توليد القوي من أمواج البحار والمحيطات
توليد القوي من أمواج البحار والمحيطات
يجري العمل بنشاط لتنفيذ مشروعات استخدام الطاقة في أمواج البحر لتوليد القوي. ويتسابق في هذا المجال كل من وكالة العلوم والتكنولوجيا, ووكالة الأمن البحري, ووكالة الدفاع وغيرها من المؤسسات في اليابان.
وقد بدأ بالفعل استخدام هذه الطريقة في بعض النواحي, مثل توفير الكهرباء للفنارات التابعة لوكالة الأمن البحري.
أما المشروع الطموح الذي يجري تنفيذه حاليا, فإنه يهدف إلي إقامة عدة من العوامات العملاقة لتعيد القوي علي طول الشواطئ اليابانية. وذلك بغرض سد احتياجات الأمة كلها من القوي.
وهناك طريقتان للاستفادة من طاقة أمواج البحر في توليد الكهرباء.. الأولي تقوم علي تثبيت غرفة كباس هوائي تكون أرضيته مفتوحة لاستقبال الموجة بحيث يتغير ضغط الهواء داخل غرفة الكباس نتيجة لارتفاع الموجات وهبوطها, بما يؤدي إلي تشغيل توربينة التوليد. أما الطريقة الثانية فتعتمد علي استخدام غرفة كباس هوائي عائم لتشغيل التوربينة بنفس الأسلوب.
وبينما يتعلق بالطريقة الأولي فقد كانت وكالة الدفاع بإجراء تجربة ناجحة في عام 1961 بمنطقة كانوتراكي باليابان وهو لسان صغير من خليج طوكيو القريب من محافظة كنا جاوا. وقد تم استخدام قبة من الأسمنت المسلح أقامها الجيش الياباني أثناء الحرب الأخيرة كغرفة هواء, وأدت التجربة إلي توليد 500 وات كحد أقصي.
وانطلاقا من هذه التجربة قامت وكالة الأمن البحري عام 1966 باختبار مماثل في إحدي الفنارات بجزيرة أشيكا القريبة من كوريهاما بمحافظة كناجاوا باليابان.
ويقوم هذا الجهاز بإنتاج القوي الكهربائية بمعدل 18 وات (الإنتاج الأقصي 120 وات) وهو لايزال يعمل بانتظام.
ولكنه يتحتم استخدام الطريقة الثانية إذ كان المطلوب هو زيادة إنتاج القوي بضعة آلاف كيلو وات, نظرا لأن طاقات الأولي محدودة.
ويجري حاليا تصميم العوامات العملاقة لتوليد القوي باستخدام الطريقة الثانية. وقد قامت وكالة الدفاع بالفعل بإعداد تصميماتها علي الورق. كما قام مركز علوم وتكنولوجيا البحار في موكوسوكا بمحافظة كناجوا, وهو وكالة خاصة تابعة لوكالة العلوم والتكنولوجيا, بإجراء تجربة محدودة ناجحة علي نموذج لعوامة توليد القوي.
وتتكون العوامة التي صممها المركز من طاقتين عملاقتين مستطيلتين, ويبلغ طوال الواحدة 80 مترا وعرضها سبعة أمتار وارتفاعها 7.5 متر وتزن 500 طن. وهما متصلتان من ناحية, ويساندان بواسطة عمود في الوسط بشكل حرف A ويوجد بداخل جناحي العوامة غرف كباس هوائية لتشغيل التوربينة.
ويقدر المركز طاقة العوامة علي توليد القوي بأقصي كيلووات, وتزيد هذه الطاقة كلما هاج البحر نتيجة للأعاصير الصيفية والرياح الموسمية في فصل الشتاء.
وقد قام المركز بإجراء تجربة علي نموذج للعوامة المصممة علي شكل حرف A في حوض به أمواج في يوكوساكا. وحققت التجربة نجاحا كبيرا, إذ أنها أثبتت أن العوامة تمتص ما يقرب من 80 في المائة من طاقة الموجة, وسيبدأ المركز في بناء عوامة كاملة في العام القادم لإجراء اختبار عملي, وذلك بإرسائها بالقرب من الشاطئ الشرقي لجزر جوتو أو الشاطئ الغربي لجزيرة هيرادو, وهما في محافظة نجا زاكي وسيستغرق بناء العوامة حوالي ثلاث سنوات.
وتقدر تكاليف بناء العوامة الواحدة بحوالي 100 مليون ين وتبلغ تكاليف توليد القوي حوالي 8 ينات للكيلووات ساعة, وهي أقل من تكليف توليد القوي الحرارية والذرية, ولما كنت اليابان دولة من الجزر يبلغ طول شواطئها حوالي 12.000 كيلومتر, فإن ذلك يجعلها في أفضل وضع جغرافي لاستخدام الطاقة الكامنة في أمواج البحار ولا يزيد طول شواطئ الولايات المتحدة عن 68 في المائة من شواطئ اليابان, وإنجلترا 27 في المائة, وفرنسا 15 في المائة.
وإذا افترضنا أن العوامات المصممة علي شكل حرف A ستقام علي طول الشواطئ اليابانية, فإن إجمالي طاقة الأمواج التي تتوفر في الساعة الواحدة في سائر أنحاء اليابان تقدر بنحو 25 ضعف إجمالي إنتاج القوي من جميع المصادر علي الأرض, وهكذا فإن التطبيق العملي للطريقة الجديدة سيؤدي إلي ازدهار عظيم لليابان, نظرا لأن توفير موارد الطاقة الثابتة تعتبر مشكلتها الكبري.
وتتمتع هذه العوامات بمزايا رائعة أخري, إذ أنها تستخدم أيضا كحاجز للمياه, فقد أصبحت الحواجز المائية الحديدية من الأسمنت المسلح غير اقتصادية إذا زادت الأعماق علي عشرة أمتار, نظرا لارتفاع تكاليف البناءوقد تم تصميم حواجز من البلاستيك أو الصلب كبديل, ولذا يصعب تثبيتها في مكانها بسبب القوة الأفقية الشديدة للأمواج, وقد تأخذ كل هذه البدائيل غير عملية, ويقابل ذلك أن العوامات الحديثة الابتكار علي شكل حرف A يمكن تثبيتها بسهولة نسبية, بالإضافة إلي أن تكاليف البناء لا تتأثر بعمق البحر.
كما أنها تقلل من ارتفاع الأمواج إلي الثلث, وهكذا فإن العوامات الجديدة تفيد في تنمية الثروة السمكية وتكاثرها في المياه الساحلية, ولا يمكن تحقيق ذلك الآن نظرا للارتفاع الكبير لأمواج البحر.
غير أن هناك مشاكل عديدة ينبغي حلها عند التطبيق العملي للعوامات الجديدة لتوليد القوي مثل اختيار المواقع الملائمة ومد خطوط الإرسال, ولذلك فإن الأمر يحتاج إلي وقت طويل قبل تطبيق النظام الجديد علي مستوي شامل.