كنيسة القديسة مريم المصرية بميفيدا
كنيسة القديسة مريم المصرية بميفيدا
كنيسة القديسة مريم المصرية بكومباوند “ميفيدا”، بالقاهرة الجديدة، هي كنيسة صغيرة وحديثة الإنشاء، جاء تصميمها غير تقليدي، إذ تجد نفسك للوهلة الأولي أمام مبني يبرز الفن المعماري المصري القديم ولكن بخطوط حديثة.. مبنى غني بالرموز الكتابية والفنية من الخارج والداخل أيضا.. فالكنائس ليست مجرد حجر وطوب أو مبنى يحقق وظيفة فقط، بل هو مبنى كنسي يعطينا بُعد روحي يؤثر فينا كمسيحيين. ولمعرفة الرسائل الرمزية التي توجهها لنا عمارة هذه الكنيسة تحديداً، إحدى الكنائس الحديثة التي تميزت في تصميمها، توجهنا بالسؤال للمهندس سامر بنيامين غالي المهندس المعماري الذي صمم الكنيسة لكي نعرف الدلالات والرموز التي تحملها الكنيسة لشعبها.
وفي تصريح خاص لوطني، شرح لنا المهندس سامر غالي أنه منذ اللحظة الأولى من التصميم حاول أن يراعي التغلب على مشكلتي المساحة الصغيرة والإرتفاع القليل، ولأن المبنى كنسي يتأثر فيه الشعب أثناء الصلاة كان يجب إضفاء رموز من الكتاب المقدس على كتل وفراغات الكنيسة، مع مراعاة الحفاظ على التراث المعماري المصري القديم بخطوط حديثة تواكب عصرنا الذي نعيش فيه.
وأوضح غالي أنه تم التغلب على الشعور بصغر المساحة وإضفاء الانطباع بكبرها، عن طريق تكبير عرض الكنيسة من ناحية الهيكل وحامل الأيقونات في الشرق، ثم تصغير عرضها على مرحلتين كلما رجعنا جهة المدخل في الناحية الغربية. الأمر الذي أضفى على الحضور بالشعور بأن الكنيسة أطول من الواقع، وزاد الشعور بمساحة الكنيسة طولاً وعرضاً، وظهرت بمساحة أكبر بكثير مما كانت ستظهر عليه، في حالة تصميمها على شكل مربع، أو مستطيل، أو صليب، أو دائرة… إلخ
أما التغلب على قلة إرتفاع السقف فكان باللجوء إلى إستخدام الخطوط الرأسية بكثرة في تصميمات الشبابيك الجانبية وحامل الأيقونات، هذا بالإضافة إلى الخطوط الرأسية التي ظهرت على الحائطين الجانبيين نتيجة لتقسيم لصحن الكنيسة إلى ثلاثة أقسام، الأمر الذي أضفي شعورا بزيادة الإرتفاع عن الواقع بكثير.
وأخيرا تم تدريج ارتفاع السقف، من قسم إلى قسم، في الثلاثة أقسام لصحن الكنيسة، للوصول الي الشكل “التليسكوبي” الذي يبدأ صغيرا ثم يتسع كلما تقدمنا للأمام.
أما عن إضفاء الرمزية العقيدية من الكتاب المقدس على كتل وفراغات الكنيسة فأشار المهندس المعماري، أنه استند في تصميمه على سفر حزقيال الإصحاح ٤٧، فهناك رؤية شاهد فيها حزقيال النبي بيتاً تخرج من تحت عتبته المياه جهة الشرق، والمياه هي رمز من رموز الروح القدس في الكتاب المقدس. فسار حزقيال النبي في المياه ألف خطوة والمياه وصلت إلي الكعبين، ثم سار ألف خطوة والمياه وصلت إلى الركبتين، ثم سار ألف خطوة والمياه وصلت إلى الحقوين، ثم دخل في نهر سباحة لا يعبر.
وهذه الرؤية تشير إلى التدرج في عمل الروح القدس في حياتنا، كلما سرنا في معيته… وهذا التدرج تم التعبير عنه بالتدرج في عرض وارتفاع أقسام صحن الكنيسة الثلاثة، كما تم التعبير عنه في التدرج في ارتفاع التجاليد الرخامية الداخلية على جانبية الكنيسة، وتم التعبير عنه أيضا عن طريق اختيار اللون الأزرق الفاتح في صرة أرضية المدخل، وكسوة الكنب مع التدرج من الأزرق الفاتح الي الغامق في لون موكيت الممر الأوسط من المدخل إلي صحن الكنيسة حتى نصل للهيكل.
وشرح المهندس سامر أنه إلى جانب رؤيا حزقيال النبي، فقد ظهرت في التصميم أيضا رموز التثليث والتوحيد في مدخل الكنيسة الرئيسي عن طريق تقسيم الواجهة إلى ثلاثة أبواب داخل إطار واحد… وفي نفس السياق أيضا يوجد أعلى المدخل الرئيسي وأعلى مدخل الهيكل أقواس لها ثلاثة مراكز بينما تكون معا قوس واحد كبير.
وأضاف المهندس سامر غالي حرصه على أن يكون للمبنى روح عمارة المصري القديم بخطوط معاصرة. وهذا ظهر في تأثر المبنى سواء في مسقطه الأفقي او واجهته بتصميم المعبد المصري القديم. فالتدرج في كتل الكنيسة تشابه مع التدرج في كتل المعابد الفرعونية القديمة ولكن في الإتجاه المعاكس – فأقدس مكان أصبح هو المكان الأكبر والأوسع والأعلى على عكس المعابد القديمة التي كانت تصمم أقدس مكان هو الأصغر حجماً، لأن المصري القديم كان يعبد التمثال الموجود في قدس الأقداس، أما نحن المسيحيون فنعبد الله الغير محدود.. وبذلك نلاحظ أن كتلة الكنيسة تعتبر كتلة مصرية قديمة تم صياغتها بفكر مسيحي، وبخطوط حديثة، إشارة الي الأصالة والمعاصرة في فكر وعقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.