في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة بسبب الزيادة التي شهدتها مختلف المواد الغذائية الأساسية وأيضا الطاقية جراء غياب المراقبة وعدم تسقيف أثمنة بعض المنتجات التي أثارت جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والمجتمعية، تقدم الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بمقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم المادتين الثالثة والرابعة من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
وحسب المذكرة التقديمية للمقترح الذي تقدم به “رفاق بنعبد الله”، والذي توصلت بها “الأيام 24″، فإن “قانونُ حرية الأسعار والمنافسة قد نَصَّ على أن أسعار السلع والمنتوجات والخدمات تُحَدَّدُ عن طريق المنافسة الحرة، إلاَّ أن نفسَ القانون أتاح للحكومة إعمال الاستثناء على هذه القاعدة، بأن تتدخل بنصٍّ تنظيمي، بعد استشارة مجلس المنافسة، من أجل تحديد قائمةِ سلعٍ ومنتوجاتٍ وخدماتٍ لضبطِ وتنظيمِ أسعارها”.
وأضافت المذكرة أن “المادة الثالثة من القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة تنص على أنه يمكن (دون إلزام في النص الجاري به العمل حاليا)، فيما يتعلق بالقطاعات أو المناطق الجغرافية التي تكون فيها المنافسة بالأسعار محدودة، إما بسبب حالات احتكار قانوني، وإما بفِعل دعم الدولة لبعض القطاعات أو المواد عند الإنتاج أو التسويق أو بفعل صعوباتٍ دائمة في التموين، أن تنظَّمَ الأسعارُ بنصٍّ تنظيمي بعد استشارة مجلس المنافسة”.
ووفق نفس المصدر فإن “المادة الرابعة من نفس القانون تنص على إمكانية قيام الإدارة، بعد استشارة مجلس المنافسة، باتخاذ تدابير مؤقتة، لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط، ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين. مع العلم أن تقلبات السوق والأسعار وباقي الظروف الاستثنائية قد تَــــقِــلُّ كما قد تزيد عن هذه المدة المحددة في سنة كحدٍّ أقصى في النص الجاري به العمل حاليا”.
وعلى هذا النحو، تقدم فريق التقدم والاشتراكية بهذا المقترح قانون، “بغاية أن يتم الإقرارُ القانوني الصريح والمُلزِم لربط أيٍّ دعمٍ من الدولة لإنتاج أو توزيع أو تسويق أو استيراد أيِّ منتوج أو سلعة أو خدمة بوجوب إدراج المادة المُدَعَّمة، عبر نص تنظيمي، ضمن قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المشمولة بتسقيف الأسعار وتنظيمها وضبطها وفق كيفيات تُحدد أيضاً بنصٍّ تنظيمي، كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لما يجري به العمل بالنسبة لتنظيم أسعار السكر والقمح اللين بفعل دعمهما”.
ويهدف مقترح القانون الذي تقدم به رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، إلى “إعطاء إمكانيات أوسع زمنيا للحكومة من أجل التعامل مع الحالات والوضعيات الاستثنائية والطارئة التي تسبب في انخفاضٍ أو ارتفاعٍ فاحش للأسعار، حسب الفترة التي يستغرُقها استمرار هذه الوضعية”.
وفي هذا الصدد، قال رشيد الساري، رئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إن “طلب حزب التقدم والاشتراكية جاء لعدة اعتبارات وعوامل، أولها أنه تم تحرير مجموعة من الأسعار تم من خلالها رفع أثمنة عدة منتجات فلاحية وأيضا مواد طاقية، خاصة أن شركات المحروقات بناء على هذا القانون راكمت مجموعة من الأرباح”.
وأضاف الساري، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “في عيد الأضحى قامت الدولة بمنح الدعم للمستوردين من أجل توفير سيولة كافية من الماشية غير أن هذه الخطوة لم تعط النتائج المرجوة، بل إن جميع المغاربة اشتكوا من غلاء الأغنام الموجهة لأداء سنة العيد”.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه “اليوم نحن في حاجة لتدخل الدولة من أجل استقرار الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين”، مبينا أن “تسقيف الأسعار كل شهر بات ضرورة ملحة ويجب العودة إلى نظام المراقبة الذي كان يشرف على مجموعة من الأسواق الوطنية”.
وأردف المتحدث ذاته أن “المراقب يقوم بتدقيق الأسعار ومراقبتها وأيضا تسجيل ملاحظات في حالة إذا تبين له أن الأمر غير عادي، وأيضا إشعار السلطات من أجل الحد من جشع بعض التجار”.
وأكد أن “المشكل الذي تعاني منه المملكة المغربية هو تواجد مجموعة من المضاربين في العديد من الأسواق حيث تؤثر هذه الفئة على استقرار الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين”، مشيرا إلى أن “إعادة النظر في النظام الحالي الخاص بالأسعار أصبح ضروري من أجل إعادة التوازن الاقتصادي لدى الأسر المغربية”.
وخلص رئيس المركز الافريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إلى أن “مجلس المنافسة سجل بدوره عدة تجاوزات لدى شركات المحروقات، وذلك راجع إلى تحرير الأسعار وأيضا الحقوق التي يخولها قانون حرية الأسعار والمنافسة للمستثمرين”.