تفاعلا مع مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية المثير للجدل، قال عماري محمد، نائب المنسق الجهوي لجهة الدارالبيضاء-سطات للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، إنه “بعد المصادقة على مشروع المسطرة الجنائية في مجلس الحكومة ليوم الخميس الماضي 29 غشت 2024 والذي تضمن في مادته 3 ما يمكن اعتباره استغناء الحكومة للدور الذي تلعبه الهيئات المدنية المناضلة في هذا المجال، وقد جاء على لسان الناطق الرسمي للحكومة السيد بايتاس،”فقد روعي في مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية تحقيق التوازن بين وقاية المجتمع من الجريمة وحماية أمنه واستقراره، وحماية حقوق وحريات الأشخاص”، ولا يمكن لهيئات المجتمع المدني الناشطة في مجال حماية المال العام أن تختلف مع هذه المقاربة، لكنها تبقى موضوع تأويل وإختلاف بيننا كهيئات مدنية وبين فهم الحكومة”.
وأردف العماري، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “كانت الحكومة تقصد بالتوازن بين وقاية المجتمع وحماية حقوق وحريات الأشخاص، هو اقتصار تحريك الدعوى العمومية من طرف مؤسسات رسمية هدفها الدفاع عن أمن واستقرار المغاربة، فإن التعبيرات المدنية تعتبر نفسها شريك أساسي في محاربة الفساد حيث دعا دستور 2011 في الفصلين 12 و13 انفتاح الحكومة على الفاعل المدني وخلق آليات للتشاور العمومي قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية ومشاركة المواطنين والجمعيات في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها ، مما يعكس التزام الجميع بالتعاون لتحقيق إصلاحات جوهرية في منظومة العدالة”.
وتابع المتحدث عينه: “أما وأن تحرم الحكومة هيئات المجتمع المدني من تحريك الدعوى العمومية فهذا فيه مس باستقلال القضاء وحياده بما ان الحياد القضائي يعتبر حجر الزاوية في تحقيق العدالة، حيث يضمن أن يتم التعامل مع جميع الأطراف بشكل متساوٍ وأن يتم الفصل في القضايا بناءً على الحقائق والقانون”.
وأضاف المنسق بالهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب أنه “كما أن الحكومة تعطي انطباع بأنها تخشى من أن يكشف نشاط الجمعيات عن فساد واسع النطاق يشمل مسؤولين كبار أو شخصيات نافذة، وبالتالي فإن التضييق على الجمعيات يهدف إلى حماية هؤلاء الأشخاص من المساءلة”.
وأوضح أيضا أنه “فبدل إخراج النص الجنائي المتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع إلى الوجود فاجأتنا الحكومة بهذا الإجراء الذي يتناقض مع التوجهات الكبرى للسياسة العامة للدول في مجال مكافحة الفساد وبما ان السياسة الجنائية جزء من السياسات العمومية وبما أن السياسات العمومية هي تدابير واجراءات لتنزيل السياسة العامة فإن الحكومة قد أخلفت موعدها في طريقة تنزيل مضامين السياسة العامة للدولة في هذا المجال”.
وسجل العماري على أن “جوهر السياسة العامة للدولة مبني على إعادة الثقة للمواطنات والموطنين في مؤسسات الدولة وتدعيم مبدأ الشفافية من خلال التصريح بالممتلكات للمسؤولين العموميين ،و حماية المبلغين عن جرائم الفساد من خلال القانون رقم 37.10 وهنا لا بد أن أشير بأن المعتقل الرفيق يونس بوبكري ضحية عدم تفعيل مقتضيات هذا القانون”.
“للتذكير فقد قدَّرت بعض المصادر أن كُلفة الفساد في المغرب يبلغ حوالي 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل 50 مليار درهم سنوياً، أليس هذا المبلغ مخيف؟ ألا يتطلب تظافر جهود كل المكونات داخل الدولة والمجتمع من أجل العمل المشترك لوقف هذا النزيف الذي يهدد سلامة واستقرار هذا الوطن؟”، يضيف المتحدث.
لافتا إلى أن “مكافحة الفساد والكشف عن جرائم الأموال هي معركتنا جميعا، وهي معركة الدولة والمجتمع من أجل تخليق الحياة العامة وإعادة الثقة في مستقبل الوطن حتى نضع حدا لمظاهر الهجرة السرية وركوب قارب الموت ونعيد الأمل لبنات وأبناء هذا الوطن”.
