في حدث لم يعد مفاجأة أو حلما بل واقعا ملموسا معاشا، عاود العلم المغربي رفرفته عاليا في مختلف مناطق المملكة، حتى بلغ صداه جميع بلدان العالم، احتفاء بفوز المنتخب المغربي لكرة القدم على نظيره البرتغالي، والمرور إلى نصف نهائي مونديال قطر، حيث خرج المغاربة للاحتفال مرددين أهازيج وأغاني، كما أشادوا بالفريق الوطني ومدربه وليد الركراكي، مرددين: “الركراكي ووليداتو حتى فرقة ما غلباتو”، “مبروك علينا هادي البدية ومزال مزال”.
توثق هذه الاحتفالات، لتاريخ لم يسطره أحد من العرب والأفراقة من قبل، كتبه المغاربة وقصوا شريطه، معلنون أن المغاربة يشكلون الإستثناء في كل شيء حتى في كرة القدم، زئيرهم سُمع ومايزال يتردد في الآذان، ففرحة المغاربة تلامس عنان السماء حيث خرجوا المشجعون إلى الشوارع سواء بالسجود والرقص أوبالتجوال في الشوارع بسيارات مزينة بالأعلام، تصدح بأغان مغربية.
وتعليقا على أبعاد هذه الفرحة، يقول عبد الخالق الوردي، أستاذ علم الاجتماع، أن كرة القدم دائما كانت متنفس الشعوب وتختلط بها مشاعر الحزن والفرح والانتشاء الوقتي بالانتصار، لكن الاستثناء هذه المرة أن الفريق الوطني هو صانع الحدث، مضيفا أن المواطن مهما علا شأنه ومستواه الاجتماعي يبقى أسير الفرحة التي قد تمنحها له كرة القدم.
وأضاف في حديثه لـ”الأيام 24″ أن المغربي عندما يرى بلاده على سلم الترقي واحتلال مرتبة رفيعة بين الأمم العريقة على مستوى رياضة كرة القدم، يزيد من إذكاء حماسته ونشوة الانتصار لديه، وهنا لا بد من استحضار بعض الصور التي انتشرت كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر صور تتضمن الأعلام الوطنية للدول الأربعة التي ظلت في المربع الذهبي للبطولة، والمغرب من بينهم، يرافقها كثيرون بـ”حيانا الله حتى ولينا نخططو نربحو فرنسا والارجنتين”، وتدوينات أخرى تقول ” عاد يفقيني شي حد من الحلم”..هي تعابير توضح الحدث غير عادي والتفاعل معه لن يكون عاديا عابرا.
الجماهير المغربية التي خرجت إلى الشوارع لم تقتصر على الشباب العاشق بطبعه للرياضة وكرة القدم، بل حتى الشيوخ والنساء والبنات، الكل في فرح غامر، وهناك كثيرون لا يحضرون المقابلات على شاشات التلفاز لكنه عندما يعلو صوت الفرح في الشوارع يرتدي قميص المنتخب ويخرج، وهنا يمكن القول إنها حالة طبيعية للعلاقة بين المنتنخب باعتبار أن تشجيعه جزء لا يتجزء من حب الوطن.
وهناك معطى آخر يرتبط بالحالة الاجتماعية والاقتصادية التي تكبدها المغاربة طيلة السنتين الماضيتين وبالضبط منذ جائحة كورونا، وصولا إلى حالة الغلاء، ما يعني أن هذه الفرحة التي خلقها المنتخب هي بمثابتة جرعة طاقة لكثيرين غابت عنهم الابتسامة طويلا. ومن الملاحظات البارزة في الاحتفالات هو مشاركة مهاجرين من مختلف الدول الإفريقية المغاربة فرحتهم، مؤكدين أن الإنجاز يعنيهم أيضا، وأن المنتخب المغربي يمثلهم كذلك.