بألواح خشبية وأنصاف طباشير: أستاذ فلسطيني يتطوع لتعليم أطفال مراكز الإيواء
بألواح خشبية وأنصاف طباشير: أستاذ فلسطيني يتطوع لتعليم أطفال مراكز الإيواء
بين غسيل معلق على النوافذ على طول الممر في مدرسة للإيواء في رفح، توجد عشرة كراسٍ مصفوفة مقابل لوح خشبي على الحائط كُتب عليه باللغة الإنكليزية: هل تحب فلسطين؟ هذا المكان الصغير بات صفاً مدرسياً لتلاميذ فقدوا فرصتهم بالتعليم منذ بداية الحرب في غزة، تطوع الأستاذ الفلسطيني طارق العنابي لتدريسه "ليستعيد التلاميذ مستواهم الدراسي حتى لا ينقطعوا عن التعلم"، كما يقول. أحضر طارق لوحه الخشبي الخاص من منزله، الذي كان يستخدمه لإعطاء دروس خصوصية، ووزع على الطلاب ما توفر من ألواحٍ صغيرة وقطعٍ من الطباشير المقسومة. من اللحظات الأولى للدرس، يبدو كأن الأطفال ينسون للحظات ما الذي يحدث خارج حدود هذا المكان الصغير المكتظ. إنهم مبتهجون، يرفعون أيديهم بحماس للإجابة على السؤال، يتنافسون ويتبادلون النظرات، ويحاولون إخفاء ابتساماتهم عن الأستاذ، كما لو أنهم في يوم مدرسي عادي. إنها فرصة لـ"إخراج الطلاب من أجواء الحرب وتعليمهم اللغة الإنكليزية" يقول الأستاذ بالرغم من "القصف المتواصل" مضيفاً أنه اضطر أكثر من مرة "لإلغاء الحصة الدراسية واستكمالها في وقت لاحق" بسبب القصف. هؤلاء التلاميذ هم من بين أكثر من ست مائة وخمسة وعشرين ألف تلميذ فلسطيني انقطعوا عن الدراسة منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، بحسب الأمم المتحدة. والتي تقول إسرائيل أنها رد على الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من تشرين أول/أكتوبر. أكثر من 3477 تلميذا و203 من الموظفين التعليميين قتلوا منذ بداية الحرب حتى الخامس من ديسمبر/كانون الأول، بحسب أرقام لوزارة التربية في غزة. في هذا المكان، قد يصعب الحديث عن شيء آخر غير الحرب. "نحاول أن ننقل لهم صورة الحرب باللغة الإنكليزية،" يقول طارق "متى بدأت؟ نذكرهم ماهي عاصمة فلسطين، هل تحبون فلسطين؟ تريدون البقاء فيها أم المغادرة؟" قبل بداية الحرب كان الشاب العشريني يعلّم في مدرسة الحرية، في حي الزيتون شرقي مدينة غزة، يقضي يومه بين غزة ومكان سكنه في رفح، يعطي دروساً خصوصية ويمضي المساء مع أصدقائه في مشاهدة مباريات كرة القدم في المقهى. لكن "كل شيء اختلف الآن،" دمّرت مدرسة طارق في القصف الإسرائيلي، وفقد عددا من طلابه، يتابع طارق بنبرة حزينة أنه بات يمضي يومه في "العمل الإغاثي والتعليمي، ومساعدة النازحين لتأمين احتياجاتهم." الأطفال وأهاليهم النازحون من مناطق مختلفة في غزة قابلوا مبادرة طارق التعليمية "بحماس وشغف" كما يقول. وبدلا من الطلاب العشرة، بات لدى طارق "ثلاثون تلميذا" من سكان مراكز الإيواء، تتفاوت أعمارهم بين 8 و 14 سنة، يتناوبون على الحصص في فترات مختلفة. "باتوا يسألوني كلما دخلت المدرسة متى الحصة القادمة؟".