بعد نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي أفرزت فوز التيار اليساري في مواجهة اليمين المتطرف والائتلاف الذي يضم حزب الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، تعيش فرنسا على وقع مخاوف من “هروب أثرياء ورجال أعمال ومستثمرين أجانب إلى بلدان أكثر استقرارا”.
يأتي هذا بعد صدور تقرير عن وكالة الأنباء الفرنسية، يشير إلى أن “أثرياء فرنسا ورجال أعمال ومستثمرين أجانب متخوفون من صعود التيار اليساري إلى السلطة”، على اعتبار أن “الرئيس الفرنسي الحالي كان يخصهم بامتيازات مهمة منذ توليه زمام الحكم سنة 2017″، خصوصا وأن أغلب المراقبين في هذا الشأن وصفوا برامج التجمع الوطني وأيضا الجبهة الشعبية الجديدة بـ”المعوزة”.
وحسب نفس الوكالة، قال “فيليب لورنتز، محامي الضرائب في شركة أوغست ديبوزي، إن ملفات الأشخاص الذين يستعلمون عن مغادرة فرنسا زادت بنسبة 30 في المائة على الأقل في الأسابيع الأخيرة”.
ورغم أن مساعي المستثمرين والأثرياء الفرنسيين تتجه نحو البلدان الأكثر تقدما في هذا المجال كـ “الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وبريطانيا”، فإن السيناريوهات المحتملة لأصحاب رؤوس الأموال قد تغير الوجهة إلى المملكة المغربية على اعتبار أن فرنسا أول بلد مستثمر داخل المغرب.
وما يزيد من قوة هذه التوقعات الاقتصادية، “التعقيدات القانونية والضريبية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي”، في ظل “الامتيازات الجمركية التي توفرها المملكة للمستثمرين الأجانب”، الأمر الذي دفع حوالي 360 شركة إسبانية في الآونة الأخيرة إلى نقل أنشطتها التجارية إلى المغرب.
في هذا الصدد، قال إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي، إن “فرنسا هي أكبر مستثمر في المغرب، لكن لاحظنا في السنوات الأخيرة أن الاستثمارات الفرنسية بدأت في تراجع ملحوظ”، مُرجعا ذلك “لأسباب عديدة من بينها المشاكل التي تواجهها باريس بخصوص رؤوس الأموال”.
وأضاف الفينة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا الوضع غير المستقر الذي تعرفه فرنسا خاصة في الأسابيع الأخيرة بسبب الانتخابات التي من المنتظر أن تغير وجوه المسؤولين، من الطبيعي أن ينقل المستثمرين أموالهم وأنشطتهم إلى الخارج”، مردفا بالقول: “نحن هنا لا نتحدث عن رؤوس الأموال الكبيرة، لأنه في حالة خروجها ستتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا”.
ويرى المتحدث “المملكة المغربية يمكنها أن تستقطب نسبا صغيرة من هذه الاستثمارات التي من المتوقع أن تخرج نحو بلدان متقدمة، جراء الوضع السياسي المضطرب في فرنسا نتيجة المتغيرات التي فرضتها الانتخابات التشريعية”.
واعتبر الخبير الاقتصادي إلى أنه “من الصعب رفع سقف طموحات المغرب نظراً أن جاذبية المملكة محدودة في هذا الاتجاه”، متوقعا في الآن ذاته “استفادة المغرب من نسب صغيرة مقارنة مع باقي البلدان”.
وأوضح أيضا أن “المغرب تقريبا لا يتوفر على الشروط التي من الممكن أن تقنع المستثمرين الفرنسيين، لأنه لا يمكن مقارنة الصين والولايات المتحدة الأمريكية مثلا بالمغرب، وذلك راجع إلى محدودية الاقتصاد الوطني”.
