قدم اقتصاديون وأكاديميون من كليات التجارة والأعمال في مصر وخارجها، 15 توصية نتائج مناقشات المؤتمر العلمي الدولي الحادي والعشرون، تحت عنوان «التحديات العالمية وتحقيق استدامة الأعمال»، والذى نظمته كلية الأعمال في جامعة الاسكندرية، مساء أمس، بحضور 100 استاذ واقتصادي ورجل أعمال ورواد.

وقال الدكتور السيد الصيفى، عميد كلية الأعمال ورئيس المؤتمر، إن المؤتمر خرج بـ15 توصية عامة، يندرج تحتها العديد من التوصيات الفرعية، مشيرا إلى أن الاستدامة تحولت في العقود الأخيرة من مجرد اتجاه إلى ركيزة أساسية لاستراتيجية الأعمال، مما أعاد تشكيل الصناعات والممارسات التنظيمية في جميع أنحاء العالم، ومع استمرار الشركات في التكيف مع المشهد المتغير، أصبح دمج الاستدامة في استراتيجياتها الأساسية أمرًا ضروريًا لتحقيق النجاح على المدى الطويل، حيث أن تبني الاستدامة لا يفيد البيئة والمجتمع فحسب، بل يعزز أيضًا من مرونة الأعمال وقدرتها التنافسية في سوق متطورة باستمرار.

ولفت إلى أنه أصبحت استدامة الأعمال قضية حيوية متزايدة الأهمية في مختلف القطاعات بالنسبة للمؤسسات من كافة الأحجام ليس فقط لأنها تتماشى مع الاعتبارات الأخلاقية، بل وأيضًا لأنها منطقية من الناحية الاستثمارية والتجارية، حيث أصبحت الاستدامة من المفاهيم العصرية في الإدارة الاستراتيجية، وقد أثبت المؤتمر أن المؤسسات والشركات التي تلتزم بالاستدامة من المرجح أن ينظر إليها العملاء والموظفون وأصحاب المصالح بشكل إيجابي، وهذا يعني أنها أصبحت الآن عاملًا ضرورياً في جذب واستبقاء المواهب والإيرادات والاستثمار المستمر.

وأوصى المشاركون في المؤتمر بأن خطة استدامة الأعمال ليست خيارًا، بل ضرورة، ويؤكد المؤتمر بعدم القدرة على تحقيق استدامة الأعمال بدون خطة استراتيجية مناسبة تراعي الاستشراف الاستراتيجي لبيئة المستقبل وفهم المسارات المستقبلية باعتبارها أداة إدارية توجه المؤسسات في جهودها للعمل بطريقة مستدامة اقتصاديًا وبيئيًا واجتماعيًا وفق مؤشرات أداء واضحة المعالم، وعودة المؤسسات والشركات لاغتنام الفرص وتبني التنمية المستدامة بطريقة هادفة وطويلة الأجل لتحقيق التميز عن المنافسين بما يشمل من مبادرات لتعزيز الابتكار، وتعزيز الاستباقية والإلتزام بالاستدامة، وتبني التقنيات الجديدة، والحد من استخدام الموارد للتخفيف من آثار تغير المناخ، والحرص على دمج مبادئ الاستدامة في نسيج نماذج الأعمال بما يحقق الازدهار في المستقبل.

وذكر المشاركون إلى أن الحاجة المتزايدة أن تستخدم الأسواق المالية المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لتقييم الشركات، ومكافأة الشركات التي تسعى إلى ممارسات مستدامة ومعاقبة تلك التي تفشل في عكس ذلك نظرا لما يحققه الضرر البيئي الذي تسببه في أسعارها، الأمر الذي ينعكس على تعزيز القيمة طويلة الأجل لتلك الشركات، وأكدوا على وجود علاقة بين الأداء الجيد لبورصة الأوراق المالية والشركات التي تتبنى الممارسات المستدامة، ومن ثم يمكن تقييم هذه الشركات بشكل أفضل في السوق، مما يؤدي إلى زيادة أداء بورصة الأوراق المالية.

وأوصى المشاركون بضرورة تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز استدامة الأعمال وتغيير الموارد البشرية القائمة على الذكاء الاصطناعي وإدارة المواهب، إلى جانب تحقيق الاستفادة في مواجهة المخاطر التي تواجهها المؤسسات ولاسيما في الجوانب المالية والمصرفية، وبما يعزز من تحديد الموضوعات والقضايا المادية ذات الصلة بالاستدامة، فضلا عن الاهتمام بتحسين الكفاءة التشغيلية وتوفير متطلبات ذلك، والتأكيد على ضرورة أن تسير الكفاءة التشغيلية والاستدامة جنبًا إلى جنب، فكلما كانت الممارسات التطبيقية للمؤسسات أكثر استدامة، كلما زادت الكفاءة التشغيلية، والتحول في عقلية قادة الأعمال، لتحقيق مستقبلاً مستداماً يراعي مجموعات أصحاب المصالح، مما يتطلب العمل من قبل قادة الأعمال على مواءمة الخيارات الاستراتيجية ذات الصلة وتطوير السيناريوهات لدمج طموحات الاستدامة طويلة الأجل.

وأوصى المؤتمر بالنظر إلى الربحية والاستدامة على أنهما غير منفصلتان، بل يجب وضعهما على قدم المساواة عند اختيار الأسواق التي سيتم توفير الخدمات لها والمنتجات والخدمات التي سيتم تطويرها، ولاسيما الشركات المعنية بالتصدير للخارج، وزيادة الحاجة إلى تعزيز الممارسات التطبيقية لاستخدام تقنيات الذكاء الاستراتيجي لتحسين الأداء المستمر لما له من دور حاسم في رفع كفاءة التنافسية العالمية للمؤسسات لجمع وتحليل المعلومات عن المنافسين وتحديد العوامل التي تهدد بقاء المؤسسات واستمراريتها ووضوح استراتيجيتها، وبما يمثل متغيرًا مهما في مدخلات صنع القرار لتحقيق النمو المستدام، مشيرين إلى أن الاستدامة من خلال عملية التحول الرقمي أصبح أمرا ضروريا للمؤسسات المعاصرة، مع دمج أجهزة الحاسب الآلي والهواتف الذكية والأجهزة الأخرى في مكان العمل، واعتبار القدرة الرقمية قدرة ديناميكية تمكن الشركات من إنشاء منتجات وعمليات جديدة للتكيف مع متغيرات الأسواق.

وشدد المؤتمر على تبني تطبيق التطورات والابتكارات التكنولوجية، مع تحديد الحاجة إلى مثل هذه التطورات لتعزيز فعالية الوظائف والعمليات التنظيمية بما يمكن المؤسسات من الاستفادة من المعلومات المتاحة من البيئة ودمج التكنولوجيا بكفاءة أكبر والاستفادة من تأثيراتها على الأداء المالي وغير المالي، مما يؤدي إلى تحسين المرونة والأداء التنظيمي، ودعوة المؤسسات إلى إطلاق حملات تتعلق بالابتكار الأخضر والتنمية المستدامة بحيث تساعد هذه الحملات في نشر الرسائل المتعلقة بالاستدامة في المؤسسة، وتدريب الموارد البشرية على ما يتعلق بالوعي البيئي، والتنمية المستدامة والمشاركة بالأفكار المبتكرة الخضراء، والتقنيات منخفضة الكربون، وفرق حل المشكلات.

ودعا المؤتمر الحكومة لأن تلعب دورًا توجيهيا وتنفيذيا في تطوير وتنفيذ سياسة استدامة الأعمال بالمؤسسات من خلال توفير خصم على الضرائب للمؤسسات التي تنفذ ممارسات استدامة الأعمال ودعوة قادة المؤسسات إلى تبني تنفيذ المبادرات الخضراء مثل التقنيات الموفرة للطاقة وبرامج إعادة التدوير وممارسات التوريد المستدامة مما يؤدي إلى تقليل التأثير البيئي، مع تبني الممارسات الصديقة للبيئة مثل استخدام مواد التغليف القابلة للتحلل البيولوجي والحد من استخدام المياه وتعزيز برامج تعويض الكربون، مما يؤدي إلى تعزيز الجهود في مجال استدامة الأعمال.