عيد القديس فرنسيس الأُسَيزي رسول السلام


إحتفلت الرهبانية الفرنسيسكانية في العالم بعيد شفيعها القديس فرنسيس الاسيزي ، وبهذه المناسبة أقيم قداس إحتفالي في كنيسة القديس يوسف بوسط القاهرة ، مساء يوم الجمعة ٤ اكنوبر ٢٠٢٤ ، ترأسه قدس الاب ريمون جرجس الزائر العام لإقليم العائلة المقدسة بمصر ، والاب مراد مجلع الخادم الإقليمي للدهبان الفرنسيسكان بمصر .

شارك في القداس سفير الفاتيكان نيافة رئيس الأساقف المطران نيقولا تيفينين والاباء الأساقفة أصحاب السيادة : كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك ، والمطران جورج شيحان مطران الموارنة ، والمطران توما عدلي مطران ابرشية الجيزة والفيوم للأقباط الكاثوليك ، والمطران جان ماري شامي مطران الروم الكاثوليك، والمنسنيور انطران توفيق نائب مطران اللاتين والخوراسقف بولس ساتي رئيس الكنيسة الكلدانية بمصر ، والاباء الرهبان والكهنة والراهبات ، وجمع غفير من المؤمنين .

بعد قراءة الإنجيل القى قدس الاب ريمون جرجس الزائر العام لإقليم العائلة المقدسة الفرنسيسكانية بمصر هذا نصها :

ADVERTISEMENT

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في المسيح،

إن القداسة هي مشروع الله للإنسان، والإنسان مدعواً أن يكون قديساَ فتبدو القداسة أمرًا متشعباَ بالله، متصلاَ بسر الله ، ولكن أيضاً بالعبادة والسلوك. يقول السيد المسيح له المجد ” كونوا قديسين كما أن أباكم السماوي قدوس”، وهذا يعني أن جميع الناس مدعون للقداسة، والقداسة تعني أن أحب الآخرين وان أساعد الآخرين وان أكون خادما للجميع ، دون تمييز عنصري من جهة دينهم أو لونهم أو قوميتهم أو انتمائهم. فهي أي القداسة، تصدر العمل الصالح جاعلة إياه عنواناََ لنهج الحياة.

هذا ما كان ينطبق على قديسنا الأسيزي الذي كان متوحشاً بالله والذي كان يعي قيمة رسالته ومكانته الإنسانية والاجتماعية والروحية، مجسداَ ذلك بحبه للخالق وللخليقة، والطبيعة التي من خلالها كان يرى وجهه الله. إذاً، لا يسعى فرنسيس إلى الله، بل “يشعر” بجاذبية تدفعه نحو الله لتغيير شخصيته الخاصة، وذلك من خلال اهتداء جذري في حياته، حدث بعدما شعر بأنه تم استدعاؤه باسمه من قبل شخص، الذي رأى فيه فقط إمكانية لتحقيق ذاته، لأنه بالنسبة له يمثل الخير الأسمى.

أيُّها الأخوة والأخوات

نجتمع اليوم لنتأمل في حياة القديس فرنسيس الأسيزي ورسالته، التي لا يزال يتردد صداها بقوة غير عادية في العالم الحديث اليوم. القديس فرنسيس الأسيزي ليس مجرد قديس يُعبد في الصور والتماثيل، بل هو منارة نور تدعونا لنعيش الإنجيل المسيحي بطريقة جذرية. لقد أظهر لنا فرنسيس أن القداسة ليست محصورة في عدد قليل من المختارين، بل هي متاحة لنا جميعًا. حياته هي شهادة على كيفية احتضان التواضع والفقر والعناية بالخليقة في عالم يبدو غالبًا أنه ينسى هذه القيم. كانت دعوته إلى “إصلاح الكنيسة” ليست مجرد دعوة لإعادة بناء الهياكل المادية، بل كانت نداءً عاجلاً للعيش بصدق الإنجيل في كل جانب من جوانب وجودنا. بهذه الطريقة يمكننا أن نؤكد، دون أدنى شك، أن حياة الإخوة الأصاغر هي الإنجيل، وأنه بدون الإنجيل المقدس ستكون حياتهم ورسالتهم عقيمة. في هذا الصدد، يبدو من المهم بالنسبة لي أن أشير إلى أنه “خلافًا لجميع حركات التجديد في العصور الوسطى، لم يستخدم فرنسيس أبدًا التعبير “الحياة الرسولية ولكن حياة الإنجيل المقدس.

يذهب فرنسيس إلى ما هو أبعد من مثال الحياة الرسولية الذي اقترحته الحركات الفقيرة في عصره: فهو لا يشير إلى حياة الرسل، ولا إلى حياة الجماعة المسيحية الأولى، بل إلى ما قال له يسوع، بأن يسير خلفه، ويتبع خطواته. لذلك، فإن الأمر لا يتعلق ببعض النشاط الرسولي والاجتماعي، بل يتعلق بحياة على غرار الإنجيل، الحياة التي كشفها العلي بنفسه لفرنسيس. إن قلب الإنجيل هو طريقة حياة يسوع، الذي اختار ألا يستهلك وجوده لمصلحته الخاصة، بل بالعيش من أجل الآخرين. فيه نكتشف أن الحياة عبارة عن فن اللقاء مع يسوع، من خلال انفتاحه على الله وجعل نفسه بابًا مفتوحًا للقاء الآخرين.

أيَّها الإخوة والأخوات

العالم اليوم يعاني من عدم اليقين، وقبل كل شيء، من الخوف من المستقبل، الذي من الصعب تحديده ولكنه حقيقي. عالم يتسمّ اليوم بمأساة الكراهية والخوف وعدم استقرار الإنساني. عالم فيه الجوع والبؤس والظلم واضطهاد الإنسان على الإنسانية. وهناك ما هو الأسوأ. لم يعد الإنسان اليوم يجرؤ على وضع خطط للمستقبل، ولا أن يلتزم بالخير وللحقيقة وللعدالة. إن تجارب الإنسان في السعادة تشبه سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي تجذب فيها الصور الفردية انتباهنا للحظة، مما يفرح خيالنا للحظة وجيزة، ثم يتركنا على الفور مع انطباع بوجود فراغ مؤلم لا يمكن ملؤه. كذلك هي تجارب الإنسان في السعادة المعاصرة.

نحن نعيش في عالم مليء بالمتناقضات وإنقسامات وصراعات والتي تملآ أخبارنا اليوميّة، مما يجعلنا نتأمل في هشاشة إنسانيتنا. فنحن مدعوون عيش الإنجيل في هذا العالم من خلال تجسيد رسالة المسيح حول السلام بطرق ملموسة وذات مغزى. بأن يكونوا رسل السلام، بناة السلام. وهذا يعني تعزيز الحوار والمصالحة والمغفرة في مجتمعاتنا. كان فرنسيس الأسيزي رسولًا عظيمًا للسلام، رجلًا كرس حياته لتعزيز الحب بين البشر والخليقة. تعلمنا حياته أن السلام ليس مجرد غياب للصراع، بل هو التزام نشط من أجل العدالة والأخوة. بل هو التزام فعّال من أجل المصالحة. فقد تبنى فرنسيس موضوع الحب، معترفًا بأننا مدعوون لبناء جسور، وتجاوز الحواجز، واستقبال الآخرين المختلفين، والعمل معًا من أجل الخير العام. عندما نعترف بقدسية الحياة وكرامة كل إنسان، نبدأ في بناء جسور بدلاً من جدران. بينما نواجه عالماً مليئاً بالحروب، فإن مهمتنا واضحة: أن نعيش الإنجيل بشجاعة وعزم. يجب أن نكون حاملي السلام والعدالة والمحبة. كل يوم، في كل عمل، يمكننا أن نختار الرد على العنف بالرحمة، وعلى الكراهية بالمحبة، وعلى الظلم بالسعي لتحقيق ما هو صحيح. بما في ذلك الأشخاص الأكثر تهميشًا وحرمانًا، هي بمثابة تذكير قوي. نحن مدعوون اليوم إلى خلق مساحات من الشمول، لنجعل آلام الآخرين وأفراحهم ملكًا لنا، ولنعيش تضامناً ملموس، الذي من خلال مقاومة الأنانية، نشهد على محبة المسيح.

الحياة الفرنسيسكانية ليست امتيازًا، ولكنها مغامرة مثيرة، ومجازفة إنجيلية، منفتحة على عمل الروح القدس. وهذا يعني أن نترك وراءنا الامتيازات والأرستقراطيات الاقتصادية والثقافية والروحية، لكي ننسجم مع شعب الله. الأمر لا يتعلق بالتخلي عن هويتنا الكاريزماتية، بل بمشاركتها مع الآخرين، من دون طائفية، من دون نخبوية.

اليوم، بينما نواجه تحدياتنا اليومية – سواء كانت حزنًا أو قلقًا أو مخاوف – يدعونا فرنسيس إلى العثور على النور، والصلاة والتسبيح، والبحث عن الجمال حتى في اللحظات المظلمة. قد يبدو عيش حياة القديس فرنسيس في عالم اليوم أمرًا صعبًا، نظرًا لتعقيد وانشغال المجتمع الحديث. مع ذلك، فإن دروسه أكثر حداثة من أي وقت مضى وتوفر لنا إرشادات قيمة لمواجهة التحديات المعاصرة. يمكننا تطبيق هذا المبدأ من خلال خلق مساحات قبول بالأخر، بغض النظر عن أصله أو معتقداته حيث تُسمع صوته وتُحترم.

أيَّها الأخوة و الأخوات

إن حياتنا تجد معناها الحقيقي ليس في الآخرين ولا في أنفسنا، بل في الله وهو السبب في حياتنا. وهذا لا يعني أننا يجب ألا نحب الآخرين أو أنفسنا، بل يعني أن الآخرين أو أنفسنا ليسوا سبب وجودنا، بل الله وحده هو مصدر كل شيء، وهو المبدأ والنهاية لوجودنا. هذه دعوة جذرية، لأنها تدعونا لتغيير نظرنا من الأمور الأرضية والزائلة إلى ما هو أبدي وإلهي. العيش من أجل يسوع يعني توجيه كل أفكارنا وأفعالنا نحوه. يعني الاعتراف بأن الكمال الحقيقي للحياة يكمن في العطاء الكامل للذات لله، الذي يدعونا بدوره إلى العطاء لأنفسنا للآخرين. فالحب، ليس مجرد النظر في عيون بعضنا البعض، بل هو النظر معًا في نفس الاتجاه. وهذا الاتجاه هو الله، الذي يُعتبر مصدر وأساس الحب ذاته. من خلال النظر إليه، يجد حبنا للآخرين ولأنفسنا معناه الحقيقي. ليس أن نقول “أعيش من أجلك”، بل أن نقول “أعيش معك، لكن ليس من أجلك، بل من أجل الذي قال لي أن أحبك حتى أكون مستعدًا للتضحية بحياتي من أجلك”. وهكذا يتحول الحب، من مجرد شعور إنساني محدود، إلى حب إلهي غير محدود.

لذلك، إن دعوتنا ليست فقط أن نكون رهبان ممثلين للكنيسة، بل أن نكون شهودًا أحياءً لمحبّة الله. وهذا يتطلب شجاعة، شجاعة تنبع من الثقة بالله ومن العزيمة على اتباع آثار المسيح. أدعو كل واحد منا للتفكر في كيفية أن نكون “فرنسيسكان في سياقنا الحالي. لا ننسى أن شهادتنا غالبًا ما تكون أكثر بلاغة من كلماتنا. كل عمل من أعمال المحبة، كل لفتة من التعاطف تجاه الأضعف، وكل جهد للحفاظ على خلقنا هو خطوة نحو ذلك الملكوت الإلهي الذي كان القديس فرانسيس يتوق إليه بشدة. نحن مدعوون للعيش في زمننا بنفس الإيمان والشغف الذي كان يميز حياة فرنسيس. في عالم يبدو غالبًا خاليًا من الأمل، يجب أن نكون نحن حاملي نور الرجاء.

لا يمكننا السماح لرسالة القديس فرنسيس أن تُحصر في زمن مضى. القداسة هي مسيرة مستمرة، واليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى إرشاده. نحن جميعًا مدعوون لنصبح قديسين في الحاضر، لنكون أدوات للسلام والمحبة في العالم. في هذا اليوم الخاص، نطلب شفاعة القديس فرانسيس لكي نصبح أدوات للسلام. لعلنا نتحلى بالشجاعة للتسامح، والاستماع، وبناء الحوار حيث توجد الانقسامات. لعلنا نكون، كما كان، حاملي الفرح والأمل، حتى في خضم الشدائد.

يقول البابا فرنسيس: “أنتم مدعوون لتكونوا في العالم شهودًا لرسالة فريدة وبشرى معزّية: أي إنّ الله يستعين بالجميع ولا سيّما بالصغار والفقراء لكي يزرع ملكوته وينمّيه. كونوا رهبانًا في البيت ورسلًا خارج البيت».

في نهاية القداس شكر الاب مراد مجلع الخادم الإقليمي بمصر جميع المشاركين بالقداس وتمنى لهم عيداً مباركاً بشفاعةِ القديس فرنسيس رسول السلام .

تاريخ الخبر: 2024-10-06 09:21:43
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
deneme bonusu veren siteler
تحميل تطبيق المنصة العربية