‬ خمسون عامًا على رحيل ملكة المسارح بديعة مصابني


  • عملها مع الريحانى كان سبب شهرتها فى مصر 
  • صالاتها الفنية كانت بمثابة أكاديمية تخرج منها أمهر وأنجح الفنانين
  • حديقة الأزبكية كانت صديقتها التى لا تفارقها  
  • قدمت حفلات للسيدات فقط مرة أسبوعيا 
  • بديعة و الريحانى .. أول فرقة عربية تضع أقدامها فى أرض أمريكية

مصابنى اسم يتربع على عرش الفن ويعود بنا الى مرحلة الفن الجميل ، بديعة مصابني ملكة المسارح أو عميدة الرقص الشرقى كما لقبوها ، فنانة عربية شاملة تنقلت من بلد الى بلد تعرض فنها ، قاست ويلات السفر والغربة فى سبيل تحقيق حلمها ، فتهافت عليها الجمهور وضجت المسارح والصالات بأصوات التصفيق و المديح 

 عاشت طفولة مأساوية بسبب واقعة لا ذنب لها فيها فتعرضت بسببها للعنف والضرب والتلسن عليها ولكنها زادتها إصرار بأن تكون بديعة مصابني ملكة المسارح فتحقق لها ما أرادت وذاعت شهرتها وسطع نجمها في العديد من الدول العربية على وجه العموم وفى مصر على وجه الخصوص 

 واستطاعت أن تثبت للجميع أن المرأة تستطيع أن تقدم الفن الراقى الشامل من تمثيل وغناء ورقص ، تركت بصمة واضحة فى عالم الفن وكادت صالاتها فى مصر أن تكون أكاديمية للفنون تخرج منها العديد من الفنانين المصريين ..

ولدت بديعة مصابنى فى فبراير عام 1892 من أم شامية وأب لبناني ، كان والدها يشتغل في معمل صابون (المصبنة) وينفق على البيت وتعليم أبنائه لا فرق عنده بين الإناث والذكور ، اسم مصابنى لم يكن سوى لقب اكتسبته العائلة بسبب عملهم في المصبنة التى كانت تقع في أحد شوارع دمشق ، توفى والدها وقام اشقائها بالعمل في المصبنة وأصبحت هى مصدر رزقهم الوحيد ولكن يشاء القدر أن تلتهم النيران المصبنة وكل ما فيها وهو ما جعل الأسرة تعانى من الفقر الشديد ، وأصيب شقيقها الكبير الذي كان يعول الأسرة بالحمى الخبيثة مما أفقده صوابه واختل توازنه ، تقول بديعة فى مذكراتها :”إذا دخل الفقر من الباب هربت السعادة من النافذة” ، ولما يمد أحد من أقاربهم يد العون لهم على الرغم من امتلاكهم المحلات التجارية ، وحينما قررت الأم بيع ما تقتنيه من مجوهرات ثمينة لكي تنفق على الأسرة ، سطى عليها اللصوص ، وتكتمل المأساة بأن أحد أشقائها ضاقت به الدنيا فأدمن على شرب الخمر ..

واقعة اعتداء تقلب الموازين

تعرضت بديعة لواقعة اعتداء عليها وصمتها بالعار بقية حياتها ، فقد اعتادت الطفلة الصغيرة التى تبلغ من العمر سبع سنوات أن تمر على اخيها فى الخمارة التى كان يتناول فيها الخمر فكان يعطيها قطع من الحلوى  كانت بديعة طفلة تلفت جمالها الأنظار ، وذات مرة لم يكن أخيها هناك ، وسرعان ما انقض عليها صاحب الخمارة معتديا عليها ، وذاع خبر هذه الواقعة فى بلدتها ولم تسلم بديعة الطفلة الصغيرة من نظرات الناس على الرغم من أن صاحب الواقعة حكم عليه بالسجن سنة وغرامة قدرها مئتا ليرة ذهبا ..

تسببت هذه الواقعة لها ولعائلتها الكثير من الخزى والعار ، حيث كلام الناس واحتقارهم ، وكانت تخشى الخروج من المنزل رغم براءتها ، فضلا عما قاسته على يد أمها وأشقائها من ضرب مبرح واهانة مستمرة ، كل الأبواب أغلقت أمام الأسره في أن يكون لهم مصدر رزق ، وتشتت أشقائها ، ولم تجد الأسرة مفر سوى مغادرة دمشق والسفر الى امريكا ..

السفر الى امريكا و تعلم الإسبانية

استقرت الأسرة فى الأرجنتين ، وهناك تبدأ مرحلة جديدة في حياة الأسرة ، حيث عمل أشقائها عند صاحب محل أقمشة يدعى ميخائيل جريوس ، كان الرجل كريما معهم للغاية ، حتى اقترب منهم وتردد على الأسرة ، بعدها تزوج من شقيقتها نظلة ، وفتح لاشقائها محلا قريبا من محله وسلمهم بضاعة وأخذ يدربهم على البيع ، ليس هذا فحسب بل ألحق بديعة بالمدرسة الداخلية وتعهد بتحمل كل نفقاتها ، وفى المدرسة الداخلية ذاقت بديعة طعم الأكل الطيب وعرفت النوم في مواعيد منظمة كانت الراهبات يعاطفا عليها إذ كنت طفلة جميلة خفيفة الحركة ، وقد أدهشت الجميع بسرعة اتقانها اللغة الأسبانية ، ويرجع أول عهد لها بالمسرح الى هذه المدرسة وكانوا يعهدون اليها دائما بأدوار البطولة في الروايات التمثيلية والغنائية وكانت تقوم بها خير قيام بالرغم من صغر سنها ، وكانت الراهبات يشجعونها على ثقل تلك المواهب ..

ولكن تنقلب الأمور رأسا على عقب وتحرم بديعة من المدرسة ، ، فقد اعتاد أشقائها حياه الكسل ولا يصابرون على عمل وانتهى بهم الأمر الى إعادة المحل الى ميخائيل ، و كل منهم فكر في السفر الى مكان مختلف وتفرق شمل الأسرة من جديد ، وأمام هذا أصرت أمها أن تحرمها من المدرسة إذ تحملها الذنب فى فى تشتت أشقائها ، وجدت هذه الطفلة نفسها وحيدة في غرفة مظلمة وكانت أمها قد أصيبت بحالة من الهستيريا وكانت تنال على بديعة بالضرب المبرح قائلة بأعلى صوتها “أنت يا ملعونة سبب شقائنا وتعستنا انت اللي جلبت لنا العار” .. لكن في بعض الاحيان كانت تهدأ وتمسح دموع بديعة وتقول لها :”اعذريني يا ابنتي أن المصائب التي حلت بي قد ذهبت بعقلي وأصبحت لا أعي ما أفعل ولا أفهم ما أقول” ..

تمر الأيام وتعود الأم وابنتها الى الشام مرة أخرى ، و رغم أنها أصبحت فتاة جميلة وكانت معالم الأنوثة تبدو واضحة عليها ، ألا أنها لم تسلم من كلام الناس فيتذكرون تلك الواقعة التي حدثت وهي في السابعة من عمرها ويتلسنون عليها .. في هذا الأثناء عادت أختها نظلة و زوجها من امريكا واستقرت في قرية شيخان في جبل اللبناني ، وأرسلت الى بديعة تدعوها والدتها الى الاقامه معهما وتحت الحاح بديعة وافقت الأم على السفر سيرا على الأقدام من الشام الى لبنان ورفضت أن تركب القطار حتى لا تنفق مالا ،  وتنقلت الأسرة عدة مرات من بلد الى بلد ..

مرحلة جديدة فى مصر

واخيرا بعد عناء و عذاب قررت بديعة انا تهجر الشام بكل ما لقته من متاعب واتهام الناس، فسافرت إلى مصر بصحبة أمها وعقدت النية على دخول الحياة الفنية واقتحام مجالاتها الصعبة لأنها كانت واثقة من استطاعتها الرقص والغناء وكانت تسمع أن مصر موطن الفن في الشرق..

اهتديت بديعة الى حديقة الأزبكية فأعجبت بجمال تنسيقها واعتادت التردد عليها حتى أصبحت تشعر أن رواد تلك الحديقة تربطها بهم مودة قديمة ، تعرفت فيها على  فؤاد سليم الذى قدمها الى الأستاذ جورج أبيض وتحكى فى مذكراتها عن تلك اللحظة “قدمنى فؤاد سليم للاستاذ جورج أبيض الذي اخذ يتفحصني ثم قال لفؤاد سليم ما اسم هذه الكتكوتة، أجبته على الفور اسمى بديعة ، الله أنت بنت عرب ، نعم ،هل تحسنين القراءة والكتابة باللغة العربية ، كلا أنني أقرأ واكتب اللغة الإسبانية فقط لأنني مكست في الأرجنتين برفقة عائلتي مدة سبع سنوات وذهبت الى مدرسة الراهبات هناك ، .. ” ولكن جورج أبيض اقتنع بها كممثلة لأنها تتصف بالجرأة ونبرات صوتها رنانة،  وتولى فؤاد سليم مهمة تمرينها على التمثيل دون مقابل ، حتى أصبح بإمكانها أن تقرأ بدون صعوبة ، واعتلت بديعة خشبة المسرح حتى أصبح لها عدد من المعجبين  يشجعونها ويصفقون لها وكانت أصغر ممثلة في الفرقة ، مرتبها خمسة جنيهات فقط ، وهو مبلغ زهيد جدا لا يمكن أن يؤمن لها حتى القوت الضروري على حد تعبيرها ..

ومن فرقة جورج أبيض انضمت بديعة الى فرقة الشيخ أحمد الشامى وهى فرقة تتجول الأرياف وتنتقل من بلد إلى أخرى ، مقابل أجر محترم ، قدمت الدور الرئيسي في رواية “الابن الخارق الطبيعة” وكانت أصغر ممثلة في الفرقة وكانت المرة الأولى التي تظهر بدور “البريمة دونا” و لم يكن هذا الدور يقتصر على التمثيل فقط بل كان أيضا علي الرقص برشاقة والغني بلباقة ، استغرب الجميع كيف كانت تتنقل على خشبات المسرح براحة وثقة ، كما استقبلها الجمهور استقبالا زادها ثقة على ثقة ، ..

العودة الى بيروت و اعتلاء المسرح اللبناني

وبعد النجاح الهائل الذى حققته بديعة فى التمثيل والرقص والغناء فى مصر  أقنعها أحد أبناء بلدتها ويدعى السيد يوسف شمعون  ، أن تعود الى بيروت لتقدم هذا الفن هناك وتكون أول فتاة عربية تقدمه ، وعادت بديعة الى بيروت وكان ذلك عام 1914 وعملت فى كازينو جانيت الذى كان يعمل فيه عدد كبير من الفنانات الأجنبيات ولم يكن يوجد أي فنانة عربية في كل بيروت ، اعتلت بديعة المسرح اللبناني وقدمت  أغنيات لم يسمعها أحد في سوريا فاستحسنها الموجودين وأخذوا يرددون معها بعض مقاطعها منها “عصفورى يا عصفوري” ، ” اسمر ملك روحي” ، وكانت أغلبها من أغاني السيدة منيرة المهدية التي تأثرت بها بديعة خلال تواجدها فى مصر  ، كما قدمت فقرات للرقص على أنغام الموسيقى العربية ، “اه يسمر اللون حياتي الاسمراني” فأخذت تتنقل بخفة و رشاقة تحمس لها الفنانين وتعالت عاصفة من التصفيق والاستحسان بعد الإنتهاء من تقديمها الفقرات الفنية ..

وبسرعة البرق تطاير الخبر في بيروت أن ارتست ابنة عرب تغني أغنيات منيرة المهدية وترقص برشاقة وجاذبية و أنها تنتمي الى عائلة مصابنى المعروفة فى لبنان وهم من كبار التجار ، ومن جراء هذا الخبر اكتظت صالة جانيت بالمعجين بشكل لم سيق له مثيل ، ومن صالة جانيت الى صالة كوكب الشرق الى الكثير من الصالات التي ترددت فيها بديعة وذاعت شهرتها وسطع نجمها في بيروت وطرابلس وفلسطين وحلب ..

 

الريحانى سبب شهرتها

عادت بديعة مرة أخرى الى مصر وهناك عشقت مسرح الريحانى ، تقول فى مذاكرتها :” هذا الاسم الذي رافقني سنين عديدة من حياتي” فقد حرصت على حضور مسرحياته رغم الزحام الشديد ، و اخذها حسين رياض الى غرفه نجيب الريحاني و قدمها للريحانى الذى أعجب بها وتحت إلحاحه وافقت بديعة على الانضمام لفرقة الريحانى مقابل 60 جنيها وكان ذلك في عام 1922 .. وقدمت دور البطولة فى رواياته فقدمت بدر البدور فى رواية “الليالي الملاح” ،  تقول بديعة في مذكراتها :”كان نجيب قد بدأ يمثل علي دور المحب الولهان ، كان لا يدعني أقابل أحد ولا أتحدث الى أحد بحجة  أنني يجب أن أحافظ على بهجتي” .. كان الريحانى يتمادى فى السلف من بديعة ثم ينسى أو يتناسى وفاء الدين ،  تقول فى مذكراتها :”كان بإمكان نجيب أن يجمع ثروة طائلة لو إنه كلف نفسه عناء تقديم رواية واحدة جديدة كل شهر أو كل شهرين على الأقل اذ كان له على الجمهور سحر غريب .. مشكلته كانت الأهمال” .. وتعترف بديعة أن الريحانى هو سبب شهرتها واكتسابها مكانة مرموقة في عالم الفن “اعترف بفضله على ثقل مواهبي وإبرازها ولم انسى إنه علمني اللهجة المصرية وكان سبب شهرتي في بلاده ، أن مصر لم تعرفني وتقدرني إلا عندما عملت مع الريحاني” ،

وقامت بديعة بدور البطولة فى روايات الريحانى التى لاقت نجاحا واستحسان لدى الجمهور ، وسافرت معه الى أمريكا بعد أن تزوجها  ، وكانوا أول فرقة عربية تطئ أقدامها أرضا أمريكية وقدما معا فنهم وأقبل عليهم الصحفيون والنقاد والمصورين ، وما أن دخلت بديعة المسرح وبدأت في غناء أولى مقطوعاتها حتى ضجت القاعة بالتصفيق وكان الريحانى يتلقفها فى الكواليس يقبلها والدموع تنهمر من عينيه ..

كازينو عماد الدين

وتطور الأمور وينفصل كل منهما عن الأخر ، وتبدأ بديعة فى الاعتماد على نفسها حيث قامت بشراء صالة “سنديكس” فى شارع عماد الدين ، تقول فى مذاكرتها :” اعتبر الجميع اقدامي على شراء صالة مجازفة جريئة لا تقدم عليها امرأه ، أردت عندئذ أن أبرهن للجميع أن بوسعي أن انجح ولو وحدي” ، وقامت بابتكار طريقة جديدة تجعل الناس تقبل على صالتها فتعاقدت مع عدد كبير من المطربين والمطربات المعروفين ، كما احضرت تختا من أحسن الموسيقيين وأبراعهم ، وكان من بين الذين اتفقت معهم على العمل الشيخ السيد الصفطي والشيخ إدريس وجميل عزو ، و فتحية أحمد فاطمة سرى ونجاة علي وعبد المطلب ثم طلبت من محمد عبد الوهاب أن يحيي حفلات خاصة للسيدات ومن بعدها تعاقدت مع أسمهان وفريد الأطرش وبالرغم من انهماك بديعة في أعمال الإدارة لم تعتزل الأداء الفني بل كانت تقدم المنولوجات و وترقص بالساجات النحاسية ، وهكذا أصبحت هذه الصالة الصغيرة تمد مصر بالفنانين الناجحين ، وعرف الجميع طريق ذلك الملهى..

ومرة أخرى تجمعهما المصلحة حيث عاد نجيب الى بديعة ، وانتشر خبر صلحهم في الوسط الفني وبين رواد الصالة وكانت النتيجة قل عدد المترددين الى الصالة فقلت ايرادها ، وانصرفت بديعة الى العمل في رواية نجيب “ياسمينة” وتركت ادارة الصالة الى ابن شقيقتها انطوان ، وكان الإقبال على ياسمينة عظيما و ازدحم المسرح بالرواد ، ولكن نجيب كان ينفق بدون حساب ، فخشيت بديعة على ما كان تبقى لديها من مال واسرعت بشراء قطعة أرض فى حدائق القبه وضعت تصميم فيلا جميلة مكونة من دورين تحيط بها حديقة لا تقل مساحتها عن 4750 متر مربع ألا أن بديعة ونجيب افترقا مرة أخرى قبل أن يتم بنائها ، وعادت الى العمل بمفردها ، كانت تدير الصالة ايام الشتاء وتنتقل في الصيف الى الكازينو الواقع على كوبرى الانجليز الذي عرف بكوبري بديعة ،.

كازينو الأوبرا

عرفت بديعة من أحد المقربين لها أن هناك مخططا لبناء سينما ومسرح في ميدان الأوبرا وأن بنك مصر سيتولى نفقات البناء ، فرحبت بديعة بالفكرة وعلى الفور تدبرت الأمر ودفعت إيجار ثلاثة أشهر لبنك مصر وبدأت تجهز لافتتاح كازينو الأوبرا ، وسعت الى تقديم برنامج قوي يدعم اسمها ويأتيها بالطبقة الراقية ، وتم افتتاح كازينو الأوبرا وأقبل الجمهور على المسرح وعلى المقهى ، و لم يكن فى القاهرة حديث إلا عن كازينو بديعة ،  كان الكازينو كبيرا جدا ينقسم الى خمسة أقسام من مقهى لمسرح وبار أمريكي ومطعم وروف كانت النوافذ والواجهات من الزجاج الفاخر، .. كانت تقدم حفلات خاصة بالسيدات وتذكر هنا بديعة مصابنى واقعة أنها عندما أرادت أن تطبع الأعلانات عند أحدى المطابع استنكر صاحبها هذا العمل مؤكدا لها ان السيدات لن يحضرنا الى صالة رقص فناقشته بديعة بحدة وقالت له أن صالتها هي شبه مسرح لأنها تقدم فيها المونولوجات والاسكتشات الى جانب الغناء والتمثيل والرقص ، أصرت على رأيها وأرادت أن تذهب بتجربتها هذه الى النهاية ، وأن تأخذ السيدات فكرة حسنة عن صالتها  وما أن انتشرت الاعلانات حتى انهالت عليها المكالمات التليفونية من هنا وهناك ،  وصدف أن حضرت الى مصر في تلك الأيام ملكة جمال تركيا فدعتها بديعة الى حفلة الافتتاح وانهالت الى الصالة العديد من السيدات المنتمين الى أسر كريمة .

عوده من جديد الى نجيب الريحاني

كانت بديعة ما زالت على أمل أن تعود الى الريحاني الذي برهن عن حبه لها عندما رفض أن يطلقها لم تنسى أنها مدينة له بما وصلت إليه من شهرة في مصر ، في أحد الأيام وبينما كانت بديعة جالسة في الكازينو إذ بنجيب الريحاني يحضر إليها فأسرع الجمهور يستقبله بالتصفيق والهتاف فقال لهم مازحا “دعوني الآن اسلم على ست الكل” فقدمت له سيجارة مع فنجان القهوة ابتسم بمرارة قائلا :”السيجارة ممنوعة الم تسمعي أنني كنت مصابا بذبحة صدرية وكنت أودع الدنيا دون أن أودعك” .. ، وفي صباح اليوم التالي ذهبت بديعة برفقة نجيب الى فيلا حدائق القبة ، وكان عامل الموزاييك منهمكا في صف الحجارة الصغيرة على الأعمدة ، فقال له نجيب “ايه يا اسطى امتى هتخلص أن شاء الله ، ده انت بقالك مدة طويلة بتعمل فيها ويظهر أني هموت قبل ما تنتهي ” …

وبالفعل كانت هذه المرة الأخيرة التى التقى فيها بديعة .. في احدى الأمسيات صعد على المسرح وهو يترنح من التعب لكنه تمالك نفسه وقد قال كل من رأه أن الريحاني لم يمثل في حياته كما مثل في تلك الليلة ولم يضحك الناس كما اضحكهم قبل أن يفارقهم الى الأبد ، عند اخر فصل انزل عليه الستار وهو يحيي الجمهور وارتم نجيب مغشيا عليه ونقلوه الى المستشفى، حتى فارق الحياة و سقط الخبر على بديعة كالصاعقة و تشجعت واقتربت من جثمانه تقول عن تلك اللحظة :”أنه الرجل الوحيد الذي احببته في حياتي على كثرة ما عرفت من الرجال وضعت يدي على يديه ولم تكن برودة الموت قد انتشر في جسده وقلت له ما لم اقوله له يوما في حياتي”

قررت بديعة ان تصفي أعمالها في مصر والعودة الى بيروت، وقامت ببيع جميع ممتلكاتها و كل ما لديها من أثاث وسجاد وتجسدت أمامها فكرة العودة مرة أخرى الى لبنان ، بعد أن قدمت رحلة عطاء فى عالم الفن ، وقد تركت عالمنا فى 23 يوليو 1974 .    

تاريخ الخبر: 2024-07-24 12:21:33
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

التقوا 12 مرة.. الزعيم «عُقدة» العميد - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

«الحليمي» يهدد النساء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

«طيور الظلام».. محرضون ودعاة فتنة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية