النجوم وأثرها علي الإنسان
النجوم وأثرها علي الإنسان
منذ نحو ألفي سنة عالج اللاهوتيون وعلماء الفلك قصة النجم الذي ظهر للمجوس في المشرق وقادهم إلي بيت لحم, حيث ولد المسيح, فقد ظهر النجم فعلا ليدل بدلالة واحة علي المجد وتساءل علماء الفلك بعد ذلك, هل ولد فعلا نجم جديد في السماء في ذلك الوقت وهل كان هذا النجم من النوع الذي يسمونه سوبر نوفا أم كان نجما منفجرا أو شهابا أو مجرد اقتراب كوكبين لامعين من بعضهما البعض؟
إن العلماء حتي وقتنا هذا لم يتفقوا علي نوع هذا النجم الخاص الذي ملأ السماء ليعلن عن ولادة يسوع المسيح الذي جاء يخلص العالم من سلطان الخطيئة ويقولون إن الشيء الذي رمز إليه النجم هو الذي يعنيهم أكثر من أي شيء آخر, فقد كان الشيء الذي يعني أولئك الذين سجلوا ولادة السيد المسيح أن يربطوا هذه الولادة العظيمة بظهور نجم لامع في السماء وحتي يومنا هذا فأن ظهور نجم جديد في قبة السماء يثير ويشد انتباه العلماء في كل مكان, وليس من العسير فهم لماذا اختير نجم من النجوم ليعلن عن ولادة السيد المسيح, فقد ذكر جرينشتين العالم بمعهد التكنولوجيا في كاليفورنياأن النجوم أكثر غموضا من القمر أو الشمس وفي وقت السيد المسيح كان الناس يعتبرون النجوم من الظواهر المهمة عن أي شيء آخر.
وفي ظلام الفراغ تنتج النجوم أثناء حياتها العوامل التي تجعل الحياة ممكنة وتحافظ عليها, فعندما تموت النجوم أو العناصر عبر السماء التي تصبح في آخر الأمر جزءا من نجوم وكواكب جديدة, وعلي ذلك ففي موتها ولادة جديدة أو حياة.
وفي الحقيقة فأن الأرض ونجمها-الشمس خلقت أصلا من غبار هذه النجوم وعلي ذلك فالمخلوقات البشرية هي أبناء للنجوم فالناس وجميع هيئات الحياة في الأرض هي مجموعات من الذرات التي صهرت في أفران النجوم,وأن الكيمياء وعلي ذلك كل أنواع الحياة قد كونتها النجوم, هكذا يقول عالم النجوم باتريك فدز من معهد هيئة بحوث الفضاء ويضيف فيما عدا الأيدروجين فأن كل شيء في أجسامنا قد أنتج أو وجد في التفاعل الحراري الناجم عن النجوم.
النجوم في الحضارات القديمة
اعتقد أهل ما بين النهرين أن النجوم كانت آلهة سيطرت في أقدارهم.. كما أعتقد السومريون في نظام النجوم واستخدموا معرفتهم الخاصة بحركات النجوم في تحديد مسار الفصول وتحديد أوقات الزراعة والحصاد, أما الأشوريون فقد ظنوا أن النجوم كانت تحدد أقدار الإنسان واعتبروا حركات الكواكب في مداراتها المختلفة كفال حسن أو سيء, وفلسف اليونانيون طبيعة النجوم فذكر أكسينوفينيس الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد أن الأجسام السماوية عبارة عن سحب مضيئة وليست آلهة, ووصف أنكسيمندر السماء علي أنها كرة يحيطها من الخارج عجلات من النار, وعلي ذلك فالنجوم كانت ضوء هذه النيران التي تلمع من خلال أنابيب وثقوب في السماء, واعتقد فيلسوف آخر بأن النجوم ثابتة كالمسامير في قبة السماء, أما أرسطو فقد اعتقد بأن الأجسام السماوية ثابتة وكاملة, وقد أثرت ملاحظته هذه علي الفكر الأغريقي حتي إن عالم الفلك هيباركس لاحظ وجود نجم جديد في عام 134 قبل الميلاد بالرغم من أن العلماء الآخرين لم يشيروا إلي هذا الاكتشاف مطلقا, كما أنه وضع أول خريطة صحيحة ودقيقة للنجوم في العالم كله اهتدي بها علماء الفلك فيما بعد.
وفي القرون الوسطي حدد عالم الفلك كوبرنيكوس مكان الأرض من النظام الشمسي ولكن تفكير أرسطو ظل يسيطر علي تفكير العلماء حتي عام 1572 عندما لاحظتايكو براهي وجود نجم لامع جديد والذي يعرفه العلماء اليوم بسوبر نوفا أو نجم منفجر بجوار حجرة ذات المثيركاسيوبيا ولم يكن هذا النجم ظاهرا قبل ذلك.. وفي أوائل القرن السابع عشر استخدم العالم جاليليو تلسكوبه ليكتشف وجود يقع في قرص الشمس وأثبت أن السماء كانت مملوءة بالنجوم التي لا يمكن أ’ن تراها العين المجردة, وفي عام 1718 أثبت عالم الفلك أدموند هالي أن نجم الكلبي الأكبر ونجم الشعري الشامية ونجم حرس السماء قد غيرت من مكانها-بالنسبة للنجوم الأخري- وذلك منذ أزمنة الأغريق, وأكد أن النجوم ليست ثابتة في السماء, وفي أوائل القرن العشرين عرف العلماء أن الشمس كانت واحدة من مليارات النجوم في مجرة علي هيئة قرص أو جزيرة نجوم تحوي الكون كله, وفي عام 1920 حسب كارلو شبيلي أن المجرة التي تسمي درب التبانة أو الطريق اللبني كانت تبعد عنا بنحو 200 ألف سنة ضوئية المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة عبارة عن 6 تريليونات ميل في قطرها وهي مسافة لا يمكن أن يفهمها الإنسان عادة, وهي اليوم أكبر ثلاث مرات مما كانت عليه أصلا ولكن حدود الكون لم تكن قد غرفت بعد, وباستخدام التلسكوب الضخمة اكتشف العلماء أن بعض النجوم التي كان يظن أنها جزء من مجرة درب التبانة كانت في الحقيقة مجرات أخري وقد احتوت كل مجرة منها علي مليارات النجوم البعيدة فيما وراء الطريق اللبني بمسافات بعيدة.
وباستخدام تلسكوب بالومار الذي يبلغ طوله قطره200 بوصة والتلسكوبات اللاسلكية التي تستخدم أشعة إكس وأشعة جاما استطاع العلماء أن يروا حواف الكون ذاته معا في داخل النجوم المتنائية البعد مما جعلهم يستطيعون إجابة بعض الأسئلة التي دارت في ذهن الإنسان منذ فجر التاريخ منها: كم تبعد النجوم عنا.. وما الذي يجعلها تضيء وكم مضي عليها من الأزمنة وهي في أمكنتها البعيدة وهل ستظل هذه النجوم إلي الأبد, وفي المقال القادم سنجيب علي هذه الأسئلة التي دارت في رأسه بعد أن قرأ السطور الأولي في الأصحاح الأول من سفر التكوين التي تقولفي البدء خلق الله السماوات والأرض, وكانت الأرض خربة وخالية وعلي وجه القمر ظلمة وروح الله يرف علي وجه المياه, وقال الله ليكن نور فكان نور.