رغم الغلاء الذي ضرب أسعار أضاحي العيد في مختلف الأسواق الوطنية خاصة في ظل ضعف القدرة الشرائية للعديد من الأسر المغربية، إلا أن أجواء التضامن والتآزر مازالت حاضرة بالمشهد الاجتماعي بالمغرب، حيث ساهمت وسائل التواصل الإفتراضية في تعزيز هذه الظاهرة الإنسانية وسط أزمة اقتصادية واجتماعية محضة أثرت بشكل ملحوظ على الإنفاق اليومي للمستهلك المغربي.
وحسب ما عاينته “الأيام 24” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أغلب المجموعات “الفايسبوكية” عملت على جمع التبرعات المالية لفائدة الأسر الفقيرة غير القادرة على شراء أضحية العيد، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي تتسم بالغلاء “الفاحش” وفق وصف المراقبين، علما أن الحكومة المغربية خصصت دعما ماليا لفائدة المستوردين من أجل تخفيف وطأة الغلاء على المواطن المغربي.
ومنذ بدء عمل الأسواق الوطنية المختصة في بيع الأغنام، وأيضا المساحات التجارية الكبرى في ترويج المواشي الموجهة للذبيحة، تقاطرت على مواقع التواصل الاجتماعي شكايات المواطنين المغاربة بخصوص الغلاء الذي تعرفه الأضحية، الأمر الذي دفع بعض الأسر إلى التنازل عن هذه السنة والاعتماد فقط على الصدقة للأسر الأكثر تضررا في هذه المرحلة.
وفي هذا الصدد، قالت سمية نعمان جسوس، اختصاصية في علم اجتماع، إن “التضامن كان دائما في المجتمع المغربي رغم انخفاضه في المدن مقارنة مع القرى والمداشر”، مضيفة أن “وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في تنامي هذه الظاهرة الاجتماعية، خاصة في ظل عيد الأضحى المبارك الذي يعد مناسبة مقدسة لدى المغاربة”.
وأوضحت جسوس، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “عيد الأضحى له طقوس فريدة من نوعها مقارنة مع الأعياد والمناسبات الدينية الأخرى، حيث يجتمع البعيد مع القريب وتلتقي فيه الأسر والعائلات من مختلف المدن المغربية أو في الخارج من أجل احياء صلة الرحم”.
وتابعت أن “هذا العيد مقدس لدى المغاربة من الناحية الدينية والطقوس والروابط الأسرية، وهذا ما يفسر التضامن الاجتماعي بين الأسر الميسورة والمعوزة”، مؤكدة على أن “التضامن مهم جداً في هذه المناسبات الدينية لإدخال الفرحة على الأسر الفقيرة”.
وأشارت الاخصائية في علم الاجتماع إلى أن “الوعي الاجتماعي والتضامني موجود بين المغاربة منذ زمن طويل وأيضا بين المسلمين وهذا وارد في الأحاديث النبوية الشريفة، وعلى الدولة أن تدخل في إطار هذا التضامن مع الأسر الفقيرة غير القادرة على أداء سنة العيد”.
من جهته، يرى أحمد كافي، أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية، أن “التضامن شعار الإسلام فإنه هو الذي يأمر الناس على البر والتقوى وأن يتآزروا وأن يساعد بعضهم بعضا، لأن هذا موجود في كتاب الله تعالى والسنة النبوية الشريفة وأيضا الإجماع بين فقهاء الدين”.
وأضاف كافي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الإسلام يحث المسلمين على التضامن في ما بينهم خاصة في مثل هذه المناسبات الدينية”، موضحا أن “هذا التضامن يختلف بين المناسبات والجميع شهد التضامن الذي كان يقدمه المغاربة في زلزال الحوز”.
وأكد أن “الأصل في فعل الخير أن يقوم به الإنسان بالسترة دون مُجاهرة”، منبها إلى أن “الرياء يعد من محبطات عمل المتصدق، ويجب الحرص على كرامة الناس أثناء القيام بهذا العمل الإنساني، في حين قد يعمل بعض الناس على المجاهرة بالخير من أجل حث باقي المسلمين على فعله وهذا أمر مقبول دينيا”، يؤكد كافي.
