غزلان الدحماني
معطيات صادمة تلك التي كشف عنها منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف “فورساتين”، والمتعلقة بالجرائم التي يرتكبها قادة جبهة البوليساريو الانفصالية في حق ساكنة المخيمات.
وذكر المنتدى أن سكان المخيمات تحلوا بالشجاعة من أجل نشر الجرائم التي يرتكبها قادة الجبهة الانفصالية من اغتصاب وسبي النساء وقتل أزواجهن تحت التعذيب، إلى جانب مجموعة من الخروقات.
وأمام ما يقع داخل المخيمات من جرائم، يتساءل الجميع عن دور المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التي لا يسجل لها أي حضور وتكتفي بالتفرج فقط.
وفي تعليقه على الموضوع، قال محمد سالم عبد الفتاح، المحلل السياسي ورئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إنه سبق لجل المنظمات الدولية الوازنة تسليط الضوء على الواقع الحقوقي المتردي في مخيمات تندوف. كما تناولت في تقاريرها العديد من حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الجبهة الانفصالية، وأيضا تلك المرتكبة من طرف الأجهزة الأمنية الجزائرية في حق قاطني مخيمات تندوف.
وأضاف رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن هذه الانتهاكات تُتداول على مستوى الهيئات التابعة للأمم المتحدة خاصة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان؛ حيث تفرد لها تقارير ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل ضمن التقارير التي تتناول التزامات الدولة الجزائرية باعتبارها هي المعنية بحماية قاطني مخيمات تندوف، فضلا عن آليات مقابل المقررين الخواص وفرق العمل المختصة في العديد من المواضيع المتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان خاصة فيما يتعلق بحقوق الطفل والنساء وبوضعية الفئات الهشة في هذه المخيمات باعتبارهم هم الأكثر تضررا من هذا الوضع الإنساني والحقوقي المتأزم.
وإلى جانب الجهود المبذولة على مستوى الهيئات الدولية، يخوض ضحايا هذه الانتهاكات الجسيمة، وفق محمد سالم عبد الفتاح، جهودا معتبرة على مستوى القضاء الدولي خاصة على مستوى المحاكم الإسبانية حيث ترفع العديد من القضايا ضد العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية وضد بعض مسؤولي الجيش الجزائري، إلى جانب العناصر الأمنية المتورطة في تلك الانتهاكات.
واستطرد المتحدث ذاته، قائلا إن هذه الدعاوي تقبل وينظر إليها القضاء الإسباني عن كثب، كما تجرى التحقيقات ويتم الاستماع إلى الشهود وللأطراف المعنية بما في ذلك بعض عناضر القيادات الانفصالية؛ في مقدمتهم إبراهيم غالي الذي تم الاستماع إليه من طرف القاضي بمحكمة مدريد على إثر افتضاح تهريبه إلى آسبانيا بهوية مزورة.
ويرى رئيس المرصد الصحراوي، أن “هذه الجهود سواء على مستوى المنظمات والفعاليات الدولية وعلى مستوى القضاء الدولي جميعها تصتدم بتنصل الدولة الجزائرية من التزاماتها القانونية والسياسية والأخلاقية إزاء من يفترض أنهم “لاجئون” داخل ترابها الإقليمي، حيث تتضرع بتفويض غير قانوني لسلطاتها لصالح الجبهة الانفصالية فيما يتعلق بتدبير مخيمات تندوف”.
كما ترفض الجزائر، الاستجابة لطلبات الزيارة والتحقيقات الميدانية التي يقدمها المقررون الخواص، فضلا عن رفضها أيضا التجاوب مع مختلف الاستفسارات حول حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حين تحرم قاطني تلك المخيمات من سبل الانتصاف والتقاضي بسبب التفويض غير القانوني لسلطاتها لصالح ميليشات الجبهة الانفصالية والجماعة المسلحة. يؤكد رئيس المرصد.
وأمام هذا التنصل والتهرب الجزائري، تظل الهيئات الحقوقية والإنسانية عاجزة، يضيف محمد سالم عبد الفتاح؛ سيما في ظل تركيز القوى الدولية خاصة الهيئات الأممية في مقدمتها مجلس الأمن (تركيز) أنظارها على بؤر التوتر المستعرة وعلى القضايا التي تشهد منسوبا من التوتر في مناطق آخرى، خاصة في الساحل والسودان والشرق الأوسط وغيرها من المناطق، على اعتبار أن حالة النزاع المفتعل حول الصحراء لا تبلغ درجة كبيرة من التوتر الذي يصنف أنه نزاع بارد وحيث تقتصر هذه التداعيات الإنسانية على وضع قاطني مخيمات تندوف.
وسجل المحلل السياسي ورئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أيضا تراجع اهتمام القوى الدولية بالجانب الإنساني سيما مع عودة حالة الاستقطاب الدولي، فضلا عن دور مقوض للجزائر باعتبار محاولاتها اختراق بعض المنظمات والتأثير في قرارها وتوظيف الابتزاز وسياسة البترودولار لأجل شراء الولاءات والتأثير في اتجاهات واهتمامات هذه الهيئات الدولية.
