البراكين الغامضة في القارة المتجمدة !!
البراكين الغامضة في القارة المتجمدة !!
كان العلماء إلي وقت قريب يظنون أن براكين القارة المتجمدة خامدة تماما, ولكن طيور النورس والبطريق كانت تعرف أكثر مما يعرفه العلماء, وذلك قبل أن تثور هذه البراكين بوقت طويل, فالثوران المتفجر من أحد تلك البراكين أجبر فريقا من العلماء أن ينجوا بحياتهم من فوق جزيرة ثلجية في عام 1967, مما جعل كثير من الجيولوجيين وعلماء الفيزياء الفلكية يهتمون بتلك الثلوج التي تغطي القارة التي تحيط بالقطب الجنوبي.
يساعد ثوران البراكين في القارة المتجمدة أيضا علماء الأحياء لدراسة طيور البطريق والكركر -وهو طائر مائي يشبه النورس- التي تتكاثر علي حافة القارة المتجمدة, ولهذه الطيور حاسة قوية قبل ثوران أي بركان, فتقوم علي الفور بهجرة أماكنها إلي أمكنة بعيدة أخري بأربع ساعات قبل ثوران البركان, وسواء كان الهروب المفاجئ لتلك الطيور مجرد صدفة أو أنها أحست بدمار سوف يحدث للجزيرة التي عاشت عليها أحقابا طويلة, فذلك لايزال يعد لغزا بالنسبة لثوران براكين تلك الجزيرة المعروفة باسم الجزيرة المخادعة!
يبدو أن شيئا يحدث بالفعل في يعرفون كهنة ولا يعرفون أيضا إذا كان ما يحدث في باطن الأرض له علاقة بحافة النار الجديدة التي تظهر ملتفة حول القارة المتجمدة وهي آخر قارة اكتشفت في العالم -لذلك شرع علماء العالم من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في دراسة الحجاب الجوي للكرة الأرضية الذي يمتد من نحو عشرين إلي عدة مئات من الأميال تحت سطح الأرض حتي يصل إلي قلبها, وهذا الحجاب هو منطقة الانتقال بين قلب الأرض السائل المضطرب وقشرة سطح الأرض التي نعيش عليها!
إذا صحت إحدي النظريات الفيزيائية المختصة بالأرض, فقد يكون سبب سوء الأحوال الجوية في أيامنا هذه مجرد مقدمة لزيادة الهزات الأرضية وثوران البراكين, ويعتقد بعض العلماء وعلي الأخص العلماء السوفيت أن سبب الاضطرابات التي تحدث حاليا في الكرة الأرضية تتصل مباشرة بدورات البقع الشمسية طويلة المدي التي ظهرت منذ مئات بل وآلاف وملايين السنين.
إن القارة المتجمدة هي أفضل مكان في العالم لاكتشاف الحركات غير العادية في قشرة الأرض لأنها من أهدأ المناطق في العالم, فتلك الحركات الأرضية التي تسببها الزلازل والتجارب النووية وانفجاراتها التي تجريها الدول الكبري علي بعد آلاف الأميال من القطب الجنوبي, فإن أجهزة العلماء الدقيقة لم تكشف قط عن زلزال نشأ تحت القبة الثلجية للقطب الجنوبي, ولكنهم اكتشفوا بركانين نشيطين جديدين حول حافة القارة أنتاركتيكا, وأحد هذين البركانين علي جانب القطب الجنوبي وهو قريب جدا من أمريكا الجنوبية, أما الثاني فهو علي حافة القارة قريب من أستراليا ونيوزيلندا.
يتساءل العلماء ما هو السبب في سر نشاط هذين البركانين المفاجئ في حين أن هذه القارة المتجمدة هادئة أو خالية من الهزات الأرضية؟ يرد بعضهم بقوله: ربما ضغطت القمة الثلجية الهائلة علي القشرة الأصلية للكرة الأرضية لمسافة 2800 قدم تحت مستوي البحر وعملت كجهاز ماص للزلازل التي ربما حدثت في قاع العالم.
أضاف علماء الجيوليوجيا أن زلازل ثلجية سجلت فعلا علي أجهزة قياس الهزات الأرضية, ولكن كان سبب ذلك السقوط المفاجئ لكتل الثلوج أو الجليد في الصدوع العميقة التي تتخذ شكلا ملتويا عبر هضبة القطب الجنوبي.
حتي عام 1967 كانت جميع الكتب الجامعية والموسوعات العلمية والعلماء علي يقين بأن هناك بركانا واحدا في القارة المتجمدة والمعروف باسم قمة إيريباس الذي يرتفع إلي نحو ثلاثة ألف قدم في جزيرة -روس- وليس بعيدا عن محطة ماكموردو وهي قاعدة بحرية تمد المستكشفين بكل ما يلزمهم عند وصولهم إلي تلك الجزيرة.
البركان الثاني النشط
وفي يناير 1967 أعلن علماء الجيولوجيا في نيوزيلندا العثور علي بركان ثان نشط علي حافة القارة المتجمدة أنتاركتيكا وارتفاعه بلغ 8500 قدم وأطلقوا عليه قمة ملبورن. وفي شهر ديسمبر جاءت أنباء بهروب علماء أرجنتينيين وشيليين وبريطانيين من الجزيرة المخادعة بسبب ثوران بركان خامد هناك, وتقع هذه الجزيرة علي بعد ستمائة ميل جنوب سييرادل فوجو وكيب هورن في الحافة الجنوبية لأمريكا الجنوبية وفي الوقت ذاته تقع علي بعد مائة وخمسين ميلا من القاعدة البعيدة عن شبه جزيرة قارة أنتاركتيكا.
فما الذي دعا بركان الجزيرة إلي الثوران بسرعة حتي فاجأ الانفجار العلماء فلاذوا بالفرار, وعزا العلماء ذلك إلي أحد الأسباب الآتية:
1- إن ميناء الجزيرة المخادعة عبارة عن بركان غارق مثل ذلك الموجود في فجوة البحيرة الكبيرة بأوريجان بالولايات المتحدة, فقد تسرب ماء من قاع البحيرة الصخري عبر مرور السنين وتجمع منه الكثير, وبلغت سخونته درجة عالية وأحدث البخار ضغطا كافيا ليلفظ حمما علي الجزيرة التي تبلغ طولها سبعة أميال وعرضها ثمانية أميال.
2- إن الضغط الموجود في باطن الأرض لسبب غير معروف ربما نشط وحفز بركان الجزيرة.
3- ربما تعرضت الأرض لتغيير دوري بسبب تيارات الأرض التي ترفع المواد من العمق في داخل الحجاب أو ربما بسبب مجالات مغناطيسية تتولد في داخل الشمس أو أي مكان آخر في الفراغ.