أعادت تصريحات مدير مكتب الميزانية والتخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية، دوجلاس بيتكين، بخصوص موضوع “توقيت فتح تمثيلية دبلوماسية أمريكية داخل الأقاليم الجنوبية وبالضبط بمدينة الداخلة”، إلى الواجهة “حقيقة عزم الولايات المتحدة الأمريكية تدشين مرحلة جديدة في علاقاتها الثنائية مع المغرب”.
ومايزال الوعد الدبلوماسي الذي قدمته إدارة ترامب السابقة خلال الاتفاق الثلاثي الذي جمعها مع المغرب إلى جانب إسرائيل معلقا لأزيد من ثلاث سنوات، لاسيما أن الأجواء الجيوسياسية التي وقع فيها الأطراف الثلاث الاتفاق مختلفة بشكل كبير عن الأوضاع الحالية، خاصة بعد الحرب الضروسة التي تشنها إدارة نتنياهو في حق الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر المنصرم.
ورغم ثبات الإدارة الأمريكية في مواقفها الإيجابية والتاريخية تجاه مغربية الصحراء، واعتمادها على خريطة المملكة المغربية كاملة، ماتزال الشكوك حول فتح واشنطن قنصلية بالداخلة قائمة، خصوصا وأن بيتيكن أكد أنه “لا يوجد جدول زمني محدد لفتح القنصلية في الوقت الحالي”.
أمريكا موجودة في الصحراء
في هذا الصدد، قال محمد العمراني بوخبزة، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي، إن “فتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة لم تكن ضمن أجندة الاتفاق المبرم بين الأطراف، بل كانت من الأمور الواردة وليس من الأولويات الكبرى للدولة الأمريكية، على غرار الدول الأخرى التي فتحت قنصلياتها في العيون والداخلة”.
وأضاف بوخبزة، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الولايات المتحدة الأمريكية وضعها مختلف الآن، وفتح القنصليات ليس فقط يروم تسجيل المواقف وإنما لها أدوار معينة”، مشيرا إلى أنه “من هذا المنطلق، فإن التمثيلية الدبلوماسية لها أشكال متعددة، حتى وإن غابت فإن مظاهر السيادة الأمريكية موجودة في الأقاليم الجنوبية عن طريق شركات كبيرة متعددة الجنسيات”.
وتابع المتحدث عينه أن “رموز الدبلوماسية عديدة ولا تستقر على مقر أو بناية في مكان ما”، مضيفا أن “القنصلية تعتبر ورقة دبلوماسية تلعب بها الدول بعيداً عن مصطلح “الضغط”، لأن المغرب والولايات المتحدة الأمريكية علاقاتهما تجاوزت هذه المرحلة بكثير”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “الدبلوماسية الأمريكية لها خصوصيات مختلفة عن باقي الدول الأخرى، وأيضا أدوات اشتغالها واستراتيجيتها مغايرة عن باقي الدول، فالمنطق الحالي هو منطق عادي لأنه عندما تم إبرام الاتفاق الثلاثي لم تكن نقطة فتح القنصلية مدرجة في أجندة الدولتين”.
قراءة مسيئة
من جهته، يرى خالد الشيات أستاذ القانون والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، أن “الأصل في الالتزامات الدولية يجب الوفاء بها، والمعروف أن الدولة تستمر بغض النظر عن الأنظمة والتحولات السياسية التي تقع فيها، لذلك ربما الجميع كان يتوقع تنفيذ الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الالتزام العالق لأزيد من ثلاث سنوات”.
وأردف الشيات، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هناك مجموعة من العوامل ساهمت في تأخر تنفيذ هذه العملية، وخاصة بعد التحول الذي عرفه البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ حمل المشعل التيار الديمقراطي بدل الجمهوري، ولاعتبارات أخرى تراها غير مناسبة نظرا للأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط وأيضا في أوروبا”.
وأكد المحلل السياسي على أن “هناك قراءة سيئة في نظري بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بفتح تمثيلية دبلوماسية داخل الأقاليم الجنوبية وبالضبط بمدينة الداخلة، وأن التوازن التي تحاول من خلاله الإدارات الكبرى إحداثه في منطقة شمال إفريقيا غير مجدي”.