أكد المحلل الاقتصادي عادل الخصاصي، أن السياسة الحكيمة التي نهجها الملك محمد السادس منذ تربعه على عرش أسلافه الميامين عام 1999، كان لها وقع إيجابي على مختلف القطاعات والميادين، حيث استحضرت بالإضافة إلى السياقات الداخلية والتحديات الإقليمية معطيات المحيط الدولي وإكراهاته.
وأضاف الخصاصي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “على الرغم من السياق العالمي المضطرب المتسم باللايقين والأزمات المتوالية، تمكن المغرب بفضل القيادة المتبصرة للملك من تجاوز مختلف الصعوبات كان آخرها زلزال الحوز وجائحة كوفيد والربيع العربي”.
واعتبر أن الإشراف الفعلي على وضع التوجهات الكبرى للسياسات الإستراتيجية للدولة بفعل ترأس الملك للمجالس الوزارية، يمنح مكانة سامقة فيما يخص التوجيه الكلي لكل المشاريع المهيكلة، مما يجعل لمخرجات السياسة في عهده عميق الأثر على الحياة الاقتصادية.
وشدد الخصاصي، على أنه كلما اتسمت السياسة بالحكمة وبعد النظر ورتبت الاستقرار في الأوضاع العامة، كلما أنعشت الاقتصاد ضمن فعل عمومي يعيش جدلية للتأثر بين السياسي والاقتصادي نتيجة للعولمة.
وقال الخصاصي، إن “الملك محمد السادس اهتم ضمن التوجيهات المقدمة للحكومات المتعاقبة بتحسين وقع الاستثمار في البنيات التحتية لما له من أثر إيجابي على مردودية مختلف القطاعات الحيوية للاقتصاد سواء الفلاحية أو الصناعية أو الخدماتية”.
وأوضح أن “مردودية الاستثمار العمومي كانت دوما محدودة النتائج، لكن التركيز على الاستثمار في البنيات التحتية الضخمة كالموانئ الكبرى ومنها ميناء طنجة المتوسط والداخلة علاوة على المطارات، منح المغرب على المدى المتوسط منصات استقبالية وجاذبة تحفز النسيج الإنتاجي وتخلق مناخا للاستثمار يضاهي الدول الصاعدة التي أراد جلالته أن يكون المغرب ضمنها”.
وأردف أن “حرص جلالته على هذا الأمر هو ما جعل أحد الخطب الملكية بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية يؤطر ضرورة التعجيل بإخراج مدونة الاستثمار إلى حيز الوجود لما لهذا النص القانوني من عظيم الأثر على مناخ الأعمال والبيئة الداعمة للنشاط الاقتصادي”.
ويرى الخصاصي، أن “الاستثمار في البنيات التحتية الضخمة كان دوما يتم وفق مقاربة العدالة المجالية، مما يمكن مختلف جهات ومناطق المملكة من الاستفادة من عائدات هده البنيات، لهذا كان يشرف عليها شخصيا في الشمال والجنوب والشرق والغرب إيمانا من جلالته بأن النمو الاقتصادي المستدام لا يمكن أن يحقق نتائجه المرجوة بدون تعدد مصادر الإنتاج وتقوية التنافسية في الأسواق الجهوية والعالمية”.
وسجل أن هذا التركيز على البنيات التحتية الرئيسية شمل أيضا مختلف شبكات وسائل النقل، حيث همّ بالإضافة إلى ذلك إعادة توجيه بوصلة الدبلوماسية الاقتصادية من الأسواق الأوربية إلى أسواق إفريقية وأمريكية واعدة من خلال اعتماد الاستثمارات العابرة للحدود والشراكات التجارية ومبادرات التعاون الجهوية الموسعة كان آخرها المبادرة الأطلسية.
ولم تكتف السياسة التي نهجها جلالة الملك بالإشراف الفعلي والتوجيه، يقول الخصاصي، “بل عملت على تتبع تنفيذ مختلف الأوراش ورصد التقييمات في كل مرحلة لتسجيل نقاط القوة والمحدودية ثم التقويم للمستقبل”.
وزاد أن “مبادرة تقرير الخمسينية التي جاءت استجابة لخطاب جلالة الملك بتاريخ 20 غشت 2003، كانت مناسبة لإنجاز تقويم مسار التنمية بالمغرب واستشراف آفاقها على مدى عشرين سنة، ثم بعد ذلك تقرير النموذج التنموي والذي جاء بناء على تكليف ملكي للجنة خاصة مهمتها تجميع المساهمات وترتيبها وبلورة منظور استراتيجي شامل ومندمج مع تحديد الأهداف المرسومة له وروافد التغيير المقترحة وكدا سبل تنزيله”.
ولفت الخصاصي، إلى أن الملك محمد السادس عبّر عن تقديره دوما، في أكثر من مناسبة، للرأسمال اللامادي الذي اعتبره قوام كل تغيير اقتصادي واجتماعي، مبينا أن “الملك محمد السادس يدعو دوما للنهوض بتأهيل الموارد البشرية ويحرص ضمن توجيهاته السامية على التركيز ضمن البرامج التكوينية للأطر والكفاءات على وجوب تثمين التكوين الموافق للمهن العالمية والاهتمام بالتكوين في المجالات التقنية لتحقيق الانتقال من اقتصاد تقليدي مرتكز على القيمة المضافة للقطاع الفلاحي والصناعات التحويلية والأنشطة الخدماتية إلى قطاع صناعي متقدم يجعل من الصناعة الدقيقة محور البنية الاقتصادية الرئيسية للمغرب”.
وفي هذا الإطار، يتابع الخصاصي، “جاءت مبادرة برنامج التسريع الصناعي التي تم إعطاء انطلاقتها أمام جلالة الملك في أبريل 2014، والتي تهدف إلى دعم مساهمة الصناعة في النسيج الإنتاجي الوطني من خلال خلق أزيد من 500000 منصب شغل في القطاع الصناعي وزيادة حصة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام وتشجيع الأنظمة الإقتصادية الصناعية التنافسية وتشجيع الإبداع والابتكار والرقمنة في المجال الصناعي”.
وأبرز الخصاصي، أنه “سرعان ما أعطت هذه البرامج وغيرها من المبادرات أكلها على مستوى تنويع النسيج الإنتاجي، حيث أضحى المغرب أحد النماذج الرائدة والتي يتم الاقتداء بها من لدن العديد من الدول الإفريقية والعربية فيما يخص صناعة السيارات وتركيب وصناعة أجهزة الطائرات”.
وخلص الخصاصي، إلى أن “الإنجازات الملكية في مختلف المجالات بما فيها المجال الاقتصادي ظلت مستحضرة للبعد الإنساني، حيث ظلت كرامة المواطن المغربي غاية مثلى تصب في اتجاهها كل السياسات والتوجيهات الملكية السامية”.
