“توقعات صائبة” تلك التي أعلنت عنها الوكالة الوطنية للمياه والغابات بالمغرب في آخر تحيين لخريطتها المتعلقة بالحرائق، بعدما ألهبت ألسنتها حوالي 20 هكتارا يوم الأحد الماضي، بجماعة أحد غربية بإقليم طنجة أصيلة، التي تدخل ضمن الأقاليم العشر بالمملكة المهددة باندلاع الحرائق من المستوى الأحمر.
وكانت المعطيات التي وفرتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات لدى عموم المهتمين بالشأن الغابوي والبيئي بالبلاد، أكدت على أن “النشرة تأتي في إطار استباق ظاهرة حرائق الغابات على الصعيد الوطني، وبشكل يومي، بناءً على معطيات علمية، وخرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق الحساسة والمعرضة لخطر اندلاع الحرائق الغابوية، ابتداء من يوم السبت 22 يونيو 2024 إلى يوم الاثنين 24 يونيو 2024”.
وعلى هذا النحو، يبدو أن المجال الغابوي بالمغرب بات على صفيح ساخن، إذ من المتوقع أن تشهد غابات المملكة المغربية وبالخصوص التي سطرت عليها الوكالة الوطنية للمياه والغابات في العديد من الأقاليم كفحص أنجرة، والناضور وتازة وخنيفرة والصويرة والعرائش وتاونات والحوز وبركان، حرائق عند ارتفاع درجات الحرارة.
رئيس جمعية حماة البيئة عبد الإله الخضيري، قال إن “المغرب يطل على البحر المتوسط وبالتالي غاباته مهددة كباقي دول المتوسط”، مبينا أن “توالي سنوات الجفاف وارتفاع درجة الحرارة يعتبران سببين رئيسيين في الحرائق، ولكن هناك أسباب أخرى منها ما هو بنيوي ومنها ما هو بشري”.
وأضاف الخضيري، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “في أغلب الأحيان العنصر البشري يكون سببا في الحرائق، وللأسف فالمغرب لم يتوفر على احصائيات دقيقة”، مستدركا: “لكن مثلا في اليونان تم إحصاء 23 في المائة من الحرائق متعمدة، خاصة وأن إحصائيات الأمم المتحدة تتوقع رقما مؤلما لحرائق لغابات حيث سترتفع إلى 30 في المائة، وهذا الرقم مخيف، لأن المغرب معني به أكثر”.
وتابع أن “جمعية حماة البيئة اقترحت في عدة لقاءات حلولا واقعية من بينها ضرورة التصالح مع الغابة، وتحسيس الزائرين بأهمية الغابة كشريان أوكسجين للمغرب، إضافة إلى إدماج موضوع الغابات في جميع المقررات التعليمية وتأثيرها البيئي ودورها الاقتصادي”، مسجلا أن “الجمعية اقترحت أيضا ضرورة إعادة تصميم الغابات وفتح ممرات وخلق ضايات اصطناعية، وخلق شعبة لرجال اطفاء الغابات، وتدريب متطوعين في مجال الغابات”.
وأوضح الفاعل البيئي أنه “بخصوص الدولة المغربية فهي الوحيدة القادرة على تطبيق خريطة طريق من أجل الاستغلال المعقلن للغابات والاستثمار في الوقاية من الحرائق ووضع استراتيجية استباقية بالتنسيق مع دول الجوار”.
وأكد الخضيري، أن “الاستثمار في التكنولوجيا خصوصا الطائرات بدون طيار ودورها في مراقبة الغابات والتدخل بشكل سريع، لأن المسألة ليست خيالا علميا، ولكن مجموعة من الدول اليوم تستعمل طيارة بدون طيار من أجل اطفاء الحرائق”.
ودعا إلى “الاستثمار والتنسيق على مستوى دول البحر المتوسط من أجل خلق هيئة لمحاربة الحرائق، واستعمال الذكاء الاصطناعي في تحليل المجال الغابوي ومنح فرصة التدخل في وقت قياسي”، مردفا: “للأسف مثلا جهة مراكش آسفي ليس لها مخطط رغم توفرها على غطاء غابوي مهم وحشائش وتنوع بيولوجي، أقول دائما لو قدر الله وقع واقع سينتهي كل شيء في دقائق”.
ولفت الخضيري، إلى أن “جمعية حماة البيئة تركز على الوقاية من الحرائق من خلال تكثيف مجهودات الدولة وذلك عن طريق برامج تكوينية للساكنة المجاورة للغابات وفتح الباب لها للاستفادة من الغابة بطريقة عقلانية وقانونية، وتكوين الجمعيات خصوصا التي تستفيد من المخيمات الصيفية في الغابات”.
وخلص رئيس جمعية حماة البيئة حديثه قائلا: “على المجتمع المدني أن يضغط في المحافل الدولية من أجل تخفيض درجة الحرارة، لأن درجتين تعني بشكل تلقائي نهاية الغابات المغربية”.
