_ روسيا والإمارات يتسابقون للدفاع عنه .. و”لافروف”: استقلاله عن الغرب سبب اعتقاله.

بعد صدور مذكرة اعتقال له فى فرنسا ثم الإفراج عنه من قبل النيابة العامة الفرنسية بكفالة قدرها 5 ملايين يورو، بعد أربعة أيام من الاستجواب، ومنذ لحظة اعتقاله – لمدة 96 ساعة – تسابقت عدة دول للدفاع عنه على رأسهم روسيا ودولة الإمارات .. فمن هو الملياردير الشاب “بافيل دوروف” مؤسس تطبيق “تليجرام” الذى ينافس بشراسة تطبيق “واتس آب” بل ويتفوق عليه فى بعض الجوانب، وهو أيضاً من أنشأ تطبيق أخر منافس لفيسبوك يُسمى “فكونتاكتي” أو ” VK ” وهو الرجل الذي تقدِّر مجلة فوربس ثروته بنحو 15.5 مليار دولار .. ما قصة نقل أعماله إلى دبى .. والاتهامات الفرنسية الموجهة إليه .. وفكرة بناء التطبيق واسع الانتشار ومصيره .. ولماذا يراه المراقبين أنه التطبيق غير القابل للإختراق إلى الآن .. كل ذلك وأكثر سنجيب عنه فى “بروفيل” هذا الأسبوع .. حيث برز أسم بافيل دوروف مؤسس تطبيق “تليجرام” الذى لأغلبنا حساب شخصى عليه، منذ لحظة اعتقال الشرطة الفرنسية له مؤخرًا، وذلك فور هبوط طائرته الخاصة في مطار “لو بورجيه” شمال باريس، وذلك بموجب مذكرة تفتيش أصدرها محققون فرنسيون ..

وكانت التهمة الأولي الموجهة إليه هي “التواطؤ في إدارة منصة عبر الإنترنت للسماح بمعاملات غير مشروعة من قبل مجموعة منظمة”، وهي جريمة يمكن أن تصل عقوبتها للسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامة قدرها 500 ألف يورو، بحسب مكتب الادعاء.

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن بافيل دوروف مالك ومؤسس تطبيق تلجرام، كان «حراً جداً» في إدارة منصته للتواصل الاجتماعي، وإن استقلاله عن الغرب هو سبب اعتقاله. وذكر لافروف، أن التحقيق مع دوروف جزء من خطة سياسية أكبر للغرب لبسط سلطته على روسيا.وأضاف «كان بافيل دوروف حراً جداً، ولم يستمع إلى نصائح الغرب بتعديل أفكاره». وتدعم روسيا دوروف ومشاريعه التكنولوجية الآن بعد سنوات من ممارستها ضغطاً عليه.

هذا وقد أثار القبض على “دوروف” خلافاً حول حرية التعبير، وتسبب في مخاوف خاصة في كل من أوكرانيا وروسيا، حيث تحظى منصة «تلجرام» بشعبية كبيرة، وأصبحت أداة اتصال رئيسية بين العسكريين والمواطنين خلال الحرب الجارية. وأعرب مسؤولون في الحكومة الروسية عن غضبهم إزاء اعتقال دوروف، ووصفه البعض بأنه ذو دوافع سياسية ودليل على المعايير المزدوجة التي يتبناها الغرب فيما يتصل بحرية التعبير .. أفادت الإمارات بأنها تتابع عن كثب قضية “دوروف” مؤسس تطبيق تليجرام، الذي ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه، وأنها تقدمت بطلب للحكومة الفرنسية لتقديم كافة الخدمات القنصلية له بشكل عاجل، بينما دعا مشاهير مثل إيلون ماسك إلى إطلاق سراحه، مؤكدين على أهمية حماية حرية التعبير.

هذا وأثيرت القضية أيضًا مناقشات أوسع نطاقًا لدى صُناع التكنولوجيا والرأى العام العالمى حول مسؤوليات مالكى المنصات والتوازن بين الخصوصية وإنفاذ القانون، كما تثير قضية الاعتقال أسئلة مهمة حول مدى مسؤولية منصات التكنولوجيا عن تصرفات مستخدميها والمخاطر المحتملة لتدخل بعض الحكومة فى الفضاءات الرقمية.

فيما ذكر سام باركر، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية يوتا، أن “استهداف منصة تيليجرام ومؤسسها بافيل دوروف، يعود لعدم حذفها المحتوى الذي لا ترغب إسرائيل برؤيته”، مؤكداً أن “تيليجرام” لا تزيل المحتوى الذي لا تحب إسرائيل أن يراه الناس، كما أنها لا تستثمر في آليات الرقابة بكثافة، ومتابعة الحسابات الإلكترونية”.

و”تيليجرام” هو تطبيق يسمح بإجراء محادثات فردية ودردشات جماعية و”قنوات” كبيرة تسمح للأشخاص ببث الرسائل إلى المشتركين، وعلى عكس منافسيه مثل واتس آب التابع لشركة ميتا، إذ تسمح الدردشات الجماعية في تيليجرام بما يصل لـ 200 ألف شخص، مقارنة بحد أقصى يبلغ 1024 شخصًا في واتس آب، ويُعرف عن تطبيق Telegram أنه يقدم للمستخدمين تشفيرًا شاملاً لاتصالاتهم .

_النشأة والعائلة:

وُلد بافيل فاليريفيتش دوروف في لينينجراد في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية فى 10 أكتوبر 1984، ولكنه قضى معظم طفولته في تورينو بإيطاليا، بسبب عمل والده، درس بافل لاحقًا في جامعة سانت بطرسبرج الحكومية، وهو الشقيق الأصغر لنيكولاي دوروف المبرمج روسي الذي أسس معه موقع التواصل الاجتماعي “فكونتاكتي”، وفي وقت لاحق “تيليجرام”. كان جد بافل الذي يُدعى سيميون بيتروفيتش محاربًا في الحرب العالمية الثانية وخدم في الجيش الأحمر، وحارب على جبهة لينينجراد في، وأُصيب في الحرب 3 مرات وحصل على وسام النجمة الحمراء ووسام الحرب الوطنية .أما فاليري والد بافيل، فهو حاصل على دكتوراه في فقه اللغة ومؤلف لأوراق بحثية، ويشغل منصب رئيس قسم فقه اللغة الكلاسيكي في كلية الفيلولوجيا بجامعة سانت بطرسبرج الحكومية منذ عام 1992. قال بافيل ذات يوم إن أصول عائلته من أمه تعود إلى كييف، واسم عائلتها الأوكراني هو إيفانينكو، وحتى اليوم لديهم العديد من الأقارب الذين يعيشون في أوكرانيا.

_”تيليجرام” بعد “فكونتاكتي”:

التقى بافيل عام 2006 بزميله إسحاق ميريلشفيلي في سانت بطرسبرج حيث تحدث معه عن فيسبوك الذي كان يزداد شعبية، وقررا إنشاء شبكة اجتماعية روسية جديدة. وقد شاركهم شخص ثالث في تأسيس الموقع وهو إسرائيلي يُدعى ليف بينزوموفيتش ليفييف، وصار بافل الرئيس التنفيذي، وضم بافل أخاه نيكولاي دوروف معهم لتطوير الموقع, حيث فاز نيكولاي في مسابقات دولية عديدة في الرياضيات والبرمجة. وكان قد أنشأ بافيل من قبل أثناء دراسته في الجامعة منتدى spbgu.ru، الذى حاز شهورة كبيرة بعد ذلك.

وصل عدد المستخدمين لمليون مستخدم في يوليو 2007، وإلى 10 ملايين في أبريل 2008. تجاوز موقع “فكونتاكتي” منافسه أدناكلاسنيكي في ديسمبر 2008 وأصبح الخدمة الاجتماعية الأكثر شعبية في روسيا. نمت قيمة الشركة لتصل لـ 3 مليارات دولار أمريكي.

_مبدأ إدارته للمنصة:

وفي مواجهة مع الشرطة بسانت بطرسبرخ عندما طالبت الحكومة بإزالة صفحات السياسيين المعارضين بعد الانتخابات التشريعية الروسية 2011 ، رد بافيل بنشر صورة لكلب يُخرج لسانه ويرتدي رداءً ذا قلنسوة، وغادرت الشرطة بعد ساعة عندما لم يجب على الباب، ثم قرر بافيل في ديسمبر 2013 بيع حصته البالغة 12% ، وقدّم “دوروف استقالته” إلى مجلس إدارة فكونتاكتي في أبريل 2014، وقد أثير الجدل في البداية حول صحة الاستقالة. كما رفض “دوروف” علنًا في أبريل 2016 تسليم بيانات شخصية للمتظاهرين أوكرانيين معارضين للرئيس المُقرب لروسيا فيكتور يانوكوفيتش لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

حصل بافيل بعد مغادرته روسيا على جنسية سانت كيتس ونيفيس عن طريق التبرع بمبلغ 250,000 دولار لصندوق تنويع صناعة السكر في البلاد، وأمَّن لنفسه 300 ميون دولار نقدًا في بنوك سويسرية، والذي ساعده على إنشاء شركته التالية “تيليجرام”، والتي تركز على خدمة الرسائل المعماة. كان مقر التيليجرام في برلين ثم نُقل إلى دبي. أعلن بافل في يناير 2018 عن إطلاق عملة “جرام” المعماة والشبكة المفتوحة في محاولة لتحقيق أرباح من النجاح المتزايد لتيليجرام. جمع المشروع إجمالي 1.7 مليار دولار من المستثمرين، ولكن أوقفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هذه المشاريع، حيث قالت المحكمة أن عملة “جرام” تجاوزت قوانين التمويل الأمريكية ويجب إعادة الأموال للمستثمرين.

حاولت روسيا في 2018 حظر تيليجرام بعد أن رفضت الشركة التعاون مع خدمات الأمن الروسية، وقد أشار خطاب مسرب من موظف في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى أن الحظر كان مرتبطًا في الواقع بنية الشركة إلى إطلاق الشبكة المفتوحة . استمرت مع ذلك وزارة الخارجية الروسية في تشغيل قنوات رسمية على التطبيق. رُفِعَ أمر الحظر في عام 2020، بعد محاولات دامت عامين، حيث أفادت التقارير بأن الخدمة تفادت الحظر باستخدام تقنية تقديم النطاق . وكان السبب المعلن لرفع الحظر هو موافقة تيليجرام على “مكافحة الإرهاب والتطرف” على المنصة.

_فى المنتدى الاقتصادي العالمي:

اختير بافيل دوروف في أغسطس 2014 واحدًا من أكثر القيادات الشابة تحت 30 سنة الواعدة في أوروبا الشمالية، اختير في عام 2017 للانضمام إلى القيادات العالمية الشابة في المنتدى الاقتصادي العالمي ممثلاً لفنلندا، وأُدرج في قائمة فوربس للمليارديرات عام 2023 بصافي ثروة بلغ 11.5 مليار دولار، وتعود معظمها إلى ملكيته لتطبيق تيليجرام، ويحتل دوروف المرتبة 120 في أغنى أشخاص العالم اعتبارًا من 25 أغسطس 2024، وقد اعتبرته مجلة أريبيان بزنس في فبراير 2023 أقوى رائد أعمال في دبي.

_آراؤه وأفكاره:

بافيل دوروف يتبع مذهب “الليبرتارية” الفلسفي الذي من أولوياته الحفاظ على الحرية الفردية، ويدعو إلى التحرر وازالة القيود المفروضة على الفرد من قبل الدولة والمجتمع كالعادات والتقاليد وتقليص حجمها قدر المستطاع.وهو نباتي وممتنع عن المسكرات، والمخدرات، والكافيين، والوجبات السريعة. دوروف صرح بأنه يحافظ على أسلوب حياة زاهد ويشجع على التحرر من الممتلكات المادية. في يونيو 2019، اتبع نظام صيام يعتمد فقط على الماء لمدة ستة أيام على الأقل في محاولة لتحسين إبداعه.

في عام 2012، وهو في سن السابعة والعشرين، نشر بيانات توضح أفكاره حول تطوير روسيا وتبرع بمليون دولار لمؤسسة ويكيميديا لدعم ويكيبيديا. في عام 2024، قال دوروف إن تليجرام يجب أن تظل «منصة محايدة ولا تكون “لاعبًا” في الجغرافيا السياسية.»