رغم إعلان رئيس المحكمة الدستورية الجزائرية عمر بلحاج، فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية بعد حصوله على 84,30% من الأصوات في انتخابات 7 شتنبر، متراجعا بنحو 10 نقاط عن النتائج الأولية التي أعلنتها السلطة الوطنية للانتخابات، إلا أن جدل نتائج هذه الانتخابات لازال متواصلا.
وفي هذا الصدد، طالبت حركة مجتمع السلم، التي حلّت ثانيا في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، بفتح تحقيق في نتائج الانتخابات التي قالت إنها تعرضت للتلاعب على مستوى السلطة المستقلة، وهو ما اعتبرته “استهدافاً واضحاً للوطن وللعملية الانتخابية برمتها”.
وأوضحت الحركة بعد اجتماع مكتبها التنفيذي برئاسة عبد العالي حساني شريف، أنها “أخذت علماً بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلنتها المحكمة الدستورية”، واصفة ما حدث من “تلاعب” بـ”الجرائم الانتخابية، الموصوفة في قانون الانتخابات، تهدد استقرار البلاد وتشوه أعلى منصب في الدولة، مما يؤدي إلى تأزيم الأوضاع الداخلية ويدفع البلاد نحو المجهول، دون أي تقدير للعواقب الخطيرة المترتبة على ذلك”.
ودعت “مجتمع السلم” الكتلةَ البرلمانية الخاصة بها، “للمبادرة بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بالتعاون مع كل الكتل الحريصة على بناء دولة القانون”.
وتهدف هذه اللجنة، وفق البيان، إلى “التحقيق في مجريات وملابسات الانتخابات الرئاسية، وتحديد المسؤولين عن الجرائم الانتخابية التي تم ارتكابها”. كما أكدت على ضرورة “فتح تحقيق قضائي معمق ومحاسبة المتورطين في استهداف سمعة البلاد من خلال تزوير المحاضر في مكاتب الاقتراع”.
ويأتي مطلب التحقيق في نتائج الانتخابات، بالنظر للتفاوت الكبير في النتائج الأولية والنهائية المعلنة، والذي وصل إلى أكثر من 2.6 مليون صوت إضافي بالنسبة للرئيس عبد المجيد تبون، ونحو 800 ألف صوت إضافي للمترشح عبد العالي حساني شريف، و400 ألف صوت إضافي للمترشح يوسف أوشيش.
وكان المرشحون الثلاثة، بمن فيهم الرئيس تبون، قد احتجوا على النتائج الأولية التي طرحتها السلطة المستقلة للانتخابات برئاسة محمد شرفي، قبل أن تتدخل المحكمة الدستورية وتقدم النتائج النهائية التي رفعت عدد الأصوات المعبر عنها بأكثر من 4 ملايين صوت.
ورغم طعنها في النتائج، طالبت حركة مجتمع السلم، النظامَ السياسي وكل الفاعلين السياسيين والمجتمعيين إلى “قراءة موضوعية ومتأنية لظاهرة العزوف الشعبي المتزايد عن المشاركة في الانتخابات”، مشيرة إلى أن “هذا العزوف يعكس رفضاً واضحاً للممارسات التي تضر بنزاهة الانتخابات”.
كما شدّدت الحركة في بيانها على “ضرورة فتح صفحة جديدة في التعامل مع قضايا الرأي والتعبير والحريات، من خلال إصدار عفو عن نشطاء الرأي والتعبير”.
ولفتت إلى “الحاجة الملحة لإصلاح سياسي وقانوني عميق يشمل القوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمتها قانون الانتخابات وقوانين البلدية والولاية”. وأكدت على ضرورة استعجال الإصلاح القانوني والمؤسسي للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بما يضمن استعادة المصداقية للعملية الانتخابية.
وكانت نتائج الانتخابات الرئاسية بنسخيتها الأولية التي أعطت عبد العالي حساني شريف 170 ألف صوت، والنهائية التي رفعت عدد المصوتين له إلى أكثر من 900 ألف، قد فجّرت خلافا علنيا في حركة مجتمع السلم التي تعد أكبر حزب إسلامي في البلاد.
وذهب رئيسها السابق عبد الرزاق مقري الذي يوجد في خلاف مع القيادة الحالية، إلى حد التوقع بأن الحركة الموجودة حاليا في المعارضة، تريد العودة إلى النهج السابق لما قبل 2013، حين كانت تشارك في الحكومة.
وأوضح في منشور له لقي تفاعلا واسعا، أن “هذا التوجه الجديد يظهر من خلال التقارب الحاصل بين قيادة الحركة الحالية والسلطة الحاكمة”، مشيرا إلى ما قاله أبو جرة سلطاني (عرّاب توجه المشاركة) في مجلس الشورى الأخير: “لقد عدتم بعد عشر سنوات إلى نهجي”.
وأضاف أن هذا التوجه يعكس عودة الحركة إلى المسار القديم، وأن الحديث عن شراكة سياسية جديدة ليس إلا “ذراً للرماد في العيون”، حيث إن شروط هذه الشراكة الحقيقية غير متوفرة.
