“كل شيء بخير إلا أنا، وكل شيء بخير إلا غزة، وكل الحب من قلب الحرب”، بهذه العبارات المؤثرة، وصف أكرم الصوراني، كاتب فلسطيني ونازح بالمنطقة، جحيم الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي والتي تحصد يوميا أرواح النساء والأطفال والمسنين الفلسطينيين وتنتهك حرمتهم أمام أنظار العالم، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة متاعب النازحين يوما بعد يوم، جراء التهجير القسري التي تعتبر “أخطر نكبة إنسانية في العصر الحديث”.
النزوح القسري للفلسطينيين تختلف مظاهره وعوامله من أسرة إلى أخرى، فهناك من سلك طريق الموت بشكل اضطراري بسبب هدم الاحتلال مسكنه، في حين هناك من اختار الهجرة نظرا لانعدام أساليب الحياة الكريمة، لكن أغلبهم كانوا مرغمين على الخروج تفاديا لإبادة القصف الإسرائيلي.
الكاتب الفلسطيني والنازح أكرم الصوراني، قال إن “الحرب تجربة قاسية على المستوى الشخصي، حيث نزحنا من غزة المدينة إلى خانيونس في مؤسسة إسمها الثقافة والفكر الحر في حي يدعى بحي الأمل”، مردفا: “مكثنا في هذه المنطقة لمدة تقارب 100 يوم، قبل أن يشتد القصف وتنهال الأوامر باخلاء المكان”.
وأضاف النازح الغزاوي: “انتقلت أنا وزوجتي وابني خالد وابنتي كارمن إلى منطقة برفح تسمى بـ”المصبح” عند عائلة زوجتي، قبل أن تقوم السلطات الإسرائيلية الصهيونية بمطالبة الجميع باخلاء المكان”، وزاد “قفزنا من هذه المنطقة إلى مكان آخر يسمى بـ”المواصي”، جميع المساكن هناك عبارة عن خيم أنجزتها مؤسسة الثقافة والفكر الحر”.
وتابع أن “كل هذه العمليات الانتقالية كانت ترهق النازحين خاصة المدججين بالأغراض المنزلية، قبل أن يتم الانتقال إلى المكان الحالي بمنطقة “دير البلح”، باعتبارها منطقة إنسانية حسب إفادات القوات الصهيونية الظالمة”، مشيرا إلى أنه “في المواصي هناك خيمة وضعتها كخطة “ب”، لأنه الأمر الوحيد الذي شجعني من أجل الانتقال إلى هذه المنطقة هو وجود منزل اسمنتي”.
وأوضح الكاتب الفلسيطيني بنبرة حزينة: “حياة الخيم هي حياة مزرية وقاسية ومتعبة مع وجود إمكانيات ضئيلة تتعلق بالمياه والأكل والإنارة والكهرباء إضافة إلى الحمام الذي يعتبر من بين المشاكل التي يواجهها النازحون الفلسطينيون”، مضيفا أن “بعض النازحين أصبحوا يعتمدون على الطاقة الشمسية من أجل الحصول على الكهرباء”.
وكشف الصوراني، أن “رحلة المعاناة والبؤس تنخر كل تفاصيل الحياة هنا برفح أو دير البلح”، لافتا إلى أن “معركة “المياه” أكبر من معركة الصهاينة حيث تزن قطرة ماء ذهبا نظرا لقلة الموارد المائية أو شبه انعدامها إذ صح التعبير”.
وخلص النازح الغزاوي، إلى أن “الناس في غزة تأكل كل شيء إلأ الأكل، وخاصة النازحين لأن عملية النزوح بحد ذاتها حرب، حيث إن أول مشكل نواجهه هو المواصلات لأنها باهضة الثمن نظرا لارتفاع أثمنة البنزين والصولير”، مشيرا إلى أن “إغلاق المعابر الحدودية تعتبر من الأسباب المؤدية إلى ارتفاع تكلفة جميع المواد”.