بعد فتور دام لأزيد من سنتين في العلاقات الثنائية بين باريس والرباط، والذي صححه القرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي والاعتراف بمغربية الصحراء، مشكلا منعطفا جديدا في مسار القضية الوطنية الأولى للمملكة المغربية، من المنتظر أن يزور إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية المغرب أواخر أكتوبر الجاري، حسب ما أعلن عنه القصر الإليزيه، حيث تعتبر هذه الخطوة وفق مراقبين “تتويجا لمسار المباحثات المعمقة بين الدولتين”.
وتجر هذه الزيارة خلفها مواضيع مهمة وملفات قوية من شأنها أن تكون موضوعا لمباحثات بين الرباط وباريس، إذ من المتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين المسار الذي اتخذته الدبلوماسية المغربية مع نظيرتها الإسبانية بالإعلان عن خارطة طريق طويلة الأمد، لوضع التعاون الثنائي على أسس أكثر متانة.
محمد العمراني بوخبزة، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي، قال إن “العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا في السنتين الأخيرتين شهدت مرحلة فتور وليس أزمة، قبل إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعمه لمخطط الحكم الذاتي واعترافه بمغربية الصحراء، وعودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي”.
وأضاف بوخبزة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “زيارة ماكرون للمملكة المغربية تتويج للمسار الجديد للعلاقات بين البلدين”، مشيرا إلى أن “هذه الزيارة كانت مبرمجة سابقا بناء على شروط مغربية بهدف بناء علاقات جيدة، حيث وصلت في بعض الأحيان إلى درجة الإحراج”.
وتابع المتحدث عينه أنه “خلال هذه الزيارة سيتم تقييم مجموعة من الملفات الثنائية بين البلدين، إذ سيكون الملف الاقتصادي حاضرا وبقوة في المحادثات التي ستجرى بين الرباط وباريس، علما أن المغرب أصبح فاعلا أساسيا في المنطقة ويملك حلا لمجموعة من الملفات سواء الأمنية والاقتصادية”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “هناك تحديات مرتبطة بمجموعة من الملفات الدولية والإقليمية في ظل الصراعات الحالية بمنطقة الشرق الأوسط وتداعياتها الاقتصادية على باقي البلدان”، مضيفا أن “موقع المغرب داخل إفريقيا يغري أغلب القوى العالمية”.
وأردف أستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي أن “نفوذ فرنسا داخل القارة الإفريقية تقلص بشكل كبير، مما يجب عليها وضع استراتيجيات متعددة للعودة إلى الواجهة، حيث تبقى البوابة المغربية مهمة لدى الطرف الفرنسي”.
وأوضح الأكاديمي أن “المغرب قد يستفيد من العلاقات الجيدة بين فرنسا والعديد من الدول لكسب مزيد من الأصوات الداعمة لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”، مسجلا أن “هناك ملفات استراتيجية وأمنية مهمة من المنتظر أن تعرض للنقاش خلال الزيارة المرتقبة خلال الشهر الجاري”.