الصمت والكلام
الصمت والكلام
أيهما أفضل: الصمت أم الكلام؟
يقول القديس برصنوفيوسالكلام من أجل الله جيد, والصمت من أجل الله جيد,ويقول سليمان الحكيمالسكوت وقت, وللتكلم وقت ليكن موضوعنا اليوم عنالصمت والكلام
أهمية الكلام
موضوع الكلام, أمر مهم لأن الكتاب يقولبكلامك تتبرر,وبكلامك تدان (متي12:37), وقال الرب للعبد البطالمن فمك أدينك أيها العبد الشرير (لو19:22). وداود النبي قال للغلام الذي بشره بموت شاول فمك شهد عليك (2صم1:16).ولما تكلم بطرس قالوا لهلغتك تظهرك(متي26:73).
فالكلام قد يكون فيه خلاص الإنسان أو هلاكه لأنه ليس مجرد ألفاظ وإنمامن فيض القلب يتكلم اللسانالإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات, والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشرور (متي12 :34-35).
إذن الخطية ليست مجرد خطية لسان,وإنما ينطق بكلمة شريرة, إنما يوجد كنز من الشرور في قلبهلأنه لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارا ردية,ولا شجرة ردية تصنع أثمارا جيدة(متي7:18).ويعقوب الرسول يقولألعل ينبوعا ينبع من نفس عين واحدة العذب والمر؟!(يع3:11).
فما دمنا بكلامنا نتبرر وبكلامنا ندان,أي بكلامنا نخلص أو نهلك,لذلك يجب أن نكون مدققين في كلامنا,فالكتاب يقولكل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا في يوم الدين(متي12:36). والكلمة البطالة ليست هي قط الكلمة الشريرة وإنما التي بلا ثمر بلا منفعة.
ذلك لأن الله قد خلق اللسان لفائدة إن لم يؤدها يكون طاقة معطلة ليس كل فضل اللسان إنه لا يخطئ,بل لابد أن يكون له معطلة ليس كل فضل اللسان إنه لا يخطئ بل لابد أن يكون له عمل إيجابي, هل تصنع آلة فائدتها أنها لا تضر أحدا؟ أم يكون لها إنتاج مفيد؟
الصمت الضار
يقول القديس أمبروسيوسإذا كنا سنحاسب علي الكلام الضار, فأننا سنحاسب أيضا علي الصمت الضار, ويقول الكتابللسكوت وقت, وللتكلم وقت(جا3:7)فإن كان للتكلم وقت, فأننا ندان إذا صمتنا فيه,فإذا صمت الإنسان حين يجب الكلام, فإنه يكون قد أخطأ,إذ لم يتكلم الكلام الواجب, نقول هذا لئلا يظن البعض أن الصمت فضيلة بصفة مطلقة وهناك أمثلة كثيرة لهذا.عند محاكمة يوحنا بطرس أمام المجمعقال بطرسنحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا(أع4:20)ويقول سفر أعمال الرسلوأمتلأ الجميع من الروح القدس,وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة(أع4:31)وقال داود النبي تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز(مر119:46)
أحيانا يكون الصمت جبنا وعارا, وكثيرا ما يأمر الله بالكلام, قال الرب لبولس في رؤيا بالليللا تخف,بل تكلم ولا تسكت… لأن لي شعبا كثيرا في هذه المدينة,فأقام سنة وستة أشهر يعلم بينهم بكلمة الله(أع18:9-11)
ولأن الله أمر بولس أن يتكلم,لذلك قالإذ الضرورة موضوعة علي فويل لي إن كنت لا أبشر(1كو9:16),إذن ويل للإنسان المكلف بالكلام إن لم يتكلم غالبا في مثل هذه الحالات يجد الإنسان في داخله شعورا إلهيا يرغمه علي الكلام وإن حاول أن يصمت لا يستطيع.
مثال ذلك أليهو بن برخئيل البوزي في قصة أيوب صمت 28 أصحاحا, لأنه فتي وهم شيوخ,وأخيرا لم يستطع أن يصمت فلما رأي أليهو أنه لا جواب في أفواه الرجال الثلاثة, حمي غضبه وقال: أبدي أنا أيضا رأيي,لأني ملأن أقوالا,روح باطني تضايقني,هذا بطني كخمر لم تفتح كالزقاق الجديدة يكاد ينشق, أتكلم فأخرج,أفتح شفتي وأجيب(أي32),وأيضا قال داود النبيصمت صمتا سكت عن الخير فتحرك وجعي حمي قلبي في جوفي عند لهجي اشتعلت النار تكلمت بلساني(مز39:1-3).
هذه هي المواقف الروحية التي يشتعل فيها قلب الإنسان فيرغم علي الكلام بدافع إلهي,ولذلك عندما أراد إرميا النبي أن يمتنع عن الكلام قائلا:لا أعرف أن أتكلم لأني ولد انتهره الرب وقال لهتتكلم بكل ما أمرك به ومد الرب يده ولمس فم إرميا,وقال لهها قد جعلت كلامي في فمك(إر1:7-9) إذا شعرت أن الله قد وضع كلمته في فمك,لا تصمت لأن كلمة الله لابد أن تخرج وتؤدي رسالتها.
كلامك الجيد هو الذي قيل عنه, بكلامك تتبرر لذلك كما مدح بعض القديسين علي صمتهم,مدح أيضا بعض القديسين علي كلامهم,في التاريخ,وفي الكتاب:
القديس يوحنا ذهبي الفم, سميذهبي الفم لأنه كلامه كان كالذهب المصفي كما يقول الكتابفم الصديق ينبوع حياةفم الصديق ينبت الحكمة (أم10:31,11) ويقول داود النبيفم الصديق يلهج بالحكمة, ولسانه ينطق بالحكم(مز37:30).
القديس غريغوريوس الثيثولوغس ألقي عظات قليلة منحته لقبالناطق بالإلهياتكما يقول الكتابكانوا يتكلمون بكلام الله
فالكلام الذي يقولونه ليس كلامهم, إنما كلام الله,قال داود النبييارب أفتح شفتي,فيحبر فمي بتسبحتك(مز50).إن فتح الله شفتيك,فحينئذ ستخبر بتسبحته,السيد المسيح تكلم, وكان كلامه روحا وحياة(يو6:63).لم نسمع كلاما له مدي 30 سنة تقريبا,ثم تكلم حين لزم الكلامفبهتت الجموع من تعليمه (متي7:28).وقالوا لم يتكلم قط إنسان مثل هذا(يو7:46)لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان(متي7:29).وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه(لو4:22)كان يتكلم وكلمتهتقتدر كثيرا في فعلهاولا ترجع فارغة (إش55:11)كلمة حية وفعالة(عب4:12).فهل أنت كذلك؟