في خضم الصراع الحاصل بين التنظيمات النقابية مع الحكومة بسبب قانون الإضراب، والشد والجذب الذي “طال أمده” منذ سنوات، أعادت نقابات معنية بهذا التجديد التشريعي “مطلب إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي” إلى الواجهة، في ظل المناقشة الذي يعرفها هذا القانون المثير للجدل داخل قبة البرلمان.
وفي الوقت الذي يثير القانون التنظيمي رقم 97.15 موضوع المناقشة العديد من الملاحظات والمؤاخذات من مختلف المشارب السياسية والحقوقية، فإن إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي أصبح ضرورة مستعجلة في نظر نقابيين، خاصة أنه حسب إفادتهم يعارض الفصل 29 من الدستور، الذي ينص على أن “حق الإضراب مضمون”، في حين يصفه بعض المعارضين بـ”تركة الإستعمار”.
وينص الفصل 288 من القانون الجنائي على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه، أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الإضرار بحرية الصناعة أو العمل. وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس قد ارتكب بناء على خطة متواطأ عليها، جاز الحكم على مرتكبي الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات”.
وفي هذا السياق، يرى الطاهر الدوريدي، عضو الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، أن “إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي هو مطلب للحركة النقابية بالمغرب منذ سنوات لكن لم يتحقق أي شيء أو جديد في هذا الإطار، لأن هذا الفصل يستعمل كوسيلة لتجريم ممارسة حق الإضراب”.
وأضاف الدوريدي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا المطلب النقابي الرامي إلى إلغاء هذا الفصل الجنائي سيبقى قائما إلى حين تحقيقه، وأن هذه الظرفية الحالية تعتبر مناسبة من أجل إعادة النظر فيه، علما أن الحكومة تقوم بتعديل فصول القانون الجنائي الحالي”.
وتابع المتحدث عينه أن “عددا من المركزيات النقابية والمنظمات الحقوقية الوطنية تطالب بإلغاء هذا الفصل الذي يجرم حق الإضراب، وأن الصراع الحاصل حاليا بين النقابات والحكومة يأتي بسبب الصياغة الخاطئة للسلطة التنفيذية لقانون الإضراب”.
وأشار الفاعل النقابي إلى أن “الحكومة تحاول بسرعة فائقة إصلاح الجانب المتعلق بالاضراب”، مسجلا أن “هناك إجماع من قبل النقابات على ضرورة أن يتم سحب هذا المشروع من البرلمان وتفعيل مبدأ التشاركية وعدم تكبيل حقوق الشغيلة القطاعية”.
من جهته، أكد رضا شروف، عضو الأمانة العامة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن “إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي أصبح ضرورة ملحة، لأنه يجرم أحد الحقوق الدستورية وهو حق الإضراب، وأن أي طرف من الشغيلة القطاعية أثناء ممارسته هذا الحق فهو مهدد إما بغرامة مالية أو عقوبة سالبة للحرية”.
وأضاف شروف، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “حاليا يتم مناقشة قانون الإضراب لكن دون اشراك جميع النقابات، وهذا يضرب مبدأ التشاركية في عرض الحائط، حيث يجب أن يكون مقرونا بمشروع النقابات الذي لم يكتب له إلى حدود اللحظات الخروج إلى أرض الواقع”.
وأوضح المتحدث عينه أن “قانون الإضراب يتطلب مناقشة قوية من قبل الحكومة بحضور جميع النقابات، والمراعاة لحقوق الشغيلة في مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية”، مشددا على أن “محاولة تكبيل أيادي المضربين بهذه القوانين والفصول مرفوض في الأوساط النقابية”.
