تنعقد فى العاصمة الأمريكية واشنطن، غدا، اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى، تحت شعار «الشراكة من أجل مستقبل مزدهر وصلب لإفريقيا»، وذلك فى صلب أعمال القمة الأمريكية الإفريقية، التى بدأت أعمالها، أمس، وتستمر فعالياتها غدًا.

ويهدف منتدى الأعمال الإفريقى الأمريكى إلى تطوير علاقات «ثنائية الاتجاه» لدعم التجارة والاستثمارات الأمريكية الإفريقية، بما يحقق الفائدة المشتركة والمتبادلة بينهما، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وسيكون وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، متحدثًا رئيسيًا فى «غداء عمل»، تحدد له الثانية عشرة والربع ظهر الغد، وستعقد الجلسة الختامية لمنتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى فى تمام الثانية حتى الرابعة عصرًا، بحضور الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى سيلقى كلمة للمشاركين فى أعمال المنتدى هذا العام، وإلى جانبه وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، التى ستلقى بيانًا حول التعاون المشترك وشبكات الأعمال بين المسئولين الحكوميين والقطاع الخاص فى إفريقيا والولايات المتحدة، ومتطلبات تعزيزه فى السنوات المقبلة، ودور وزارة التجارة الأمريكية فى تسهيل ذلك. 

«غرف أعمال وصفقات» وشبكة مصالح لتعميق التعارف والاستثمار والتجارة مع القارة

تكتسب اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى أهميتها بالنظر إلى خطوات الإصلاح الاقتصادى التى يشهدها كثير من بلدان إفريقيا، والتى ستجعل من القارة منطقة جاذبة للاستثمارات المباشرة حتى العام ٢٠٥٠، وما يشكله ذلك من فرص كبيرة أمام المؤسسات الأمريكية للتوسع فى أسواق القارة الإفريقية، وهى الأسواق التى لا تزال لا تتعدى نسبتها ٢٪ من إجمالى تجارة الولايات المتحدة مع العالم الخارجى، وفقًا للبيانات الصادرة عن غرفة التجارة الأمريكية للعام ٢٠٢١. 

وتؤكد التقارير الدولية احتياج بلدان إفريقيا لاستثمارات لا تقل عن ١٧٢ مليار دولار خلال الأعوام العشرة المقبلة فى مشروعات البنية التحتية، وكذلك تحتاج إفريقيا لضخ استثمارات ضخمة فى قطاعات الزراعة وإنتاج الغذاء، حيث الزراعة تشكل نسبة ١٤٪ من حجم الناتج المحلى الإفريقى الكلى، وكذلك تحتاج القارة إلى استثمارات لا تقل عن ١٠ مليارات دولار سنويًا فى قطاع التكنولوجيا يمكن للمؤسسات الأمريكية أن تكون مصدرًا أساسيًا لها. 

يشارك فى اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى قادة ورؤساء حكومات الدول الإفريقية ورئيس الولايات المتحدة، وكبار رجال الأعمال الأمريكيين والأفارقة، ورؤساء مؤسسات صناعية أمريكية وإفريقية كبرى؛ بهدف تطوير علاقة مشتركة بين اقتصاد إفريقيا والاقتصاد الأمريكى تحقق النفع الاستثمارى المعزز لدور إفريقيا فى شبكة الاقتصاد العالمى، وتوسيع نطاق الابتكار وخلق الوظائف ودعم مشروعات الأعمال الناشئة التى تحقق تنمية مشتركة ونفعًا متبادلًا لاقتصاد إفريقيا والولايات المتحدة معًا. 

وستكون اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى ذات طابع عملى من خلال «غرفة شبكات الأعمال»، التى ستقام على هامشها لتعميق التعارف بين رجال الأعمال الأمريكيين والأفارقة والمديرين التنفيذيين للمشروعات الكبرى فى الجانبين فى مختلف القطاعات، والعمل على إنشاء «شبكة مصالح» على صعيد الاستثمار والتجارة بين إفريقيا والولايات المتحدة. 

أما الجانب العملى الثانى الذى ستتسم به أعمال المنتدى، فيأتى على صعيد إبرام الصفقات، وذلك من خلال «غرفة الصفقات» التى ستقام على هامش اجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى، برعاية خاصة من مبادرة «إفريقيا المزدهرة»، وفى تلك الغرفة ستصدر تعهدات تمويلية لمشروعات محددة من مؤسسات أعمال أمريكية وإفريقية، وكذلك الإعلان عن شراكات استثمارية وتجارية جديدة بين الولايات المتحدة وإفريقيا فى قطاعات محددة؛ كالتجارة والأمن الغذائى والتغير المناخى والاستثمارات فى المجال الصحى والعلاجى. 

وستبدأ أعمال منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى، اليوم، فى الثامنة صباحًا بتوقيت الولايات المتحدة، بجلسة مراسم افتتاحية يشارك فيها قادة ورؤساء حكومات دول إفريقيا والمستثمرون الأمريكيون والأفارقة والمديرون التنفيذيون للمؤسسات الكبرى، وسيكون المتحدث الرئيسى فيها كل من رئيس مجلس الأعمال الإفريقى فى الولايات المتحدة، فلوريزيل ليزر، والمدير التنفيذى لغرفة التجارة الأمريكية، سوزان كلارك. 

جلسات عن مستقبل استثمارات العلاج والصحة والشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص

يقول الخبراء إن إفريقيا ستكون أكبر منطقة فى العالم للتجارة الحرة باستكمال مشروع إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية، وفى هذا الصدد سيتم، اليوم، عقد جلسة عامة ضمن فعاليات المنتدى حول الشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص فى مجال استثمارات العلاج والصحة باعتبارهما أساسًا لازدهار القارة وتعزيز قدرتها البشرية، وسيكون المتحدث الرئيسى فيها الرئيس التنفيذى لمؤسسة فايزر العالمية للأدوية الدكتور ألبيرت بورلا.

وبالتوازى مع ذلك، سيتم عقد جلسة موسعة عن مستقبل التجارة والاستثمار الأمريكى الإفريقى المشترك فى ظل تنامى أسواق العالم بحلول العام ٢٠٥٠ «٢٫٥ مليار نسمة»، ونمو تجارة العالم المتوقع بلوغه ١٦ تريليون دولار. 

وسيكون الرئيس الكينى ويليام روتو، ورئيس الوزراء المغربى، والممثل التجارى الأمريكى السفيرة كاترين تاى، من أبرز المتحدثين فى تلك الجلسة، وإلى جانبهم كل من تونى إيمولو رئيس البنك الإفريقى المتحد «يونايتد بنك أوف أفريكا»، والرئيس التنفيذى لمؤسسة «فيزا» العالمية ألفريد كيللى، والسكرتير العام لبرنامج منطقة التجارة الإفريقية الحرة بالاتحاد الإفريقى وامكيلى مينى. 

وحول الاستثمارات الأمريكية فى إفريقيا، يعقد منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى جلسة عمل خاصة يتحدث فيها رئيس وزراء الجزائر ورؤساء مجموعات سيتى جروب للخدمات المصرفية والتمويل والرؤساء التنفيذيون لمؤسسات عالمية كبرى فى مجال إنتاج الكهرباء الشمسية وتمويل الأسواق الناشئة، وسيكون عنوان الجلسة «مشروعات البنية التحتية.. بناء لمستقبل تنمية مستدامة فى إفريقيا».

وتكتسب تلك الجلسة أهميتها من التقارير الدولية، وفى مقدمتها تقارير البنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى وبنك التنمية الإفريقى، والتى تؤكد احتياج بلدان إفريقيا لاستثمارات لا تقل عن ١٧٢ مليار دولار خلال الأعوام العشرة المقبلة فى مشروعات للطاقة والطرق والكبارى والطرق السريعة والموانئ، وشبكات الإنترنت والاتصالات، لا سيما فى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.

يأتى ذلك على ضوء برنامج الإنماء الإفريقى المستدام حتى العام ٢٠٦٣، والتزامات الشركات الدولية تجاه دول القارة الإفريقية بالعمل معًا لتحقيق أهداف البرنامج، والتى كان آخرها إعلان الولايات المتحدة والدول المتقدمة الكبرى الأخرى فى قمة مجموعة الدول السبع الأخيرة عن اعتماد ٦٠٠ مليار دولار لدعم تمويل مشروعات البنية التحتية وتحفيز القطاع الخاص على العمل فى تلك المشروعات فى السوق الإفريقية من خلال الشراكات مع حكومات ومستثمرى القارة. 

مناقشة الأمن الغذائى والنهوض بالقطاع الزراعى ودعم استثمارات تكنولوجيا المعلومات لتحقيق التنمية

سيكون محور الأمن الغذائى ومتطلبات النهوض به فنيًا وتمويليًا فى إفريقيا أحد المحاور الرئيسية لاجتماعات منتدى الأعمال الأمريكى الإفريقى، حيث القطاع الزراعى فى دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يشكل مصدر تشغيل لما يقرب من ثلثى أبناء القارة، ويسهم بنسبة ١٤٪ من الناتج المحلى الكلى لإفريقيا، ولهذا يعد هذا القطاع مرتكزًا أساسيًا لتحقيق التنمية الشاملة والتشغيل لسكان القارة، وتسعى المؤسسات الأمريكية والدولية إلى الخوض فيه. ووفقًا لتقديرات بنك التنمية الإفريقى والبنك الدولى وغرفة التجارة الأمريكية، فمن المتوقع ارتفاع معدل نمو مشروعات الأعمال فى القطاع الزراعى والصناعى القائم على مدخلات إنتاج زراعية إلى تريليون دولار بحلول العام ٢٠٣٠، ومنذ العام ٢٠٠٠ حتى نهاية ٢٠٢١ شهد قطاع الإنتاج الزراعى فى إفريقيا أعلى معدلات النمو لقطاعات الزراعة على مستوى العالم بما متوسطه ٤٫٣٪ سنويًا، بما يجعله قطاعًا واعدًا للاستثمار فيه. 

وسيتحدث فى جلسة أزمة الأمن الغذائى فى إفريقيا كل من: رئيس بوروندى نيفارسيت نيدميشى، ورئيس وزراء ساحل العاج باتريك أتشى، والملياردير النيجيرى أليكو دانجوتى، رئيس مجموعة دانجوتى الصناعية القابضة، التى تعد أكبر مؤسسة استثمار خاص فى نيجيريا وغرب إفريقيا، وكذلك سيتحدث إيكيموى إديسينا، رئيس بنك التنمية الإفريقى، وإلى جانبه شيرى ميلز، المدير التنفيذى لمجموعة بلاك إيفى الإفريقية متعددة الجنسية للاستثمار «جنوب إفريقيا».

وكذلك، ستكون قضايا التكنولوجيا وتوطينها فى إفريقيا حاضرة بقوة فى جلسة عمل خاصة، يتحدث فيها رئيسا جمهورية ناميبيا هيج جينوجبى وجمهورية توجو فاورى كينسينجيبى، وإلى جانبهما ريد سميث، نائب الرئيس العام لمؤسسة مايكروسوفت العالمية للتكنولوجيا. 

وتبرز أهمية دعم الاستثمارات فى مشروعات تكنولوجيا المعلومات فى إفريقيا على ضوء تنامى معدلات النمو الحضرى، واتساع المدن فى القارة، وارتفاع أعداد مستخدمى شبكات الإنترنت والاتصالات الرقمية والمحمولة.

وحسب تقارير وزارة التجارة الأمريكية، تحتاج إفريقيا إلى استثمارات سنوية فى قطاع تكنولوجيا المعلومات بقيمة ١٠ مليارات دولار، وهو ما سيمكن القارة من تسريع معدلات نموها الاقتصادى، ويشكل فى الوقت ذاته فرصة عظيمة أمام الشركات الأمريكية للعمل فى السوق الإفريقية فى سوق التنمية التكنولوجية والرقمنة، فضلًا عن مشروعات تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية الرقمية التى تخدم عمليات التحول الرقمى الشامل فى إفريقيا، وتسهل اندماج اقتصاد القارة فى شبكة الاقتصاد العالمى بحلول العام ٢٠٣٠.