شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب، الخميس، ندوة عقدت بالتعاون بين المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ووزارة التصامن الاجتماعي بحضور كل من وزيرة التضامن نيفين القباج، ورئيس مكتبة الإسكندرية أحمد زايد، والباحث جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية والمفكر السياسي سمير مرقص، وكذلك المفكر عبد المنعم سعيد، ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي عبد الفتاح الجبالي وأدار الندوة الباحث خالد عكاشة. 

مشروع بحثي
أشار عكاشة في تقديمه للندوة إلى أنها نتاج مشروع بحثي بعنوان التكلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للإرهاب في 3 عقود بدعم من وزارة التضامن والمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

أوضح: تعرضت مصر إلى إرهاب يستهدف تدمير الدولة ومقدراتها وهو ما مثل تهديدا وجوديا لمصر ووضع مصر في قائمة الدول الأكثر تعرضا للإرهاب.

وتابع "أبرز الدراسات الجادة تأتي من باحثين غربيين تسهم في ترويج الرواية الغربية عن الارهاب، ما قد ينطوي عليه ذلك من سوء فهم وتشويش لعدم فهم طبيعة دولنا، ومن ثم سعينا لتقديم سردية تختلف عن السردية الغربية من أجل تقديم حوار عقلاني حول الظاهرة بدلا من توزيع الأحكام والافتراضات سابقة التجهيز. 

تكلفة فادحة في معركة الإرهاب
في كلمتها، قالت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج إن الإرهاب يبدأ من الفكر وينتهي بالفعل، ومن ثم فمسألة مواجهة الفكر المتشدد مهمة، وكذلك فإن احتساب التكاليف الاقتصادية ولو بشكل تقديري وانعكاسها على موارد الدولة له أهمية كبرى لتعزيز وعي المواطن حول الظاهرة.

وأضافت: الاستثمار في البشر يبدأ من الفكر والوعي، فما نعيشه الآن هو نتاج تعثر اقتصادي سابق، فالإرهاب كان له أثر كبير على النقد الأجنبي وفرص الاستثمار،  موضحة أن الإرهاب سرطان يمتد لنواحي عديدة.

بيئة حاضنة للإرهاب
بينت القباج أن البحث أثبت أن الفقر يوفر بيئة حاصنة للإرهاب ولكن وحده لا ينتج الإرهاب الذي هو نتاج تواشج الفقر مع البنية الفكرية والأيدولوجية والدينية المشوشة، ما جعل المناطق الأفقر بيئة داعمة للإرهاب جرى توظيفها من جماعات مسيسة.

واستطردت: أكبر خسارة تسبب فيها الإرهاب هي تهديد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي وانسحاب المجتمع إلى الخلف واضطراب في التفاعل الديني والسياسي فضلا عن تعطيل المجتمع المدني ونشر ثقافة مناهضة للدولة الحديثة وإضغاف الحياة الحزبية.

وأشارت القباج إلى أن التكلفة السياسية والاجتماعية كان أكثر فداحة وأعمق أثرا في تهديد الثقافة المصرية الأصيلة، وهو ما دفعهم لوضع استراتيجيات شاملة في البحث لمواجهة الإرهاب بمستوياته المختلفة.

قضية تمس كل جوانب الحياة

من جانبه، قال الباحث جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن قضية الإرهاب تمس كل جوانب حياتنا؛ فتكلفة الارهاب تؤثر على كل شيء مشيرا إلى أن السياسيات الواجب اتباعها لمواجهة التطرف والإرهاب تعكس تحولا في فكر الدولة في التعامل مع هذه الظاهرة باعتبارها متعددة الجوانب. 

وتابع: البحث حول تكلفة الإرهاب بدأ بحالة عدم ارتياح للبحوث الغربية التي ترى ظاهرة الإرهاب بنظرة خطية غير دقيقة بينما في كل دول العالم نجد أن علاقة الفقر بالإرهاب ليست مباشرة كما تطرح بعض  الرؤى التبسيطية، وإن كان نفي دور التهميش والعوامل الاقتصادية غير ممكن.

وأوضح عبد الجواد أن الارهاب نتاج بنية فكرية وأيدولوجية وقيمية بدونها لا يكون هناك إرهاب، فالبنية الثقافية تسهم في خلق الجماعات المتطرفة فضلا عن تعطيل عمليات الإصلاح، وعلاقة الإرهاب المركبة بكل هذه النتائج مهمة لفهم ظاهرة الإرهاب.

مقاربة غير نمطية 
قال المفكر السياسي سمير مرقص إن المقاربة غير النمطية لظاهرة الإرهاب باتت ضرورة للتصدي لهذه الظاهرة، وهو ما حاولوا فعله في المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع وزارة التضامن.

وأضاف: حاولنا مقاربة الظاهرة من منظور سياسي غير نمطي، فالعنف المادي يبدأ فكرة وهو نتاج منظومة فكرية وقيمية ومن ثم حاولنا تتبع دورة حياة الإرهاب على مدار عقود ومعرفة كيفية تمدد الأفكار المتشددة في الجسم الاجتماعي.

وبين مرقص أن الإرهاب قاد إلى الانحراف عن قيم الدولة الحديثة في مصر وإعاقة تقدم مصر إلى الأمام، فهو يقدم فكرا دينيا منافيا للخبرة الدينية في مصر، وأثر سلبيا على علاقة مصر مع العالم في أمور كثيرة.

التكلفة الاقتصادية للإرهاب

في السياق، قال عبد الفتاح الجبالي، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، إن قياس التكلفة الاقتصادية للإرهاب كان صعبا لصعوبة عزل عامل واحد في دراسة وضع الاقتصاد المصري.
وأوضح أنهم درسوا عدة قطاعات محاولين معرفة أثر الإرهاب عليها، منذ العام 1996 وحتى 2018 لوجود العديد من الأحداث التي كان لها أثرا كبيرا على الاقتصاد.

وبين أن تكلفة مكافحة الدولة للإرهاب كانت باهظة وأثرت على زيادة الأعباء على ميزانية الدولة والدين العام كما أن العمليات الإرهابية أثرت على الاستثمار الخاص وبالتالي الأثر السلبي على معدل النمو الاقتصادي.
سبب في نقص الدعم.

أشار أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن دراسة تكلفة الإرهاب تعد مبحثا جديدا في دراسة الإرهاب، فقد تبين من الدراسة دور الإرهاب في الانتقاص من الدعم الذي كان من الممكن أن يقدم في دعم التعليم والصحة وغيرهما.

أضاف: التكلفة الباهظة التي أنفقتها الدولة على مكافحة الإرهاب أدت ألى الانتقاص نفقات دعم قطاعات أخرى، كما أن حجم الضغط الذي تتحمله الدولة والقوات المسلحة والشرطة كبير، فالقضية لها آثار مادية واجتماعية ونفسية كبيرة يجب الوعي بها. 

من جهته، قال المفكر الكبير عبد المنعم سعيد إن البحث يتعامل مع قضية مصيرية تمس وجودنا، منوها بأهمية العلم في محاربة الإرهاب باعتباره سلاح التقدم. 

وبين سعيد أن الدراسة كشفت الكثير عن مناطق يقدم منها الإرهاب منوها بأهمية الإنذار المبكر عن طريق تقديم المعلومات  لتجنب تكرار الأحداث الإرهابية.