بعد أن تجاوزت الحرب الهمجية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة كل الحدود، ولعب الإعلام الغربي دورا مغذيا لهذه الحرب، متخليا عن المعايير والأخلاقيات المنظمة للمارسة الإعلامية، اختارت مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، التابعة لمركز الجزيرة الدراسات، عنوان “هندسة الإبادة الإعلامية في غزة والتأطير الإخباري للحرب في الإعلام لغربي” لعددها الصادر مطلع يوليوز الجاري، والذي احتوى على أزيد من عشر دراسات علمية تناولت زيف التغطيات الإعلامية الغربية والاستراتيجيات المتبعة في التضليل الإعلامي.
واعتبرت المجلة في افتتاحيتها للعدد أن السياسة غير المسبوقة التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الصحفيين الفلسطينيين خلال الحرب الأخيرة حولت قطاع غزة إلى “مقبرة للصحافيين”. وكشفت عن استراتيجية التدمير الممنهج للجماعة الصحفية الفلسطينية، عبر القتل الواسع لأفرادها، وإلحاق أذى جسيم بالصحفيين جسديا وذهنيا ونفسيا لإخراجهم من المشهد الإعلامي.
ومن خلال الأبحاث التي نشرتها، أكدت مجلة الجزيرة بوضوح أن الجسم الصحفي الدولي لم يواجه نمطاً من القتل والتدمير الممنهج كما حدث للجماعة الصحفية الفلسطينية. وسلطت الضوء على الأزمة الأخلاقية والمهنية التي يعاني منها معظم الإعلام الغربي في تغطيته للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، واحتلال الأراضي الفلسطينية، حيث يُساير الرواية الإسرائيلية ويدعم أطروحاتها السياسية والإيديولوجية عن “إسرائيل الضحية” و”حقها في الدفاع عن نفسها”.
استهلت المجلس أبحاثها بدراسة للباحث المغربي ومدير تحرير المجلة محمد الراجي بعنوان “الحرب على غزة وهندسة الإبدة الإعلامية للجماعة الصحفية الفلسطينية (2023-2024)، تلتها دراسة للمصطفى عمراني، رئيس شعبة علوم الإعلام والتواصل بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، تتبعت التأطير الإخباري للحرب على غزة في الإعلام الغربي (أكتوبر 2023-أبريل2024)، ومراحل وسياقات التحوُّل التي عرفتها روايات وتمثُّلات هذا الخطاب عن الذات الإسرائيلية والفلسطينية، بينما حرصت دراسة أخرى للباحث محمد أوريا على رصد عناصر الإيديولوجيا في خطاب الإعلامي الغربي وأزمته في تغطية الحرب على غزة تحت هيمنة الرواية الإسرائيلية، فيما تناولت نيفين علاونة وأسامة عبد الله استراتيجيات العلاقات العامة الرقمية ووظائفها في الحروب الإسرائيلية على غزة.
محاولة تفكيك الخطاب الإعلامي الداعم للرواية الإسرائيلية تواصل بدراسة محمد الشرقاوي بعنوان “بنية الخطاب الصهيوني وجدلية الدلالات: من تنوير التحرر الذاتي إلى توحش الإبادة الجماعية”، التي رصدت تصاعد الخطاب المناوئ للصهيونية وتفسيره لديناميات الحرب على غزة، في النصف الأول من 2024، في ظل اتساع نطاق المظاهرات واعتصامات الطلاب في الجامعات الأميركية والأوروبية.
كما تضمنت المجلة دراسات أخرى عن دور الدعاية الرقمية الإسرائيلية ووظائفها في الحرب، والخطاب الإعلامي المؤيد لإسرائيل.