كتب- محمد صفوت:

تتصاعد التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مع استمرار التهديدات والمناوشات بين حزب الله وإسرائيل على مدار أكثر من 8 أشهر، ما يهدد باندلاع حرب جديدة في المنطقة.

على إثر التهديدات المتبادلة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتماد خطط عملياتية لهجوم في لبنان، ورد حزب الله بتهديدات وتحذيرات على لسان أمينه العام حسن نصر الله بـ"استخدام أسلحة جديدة" و"قتال بلا ضوابط أو قواعد وبلا سقف" في حال اندلاع حرب مع تل أبيب.

تهديدات وتحذيرات نصر الله، تجاوزت التوترات بين حركته وإسرائيل، وطالت للمرة الأولى قبرص، التي حذرها من اعتبارها جزءا من الحرب في حال سمحت لإسرائيل باستخدام مطاراتها وقواعدها العسكرية.

وقال نصر الله في تحذيره لقبرص، إن فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الاسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية جزء من الحرب، وسنتعامل معها باعتبارها جزء من الحرب.

الرئيس القبرصي يعلق

تهديدات نصر الله، دفعت الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس، إلى الرد، مؤكدًا أن بلاده ليست متورطة في حروب وأنها جزء من الحل وليست المشكل.

ونقل موقع "فيلي نيوز" القبرصي، عن الرئيس خريستودوليديس، قوله، إن تصريحات نصر الله "ليست لطيفة"، لكنها لا تتوافق بأي شكل من الأشكال مع من يحاول تقديم صورة بأن قبرص منخرطة في عمليات عسكرية.

وأكد رئيس قبرص، أن هناك قنوات اتصال دبلوماسية مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإيرانية، التي تدعم حزب الله.

تعليق التأشيرات للبنانيين

أدت تحذيرات نصر الله لقبرص، إلى حالة من التوترات والبلبة خلال الساعات الماضية، حيث ترددت أنباء عن تعليق السفارة القبرصية في بيروت لاستخراج التأشيرات للبنانيين، حسبما أفاد مصدر لـ"سكاي نيوز" عربية.

ونقلت صحيفة "النهار" اللبنانية، عن مصادر قولها، إن السفارة القبرصية في بيروت لم تغلق أبوابها، لكنها علقت العمل بنظام منح التأشيرات، اعتبارًا من اليوم، على خلفية التحذيرات والتهديدات التي أطلقها نصر الله.

وبحسب الصحيفة اللبنانية، فإن طاقم السفارة القبرصية في بيروت لا يزال يعمل في داخلها بشكل عادي، ويمكن لمن لديه معاملة منجزة في السفارة استلامها أو تصديقها.

واكتفت الخارجية اللبنانية، ببيان مقتضب أشادت خلاله بالعلاقات اللبنانية القبرصية، قالت خلاله، إن العلاقات بينهما تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الدبلوماسي.

وأضافت أن التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على أعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة.

ما الذي دفع حزب الله لتحذير قبرص؟

في تحذير نصر الله، لقبرص قال، إن حزب الله لديه معلومات أن إسرائيل تجري مناورات في قبرص وبمناطق ومطارات قبرصية، وفي حال استهداف المطارات الإسرائيلية سيستخدم المطارات والمرافق القبرصية.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وقبرص منذ عام 1960، لكنها تطورت وشهدت تقدمًا ملحوظًا خلال السنوات القليلة الماضية، بعد وجود قواسم وتحديات مشتركة.

دفعت التحديات والقواسم المشتركة، الدولتين لتعزيز الروابط بينهما، بسبب التحديات الأمنية في المنطقة، واكتشافات الغاز في البحر المتوسط، وتبادل قادة الدول الزيارات المختلفة خلال السنوات القليلة الماضية.

في يونيو الماضي، وخلال المنتدى الهيليني الإسرائيلي المنعقد في نيقوسيا، أكد رئيس قبرص أن العلاقات بين بلاده واليونان وإسرائيل تطورت إلى علاقة استراتيجية تقوم على رؤية مشتركة لشرق البحر الأبيض المتوسط المزدهر.

وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" أصبح الدول الثلاث شركاء رئيسيين في عدد من القضايا، حيث تحصل قبرص واليونان على التكنولوجيا الدفاعية الإسرائيلية، كما تعتبر الطاقة محورًا رئيسيًا للعلاقات بينهم.

ووفق موقع "جويش نيوز" فإن العلاقات الإسرائيلية القبرصية تزدهر في عدة المجالات بما في ذلك الطاقة والدفاع والسياحة والتكنولوجيا الفائقة والأمن السيبراني.

وفي عام 2015، تمكنت السلطات القبرصية من إلقاء القبض على شخص كندي من أصل لبناني، بحوزته مواد متفجرة كان جزءا من "مؤامرة" لحزب الله لتنفيذ تفجيرات ضد إسرائيليين في قبرص، وفي 2013 سجن مواطن سويدي من أصل لبناني في قبرص بتهمة التآمر لشن هجوم على سياح إسرائيليين.

استخدام المطارات والقواعد العسكرية

يبدو أن تحذيرات نصر الله لقبرص لم تكن من فراغ، إذ أشاد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، مرارًا وتكرارًا بالعلاقات بين قبرص وإسرائيل، وفي تحليل سابق له يرى أن التعاون بين تل أبيب وأثينا ونيقوسيا، يصب في مصلحة إسرائيل.

وعدد المعهد الإسرائيلي المزايا التي تعود على تل أبيب خاصة في المجال الأمني، وبينها صياغة رد مشترك على التهديدات البحرية ضد حرية البحار والتجارة البحرية، التي بينها النزاع بين إسرائيل ولبنان على الحدود البحرية بينهما.

ويرى المعهد، أن التعاون يهدف لخلق عمق استراتيجي في الحرب، ويتكون هذا بشكل رئيسي من احتمال استخدام إسرائيل للمطارات والموانئ البحرية في اليونان وقبرص في زمن الحرب ووضع مستودعات طوارئ خارج مدى الصواريخ طويلة المدى التي يمتلكها المحور الشيعي.

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في مارس الماضي، في خضم التوترات بين إسرائيل وحزب الله، أن تل أبيب تتجه للاستحواذ على ميناء في قبرص، لحماية وارداتها من البضائع في حال استهداف ميناء حيفا شمالي إسرائيل.

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أن الاستحواذ المحتمل على الميناء لا يتعلق فقط بالوضع في غزة، لكنه يعتبر رد على المخاوف الإسرائيلية بشأن الصراع المحتمل مع حزب الله الذي ربما يحاول استهداف ميناء حيفا.

مناورات عسكرية تحاكي الهجوم على لبنان

كما تأتي التدريبات والمناورات العسكرية من بين المزايا التي عددها المعهد، والاتفاقيات الأمنية في مجال الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، التي تفيد إسرائيل في الكشف عن عملاء حزب الله في قبرص.

في أبريل الماضي، مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، في أعقاب استهداف إسرائيل للقيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني محمد رضا زاهدي بالقنصلية الإيرانية في سوريا، ورد طهران بقصف صاروخي غير مسبوق على الدولة العبرية.

أعلن الجيش الإسرائيلي وقتها استئناف التدريبات المشتركة مع نظيره القبرصي، بعد توقف منذ اندلاع الحرب في غزة، ونفذ سلاح الجو الإسرائيلي تمرينًا مشتركًا مع نظيره القبرصي يحاكي هجومًا على إيران.

وفي مايو 2023، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، مناورات عسكرية في قبرص، تحمل اسم "شمس زرقاء"، تحاكي حربًا على لبنان، واختارت تل أبيب قبرص لإجراء هذه المناورات بسبب طبيعتها الجغرافية المشابهة لجنوب لبنان، وفقًا لإذاعة الجيش الإسرائيلي.

وفي عام 2022، شارك جيش الاحتلال في مناورات عسكرية واسعة في قبرص تحاكي الهجوم على معاقل حزب الله في جنوب لبنان، وقصف المنشآت النووية الإيرانية. كما شاركت قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناورات عسكرية عام 2019.

كما نفذت قوات الاحتلال في عام 2017، تدريبات في جبال قبرص الوعرة التي تشبه المناطق الجنوبية اللبنانية.

ومنذ اندلاع التوترات بين حزب الله وإسرائيل على خلفية الحرب في غزة، قتلت الغارات الإسرائيلية أكثر من 400 لبنانيًا بينهم نحو 320 من عناصر حزب الله و80 مدنيًا، فيما قتل في إسرائيل 16 جنديًا و11 مدنيًا.