تعيش المجالس الجماعية والمقاطعات في مختلف المدن المغربية الكبرى على صفيح ساخن، بسبب الخلافات الدائرة بين مكوناتها، حيث لم تنعقد أغلب الدورات سواء العادية أو الاستثنائية لهذه المؤسسات المنتخبة، بسبب عدم اكتمال الأنصبة القانونية، أو وجود غضب من طرف الأغلبية والمعارضة نتيجة إتخاذ رئيس ما قرارات انفرادية دون مشاورة الأطراف المسيرة.
ومع بدء العد العكسي لنهاية عهدة مسؤولي الجماعات الترابية على رأس الجماعات الترابية نظرا لتجاوز أكثر من ثلثي الزمن المحدد للولاية، فإن حجم التوتر والخلاف ازداد في الفترة الأخيرة حسب ما لاحظته “الأيام 24″، الأمر الذي دفع متتبعين للشأن المحلي من دق ناقوس الخطر، خوفا من “تعثر المشاريع المحلية” وفقدان المواطن المغربي الثقة في الفعاليات المنتخبة.
منير اوخليفا، أستاذ القانون بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، قال إن “المجالس الجماعية عنصر فاعل في إعداد المجال وتدبيره وتنظيميه، نتيجة الصلاحيات الموكولة والموارد المرصودة والاختصاصات المتزايدة باستمرار، والتي تمنح لمدبري الشأن العام المحلي هامشا أكبر لتدبير المجال بشكل فعال”.
وأعرب اوخليفا، في تصريح لـ”الأيام 24″، عن أسفه لكون هذه المجالس تعاني من مشاكل مرتبطة بمحدودية الموارد المالية وسوء تدبيرها، وبضعف تكوين المنتخبين، إضافة إلى انعدام الجدية لدى بعض المنتخبين، مسجلا أن “هذا الأمر يحول دون قيام معظم هذه المجالس بممارسة اختصاصاتها وينعكس الأمر سلبا على التنمية المحلية”.
واعتبر اوخليفا، أن “انعدام النصاب القانوني لعقد دورات المجالس يمكن أن يؤدي إلى ترسيخ استمرارية نفور النخبة المثقفة من المجال السياسي والتعاطي مع تدبير المجالس المحلية بشكل خاص، وهو ما يشكل تأثيرا سلبيا من حيث فقدان الاستفادة من القدرات العلمية والعملية التي تتمتع بها هذه النخبة ويكرس استمرار تدبير هذه المرافق من طرف فئة أقل وعيا وتكوينا وأقل ثقافة ويسهل التحكم فيها وتوجيهها أو حتى اغراقها في مستنقع الفساد”.
وتابع أن “هذا المشهد هو في حقيقة الأمر وفي غالب الأحيان مجرد مظهر من مظاهر فشل معظم المجالس المنتخبة، حيث يتمظهر ذلك من خلال الخلافات السياسية بين الفرقاء السياسيين أغلبية ومعارضة وفي أحيان أخرى خلافات شخصية بين أعضاء المجالس سواء بين أعضاء المعارضة وممثلي الأغلبية أو في بعض الأحيان بين أعضاء نفس الحزب ومن الأغلبية المسيرة للمجلس ويتم إلباس هذه الخلافات عباءة الدفاع عن مصالح الساكنة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه “في جميع الأحوال، لا شك أن التنمية المحلية هي التي تتعثر كما وقع في جهة كلميم وادنون نموذجا خلال الولاية السابقة”، مردفا: أن “ما يحز في النفس كون السلطة الوصية تبقى متفرجة إن لم نقل أنها تساهم بشكل غير مباشر في ترسيخ ثقافة الشتات بين مكونات المجالس المنتخبة لغاية في نفس يعقوب”.
وشدد الأكاديمي ذاته، أن “تنزيل متطلبات الحكامة الجيدة يقتضي المزيد من التدابير القانونية الزجرية في مثل هذه الحالات”، مبينا أن “عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الدورات يجب أن يكون مقرونا بجزاء المساءلة الشخصية للمنتخب تماشيا مع مضمون المادة السابعة والستين من القانون التنظيمي رقم 14. 113 المتعلق بالجماعات، والتي تنص على أن كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة لم يلب الاستدعاء لحضور ثلاث (3) دورات متتالية أو خمس (5) دورات بصفة متقطعة دون مبرر يقبله المجلس، يعتبر مقالا بحكم القانون”.
وأشار اوخليفا، إلى أن “المجلس يجتمع لمعاينة هذه الإقالة، إذ نناشد المشرع بضرورة التنصيص على غرامات مالية ثقيلة على المنتخب المتغيب عن كل دورة إضافة لما نصت عليه المادة 67 إن أردنا فعلا الإقلاع بالتنمية المحلية”.
