميها.

كان ألفونسويدفع بجنوده في غمرة المعركة إلى الأمام، حتى استطاع حتى يسقط الهزيمة بالمعتمد وجيش الأندلس، وأرغمه على التراجع على الرغم من قدوم قوة كبيرة من المرابطين لمؤازرته وغوثه، في هذا الوقت اطمأن القشتاليون إلى نهاية سقمية لهم بهزيمة جيش الأندلس والمرابطين، وانشغلوا بمواصلة تقدمهم أمام تراجع المعتمد والأندلسيين، عندها قرر يوسف بن تاشفين الدخول للمعركة، فرتب خطة تمثلت في مفاجأة العدومن جهة لا يتسقطونها، فتقدم بقواته الاحتياطية وهاجم معسكر القشتاليين، مستفيدًا من هلع خيل القشتاليين من إبل ابن تاشفين التي جلبها معه من المغرب وأضرم فيه النار وأحرقه، وقتل حماته من الفرسان والرجال، وفر الباقون منهزمين نحوألفونسو، فأقبلت عليه خيله من معسكره فارين، وابن تاشفين في أثرهم، فلما فهم بما حل بمعسكره وحاميته، توقف ألفونسوعن مطاردة المعتمد بن عباد وجيش الأندلس وارتد من فوره لينقذ محلته من الهلاك. فأدرك ابن عباد من انسحاب ألفونسوإلى معسكره حتى بوادر الهزيمة قد بدت على القشتاليين، فأمر أصحابه بمهاجمتهم، وحمل القائد سير بن أبي بكر بمن معه على قوات ألفونسوفزاد الضغط واستمرت الهزيمة، وفي ذلك الحين تراجع الجند الذين فرّوا إلى بطليوس في بداية الهجوم، وشاركوا في القتال فاشتد الهجوم على ألفونسووقواته حتى أيقنوا بالفناء.

فوز المسلمين

رايات المرابطين في المعركة.

لما اشتد القتال على جيش ألفونسوودام القتال لساعات، أصبح ألفونسووجيشه بين مطرقة ابن عباد وسندان ابن تاشفين، وكانت الضربة القاضية التي أنهت المعركة، حين أمر ابن تاشفين حرسه الخاص المكون من أربعة آلاف فارس بالنزول إلى قلب المعركة، فاستطاع أحدهم الوصول لألفونسو، وطعنه في فخذه، طعنة نافذه بقي يعرج منها طوال حياته، وكانت حينها الشمس قد قاربت على المغيب، وأدرك ألفونسووقادته وفرسانه أنهم يقابلون الموت، فبادر مع قليل من أصحابه واعتصموا بتل قريب من مسقط المعركة، ومن ثم انسل تحت جنح الظلام منهزمًا إلى قورية، وبهذا النصر انتهت معركة الزلاقة التي لم تستمر إلا يومًا واحدًا، يقول محمد بن سماك العاملي: «وكان يومًا لم يسمع بمثله من يوم اليرموك والقادسية، فيا له من فتح ثبت قدم الدين بعد انزلاقها، وعادت ظلمة الحق إلى إشراقها، واعتز بها رؤساء الأندلس، فجزى الله أمير المسلمين وناصر الدين أبا يعقوب يوسف بن تاشفين أفضل الجزاء».

عهدت هذه المعركة عند المسلمين بمعركة الزلاقة، وهواسم السهل الذي سقطت فيه، أما الروايات الأوروبية فتسمي المسقطة الأولى التي نشبت بين ألفونسومن جهة والمعتمد بن عباد وداود بن عائشة بمسقطة رودا، أما المسقطة الثانية التي التقى فيها ألفونسوبجيش يوسف بن تاشفين بمسقطة سكرالياس (بالإنجليزية: Sacrelies)‏ وذاع خبر فوز المسلمين في الزلاقة في جميع الأقطار، وأمر يوسف بن تاشفين فكُتب عنها بلاغ أوفد إلى أفريقية، ليُقرأ في المساجد وكل مدن المرابطين، وخط ابن عباد إلى ابنه الرشيد في إشبيلية يخبره بنصرهم على ألفونسو، وأقيمت صلوات الشكر، وحفلات الابتهاج في مدن الأندلس، واقترنت احتفالات الأندلسيين بإضاءة مدينة إشبيلية وبقية المدن، وفقًا لتنطقيد عصرهم.

نتائج المعركة

مخطوطة باسم يوسف بن تاشفين.

بقدر ما كانت الزلاقة نصرًا للمسلمين، كانت هزيمة ساحقة لمسيحيي أيبيريا. يقول ابن الكردبوس: «وتنفس بها مخنق الجزيرة، وثبت بسببها بلاد كثيرة، ولجأ الأذفونش إلى جبل منيع في نحوثلاثمئة فارس من رجاله وكان قد وصل في ستين ألفًا من أجود أبطاله»، وكانت أولى نتائج الزلاقة هي إنقاذ الأندلس من حركة الاسترداد التي حمل شعارها ألفونسوالسادس، وإرغام ألفونسوعلى حمل الحصار الذي كان مفروضًا على أمهات مدن الأندلس، أما المؤرخون الأسبان فهم يؤكدون على حتى هزيمة ألفونسوالسادس كانت هزيمة مروعة، وأنه استطاع الفرار بمنتهى الشفقة مع نفر قليل من أصحابه، ولكن قواه وقواته لم تتضعضع كما يتصور، بدليل أنه لم يمضِ سوى القليل حتى غدا في ظروف تسمح له بالهجوم، ولكن الحظ كان ضده دائمًا.

أما على الصعيد السياسي فقد أظهر أهل الأندلس الكثير من التيمن لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين، وأكثروا من النادىء له على المنابر وفي المساجد، وقد كانت الأندلس قبله مُسلمة لاستيلاء الممالك المسيحية عليها، وأخذهم الجزية من ملوكها، فلما انهزموا أمام يوسف بن تاشفين، أظهر الناس إعظامه، ونشأ له الود في صدورهم. وبذلك ترسخت زعامة ابن تاشفين على الصعيد السياسي في الأندلس والمغرب بدون منازع، كما استوعب ألفونسووجيرانه من حكام شمال أيبيريا قوة المرابطين، وهوما وصفه ابن بلقين صاحب غرناطة في قوله: «إن الروم أشربوا منذ تلك السقطة خوفًا وانكماشًا».

بعد المعركة

بعد انتهاء المعركة، أقام يوسف بن تاشفين مع قواته بظاهر إشبيلية ثلاثة أيام، ولكنه عاد بشكل سريع للمغرب بسبب وفاة ابنِه وولي عهده أبي بكر المكلف بإدارة أمور المغرب، فخاف ابن تاشفين اضطراب الأوضاع في المغرب خاصة حتى هناك الكثير من الأمراء الأقوياء، أمثال والي سجلماسة إبراهيم بن أبي بكر بن عمر أمير المرابطين الذي استخلفه ابن تاشفين على إمارات المغرب، إضافة إلى حتى خطر تحرشات إمارة بني مناد المجاورين لدولة المرابطين قد تزايد، فحاولوا اغتنام فرصة انشغال أمير المسلمين بالأندلس، والاستعانة بقبائل بني هلال والانقضاض على المغرب الأوسط.

قام يوسف بن تاشفين باتخاذ تدابير وإجراءات مستقبلية لدعم الأندلس والاطمئنان على مستقبله، وكان أول ما قام به هودعوة أهل الأندلس وأمرائه إلى الوحدة ورص الصفوف، ونبذ خلافاتهم التي آلت بالأندلس وأهله لما كان قبل الزلاقة، وتوحيد الجهود، يقول ابن بلقين: «ولما انقضت غزوته تلك جمعنا في مجلسه، أعني رؤساء الأندلس، وأمرنا بالاتفاق والائتلاف، وأن تكون الحدثة واحدة، وأن النصارى لم تفترسنا إلا للذي كان من تشتتنا، واستعانة البعض بهم على البعض، فأجابه الكل حتى وصيته مقبولة»، ثم هجر ثلاثة آلاف مقاتل من المرابطين، دعمًا للمعتمد بن عباد، يعملون بإمرته وتوجيهه، برئاسة القائد المرابطي أبي عبد الله بن الحاج، وساهمت هذه القوة في الحفاظ على روح النصر عند أهل الأندلس، ثم ولّى ابن تاشفين قيادة جيش المرابطين في الأندلس للقائد سير بن أبي بكر، الذي زحف مع أمير بطليوس المتوكل بن الأفطس إلى أواسط البرتغال، مما يلي نهر تاجة، أما أمير إشبيلية المعتمد بن عباد، فزحف بجيشه ومعه قوة من جيش المرابطين نحوطليطلة، واستطاع فتح عدة حصون منها حصن أقليش، ولكنه تهور عندما توغل في أرض مرسية، فتراجع أمام فرسان الكمبيادور. كما تهدد ألفونسوبعض المدن الإسلامية، متخذًا من حصن لييط قاعدة لهجماته. أما ابن تاشفين فقد وصل البحر وعبر المضيق إلى المغرب.

حصار حصن لييط

ما إذا أَمن أهل الأندلس وأمرائها، وأحسوا بزوال خطر القشتاليين عنهم، حتى عادوا إلى ما كانوا عليه من فرقة وهضم لحقوق الرعية، وانصراف لمجالس اللهوواللعب، وعاد القشتاليون للإغارة على إماراتهم ثم العودة للتحصن في حصن لييط، في ردة عمل انتقامية على هزيمة الزلاقة. أما ألفونسو، فقد اطمأن بعد حتى فهم حتى ابن تاشفين قد عاد إلى المغرب، وأخذ يطلب العون والمدد من الممالك والإمارات المسيحية في أوروبا، لتعويض خسائره الكبيرة بعد الزلاقة، فوصلته من إمارتي بيزا وجنوة الإيطاليتين إمدادات في نحوأربعمائة سفينة، فحاصر بلنسية وهاجم السواحل الأندلسية، ووجه ألفونسوهجماته على أمير إشبيلية المعتمد بن عباد، وأصبح لمسقط حصن لييط أهمية كبرى في هذه الفترة للقشتاليين، فزادوا في بنيانه وتحصينه، ليكون قاعدة متقدمة لهم في أرض المسلمين، وشُحن بالذخائر والمقاتلين حتى أصبح عدد قوات الحصن ثلاثة عشر ألف مقاتل بين فارس وراجل، فشنوا غاراتهم على سرقسطة وجاراتها، وتمادوا إلى بلنسية ودانية وشاطبة ومرسية، وأخذوا عددًا من الحصون،، فأخذت الوفود الأندلسية بالتوجه نحومراكش لطلب العون مرة أخرى لصد العدوان وحصن لييط، ولما كانت إشبيلية هي الهدف الأول لهجمات حصن لييط، فقد قرر ابن عباد السير من إشبيلية إلى مراكش لطلب العون من ابن تاشفين، فوعده ابن تاشفين بعد حتى فهم منه ما آلت إليه أحوال الأندلس بالجواز إليه.

قرر ابن تاشفين العبور إلى الأندلس، وأخذ يعد العدة والعتاد من الجيوش وآلات الحصار، واجتاز البحر في عام 481 هـ الموافق 1088، فلما وصل الجزيرة الخضراء أعدها لتكون نقطة إمداد واتصال، وبعث لملوك الطوائف يطلب منهم الاستعداد للجهاد، فوصلته كتائب ابن عباد من إشبيلية، ثم تحرك الجيش وبدأ حصار حصن لييط، وكان ألفونسوعلى فهم بما يحدث في الحصن، وشرع المسلمون في التضييق على الحصن، وبدأ في الهجوم على الحصن في الليل والنهار، واستخدمت المجانيق والعرادات، وبتر عنه الاتصال والإمداد، ولكن الحصن أظهر منعة ضد الهجمات، ولما طال الحصار تخاصم ملوك الطوائف فيما بينهم، ونتيجة لشح الإمدادات انسحب المرابطون نحومدينة لورقة بعد حصار لحصن لييط دام أربعة أشهر، وما إذا فهم ألفونسوبانسحاب المرابطين حتى تسلل للحصن وأخلى حاميته التي كانت تغير على المدن الإسلامية، ثم أحرقه وعاد مسرعًا إلى طليطلة، فاستولى المعتمد بن عباد على الحصن، وبذلك تخلص أهل الأندلس من خطر حصن لييط وغاراته، وقرر ابن تاشفين العودة إلى المغرب بعد حتى أردف أربعة آلاف مقاتل من المرابطين إلى بلنسية.

القضاء على ملوك الطوائف

تقسيم دويلات ملوك الطوائف قبل دخول المرابطين الأندلس.

ما إذا انتهى ابن تاشفين من حصار لييط وقبل رجوعه إلى المغرب اجتمع مرةً أخرى بأمراء الطوائف، يشحذ هممهم لوحدة الصف ونطق:«أصلحوا نياتكم تكفوا عدوكم»، ولكن أمراء الطوائف عادوا إلى التنافر والعداء، مما جاز لألفونسوبمعاودة شن غاراته، وإرسال الرسل للأمراء يطلب منهم الجزية، فعادت أحوال الأندلس لما كانت عليه قبل معركة الزلاقة، فلما وصلت الرسائل إلى ابن تاشفين تخبره بحال الأندلس وخضوع وتنافر أمراء الطوائف، قرر العودة للأندلس للمرة الثالثة، وفي مدينة سبتة أنهى ابن تاشفين استعدادت جيشه، وعبر البحر متجهًا نحوالأندلس للمرة الثالثة وذلك عام 483 هـ الموافق 1090، وقد رافقه في هذه الحملة أشهر قادة المرابطين، فسار ابن تاشفين بجيشه حتى وصل طليطلة وحاصرها وكان ألفونسوبها، وواصل جيشه إلى الشمال وهاجم الكثير من المدن الواقعة شمال قشتالة، ومنها قلعة رباح، وأجبر القشتاليين على الهرب من الحصون التي كانوا يغيرون منها على المدن الإسلامية، ولكن أمراء الطوائف لم ينخرطوا في جيش المرابطين كما وقع في الزلاقة وحصن لييط، ولم يعاونوهم ويقدموا لهم المؤن، مما أدى إلى حمل ابن تاشفين الحصار عن طليطلة نظرًا لقلة المؤنة، ونقم ابن تاشفين على أمراء الطوائف وبخاصة أمير غرناطة.

قبر المعتمد وزوجته الرميكية.

وقد أصدر عددٌ من الفهماء والفقهاء فتوى موجهة لابن تاشفين عن حكم أمراء الطوائف ومنها:«إن هؤلاء الرؤساء لا تحل طاعتهم ولا تجوز إمارتهم، لأنهم فُسّاق فاخلعهم عنا»، وكان يوسف أكثر ما يريبه أمير غرناطة عبد الله بن بلقين، فأغار عليه المرابطون وفتحوا غرناطة بعد حصار دام شهرين، وأوفد ابن بلقين أسيرًا إلى أغمات، وأمام سقوط غرناطة أوفد المعتمد رسالة إلى ابن تاشفين يستوضح الأمر، ولكنه لم يجد إلا الإعراض، ثم ألقى ابن تاشفين القبض على تميم بن بلقين أمير مالقة، ثم عاد ابن تاشفين للمغرب، وأوفد أربعة جيوش إلى الأندلس في وقت واحد للقضاء على ملوك الطوائف، فسير سير بن أبي بكر إلى إشبيلية، وأبا عبد الله محمد بن الحاج إلى قرطبة، وسرور اللمتوني إلى رندة، وأبا زكريا بن وانسوإلى ألمرية، وبقي ابن تاشفين في سبتة على رأس جيش احتياطي، فاستطاعت الجيوش الأربعة الاستيلاء على قرطبة، ووصلوا إلى ضواحي طليطلة، واستولوا على قلعة رباح وقرمونة، فقرر ابن عباد الاستعانة بألفونسو، فأتاه المدد بقيادة الكونت جوميز يصحبه أربعون ألف راجل وعشرون ألف فارس، وسقطت بالقرب من قرطبة معركة كبيرة بين الطرفين، أدت لفتح إشبيلية عنوة في سنة 484 هـ الموافقة سنة 1091 م. أما ابن عباد، فقبض عليه بعد المعركة وأوفد أسيرًا إلى أغمات، واستطاع المرابطون في غضون ثمانية عشر شهرًا افتتاح مدن الأندلس كلها غرناطة ومالقة وجيّان وقرطبة وإشبيلية وألمرية وبلنسية وبطليوس وجزر البليار، وأصبحت الأندلس تحت سلطة المرابطين، وانتهى عصر ملوك الطوائف.

المراجع

  1. ^ Dupuy, R. Ernest and Trevor N. Dupuy, The Harper Encyclopedia of Military history, (HarperCollins Publishers, 1993), 324
  2. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 56
  3. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل 42
  4. ^ Lewis, God's Crucible, 361
  5. Bernard F. Reilly (2007), pág. 172
  6. نص تاريخ الأندلس، ابن الكردبوس صفحة 96
  7. روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 97
  8. ^ Lewis, David Levering, God's Crucible, (New York: W & W Norton Inc, 2008), 364
  9. ^ Bernard F. Reilly, The Contest of Christian and Muslim Spain:1031-1157, (Wiley-Blackwell, 1996), 88
  10. فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 149
  11. ^ In 1086, Yusuf IbnTashfin, leader of the Almoravid Empire, killed 24,000 Castillians in the battle of Zallaqa"; Robert J. Bunker - 2014
  12. الحروب الصليبية في المشرق العربي، محمد العروسي المطوي صفحة 219
  13. ^ Itineraire Culturel des Almoravideset des Almohades، للمحرر Legado Andalusí. صدر 1999. ص 247. طالع على غوغل خط نسخة محفوظة 06 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  14. ^ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان الجزءسبعة صفحة 117
  15. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل (1413 هـ - 1993) دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع دمشق صفحة 66
  16. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 12
  17. ^ الحروب الصليبية في المشرق العربي، محمد العروسي المطوي (1982) دار الغرب الإسلامي صفحة 210
  18. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 18
  19. ^ الحروب الصليبية في المشرق العربي، محمد العروسي المطوي صفحة 212
  20. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 13
  21. O'Callaghan, Joseph F.(1983), 208 and 209
  22. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 21
  23. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 31، 32
  24. ^ المجلة الأردنية للتاريخ والآثار صفحة 5
  25. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة (1425 هـ - 2004) مخطة الصحابة الشارقة صفحة 79
  26. ^ المجلة الأردنية للتاريخ والآثار، المجلد السادس العدد الثاني (2012) صفحة 6
  27. ^ الحروب الصليبية في المشرق العربي، محمد العروسي المطوي صفحة 215
  28. نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري التلمساني الجزء الرابع صفحة 360
  29. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 91
  30. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 34
  31. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 103
  32. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 106
  33. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 82
  34. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 108
  35. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 111
  36. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 18
  37. الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 42
  38. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 17
  39. ^ الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد المنعم الحميري صفحة 84
  40. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 114
  41. ^ مئة من عظماء أمة اللإسلام غيروا مجرى التاريخ، محمد بن عبد الملك الزغبي صفحة 165
  42. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 115، 116
  43. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 45
  44. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 378
  45. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 126
  46. التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 103
  47. ^ تاريخ الأندلس، ابن الكردبوس صفحة 90
  48. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 93
  49. ^ مئة من عظماء أمة اللإسلام غيروا مجرى التاريخ، محمد بن عبد الملك الزغبي صفحة 166
  50. ^ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان الجزءسبعة صفحة 116
  51. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 379
  52. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 130
  53. ^ الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد المنعم الحميري صفحة 86
  54. ^ الروض المعطار في خبر الأقطار، محمد بن عبد المنعم الحميري صفحة 87
  55. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 132
  56. ^ المعجب في تلخيص أخبار المغرب، عبد الواحد المراكشي الجزء ثلاثة صفحة 119
  57. ^ Francisco Javier Peña Pérez, Mio Cid el del Cantar. Un héroe medieval a escala humana, Madrid, Sílex, 2009, págs. 98-99
  58. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 94
  59. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 134
  60. ^ R.M.Pidal, La Espana del Cid p. 331 - 332
  61. ^ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، المقري التلمساني الجزء أربعة صفحة 364
  62. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 59
  63. ^ المجلة الأردنية للتاريخ والآثار صفحة 11
  64. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 380
  65. ^ التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 105
  66. ^ David Levering Lewis, 364
  67. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 381
  68. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 141
  69. فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 144، 145
  70. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 21
  71. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 45
  72. ^ O'Callaghan, Joseph F.(1983), 209
  73. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 46
  74. الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 48
  75. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 147
  76. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 22
  77. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 51
  78. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 52
  79. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 23
  80. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 95
  81. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 96
  82. ^ معارك العرب في الأندلس، بطرس البستاني صفحة 24
  83. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 53
  84. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 383
  85. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 66
  86. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 54
  87. ^ Peter Lock, The Routledge Companion to the Crusades (2013) page 1093
  88. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 55
  89. ^ نص تاريخ الأندلس، ابن الكردبوس صفحة 95
  90. ^ F. Codera, Decadencia y Desparicion de los Almoravides en Espana (Zaragoza 1899) p. 243
  91. ^ التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 104
  92. ^ التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 108
  93. ^ Richard A. Fletcher, The Quest for El Cid (1991) page 152
  94. ^ روض القرطاس، ابن أبي غرس صفحة 98
  95. ^ التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 110
  96. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل صفحة 57
  97. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة صفحة 165
  98. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 67
  99. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 384
  100. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 77
  101. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل 59
  102. ^ التبيان عن الحادثة الكائنة بدولة بني زيري في غرناطة، عبد الله بن بلقين صفحة 122
  103. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل 60
  104. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 386
  105. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة 176
  106. ^ الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، محمد بن سماك العاملي صفحة 71
  107. ^ فوزات ابن تاشفين، حامد محمد الخليفة 179
  108. ^ أبطال الفتح الإسلامي، محمد علي قطب صفحة 387
  109. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل 64
  110. ^ الزلاقة بقيادة يوسف بن تاشفين، شوقي أبوخليل 68
  111. ^ الحروب الصليبية في المشرق العربي، محمد العروسي المطوي صفحة 221
  112. ^ مئة من عظماء أمة اللإسلام غيروا مجرى التاريخ، محمد بن عبد الملك الزغبي صفحة 168

مصادر أخرى

  • معركة الزلاقة، فالح فلوح، دار الأدب (1900).
  • معركة الزلاقة، محمود غريب جودة، دار الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير (2000).
  • دولة المرابطون، علي محمد الصلابي، ألفا للنشر والإنتاج الفني (2014).
  • الجوهر الثمين بفهم دولة المرابطين، علي محمد الصلابي، مخطة عبد الرحمن (2009).
  • دولة المرابطون، راغب السرجاني، شركة النور للإنتاج والتوزيع الإعلامي (2005).
  • قيام دولة المرابطين، حسن أحمد محمود، مخطة النهضة المصرية (1957).
  • تاريخ دولتي المرابطين والموحدين، محمود السيد، مؤسسة شباب الجامعة (2010).
  • يوسف بن تاشفين، عبد الله كنون، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (1900).
  • الصفات والخصائص التي برزت في الإمام المجاهد يوسف بن تاشفين المرابطي، دار ابن حزم (2011).
  • ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام، رينهارت دوزي، دار الوراق للنشر (2015).
  • العلاقات بين الأندلس الإسلامية وإسبانيا النصرانية في عصر بين أمية وملوك الطوائف، محمد رجب عبد الحليم، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (1986).

وصلات خارجية

  • معركة الزلاقة منطقة بقلم المؤرخ راغب السرجاني.
  • معركة الزلاقة منطقة من مسقط إسلام ويب.
  • فيديوعن معركة الزلاقة من مسلسل ملوك الطوائف
تاريخ النشر: 2020-06-01 12:15:44
التصنيفات: 1086 في أوروبا, القرن 11 في الأندلس, القرن 11 في مملكة ليون, تاريخ أوروبا, حروب صليبية, معارك أراغون, معارك الأندلس, معارك الاسترداد, معارك المرابطون, معارك تشمل قشتالة, معارك قشتالة, معارك مملكة ليون, نزاعات في 1086, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صور كما في ويكي بيانات, الإحداثيات في ويكي بيانات, مقالات تحتوي نصا بالإسبانية, صفحات بها وصلات إنترويكي, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, صفحات بها وصلات إنترويكي للإزالة, صفحات تستخدم خاصية P244, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة الأندلس/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, الصفحات التي لا تقبل ربط البوابات المعادل

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

المركزي الروسي يخفف الضوابط في سوق العملات المحلية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:39
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 95%

استطلاع يظهر نسبة الروس "الواثقين" ببوتين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:44
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 90%

فيروس خطير يواصل الانتشار في دول أوروبا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:40
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 88%

تحالف "كواد" يسعى بحضور بايدن لتوحيد الصفوف في مواجهة بكين

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:36
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 92%

مفتي سلطنة عمان يرفض استقبال بلاده لمعلم يوغا هندوسي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:41
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 94%

أمير قطر يزور برلين اليوم لبحث اتفاقية الغاز الطبيعي المسال

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:44
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 87%

شويغو: تحرير أراضي لوغانسك شارف على الانتهاء

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:42
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 85%

بدر بنون متفاعلا مع عودته للتداريب: "اللهم لك الحمد والشكر"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:20
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

بايدن يصل إلى كوريا الجنوبية في أول جولة آسيوية له

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:45
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 93%

إسرائيل: إحباط محاولة تهريب أسلحة إلى شمال الضفة الغربية (صور)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:47
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 95%

برشلونة يستأنف جولاته الأمريكية هذا الصيف

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:22
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 55%

حركة "طالبان" تقر موازنتها لهذا العام

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-20 12:16:46
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 97%

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية