كاد المعلم أن يكون…!!
كاد المعلم أن يكون…!!
قالوا قديما: كاد المعلم أن يكون رسولا.. ولكن بفضل السياسات الفاشلة كاد المعلم أن يكون كافرا.. فقضية المعلم قضية تكاد تكون أزلية منذ أكثر من سبعين عاما.. هموم متراكمة بدءا من الأوضاع المالية المتردية, انتهاء بالضغوط النفسية المخيفة, فصول تحولت إلي علب سردين, مناهج وكتب دراسية تنوء تحت ثقلها الجبال, غياب التدريب العلمي الجاد الذي أدي إلي انهيار مستوي الأداء!
ماذا بعد فناء العمر من أجل الرسالة المقدسة؟.. نلتقط واحدة من المنغصات التي تعذب المعلمين الذين أفنوا ربيع وخريف وشيخوخة العمر.. علي امتداد سنوات الخدمة يسدد المعلم اشتراكا شهريا لنقابة المهن التعليمية, وما لا تعلمه الأغلبية خصم ربع العلاوات الدورية والتشجيعية والترقية وربع قيمة مكافآت الامتحانات لصالح نقابة المعلمين طوال سنوات خدمة المعلمين.. وفي النهاية وعند الإحالة للتقاعد يصرف للمعلم معاشا شهريا من النقابة قدره مائة وأربعين جنيها.. لم يتغير هذا الرقم منذ نصف قرن من الزمان.. رغم أن نقابة المعلمين أغني نقابة في مصر!!
كيف يصرف هذا المعاش؟.. زمان كان المعلم يتوجه إلي النقابة الفرعية التابع لها كل ثلاثة شهور ليصرف أربعمائة وعشرين جنيها دفعة واحدة, بعد معاناة الطوابير والزحمة.. منذ عقدين استحدثت النقابة نظام الفيزا من أجل راحة المعذبين في الأرض ليتوجه المعلم إلي أقرب ماكينة صرف كل ثلاثة شهور لصرف معاشه!
ماذا لو تأخر أسبوعا أو أسبوعين لظرف قاهر.. يسحب المعاش فورا من حسابه, يتوجه إلي النقابة الفرعية مستغيثا من أجل استرداد حقه, تقضي التعليمات بأن يتوجه إلي مكتب التأمينات والمعاشات التابع له لإحضار برنت حديث بجميع بياناته التي تؤكد أنه مازال علي قيد الحياة!.. يعود إلي النقابة الفرعية التي تخطره أنها سترسل بياناته إلي النقابة الرئيسية بالجزيرة التي ستفرج عن المعاش بعد أسبوعين.. يتوجه بعدها إلي البنك فيفاجأ بأن الحساب مازال مغلقا.. يدور في دوامة البحث بين النقابة الفرعية والرئيسية يصرف خلالها دم قلبه إلي أن يصرف متجمد معاشه بعد ستة أشهر أو سنة.. ثم يفاجأ بعد عدة شهور بنفس الصدمة ليسقط في مستنقع العذاب, وقد يصاب باليأس والاستسلام ويضيع معاشه للأبد, وكفي المؤمنين شر القتال!!