بدأت تتوسع تجارة “أضاحي الميزان” تدريجيا بالأسواق الوطنية بشكل ملفت للانتباه، إذ أصبحت جميع التجمعات التابعة للمساحات التجارية الكبرى وأيضا أغلب الضيعات المختصة في بيع الأغنام على المستوى الوطني تعتمد على الكيل والوزن لبيع أضحية العيد، لكن الجدل احتدم حول “شرعية هذه المعاملات التجارية المستحدثة والتي مازالت تغني النقاش المجتمعي الديني خلال كل سنة”.
ورغم أن قضية “تجارة أضاحي العيد الموزونة” فيها خلاف بين فقهاء الدين الإسلامي وعدم جزم المذهب المالكي في شرعيتها الدينية وعدم وجود فتاوي قوية إلى حدود اللحظة من طرف الفقهاء، فإن أغلب المغاربة أصبحوا يعتمدون على الميزان بدل معاينة ومساومة أسعار الأغنام الموجهة لأداء سنة العيد.
لحسن سكنفل بن ابراهيم، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات تمارة، يقول إن “هذا الموضوع فيه خلاف بين فقهاء الدين، منهم من أجازه وجعله ميسرا للمسلمين الراغبين في أداء سنة العيد عن طريق شراء الأضحية بواسطة الكيل والوزن، ومنهم من حرم هذه العملية التجارية”.
وأضاف سكنفل، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “في هذه الحالة نعمل بالخيار، بمعنى فإن المسلم له حق الخيار في شراء أضحية العيد سواء بواسطة المعاينة أو عن طريق الكيل والميزان”، مؤكداً على أنه “لا يوجد هناك حكما شرعيا نهائيا أو قطعيا في الموضوع”.
وأردف رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات تمارة أن “الجميع يعرف أن السوق الوطنية المختصة في بيع الأغنام تسير عن طريق العرض والطلب، والانسان عليه بالخيار لأن هذا الأمر جديد ومستحدث”.
وتابع المتحدث عينه أن “هذه المعاملة لم يجزم المذهب المالكي في حلها لأنها جديدة وليست قديمة، ولا أدري أن سبق للمجلس العلمي الأعلى أن أصدر فتوى في هذا الشأن”.
من جهته، قال الأستاذ عبد الكامل بولعمان، عضو المجلس العلمي المحلي للرباط واعظ و خطيب، إن “جوابي على سؤالكم ليس فتوى وإنما هو توضيح وبيان لما تقرر في فقه البيوع في المذهب المالكي، فمن يسر الشريعة الإسلامية أن وضعت للمعاملات المالية التي يتوصل بها الناس إلى حاجتهم مما في أيدي الآخرين ضوابط وأحكاما تضمن العدل والإنصاف، وتدفع الضرر والحرج، إذ لو لم تضبط هذه المعاملات المالية، التي منها البيع بشروطه وأركانه ستقع الفوضى والشك في نفوس الناس”.
وأوضح بولعمان، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الشيخ خليل المالكي رحمه الله قال: “يَنْعَقِدُ البَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَيَقُولُ: بِعْتُكَ، وَيَرْضَى الآخَرُ”، وبناء عليه فمصلحة البائع والمشتري إذا تحققت في بيع أضحية العيد وزنا كما نجده في بعض الأسواق الممتازة في مدينة الرباط وغيرها ووقع التراضي بين الطرفين فالبيع صحيح كما هو الشأن في بيع الخضر والحبوب وإذا تحققت المصلحة في البيع بالمعاينة كما يقع في البوادي في الأسواق الأسبوعية فالبيع أيضا صحيح”.
“لذلك ففي هذه المسألة لم يرد نص شرعي لا بالتصريح ولا بالتعريض في المنع إلا إذا وقع غش في الميزان فهذا يعود إلى ضمير البائع ومسؤوليته ولذلك نكاد ولله الحمد لا نجد فرقا بين بيع الخروف وزنا وبيعه بالمعاينة لأن المعاينة نفسها تقدر وزن الخروف لتحديد ثمنه ولذلك فالأمر مبني على التيسير ورفع الحرج”، يضيف المتحدث.
واستطرد عضو المجلس العلمي المحلي للرباط واعظ و خطيب أنه “قد تتفاوت أثمنة الأضاحي بحسب جودتها سواء بالوزن أو بالمعاينة وأمر يستوعبه أفراد المجتمع المغربي ويدركونه، فالأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل شرعي على تحريمها أو منعها ولم نقف على دليل يمنع بيع الأضاحي بقيمة وزنها وهذه المسألة تنطبق أيضا على الدجاج البلدي فما زال شراؤه في الأسواق الأسبوعية في البوادي بالمعاينة لكن في المدن تيسيرا للمعاملة وضبطا للمبيعات يباع وزنا”.
