ارتفعت نسبة التوقعات في الساعات القليلة الماضية من قبل مختلف المراقبين السياسيين حول “حدوث رجة حكومية طال انتظارها لشهور عدة” حسب ما تعود عليه المغاربة مع الحكومات السابقة. إذ أصبح “التعديل الحكومي” عرفا سياسيا يطبق مع نصف كل ولاية حكومية، خاصة أن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الراهنة تحث على ضرورة تغيير التركيبة الوزارية في أسرع وقت ممكن.
تكهنات عديدة وتصورات مختلفة تحوم حول قطار الحكومة الذي من المرتقب أن يقف لبضع ساعات من أجل نزول بعض الوزراء الذين أثاروا ضجة في الآونة الأخيرة بسبب زلاتهم الكلامية أو أخطائهم الأخلاقية أو حصيلتهم المتواضعة التي لا ترقى إلى مستوى تطلعات البرامج الحكومية المسطرة، وسط شبه اجماع المتتبعين على أن ينال حزب الأصالة والمعاصرة حصة الأسد من موجة التغيير الحكومي.
وعلى هذا النحو، فإن الحدث الذي زاد من حدة التوقعات السياسية المتعلقة بالتجديد الحكومي المنتظر في الأيام المقبلة، هو تأجيل المجلس الحكومي إلى الخميس المقبل، مع إمكانية عقد مجلس وزاري سيرأسه الملك محمد السادس حسب المعطيات التي وفرتها بعض التقارير الصحفية.
عرف سياسي منتظر
في هذا الإطار، قال إسماعيل الحمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إن “التعديل الحكومي هو عرف سياسي يقع في منتصف ولاية كل حكومة حسب ما تم في السنوات الماضية، ومن المتوقع أن يتم إجراء تعديل حكومي في أفق الدخول السياسي المقبل أي من الآن إلى شهر أكتوبر القادم”.
وأضاف الحمودي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “هناك أسباب كثيرة تجعل الجهات المعنية تعمل على إحداث تغييرات على مستوى التشكيلة الحكومية، خاصة بعد الرجة التي تعرضت لها الأغلبية وخاصة حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعتبر ضلعا من أضلاع الحكومة الحالية”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك أسماء عديدة خلقت الجدل في الآونة الأخيرة، لذلك لا بد من ضخ دماء جديدة في التركيبة الحكومية”، مشيرا إلى أن “التعديل الحكومي يتخذ مجموعة من المعايير التي تعتمد عليها الجهات المعنية”، موضحا في الوقت ذاته أنه “هناك زلات كلامية وأخلاقية أقدم عليها مجموعة من الوزراء الشيء الذي قد يؤدي إلى خروجهم من الحكومة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه هناك “وزراء كثر من بينهم عبد اللطيف وهبي وليلى بنعلي ويونس السكوري أصبحوا يتصدرون قائمة المهددين بالتغيير الحكومي، الأمر الذي يطرح إمكانية اقدام الجهات المعنية على تعجيل سفينة التعديل في الأيام المقبلة”.
وأوضح الحمودي أن “الأصالة والمعاصرة يعتبر الحلقة الضعيفة داخل هذه الحكومة بسبب الأخطاء المرتكبة من قبل الوزراء “الباميون”، ومن المتوقع أن يشمل هذا التعديل القطاعات التي يدبرها حزب الجرار”.
إجراء لا بد منه
من جهته، يرى محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقني، أنه “كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التعديل الحكومي المرتقب، من أجل تجديد الدماء وتطوير أداء الحكومة، وذلك باخراج بعض الوزراء الذين أبانوا على ضعف سياسي كبير وعدم قدرتهم على مسايرة عمل الحكومة الحالية”.
وأردف نشطاوي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه هناك “إتجاه يروم تقليص عدد الوزراء، وهناك إتجاه يعمل على ترضية بعض الأحزاب التي لم تنل حظها أو نصيبها من خلال الأدوار التي تلعب داخل الحكومة كحزب الاستقلال، في ظل التحديات الكبيرة التي يعرفها المغرب”.
وأكد المحلل السياسي أنه “هناك مشاكل عديدة شابت بعض القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، الأمر الذي يجعل التعديل الحكومي “آت لا محالة”، غير أن هذا التغيير قد يعصف بشكل كبير وزراء حزب “البام” الذين ارتكبوا أخطاء يمكن وصفها بالكارثية”.
وشدد المتحدث عينه على “ضرورة إجراء تغيير عدد من الوزراء بسبب حصيلتهم المتواضعة أو بسبب السلوكات غير الأخلاقية”، مؤكدا على أن “المغرب يحتاج إلى حكومة قادرة على تنزيل الأوراش الكبرى ومواجهة التحديات الصعبة”.