خمسون عاما على رحيل عميد الأدب العربى طه حسين


الدكتور حسين حمودة :

لم يكن طه حسين بعيدا عن روح الإبداع المتجددة والمجددة، وروايته “أديب ” تنهل من منابع رواية السير الذاتية وتهتم بعلاقة الشرق والغرب

الدكتور أحمد بهي الدين:

هيئة الكتاب تستكمل مشروع استعادة طه حسين في سلسلة ” أدباء القرن العشرين”

الدكتور سامي سليمان:

طه حسين صاحب مشروع ثقافي فذ غطت عناصره مجالات متعددة في الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية

الباحث إيهاب الملاح : أثر طه حسين في بنية الثقافة المصرية

خمسون عاما مضت على رحيل عميد الادب العربى طه حسين ، ..انه رحيل بالجسد فقط عن عالمنا الحاضر ، طه حسين هذا الأديبٌ والمفكِّرٌ والذى يُعَدُّ عَلَمًا من أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة، امتلَكَ بَصِيرةً نافذة وإنْ حُرِم البصر، وقاد مشروعًا فكريًّا شاملا، استحقَّ به لقبَ «عميد الأدب العربي»، وتحمَّلَ في سبيله أشكالا من النقد والمُصادَرة. وقاد الدعوة لمجانية التعليم وإلزاميته، رافعاً شعار “التعليم كالماء والهواء”، استحق عن جدارة لقب “عميد الأدب العربي”،، تأليفا ودراسة وترجمة ونشر.

جدير بالذكر أن طه حسين حصل على جائزة الأمم المتحدة التي تخصص سنويا لأبرز 6 شخصيات عالمية عن إنجازاتهم البارزة في ميدان الحقوق الإنسانية حدث هذا يوم 27 اكتوبر و رحل العميد فى 28اكتوبر .

تاريخ حافل

————————–

ولد “طه حسين” في15 نوفمبر بمحافظة المنيا 1889، وفى طفولته أصيبت عيناه بالرمد، وبسبب الفقر والجهل فى بيئته استدعى أهله “حلاق الصحة ” ليعالجه مما تسبب فى فقدان نظره الى الابد، أدخله أبوه كتاب القرية لتعلم اللغة العربية والحساب ، ثم ألتحق بالأزهر ، ثم بالجامعة الأهلية حين افتتحت عام 1908، ودرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية.

حصل طه حسين على الدكتوراة عام 1914 وكان موضوع الأطروحة هو: «ذكرى أبي العلاء» ما أثار ضجة في الأوساط الدينية، وأيضا في البرلمان ، ، وسافر في بعثة إلى فرنسا ليكمل دراسته هناك، تزوج من الفرنسية ” سوزان بريسو ” صاحبة الدور الأهم فى مسيرة حياته.

وعندما عاد إلى مصر عمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني ثم أستاذًا للغة العربية، ثم عمل عميدًا لكلية الآداب، وبعد ذلك مديرًا لجامعة الإسكندرية، ثم وزيرًا للمعارف عام 1950 وكان له الفضل في تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية ، واختير رئيساً لمجمع اللغة العربية.

ترك طه حسين إرثا فكريا إبداعيا واسعا ، وهو المشروع الذي تعمل الدولة على إحيائه كما سنعرض فى السطور القادمة.

من أهم المعارضات التي واجهت طه حسين عندما نشر كتابه «الشعر الجاهلي» الذي أثار ضجة كبيرة، وكثيرا من الآراء المعارضة ولكنه استمر في دعوته للتجديد والتحديث

حاز طه حسين مناصب وجوائز شتى، منها تمثيلة مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا عام 1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي، واختياره عضوًا محكمًا في الهيئة الأدبية الإيطالية والسويسرية؛ وهي هيئة عالمية على غرار الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان كما منحته الدكتوراة الفخرية كل من جامعة الجزائر و جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية ، وجامعة مدريد ، رأس مجلس اتحاد المجامع.

اللغوية في العالم العربي، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره ، وفى مصر فاز بقلادة النيل.

كان أول من فاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب في أول دورة لهذه الجائزة عام 1958 من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ( الأعلى للثقافة حاليا ).

أما عن جائزة نوبل للأدب فقد كثر الكلام عن ترشيح طه حسين مرارًا للجائزة ووفقا لقاعدة بيانات الجائزة فإن ترشح طه حسين للجائزة 21 مرة ( 1949 و1969) ومن الـ 21 مرة رشّحه أشخاص غير عرب ، ومنهم أعضاء بالأكاديمية السويدية نفسها.وأول من رشحه من مصر أحمد لطفي السيد ،كان طه حسين مناسبًا للجائزة لكن ربما كانت الترشيحات السابقة على ترجمة أعماله إلى اللغات الأوروبية سببًا فى عدم وصوله لمنصة التتويج.

عميد الأدب العربى

————————–

“عميد الأدب العربى ” لقب أطلق على صاحب “الأيام” حصل عليه بعد أزمة شهيرة فى وقته، مع الحكومة المصرية. حيث انه رفض طلب رئيس الوزراء منحه الدكتوراة الفخرية لسياسيين؛ لأنهم ليسوا علماء أو مفكرين، فأصدر وزير المعارف مرسوما يقضى بنقله إلى وزارة المعارف، ومع رفضه تسلم منصبه الجديد اضطرت الحكومة إلى إحالته للتقاعد عام 1932. ولكنه خاض صراعا قانونيا دفاعا عن حقه وعن استقلال الجامعة عاد على أثره إلى الكلية أستاذا عام 1934 ثم عميدا عام 1936.

الطلاب واجهوا هذا القرار باحتجاجات واسعة داخل أسوار الجامعة، وقالوا “إذا أقالت الحكومة طه حسين من عمادة كلية الآداب، فهو عميد للأدب العربى كله”، وعاد طه حسين عميدا منتخبا للكلية، محمولا على الأعناق، ومن حينها والتصق بالرجل لقبه الدائم “عميد الأدب العربى “

روح إبداعية حرة

————————–

قال الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة : لم يكن طه حسين بعيدا عن روح الإبداع المتجددة والمجددة، سواء في كتاباته النقدية والثقافية والتاريخية، المتعددة والكثيرة، أو في أعماله التي تندرج في أنواع الأدب المستقرة المعروفة، الروائية بوجه خاص، مثل شجرة البؤس و أديب و دعاء الكروان و الحب الضائع ، أو في أعماله التي ابتعثت أنواعا أدبية قديمة مهجورة، وأضفت عليها وأضافت إليها أبعادا جديدة، مثل جنة الشوك ، أو في أعماله التي خاضت مغامرات خاصة على سبيل اختبار حدود النوع الأدبي واجتراح قواعده الشائعة، فصاغت أشكالا استنت لنفسها سننا خاصة بها، مثل الأيام و المعذبون في الأرض و جنة الحيوان ، وفي كل هذه الأعمال، التي كتب طه حسين أغلبها في فترات زمنية مبكرة، يمكن الوقوف على ملامح مميزة، تتأسس على روح إبداعية حرة، مغامرة، ظلت تسعى دائما إلى استكشاف مساحات للتعبير الأدبي لم تكن مطروقة في زمنها، وفي كل هذه الأعمال أيضا يمكن

ملاحظة معالم سوف تتنامى وتتناسل ويكون لها حضور كبير مشهود في مسيرة الكتابة الأدبية العربية التالية، عند عدد كبير من الكتّاب والكاتبات.

وعن رواية “أديب” أوضح الدكتور حسين حمودة، أن رواية “أديب ” مثلت على أكثر من مستوى، حلقة مهمة ومبكرة في سلسلة، سوف تمتد تتنامى في مسيرة الرواية العربية التالية، فهذه الرواية، في بعض فصولها، من ناحية، تتناول تجربة راويها المتكلم الذي يتقاطع عالمه مع عالم طه حسين نفسه، مما يجعل الرواية تنهل من منابع “رواية السير الذاتية”، التي سوف تلوح أشبه ب “خط إنتاج” غزير في الرواية العربية، شارك ويشارك فيه عدد كبير جدا من الكتاب، خلال العقود الأخيرة القريبة من زمننا هذا.

والرواية من ناحية أخرى، تهتم في بعض فصولها بقضية مهمة: علاقة الشرق والغرب، وتختار تجسيد هذه العلاقة خلال تجربة حب تجمع بين رجل شرقي وامرأة غربية، وهي بهذا الاهتمام وهذا الاختيار تمثل أيضا حلقة مبكرة في سلسلة سوف تشهد حلقات أخرى متلاحقة، في روايات عربية كثيرة، توقفت عند القضية نفسها وعند طريقة تجسيدها نفسها: ” عصفور من الشرق ” لتوفيق الحكيم، “قنديل أم هاشم ” ليحيى حقي، “الحي اللاتيني” لسهيل إدريس، “الساخن والبارد “لفتحي غانم، ” موسم الهجرة إلى الشمال” للطيب صالح، ثم “نيويورك 80 “ليوسف إدريس، “الحب في المنفى ” لبهاء طاهر، فضلا عن عدد كبير من روايات الأديب التونسي الحبيب السالمي.

واستطرد دكتور حسين حمودة : تصور رواية “أديب “رحلة الرجل الشرقي الذي ينتقل إلى باريس طلبا للعلم، لكن تجربته هناك سوف تجاوز حدود تلقي العلم، لتنفتح على أبعاد جسدية وعاطفية وثقافية وحضارية، ويقارن هذا الشاب، غير مرة، بين حياته الجديدة في فرنسا وحياته القديمة بمصر عبر تفاصيل كثيرة يسوقها لراوي الرواية: “أين هذا السرير (الفرنسي) الوثير الذي أتقنت تسويته مما ألفت في دارنا في ريف مصر أو في بيتي في القاهرة، لقد خيل إلي أني لا أنام على شيء أو أني أنام على فراش من الزئبق”، ويوازن بين الحياة عموما في باريس والحياة في مصر: “الحياة في مصر هي الحياة في أعماق الهرم، الحياة في باريس هي الحياة بعد أن تخرج من هذه الأعماق”، كما يمايز بين النساء في باريس ونساء مصر، بين “فرنند” الخادمة الفرنسية وزوجته “حميدة” التي عاش معها فترة في مصر، ثم يشير إلى تجربته مع “إلين”، المرأة التي جعلته، في مرحلة من مراحل العلاقة التي جمعت بينهما ، ينفصل عن ماضيه وعن مستقبله ليستغرق في حاضر حافل بالغوايات، ينتفي معه إحساسه بكل زمن، فلا يكترث سوى باللحظات المسروقة من المساء القريب في باريس المضطربة “فمن يدري عم يسفر هذا الصباح؟!”، كما يشير مرارا إلى عالم اللهو والعبث واللذة الذي انغمس فيه: “كان شيطان اللهو قد ملأ قلبي ونفسي وركب كتفي”، مما جعله ينصرف عن العلم ويغرق في لجّة إلين، وذلك كله قبل أن تتقطع الأسباب بينه وبينها، عندما تصله منها رسالة القطيعة.

وأشار أستاذ الأدب العربي، بجانب هذا التناول المبكر الذي يجسد المسافة بين الشرق والغرب خلال علاقة حب بين رجل شرقي وامرأة غربية، تتأسس الرواية على بنية “الرسائل” التي كانت حاضرة بوضوح في عدد كبير من الروايات الأوروبية خلال القرن الثامن عشر. وقد

رأي ” ميلان كونديرا “، روائي فرنسي من أصول تشيكية ، أن تلك البنية أتاحت للروائيين في تلك الفترة “حرية شكلية كبيرة للغاية، لأن الرسالة يمكنها استيعاب كل شيء بشكل طبيعي جدا: تأملات، واعترافات، وذكريات، وتحليلات سياسية، وأدبية.. إلخ”(وقد ذهب كونديرا، في هذه الوجهة، إلى ما يشبه الإحساس بالأسى على الانقطاع عن هذا الشكل الفني الغني في روايات القرن التاسع عشر وما بعده، ورأي أن هذا الانقطاع يمثل “إحدى الفرص الضائعة” في تاريخ الرواية).

وأضاف أستاذ الأدب العربي، تعتمد رواية ” أديب” هذه البنية اعتمادا أساسيا، فعبر الرسائل المتبادلة بالرواية يتجسد أمامنا كل أحد وكل شيء: الشخصيات والوقائع والتجارب والأزمنة والأماكن، والرواية بذلك تمثل تجربة مبكرة، سوف تتنامى أيضا في عدد ملحوظ من الروايات العربية التي كتبت خلال العقود الأخيرة (ومنها روايات: “الرسائل” لمصطفى ذكري، و “عشاق خائبون” لإيهاب عبد الحميد، و”بريد الليل” لهدى بركات، و “366” لأمير تاج السر، و “ملك اللوتو” لجهاد بزي وبشير عزمي، و”لأن الأشياء تحدث” لحاتم حافظ، و “سقف الكفاية” لمحمد حسن علوان، و “رسائل لم تعد تكتب” لهدى توفيق ).

سر تحقيق التقدم

————————

وفى نفس الصدد حدثنا الباحث في التراث الثقافي، الكاتب والصحفي أيهاب الملاح : منذ سنواتٍ طويلة أحرص على احياء ذكرى طه حسين بشكل فيه استعادة لقيمُة وأفكاره الكبرى وليس سيرته ومعلوماته البيوغرافية المتاحة لدي الجميع، وذلك يأتي من اقتناعي اننا ما زلنا فى حاجة لفكر وقيمة طه حسين، لقد قدم طه حسين للثقافة المصرية والعربية وإلى بلده مصر انجازات عظيمة بدءاً من فكرة البحث عن سؤال التقدم والنهوض وكيفية تحقيق هذا التقدم، وقد وضع يده على كلمة السر في هذا الأمر وهو تكوين العقل عن طريق التعليم، والتعليم عند طه حسين ليس مفهومه تلقى الدروس، التعليم عند طه حسين هو لا ينفصل عن الثقافة، والثقافة لا تنفصل عن التعليم وكلاهما لا ينفصلان عن المعرفة بمعناها الإنساني والفلسفي والعلمي وبالتالي كانت حياته كلها عبارة عن ملحمة عظيمة لتحقيق هذا الهدف، فسيرته الشخصية وحدها هي ملحمة عظيمة فميلاده ونشأته فى بيئة لا يمكن التصور أن يخرج من بينها هذا العبقري الفذ، بيئة غارقة بمثلث الجهل والفقر والمرض، ومن ثم تبدأ قصة مواجهة ومكافحة طه حسين لهذه الشرور الثلاثة فى فترة نشأته، ثم انتقاله إلى البيئة الازهرية التي عانى فيها ما عاني، ثم ارتباطه بنشأة الجامعة المصرية وهى المؤسسة المدنية التي تبدأ بها ومن خلالها النهضة الحقيقية، كل هذه الأمور هي فى النهاية التي قادت أن يكون طه حسين ما اطلق عليه المعلم الأول للثقافة العربية الحديثة، وانه يمثل للثقافة العربية الحديثة ما يمثله أرسطو فى الثقافة الغربية عموما وتاريخ الفكر الغربي.

وعن كتابه “طه حسين ..تجديد ذكرى عميد الأدب العربي” أوضح لنا الكاتب أن الكتاب نتاج عمل وقراءة وبحث لمدة تقرب من عشر سنوات كاملة، وهو بمثابة “المدخل” و”التمهيد” لمشروع كبير أعمل عليه منذ سنواتٍ طويلة عن طه حسين وتلاميذه، وأثره العميق والجذري في بنية الثقافة المصرية والعربية، منذ بدايات القرن العشرين وحتى الآن، واعتبر أن هذا الكتاب عن عميد الأدب العربي، يجيء بقلم واحدٍ من أحفاد أحفاده، إذا جاز التعبير، بالمعنى العلمي والثقافي والحضاري، فقد تخرجتُ في كلية الآداب قسم اللغة العربية وآدابها؛ القسم التنويري الأهم والأعرق في جامعاتنا المصرية والعربية على السواء، وتتلمذتُ على يد أساتذة عظام، تتلمذوا بدورهم على تلامذة طه حسين؛ ممن أدركوا أهمية وقيمة الأدوار التنويرية والحضارية والثقافية التي أداها طه حسين لأبناء وطنه، وأبناء أمته وثقافته العربية.

وأشار الملاح، أغلب فصول الكتاب الذى يقع في 350 صفحة من القطع المتوسط، نشر في صورته الأولى كمقالاتٍ ودراساتٍ متفرقة على مدى السنوات العشر السابقة على ظهوره، ويمثِّل بانوراما تعريفية مكثفة بعميد الأدب العربي، ويغطي التعريف بسيرته ونشأته، ومراحله التكوينية والمعرفية والثقافية، والتعريف بإرثه التأليفي، والترجمات وتحقيق التراث، ودوره الأكاديمي والمؤسسي والتنويري، ومعاركه التي خاضها في سبيل تحرير العقل العربي، مع ملاحق ونصوص وصور وببليوجرافيا أولية بإنتاجه المنشور في دار المعارف المصرية؛ خلال الفترة من 1930 وحتى رحيله في عام 1973.

استعادة طه حسين

——————————–

في الذكرى الخمسين لوفاة عميد الأدب العربي طه حسين، تطلق الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مشروعها “استعادة طه حسين”، الذي يقدَّم إلى القارئ العربي من خلال منهجية جديدة تنظر إلى طه حسين باعتباره مفكرًا وأستاذًا صاحب مدرسة فكرية وإبداعية ومعرِّبًا وواضعًا للمناهج التعليمية والتربوية.

وقال بهي الدين : إن مشروع استعادة طه حسين، يتمثَّل في إصدار مجموعة من مؤلفاته، ومترجماته، وأيضًا بعض المؤلفات التي تعاون فيها مع آخرين، ويقدم المشروع في مرحلته الأولى اثني عشر عنوانًا مهمًّا تعبر عن رؤية الهيئة في تقديم طه حسين والاحتفاء به، مؤكدًا أن طه حسين كان ولا يزال ظاهرة فكرية وعلمية جديرة بإعادة القراءة والاهتمام.

وأضاف : إن الهيئة حرصت على أن تكون باكورة مشاركتها في الاحتفاء بخمسينية رحيل عميد الأدب العربي بمجموعة متنوعة من الكتب غير المشهورة أو غير السائرة بين جموع القراء، بل وبعض المثقفين، ووقع الاختيار على طباعة (12) كتابًا تتنوع بين التأليف والتأليف المشترك والترجمة، وتمت المراجعة والاعتماد على الطبعات الأولى أو أقدم طبعة أمكن الحصول عليها، كما تم تكليف واحد من كبار أساتذة النقد والأدب المعاصرين لكتابة تصدير لهذه الأعمال، وهو الأستاذ الدكتور سامي سليمان، فكتب تصديرًا بانوراميًّا كاشفًا عن مجمل أعمال وأفكار طه حسين ومشروعه الفكري والثقافي، كذلك تم تكليف المصمم الكبير الفنان أحمد اللباد لعمل الغلاف، لتخرج الطبعة الجديدة في أبهى صورة على مستوى تصميم الغلاف والإخراج الفني الداخلي.

وأشار إلى أن باكورة إسهام الهيئة في مشروع استعادة طه حسين هي: حافظ وشوقي، وقادة الفكر، والحياة الأدبية في جزيرة العرب، والتوجيه الأدبي (بالاشتراك مع: أحمد أمين وعبدالوهاب عزام ومحمد عوض محمد)، وآراء حرة (بالاشتراك مع: محمد كرد علي وعلي مصطفى مشرفة)، والحياة والحركة الفكرية في بريطانيا (بالاشتراك مع: أحمد محمد حسنين باشا وعلي مصطفى مشرَّفة)، وزدِّيج (تأليف: فولتير)، وأندروماك (تأليف: جان راسين)، ونظام الأتينيين (تأليف: أرسطوطاليس)، وصحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان (تأليف: أيسكولوس – سوفوكليس)، ومن الأدب التمثيلي اليوناني (تأليف: سوفوكليس)، وأوديب وثيسيوس.. من أبطال الأساطير اليونانية (تأليف: أندريه جيد).

وقال بهي الدين أيضا ، إن طه حسين واحد من أعلام الثقافة العربية، ويحظى بمكانةٍ فريدة في نفوس قرائه وفي مسارات الثقافة العربية الحديثة من عشرينيات القرن الماضي إلى اللحظة الحاضرة؛ لذلك كان لزامًا على الهيئة أن تشارك بإعادة إصدار مؤلفاته، في مناسبة الاحتفاء بمرور خمسين عامًا على رحيله، ليس لأن أعماله أصبحت ملكية عامة فحسب – فقد سبق للهيئة إعادة طبع عدد كبير من أعماله- ولكن بغرض استعادة مشروع طه حسين؛ لإعادة قراءته قراءة جادة وجديدة، تهدف إلى إلقاء مزيد من الضوء على أفكاره ورؤاه الثقافية، ومنجزه في المناحي الثقافية المختلفة، وتوفير عدد من العناوين التي لم يُقدَّر لها الرواج بين جموع القراء، وبخاصة الشباب منهم.

كما أوضح ، أن الهيئة سوف تستكمل المشروع بنشر ما ألَّفه طه حسين، وشارك في تأليفه مع آخرين ومن بينها المناهج التربوية والتعليمية، وبخاصة ما صدر من مؤلفات ظلت تدرَّس للطلاب في مراحل التعليم الثانوية، مثل كتاب “المجمل في تاريخ الأدب العربي”، وكذلك الكتب التي قدَّم لها طه حسين، ومن بينها “كليلة ودمنة”، الذي حققه عبد الوهاب عزَّام.

وتستهدف الهيئة في الفترة المقبلة، إلى جانب ما سبق، طباعة العناوين الآتية: “تجديد ذكرى أبي العلاء، وصوت أبي العلاء، ومع أبي العلاء في سجنه، ومع المتنبي، وعلى هامش السيرة، ومرآة الإسلام، والوعد الحق، والشيخان، والفتنة الكبرى (الجزء الأول- الجزء الثاني)، من أدب التمثيل الغربي، من هناك، الأيام، فصول مختارة من كتب التاريخ، ومذكرت طه حسين”. كذلك جمع مقالات العميد المتناثرة في المجلات المختلفة، وهي تمثل كنزًا ثقافيًّا من كنوز العميد، ينبغي النظر إليها وقراءتها في سياق واحد.

هذا فضلا عن إعادة نشر أعماله الإبداعية في سلسلة “أدباء القرن العشرين” التي تعاود الصدور، فتم إصدار خمسة عناوين أخرى من مؤلفات عميد الأدب العربي فيها، وهي: «الحب الضائع، وأديب، وجنة الشوك، والمعذبون في الأرض، ودعاء الكروان»، وتستكمل باقي الإصدارات على مدار الأشهر المقبلة.

وقال الدكتور سامي سليمان، إن طه حسين، أبرز رمز من رموز صنَّاع الثقافة العربية الحديثة في القرن العشرين والقرن الحالي، وهو صاحب مشروع ثقافي فذ يبتغي به إحداث النهضة والتنوير في عقول أبناء المجتمع العربي وفي واقعهم، وقد غطت عناصر ذلك المشروع مجالات متعددة في الأدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، كما انبسطت أبعاده لتشمل التراث والثقافة الحديثة والمعاصرة والعلاقة بالآخر، والهموم الإنسانية المشتركة، فكان أن صار

مشروع طه حسين مشروعًا حضاريًّا يصوغ من عناصر واقعنا واقعًا بديلا ظل طه حسين يحلم بأن يصير الغد – قريبًا كان أم بعيدًا- تحقيقًا لمطامح ذلك المشروع.

ولعل ما ينطوي عليه مشروع طه حسين الثقافي من رؤى عميقة قد جعل منه مصدرًا خصبًا ومتجدِّدًا من مصادر النهضة الدائمة والتطوير الخلاق لثقافتنا وواقعنا، وما أحرانا أن نجدد النظر إليه علنا نستلهم منه ما يجعلنا أقدر على الصمود في عالم موَّار بعوامل التغيير.

 

 

 

 

 

تاريخ الخبر: 2023-12-18 12:21:28
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

وزير الصحة يعزي الخبراني في والدته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:24:30
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

اليوم.. آخر موعد لمعرض أهلا مدارس الرئيسى فى مدينة نصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:32
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 36%

أسعار اشتراكات مترو الأنفاق للطلبة.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:33
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

وزارة الأوقاف تفتتح اليوم 26 بيتًا من بيوت الله منها 24 مسجدًا جديدًا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:30
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 49%

الجامعة العربية: قرار الجمعية العامة بإنهاء وجود إسرائيل خل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 06:22:39
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية