ملامح تحول استراتيجي.. هل تصطف تونس إلى جانب روسيا؟


 

ذكرت صحيفة “لاروبيبليكا” الإيطالية في مقال نشر يوم 19 ماي الماضي أن مطار جربة، المحطة السياحية الواقعة جنوب شرق تونس، كان مؤخرا مسرحا لعدة رحلات جوية لطائرات “عسكرية” روسية وبوثيرة غير معهودة. الخبر أثار بعض التساؤل لدى المراقبين والدوائر المهتمة بالتوازنات الاستراتيجية الإقليمية

 

السلطات التونسية التزمت الصمت حول الموضوع فيما كذبت موسكو الخبر عبر بلاغ لسفارتها في ليبيا – وليس سفارتها في تونس- واعتبرت هذه الانباء “كاذبة ومضللة”. فتونس كانت تقليديا نحو الغرب في علاقاتها (قواتها المسلحة مرتبطة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة) وكل محاولة للتحول نحو روسيا سيكون بمثابة قطيعة جوهرية في سياسات تونس، لكنها تبقى حتى اللحظة تحولا نظريا لا تدعمه دلائل ملموسة…. لكن خطابات وتوجهات الرئيس قيس سعيد الذي ينتقد “الاملاءات” الغربية كلما أتيحت له الفرصة، تخلق نوعا من القابلية أو الجاذبية نحو الخطاب السائد في موسكو.

 

وتفيد مصادر دبلوماسية غربية أن “رحلات لطائرات روسية في جربة تمت بالفعل ولكننا لا نعرف طبيعتها”. وتفيد أنباء غير مؤكدة تروج في دوائر مهتمة بالقضايا الأمنية، يتعلق الامر ب”طائرات شحن” وطائرات نقل مدنية وليست طائرات عسكرية كما ذكرت الصحيفة الإيطالية.. وبعض هذه الطائرات نقلت بعض الروس العاملين أو المرتبطين بالشركة الأمنية “فاغنر” السابقة (أصبحت تسمى ” أفريكا  كورب”) قادمين للراحة والاستجمام في جزيرة جربة؟؟؟.

 

وهناك طائرات أخرى تتوقف بالمطار للتزود بالوقود. وقد لوحظت مثل هذه الرحلات لطائرات روسية منذ حوالي السنة. وهو ما رأى فيه عدد من المحللين امرا غير بعيد عن عمليات إعادة انتشار للنفود الروسي في منطقة الساحل وفي ليبيا حتى وإن كان البعد العسكري المباشر غائبا حتى الآن.

 

هذه المعلومات والأخبار، وإن كانت غير دقيقة ومتفرقة، فإنها تؤشر على تحرك روسي حثيث لتواجد روسي أكبر في تونس. ويمكن ربطها بتحركات بحرية لاسيما تحركات الباخرة الروسية “ميكانيك ماكاران” – الموضوعة تحت طائلة العقوبات الامريكية منذ بداية الحرب في أوكرانيا- والتي رست في ميناء سوسة التونسي نهاية مارس الماضي في طريق عودتها إلى ميناء “مورمانسك” بعد أن قامت برحلة في عرض بنغازي شرق ليبيا. وحسب مواقع تتبع الملاحة البحرية، الباخرة في طريق عودتها إلى البحر الأبيض المتوسط وفي برنامجها توقف في ميناء صفاقص التونسي يوم 8 يونيو.

 

والأكيد أن العلاقات بين تونس وروسيا تزداد متانة، ولو أنه من السابق لأوانه الحديث عن تحول استراتيجي بارز. فبعد أن تأجلت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لتونس مرتين- ربما بضغوط أمريكية-  تمت الزيارة يومي 20 و21 دجنبر 2023 في سياق نمو قوي للمبادلات التجارية بين البلدين، ولو على حساب الجانب التونسي. فقد قفزت الصادرات الروسية من الحبوب سنة 2023 بحوالي 435 في المئة بالمقارنة مع سنة 2022 لتبلغ قيمتها 1.1 مليار دينار (326 مليون أورو) حسب الاحصائيات الرسمية.

 

ورغم العقوبات المفروضة على روسيا، ضاعفت تونس وارداتها من البترول الروسي ومشتقاته ثلاث مرات بالمقارنة مع سنة 2022 والتي كانت بدورها اعلى من السنوات السابقة. ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، استوردت تونس كميات كبيرة من البترول الروسي أكثر مما استوردته طيلة 9 سنوات السابقة.

 

يضاف إلى ذلك تعاون سياسي أكبر لا سيما في المجال الانتخابي، فقد وقعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس يوم 15 مارس الماضي مذكرة تعاون مع اللجنة الانتخابية الروسية. وفي هذا السياق زار رئيس الهيئة العليا التونسية فاروق بوعسكر موسكو للمشاركة في المهمة الدولية لمراقبة الانتخابات التي جرت في روسيا /ن 15 إلى 17 مارس الماضي والتي شهدت إعادة انتخاب فلاديمير بوتين بأغلبية 87 في المئة من الأصوات..

 

هذه الدبلوماسية الروسية الناعمة ترافق هذا التقارب. ومنذ عدة أسابيع شهدت شوارع تونس إعلانات دعائية لفائدة الصيغة العربية للقناة التلفزيونية الروسية “روسيا اليوم” التي فتحت مؤخرا مكتبا لها في الجزائر وعينت مراسلة لها في تونس. كما أن المركز الثقافي الروسي التابع للسفارة الروسية في تونس ينظم باستمرار تظاهرات حول الثقافة واللغة والتاريخ الروسي، ويشارك في التظاهرات الثقافية المقامة في تونس مثل المعرض الدولي للكتاب.

 

حتى هذه المرحلة يبقى التواجد الروسي في تونس محتشما ولو أنه أصبح أكثر ديناميكية ونشاطا، كما أن الأرضية تبدو ملائمة يغديها الإحباط الواضح لدى الرأي العام التونسي والعربي بشكل عام من التعامل الغربي والأمريكي مما يتعرض له الفلسطينيون من تقتيل في غزة. ويخدم الخطاب الروسي عن الإفلاس الأخلاقي للغرب. وفي سياق التوغل الروسي المتزايد في منطقة الساحل وفي ليبيا يبدو الرئيس قيس سعيد “ثمرة ناضجة تنتظر سقوطها في الحضن الروسي” حسب تعبير أحد المحللين المهتمين.

 

غير تغيير التوجه الاستراتيجي ليس بالأمر السهل فتونس حصلت سنة 2015 من الولايات المتحدة على وضع ” حليف رئيسي من خارج الحلف الأطلسي” وهي كذلك عضو – ولو على الورق- في تركيبة “رامستين” التي شكلها الحلف الأطلسي لمساندة ودعم أوكرانيا…وهو ما يفسر بعض الاحراج وحتى الغموض الواضح في تونس.

 

 

 

عن لوموند بتصرف

 

 

تاريخ الخبر: 2024-05-27 18:09:06
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 62%
الأهمية: 81%

آخر الأخبار حول العالم

الجامعة العربية: قرار الجمعية العامة بإنهاء وجود إسرائيل خل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:39
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

اليوم.. آخر موعد لمعرض أهلا مدارس الرئيسى فى مدينة نصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:32
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 36%

أسعار اشتراكات مترو الأنفاق للطلبة.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:33
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

وزير الصحة يعزي الخبراني في والدته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:24:30
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

وزارة الأوقاف تفتتح اليوم 26 بيتًا من بيوت الله منها 24 مسجدًا جديدًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:30
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 49%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية