موسم الثانوية العامة يفجر قضية التعليم في مصر!!
موسم الثانوية العامة يفجر قضية التعليم في مصر!!
ربنا ما يقطعلكم عادة…
ونحن نعيش موسم امتحانات شهادة الثانوية العامة تتواتر علينا باقة من مشاهد آلفناها وعشناها عبر أعوام وعقود مضت, ومع ذلك لايمكننا أن نتغافل عنها لشدة عصفها بكيان وسلام الأسرة المصرية التي تفعل كل ما يمكنها من أجل توفير الاستقرار التعليمي لأبنائها وبناتها عبر ما يسميعام الحسم, وتحاول جاهدة أن تقيهم شر الارتباك أو الانهيار فإذا بها نفسها ترتبك وتنهار مع قدوم موسم الامتحانات… ولا غرابة في ذلك, لأن النظام التعليمي مايزال يضع الطالب والطالبة في عنق زجاجة ضيق كثقب الإبرة ولا يرحم بل يعلق كل جهود التحصيل والاستذكار عبر عام دراسي كامل رهينة الإجابة علي ورقة أسئلة في زمن يمتد ساعات قليلة تحسم المصير دون أدني اعتبار لتفاوت درجات التحصيل أو التوفيق ودون أي خط رجعة لإنجازات سابقة تشفع… وكأن الهدف وحده هو القصاص… والقصاص… والقصاص!!!
من يتابع ابتهالات الأمهات المصرياتمن فضلكم صلوا لأبنائنا وبناتنا… عشان ربنا ينصرهم في امتحان بكرة يقف متعجبا… صحيح أننا نؤمن تماما بقدسية وفاعلية الصلاة, لكن هناك علامة استفهام تبحث عن إجابة..لماذا تعكس تلك الابتهالات استنفار المعونة الإلهية في وضع ينبغي أن يكون طبيعيا فإذا به يتحول إلي وضعحياة أو موت!!!
لذلك نجد أنه في مثل هذا الميعاد كل عام يتجدد فتح ملفالتعليم في مصر ليتساءل الكافة إلي متي يظل هذا الملف مسكوتا عنه وفي منأي عن
الإصلاح والتطوير؟ إلي متي تنقسم المراحل التعليمية إليسنوات نقل تمر مرور الكرام وسنوات نحر تقصف بالرقاب؟… ووسط هذه المجزرة لم ندرك بعد كم نحن مجرمون في حق أبنائنا وبناتنا,فبدلا من أن نعدهم لنقدمهم للمجتمع كنواة للمستقبل- كل حسب طاقاته وإمكانياته-إذ بنا نورثهم معايير التميز بالصدفة والنجاح علي جثث الآخرين!!
ومن أجل أن نفيق من غيبوبتنا ونعمل علي تغيير واقعنا دعوني أكرر ما سبق الصراخ من أجله لإصلاح التعليم في مصر.
00 يتحتم نبذ جميع أساليب ترسيخ المعلومة الثابتة التي تستدعي التلقين والحفظ واستبدالها بتقنية استفزاز شغف المعرفة عن طريق الحوار والبحث, وذلك يتضمن التخلي عن الكتب الثابتة للمناهج التعليمية واستبدالها بمراجع البحث المكتبية التي تتيح مساحات رحبة لرصد المعلومة والشك فيها ومناقشتها بغية إثباتها واختبارها ضمن بدائل متعددة حتي الاستقرار عليها… ومن هنا بلوغ درجة قناعة وتفهم طالب العلم للمعلومة,الأمر الذي يمهد طريقا آمنا يسيرا لاستدعاء المعلومة للإجابة علي أسئلة الامتحان.
00 يتحتم مع كل ذلك ترك مساحة آمنة تدرك أن هناك تفاوتا بين نسبة توفيق الطالب والطالبة في ورقة الامتحان, بحيث لا تكون الإجابة وحدها معيار النجاح أو الفشل… لذلك لا يستقيم أن تؤخذ ورقة الإجابة في الامتحان النهائي علي أنها صك النجاة أو الإعدام,بل يجب أن تكون مجرد معيار للتقييم يتخذ ضمن معايير أخري اجتازها الطالب أو الطالبة مسبقا وتحتسب جميعها في تقييم الدرجات النهائية للتحصيل واستحقاق تجاوز الامتحان.
00من هنا تتراجع تماما معايير ربط التقييم النهائي لتحصيل أي طالب أو طالبة للمتطلبات الدراسية في أي من علوم الدراسة بدرجة التوفيق في الامتحان النهائي,إذ تشترك في ذلك درجات التحصيل عبر العام الدراسي في الامتحانات الربع سنوية مما يعكس مدي الفهم والاستيعاب والإنجاز, وتظل تلك الدرجات مرصودة ومعمولا بها في تشغيل التقييم النهائي مع ما يمكن أن يحصل عليه الطالب أو الطالبة في الربع الأخير من العام الدراسي.
00 أتصور أن هذه الرؤية لا تنفصل كثيرا عن رؤية الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم السابق المشهود له دوليا بكفاءته ورؤيته الثاقبة لتطوير التعليم- والذي لا يزال المجتمع المصري المهموم بأمر تطوير التعليم يتساءل عن أسباب الاستغناء عنه(!!!)- ولكني في هذا الإطار أعود وأسجل عتابي علي الدكتور طارق شوقي الذي أثمن رؤيته للتطوير أنههزم نفسه بنفسه عندما رأي تطبيق سياساته الإصلاحية عبر كامل منظومة التعليم في جمهورية مصر العربية…وذلك هو ما خرج بها من نطاق التطبيق الموضوعي الآمن…فلم تسمح الإمكانيات أو الجهود المتاحة بإعداد وتأهيل سائر الكوادر التعليمية في سائر محافظات مصر لتفعيل وتنفيذ الرؤية الإصلاحية وتم ترك مساحة شريرة لتعبث بالتطوير وترهب الأسرة المصرية بحاجتها الماسة للدرس الخصوصي,فكانت النتيجة المأساوية انحياز الأسرة المصرية التي جانب المدرس الخصوصي وتنصلها من الإصلاح اللاحق في الأفق.
00 لا يغيب عن أي متابع مدقق أن الفرصة لنجاح رؤية الدكتور طارق شوقي كانت مرهونة بقصر تطبيقها علي شريحة محدودة من خريطة المدارس التعليمية تضمن إمكانية نجاح تأهيل كوادرها من المعلمين تأهلا كافيا لتفعيل التطوير والإصلاح مع رصد النتائج الإيجابية لتلك المنظومة الجديدة,حتي إذا تم بلوغ النتائج المرجوة يتم تقديمها للمجتمع علي أنها نموذج يحتذي للتطوير والإصلاح يتم التوسع فيه عبر مساحات مستقبلية ضمن خريطة التعليم.
00 ستظل هذه الرؤية حتمية ولا غني عنها… وستظل غير خاضعة للتقييم الإيجابي أو السلبي طبقا لتواؤمها مع المعطيات السائدة!!