"إمبراطورة اللحمة الجملي" لقب تحمله هويدا حسنى ابنة حي البساتين، على الرغم أن لها أربعة من الإخوة الشباب إلا أنها كانت يد والدها اليمنى، بحكم أنها تكبرهم سنًا، تقول "هويدا": لم أنل حظى من التعليم رغم أنى ذكية وأستوعب ما يحدث جيدًا، ولكن عوضني الله عز وجل بمهنة أحبها وتفوقت فيها، كان والدى يعتمد على في الحسابات والبيع والشراء.

بنظرة العين هويدا تزن الجمل

"الجمال ما بتتوزنش، أبص للجمل أعرف كام كيلو من نظرة العين" كانت ابنة العشرة سنوات تذهب إلى أسواق الجمال بصحبة والدها حتى تعلمت أصول المهنة من صغرها، تقول هويدا الجزارة والتي تبلغ من العمر الآن 60 عامًا: "رغم صغر سنى كنت أنظر إلى الجمل فأعرف وزنه وجودته، دخلت مزادات كثيرة على الجمال واشتريت وكسبت، والجمال التي نعمل فيها تسمى جمال "العلف والذبيح" التي يجب آلا تكون سمينة وأن تكون عريضة جدًا، كما علمني أن عمر الجمل يُعرف من أسنانه، والأفضل للذبيح الجمل الذى يتراوح عمره من 3 إلى 5 سنوات، ويتراوح عمر الجمل في العموم ما بين 30 إلى 40 سنة، ويشتهر الجمل أنه لا يأكل أي شيء، إلا التبن والردة فقط، لذلك تجد اللحوم الجملي نظيفة ولذيذة جدًا، وعن سعر كيلو اللحمة الجملى يباع بـ 300 جنيه.

كانت "هويدا" فتاة جميلة ممشوقة القوام بيضاء البشرة، عيناها جميلتان تشبه عيون المها، حظيت بجمال كانت تحسد عليه، ولكن كل هذا الجمال نحته جانبًا بل طمسته لكى تستطيع أن تكون يد والدها اليمنى، تقول: "أنا ماعشتش حياتى ولا أنوثتى، شغلى خلانى قوية صوتى عالى، لبسي زى الولاد عشان بتعامل بطريقتهم، كنت وسطتهم ولد زى زيهم".

تتذكر الفتاة حين اشتد عودها أحببت أن أضع الكحل في عينيها وتساوى الحاجب، وحين رآها والدها ضربها بسير ماكينة الفرم، من يومها لم تفكر في ذلك مرة ثانية حت تزوجت.

الالتزام بطريقة عمل الوالد والأجداد

"أنا باكل من تحت إيد الزبون مش هو اللي بياكل من تحت إيدى" حكمة تعلمتها من والدها كما تقول "هويدا" لذلك لابد أن تعطى الزبون ما يطلبه وأن تكون بيعتها بلا رجعة، وتتابع "الجزارة "حديثها لـ"اليوم السابع" قائلة: "أنا ماشية بطريقة جدودى في الجزارة الحاجة الحلوة بتجيب زبونها، لازم تكون لحمتى حلوة ونضيفة ومسكرة، عشان الزبون يرجع لى تانى".

لم تخرج "إمبراطورة الجملى" عن الطرق الشرعية في ذبح الجمل، لابد أن يذبح في المدبح كى يقوم الطبيب البيطرى بالكشف عليه ويعطيه الختم لضمان جودة اللحمة، ورغم ذلك فأنا تعلمت ذبح الخراف وسلخها وتشفيتها ولا أخاف لقد تعودت على الذبح، ولكن على المستوى العائلي لأنى أبيع اللحمة الجملى فقط.

حياة هويدا 4 أبناء و13 حفيدا و3 محلات جزارة

ظلت الفتاة في عملها مع والدها حتى تزوجت في سن السابعة عشر عامًا من عامل ملبط، تقول "هويدا": لم أعرفه قبل الزواج رغم أنه ابن صديق والدى ومن الحى الذى أعيش فيه، ولكني أحببته جدًا بعد الزواج لقد أحسن العشرة، لم يهنى ولا يغضبني أبدًا، أنجبت بنتان وولدان ولدى 13 حفيد، في بداية زواجنا طلب منى أترك العمل، ولكن لأنه كان يعمل في السعودية وأنا هنا بمفردي، طلبت منه أن أنزل للعمل فوافق بعد إلحاح منى، وعلى الفور بعت ذهبى الذى اشتراه لى من قبل، واشتريت بيت ومحل وبدأت أستقل في عملى كجزارة للحمة الجملى، ونجحت.

وفاة الزوج

منذ سنتين دق الحزن قلب "هويدا" بعد رحيل زوجها، تقول الزوجة والحبيبة "هويدا": "ما فيش حد بيعوض حد وخصوصًا زوجى لا يعوض، لا ابن ولا أخ يمكن أن تعوضنى عن حنانه وأمانته وحسن معاشرته".

وانتهت هويدا حديثها لـ"اليوم السابع" قائلة " أنا بشتغل بالرقبة الطويلة الرقبة الجملى، وبتشرف بمهنتى جدًا، ورفعة راسي أوى زى الجمل، وبقول لكل ست الشغل مش عيب اشتغلى واثبتى نفسك، اقفى في وش الدنيا جبل مايهزكيش ريح زى هويدا ".