الدار/ تحليل
هزيمة دبلوماسية جديدة هذه التي تلقاها نظام الكابرانات بعد أن أقرت الدول الإفريقية المشاركة في الدورة 45 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الغانية أكرا قرار يقضي بمشاركة الدول الإفريقية الأعضاء فقط بالأمم المتحدة في المحافل الدولية الكبرى التي تجمع الاتحاد الإفريقي بشركائه. وهو قرار ينطوي في عمقه على عدم السماح لجمهورية الوهم وغيرها من التنظيمات الانفصالية في المشاركة في أيّ من اللقاءات التي ستجمع مستقبلا الدول الإفريقية بعدد من الشركاء الدوليين. هناك لقاءات سنوية أضحت تشكل تقليدا دبلوماسيا عالميا تحرص عليه العديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان حيث تنظم كلها مؤتمرات سنوية مع كافة الدولة الإفريقية.
تشكل هذه اللقاءت فرصة لاستكشاف سبل التعاون مع هذه البلدان، واستثمار المؤهلات الهائلة للقارة سواء من الناحية الطبيعية أو البشرية، أو من حيث كونها مستقبل العالم الزراعي والاستثماري. وكلنا نذكر الخطيئة التي ارتكبها الرئيس التونسي قيس سعيد عندما سمح باستدعاء بن بطوش لحضور المؤتمر الياباني الإفريقي الذي احتضنته تونس، والتقاط صورة تظهره باعتباره من القادة المشاركين، وذلك بإيعاز من الجزائر، ورشوة مالية منها. أدى هذا الحدث إلى أزمة دبلوماسية بين المغرب وتونس، واتضح فيما بعد أن ما حدث كان مؤامرة جزائرية خالصة تورط فيها الرئيس التونسي بغباء كبير، وتحت ضغط الإغراءات المالية الجزائرية.
يشكل القرار الذي اتخذه أعضاء المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي ضربة قاصمة لنظام الكابرانات، الذي يسجل هزيمة جديدة بعد سلسلة هزائم عديدة لم يستطع الاستفاقة منها. ما كاد قادة الكابرانات يستيقظون من الصفعة التي وجهتها لهم السفيرة الأميركية بالجزائر عندما اعتبرت اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء حقيقة تاريخية، حتى تلقوا صفعة جديدة بكى على إثرها وزير الخارجية أحمد عطاف خلال أشغال المؤتمر بكاء طويلا، وذرف دموعا كثيرة وهو يتحسر على هذه الهزيمة الجديدة. القرار الإفريقي الجديد يعني أن نطاق الحصار على عنق هذا التنظيم الانفصالي قد اكتمل، وأن ما تبقى من واجهات لالتقاط الصور والتباهي قد انتهى. وأن دبلوماسية اللقاءات والجلسات لم تعد أمامها أي فرصة.
ونحن في المغرب نعتبر قرار قمة أكرا خطوة جديدة في الاتجاه الصحيح، وهو تصحيح الخطأ الذي ارتكبه الاتحاد الإفريقي ذات يوم عندما قبل عضوية تنظيم انفصالي بتآمر من بعض الدول، وتدبير من الجزائر. ووضع هذا التنظيم في نطاق حجمه الحقيقي يسمح لنا فعلا بالتخلص من هذه المهزلة التي كانت تتواصل منذ سنوات على الرغم من أن حكاية الانفصال في الصحراء انتهت ولم يعد لها أي أسس أو أفق سياسي أو جيواستراتيجي منذ نهاية الحرب الباردة. لم يعد لهذه المؤامرة وجود إلا في أذهان نظام الكابرانات ومسؤولي خارجيته الذين أضحوا في الآونة الأخيرة يتلقون الضربة تلو الضربة دون أن يجدوا حتى الوقت الكافي للنهوض منها واستعادة التوازن.
ما على وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلا أن يحضر علبة المناديل لأنه سيذرف المزيد من الدموع في مختلف المحافل الإفريقية، التي تتحضر لإنهاء هذه المسرحية التي طالت أكثر من اللازم. والمكان الوحيد الذي سيظل متاحا لزعيم الانفصاليين من أجل التقاط الصور فيه أمام الكاميرات هو تندوف والعاصمة الجزائرية. والشخص الوحيد الذي سيستقبله في السنوات القليلة المقبلة هو وزير الخارجية الجزائرية ولا أحد غيره. فقد استفاق العالم من غفلته وأدرك معظم الدول أن مصلحتهم الحقيقية ليست مع نظام يتاجر بقضية سياسية مفتعلة، بل مع بلد مستقر وله تقاليد تاريخية عريقة ومشروع ديمقراطي حقيقي، ويسعى فعلا للانفتاح على العالم وتقديم أفضل ما لديه في شتى المجالات.
