تشهد نصف الديموقراطيات في العالم تراجعاً في نظامها السياسي تفاقم في ظل الحرب في أوكرانيا والأزمة الاقتصادية، وفق ما كشف تقرير نشره المعهد الدولي للديموقراطية والمساعدة الانتخابية، الأربعاء.

وقال كيفن كاساس زامورا الأمين العام للمعهد الذي يتخذ مقراً في السويد متحدثاً إلى وكالة الصحافة الفرنسية "نرى الآن عوامل غير مواتية إطلاقاً للديموقراطية، زادتها حدّة تبعات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء والعواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا".

وأوضح أن هذا التراجع يمكن أن يظهر من خلال إعادة النظر في مصداقيّة انتخابات أو انتهاكات لدولة القانون أو فرض قيود في الفضاء المدني.

وازداد عدد الديموقراطيات التي تواجه أخطر تقويض والتي صنفها التقرير في فئة بلدان "في تراجع" من ستة إلى سبعة عام 2022 مع إضافة سلفادور إليها، إلى جانب الولايات المتحدة منذ العام الماضي والبرازيل والمجر وبولندا والهند وجزيرة موريشيوس.

ورأى كيفن كاساس زامورا أن وضع الولايات المتحدة على قدر خاص من الخطورة.

وحذر التقرير من أن هذا البلد يعاني مشكلات استقطاب سياسي وخللاً في عمل المؤسسات وتهديدات للحريات المدنية.

وقال الأمين العام "من الواضح الآن أن هذه الحمى لم تنحسر مع انتخاب إدارة جديدة".

ويظهر ذلك خصوصاً في مستويات الاستقطاب الخارجة عن السيطرة ومحاولات "تقويض مصداقية نتائج الانتخابات بدون أي أدلة على وقوع عمليات تزوير"، حسب كاساس زامورا.

وقال إن الولايات المتحدة اتخذت كذلك "خطوة واضحة إلى الخلف" على صعيد الحقوق الجنسية والإنجابية.

تصاعد النزعة الاستبدادية

ومن بين الدول الـ173 التي شملها التقرير، تسجل 52 من الديموقراطيات المدرجة فيه تراجعاً.

في المقابل، اتجهت 27 دولة إلى نظام استبداديّ، ما يزيد من ضعف الدول التي اتجهت إلى الديموقراطية.

كذلك شددت نصف الأنظمة الاستبدادية تقريباً قمعها خلال عام 2022.

وبعد عشر سنوات على موجة الثورات التي عرفت بـ"الربيع العربي"، لا يزال الشرق الأوسط "المنطقة الأكثر تسلطاً في العالم".

وفي آسيا حيث يعيش 54% فقط من السكان في نظام ديموقراطي، تشتد النزعة الاستبدادية، فيما تبقى القارة الإفريقية "متينة" بوجه انعدام الاستقرار رغم التحديات الكثيرة التي تواجهها.

وفي أوروبا، عانت حوالى نصف الديموقراطيات أي 17 دولة من تدهور خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وشدد التقرير على أن "الديموقراطيات تجهد لإيجاد توازن فعال في بيئة من انعدام الاستقرار والقلق. ولا تزال النزعة الشعبوية تنتشر في العالم فيما الابتكار والنمو في ركود أو تراجع".

كما أشار إلى "توجهات مقلقة" حتى في الدول التي تتمتع بمستوى متوسط أو مرتفع من المعايير الديموقراطية.

وجاء في التقرير أن التقدم شهد في السنوات الخمس الأخيرة ركوداً على صعيد كلّ مؤشرات دراسات المؤسسة، لا بل عادت بعض هذه المؤشرات إلى مستويات التسعينيات.

وأوضح كاساس زامورا أن "الأنظمة الديموقراطية سجلت تدهوراً حقيقياً في العقدين الأخيرين، ويطرح ذلك مسألة ساخنة في عصرنا".

لكن هناك في المقابل بوادر تقدم.

ولفت التقرير على هذا الصعيد إلى أن بعض الشعوب تتجمع لحض حكوماتها على الاستجابة إلى مطالب القرن الواحد والعشرين، من المطالبة بالحقوق الإنجابية في أمريكا اللاتينية إلى حركات الاحتجاجات الشبابية من أجل المناخ في أنحاء متفرقة من العالم.

وختم "هناك بعض بصيص الأمل، لكن التوجه العام يبقى قاتماً".

TRT عربي - وكالات