الحرب والعنصرية والإرهاب والحضارة


هناك علاقة وثيقة بين الحرب والعنصرية والإرهاب، فكل الحروب، بإستثناء حروب التحرير، انطلقت من أرضية عنصرية، وإعتمدت أساليب إرهابية سواء كانت حروبيا نظامية أو غير نظامية. وهنا لا أعنى فقط الحروب بين الدول، ولكن كل الحروب بما فى ذلك الحروب الداخلية والتى أزهقت أرواح الملايين من البشر وكان للمنطقة العربية نصيب منها. إلا أن مناخ الحروب الذي عشناه ونعيشه منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر والتى نالت منطقة الشرق الأوسط قسطا وفيرا منها، لها طبيعة خاصة ليس لأنها مختلفة ولكن بالأحرى لأنها تسعى إلى إنكار منطلقاتها العنصرية وطبيعتها الإرهابية.

كما نعلم فإن حالة الحرب فى مرحلة ما بعد الحادى عشر من سبتمبر ترتبط بخطاب سياسى، سطحى ومكشوف ولكنه مؤثر، يسعى إلى الفصل بين الحرب والإرهاب ويلصق تهمة الكراهية بفعل الإرهاب وليس الحرب وذلك من خلال شعار “الحرب على الإرهاب” وفكرة أن حروبهم تشن بدوافع “حضارية” من أجل القضاء على ثقافة الكراهية تهدد أصحاب الحضارة والحرية، هكذا قالها الرئيس بوش سايقا ويكررها نتنياهو الآن: نغمة خطابية فحوها أن الحرب فى جهة (وكأنها وسيلة خيرة لأنصار الحرية)، فى مقابل الارهاب (وكأنه طبيعة شريرة لأنصار الكراهية).

إن العلاقة الوثيقة بين الحرب والإرهاب والعنصرية هى علاقة متعددة الأبعاد، فالعنصرية هى الأساس الذى تقوم عليه الحرب، سواء كانت عنصرية قومية أو ثقافية، والحرب هى أصل الإرهاب سواء اتخذت شكل الحرب النظامية والتى هى أقصى درجات الإرهاب، أو عمليات متفرقة هنا وهناك. وهذا هو المأزق الذى نعيشه منذ الحادى عشر من سبتمبر، فثمة نزوع عنصرى واضح يؤسس للحرب على الإرهاب، ومن السهل جدا إكتشافه فى خطاب الساسة الغربيين (نحن وهم)، وهو الخطاب الذى تبنته اسرائيل وسعت تسويقه إعلاميا بوصفها الامتداد الحضاري الغربي فى الشرق الأوسط الغارق فى تخلفه الحضاري. ومن أجل إضفاء المشروعية على الحرب، فلابد من تهديد يستدعى شن الحرب، فالدولة فى حاجة دائما لإبراز التهديدات وخلقها حتى لو لم تكن موجودة. وهنا تم صناعة “الارهاب” ورعايته لا بوصفه فعلا مستقلا عن الحرب، ولكن بوصفه حالة وظيفية مهمتها تحقيق رغبة الدولة فى وجود تهديد. وكلما بات الإرهاب موجودا وواقعيا كلما اتخذت الحرب مشروعيتها ليس فقط كحرب ولكن كحرب “عادلة”.

إن العنصرية تتجذر فى البيئات السياسية، فهى من القوة والفجاجة بحيث لا يمكن إخفائها على الرغم مما ينفق من أموال لإدارة حوارات حضارية رمزية بين ممثلى كيانات ثقافية غير قادرة على تجاوز عنصريتها. لقد باتت العنصرية تؤطر كل المواقف وتمتص كل محاولات المصالحة الثقافية والتنمية والسلام. ولنا أن نتخيل كيف أن العنصرية العسكرية تعود بقوة لتفرض نفوذها وتحالفتها، فتقوض ما تصورنا أنه انتصارات للإنسانية على الماضي الاستعماري. عنصرية عسكرية تقتل وتبيد باسم “الحضارة”، وباسمها، أى “الحضارة”، يمكن تسفيه مرجعيات حقوق الإنسان، وإصابة أنظمة العدالة بالشلل.

إننا بحق فى مفترق طرق، إما العدالة وعدم الإفلات من العقاب، والتضامن فى مواجهة إرهاب الحروب وحروب الإرهاب، وإما أن البشرية ستعيش مسارات إبادة تختلف أشكالها وتتعدد اساليبها.

تاريخ الخبر: 2024-05-20 09:22:01
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

التقوا 12 مرة.. الزعيم «عُقدة» العميد - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

«طيور الظلام».. محرضون ودعاة فتنة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

«الحليمي» يهدد النساء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية