تواصلات الميلاد
تواصلات الميلاد
مما هو لافت للنظر في قصة ميلاد ربنا يسوع المسيح له كل المجد هو التواصل المباشر الذي حدث ما بين الله وعناصر الكون بصورة تدعو للدهشة والذهول ذلك خلال سر تجسده العجيب.
1ـ تواصل الله بالكيان:
مع أن الله في طبيعة جوهره هو روح مطلقة بلا حدود الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا (يو4: 24). إلا أنه في التجسد اتخذ من العذراء مريم كيانا بشريا ماديا محسوسا وملموسا ذا جسد وروح ودم ولحم وعظام كما جاء في (عب 2: 14) فإذا قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو كذلك فيهما لكي يباد بالموت (موت الجسد) ذلك الذي له سلطان الموت أي إبليس) ومن ثم صار اللامنظور منظورا وغير المرئي مرئيا (الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليفة (كو1: 15).
2ـ تواصل الله بالمكان:
الله هو الذي خلق المكان بكل أبعاده ومعانيه سماء وأرضا في البدء خلق الله السماوات والأرض (تك 1:1).
ففي التجسد اتصل بهذا المكان, الأرض التي نزل إليها. وبالمذود الذي ولد فيه وبيت لحم التي هي مسقط رأسه إذ مكتوب: (وأنت يا بيت لحم لست الصغري بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعي شعب إسرائيل (مت2:6).
وأيضا مكتوب ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية (مت 2:1).
ومصر التي هرب إليها قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلي أرض مصر (مت 2:13) وباركها مبارك شعبي مصر (إش 19:25) والناصرة التي عاش فيها جاء يسوع إلي الناصرة حيث كان قد تربي (لو 4: 16) أتي وسكن في مدينة يقال لها ناصرة (مت2: 32), لذلك دعي ناصريا. ونايين حيث أقام ابن الأرملة (لو7) وبيت عنيا حيث إقامة لعازر (يو11) وأورشليم التي بكي عليها:(يا أورشليم يا أورشليم ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين (لو13: 34) والسفينة حيث كان يعلم وكذلك الجليل والبرية والحقول حيث قال مثل الزراع (مت13) وغيرها كثير.
3ـ تواصل الله بالزمان:
الله في تجسده اتحد بالكيان وتعامل مع المكان, وكان طبيعيا أن يتواصل بالزمان لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة (غلا 4:4). بمجرد أن الله تواصل بالزمان حدث ما لم يحدث مع أحد لا من قبل ولا من بعد إذ شطر الزمان وقسم التاريخ نصفين. فأصبح ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد. فتجسد المسيح فصل زمن وزمن وبين تاريخ وتاريخ وبين عهد وعهد لذلك نقرأ عدة مرات سمعتم أنه قيل…. أما أنا فأقول لكم (مت5).
4ـ تواصل الله بالإنسان:
كل التواصلات السابقة التي أحدثها الله مع الكيان والزمان والمكان إنما كانت لهدف واحد وأساسي ورئيسي ألا وهو تواصله واتحاده جسديا بالإنسان. والإنسان. هو أغلي وأهم ما خلقه خلق الله الإنسان كصورته نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا (تك1: 26) واهتم الله بالإنسان اهتماما خاصا دون باقي المخلوقات وهذا ما أعلنه لنا الرسول بولس: الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه (عب 1:1).
والكلمة صار جسدا (يو1: 14). اهتم الله بالإنسان كل إنسان أطفالا وشبابا وشيوخا. رجالا ونساء. خطاة وأبرارا. يهوديا وأمميا. فريسيا وعشارا وسامريا. اهتم بكل القبائل وكل الشعوب.
5ـ تواصل الله بالحيوان:
الحيوان يعتبر أدني ما خلقه الله في الكون إلا أن الله لم يستنكف أبدا أن يتعامل معه دون حرج. دون أن يحرمه من كل صور الإحاطة والرعاية والعناية وهكذا قبل الرب أن يولد في مذود للبقر وأن يستخدم الآتان والجحش عند دخوله أورشليم.
وأن يشبه نفسه بالنعجة والشاة كشاة تساق للذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها لم يفتح فاه (إش53:7).
والحمل هوذا حمل الله (يو1: 36) والخروف, لأن الخروف الذي في وسط الأرض يرعاكم (رؤ7: 17).
مستحق هو الخروف المذبوح (رؤ5: 17) وعمل مقارنة بين الحيوانات والطيور للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار أما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه (لو 5: 58).
وهكذا الرب من خلال تجسده والتحامه الراقي بكل ما في الكون من عناصر وأشياء ومخلوقات قد أحدث:
تقديسا للكيان
بركة للمكان
تقديرا للزمان
خلاصا للإنسان
اهتماما بالحيوان