يبدو أن المملكة المغربية باتت تنهج سياسة إفريقية قوية وشاملة تهدف إلى النهوض بالتنمية داخل القارة السمراء، وذلك عن طريق إنشاء المبادرات وتخطيط المشاريع الضخمة في شتى المجالات، حسب استنتجه المراقبون من أشغال منتدى إندونيسيا – إفريقيا، الذي مثل من خلاله وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، العاهل المغربي، بعدما جدد التأكيد عن “نية المغرب في تقاسم تجربته من أجل تقوية روابط الشراكة بين اندونيسيا وباقي الدول الإفريقية”.
وقال بوريطة، خلال افتتاح نسخته الثانية، أن هذا “التعاون يمكن أن يشمل، على الخصوص، تفعيل المبادرة الملكية لتشجيع الربط بين بلدان الساحل والمحيط الأطلسي، بغية ربطها بالعالم الخارجي وتمكينها من استغلال شبكات الطرق والموانئ والسكك الحديدية بالمغرب، ومشروع خط الغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي يعتبر رافعة أساسية لخلق ظروف النمو المشترك بالمنطقة الأطلسية”.
وأوضح وزير الخارجية أن “التعاون يمكن أن يهم مجال الأمن الغذائي وتطوير الزراعة الإفريقية وتحديثها، خاصة في ظل التجاذبات الجيوستراتيجية التي يعرفها العالم حاليا، وكذا الاستثمار في مجال الصحة والسيادة الصحية لارتباطهما الوثيق بالتطور الاقتصادي والاجتماعي للدول الإفريقية”.
وعبر الوزير المغربي عن “أمله في الرقي بهذا المنتدى ليكون فضاء حقيقيا لتنسيق الشراكة البناءة، وذلك من خلال تعزيز الاستثمارات الإندونيسية الإفريقية، وإقامة شراكات تعاون على المستوى الثنائي والثلاثي في قطاعات واعدة وحيوية، كالبنية التحتية والصناعة والتكنولوجيا والطاقات المتجددة والسياحة والذكاء الاصطناعي، وذلك لدفع عجلة التنمية وخلق مزيد من فرص العمل بالقارة”.
في هذا السياق، قال محمد العمراني بوخبزة، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي، إن “المغرب بعد العودة إلى المؤسسات التابعة للاتحاد الإفريقي بدء يعمل على وحدة القارة الإفريقية وجمع شملها عن طريق المبادرات والمشاريع التنموية، حيث بات يرى تنمية إفريقيا بمنظور جديد ومختلف عن باقي الفاعلين سواء داخل القارة أو خارجها”.
وأضاف بوخبزة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “المغرب يحاول دائما إعطاء مكانة مرموقة للقارة السمراء بين باقي دول العالم، علما أن المملكة المغربية تعتبر شريكا مع الاتحاد الأوروبي في مجموعة من القطاعات والمجالات، إضافة إلى علاقاتها المتميزة مع الدول العربية”.
وتابع المتحدث عينه أن “الرباط اتخذت اتجاهات عدة وكبيرة من شأنها أن ترفع من وتيرة نمو القارة الإفريقية”، مشيراً إلى أن “العمق الإفريقي يعتبر من أبرز القضايا التي يركز عليها المغرب باعتباره مستقبل القارة ككل”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “المغرب يقدم المبادرات ذات الجوانب المتعددة بهدف مواجهة التحديات والصعوبات التي تعرفها البلدان الإفريقية وتقوية الروابط بين الدول، ونحن الآن أمام الدفعة الأولى من هذه المبادرات التي تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والطاقي بإفريقيا”.
وأردف أيضا أن “المغرب أصبح يتوفر على سياسة إفريقية خاصة به ومتكاملة المعالم لها آفاق نحو المستقبل، وذلك باستغلال الموارد القارة على أفضل وجه”.