يعتبر شهر أكتوبر شهراً للتوعية بمتلازمة داون بهدف تسليط الضوء على قدرات وأحلام الأشخاص أصحاب متلازمة داون، والعمل على كسر الحواجز والتحديات التي قد تعترضهم في طريقهم لدمج حقيقي داخل المجتمع… يوجد العديد من النماذج الناجحة للأشخاص أصحاب متلازمة داون من المراحل العمرية المختلفة، ونحن في شهر التوعية بمتلازمة داون نقدم نماذج حققوا النجاح في حياتهم العملية وتخطوا الصعوبات، وكذلك نماذج أخرى ممن لايزال لديهم تحديات يناشدون المسئولين بالتدخل لمزيد من دمج أبنائهم في التعليم والحصول على حقوقهم في مجال الصحة والرياضة والدمج المجتمعي بشكل عام.

مصطفى نوفل شاب عمل منذ 3 سنوات عارض أزياء وهو من أصحاب متلازمة داون تواصلت معنا في “إحنا معاك” إيمان مصطفى والدته مؤخرا ولديها هي وأسر أخرى شكوى تتعلق بعدم وجود مدارس لأبنائهم في إطار المنطقة السكنية لهم، أو حتى فرصة للاشتراك بأي نشاط رياضي بمركز الشباب التابعين له، قالت إيمان مصطفى:” نحن أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة بمركز ومدينة كفر الزيات نتقدم بالشكوى بسبب التقصير في حق أولادنا حيث اننا نعاني من عدم وجود مدرسة فكرية ولا أنشطة رياضية.”

تضيف والدة مصطفى: “لقد سعيت منذ عدة سنوات لإنشاء مبنى كامل ملحق بمدرسة حكومية عادية، ولكن يوم ما تم إنشاء المبنى لهم، أصبح مصطفى عمره أكبر من المرحلة التي يتم قبولها بهذا المبنى الملحق بالمدرسة وتم توجيهنا للتقديم بمدرسة طنطا..؟!! وهي منطقة بعيدة، وعندما تم التواصل مع المحافظ لتوفير وسيلة مواصلات لهم ،جاء الرد بالرفض …كما تم التواصل مع وكيل وزارة الشباب والرياضة بعمل أنشطة رياضية وعمل حمام سباحة في مركز شباب كفر الزيات وتم تعيين لجنة بأن المساحة تستوعب ذلك ولكن لا حياة لمن تنادي حتى الآن، بالرغم من مرور حوالى 6 سنوات على صدور قرار اللجنة بعد المعاينة…من يقول أن ابني الذى يبلغ من العمر 20 عاما حاليا لا توجد مدرسة تقبله في نطاق المنطقة السكنية لنا، وعندما توفر مركز خاص يمكنه استكمال تعليمه به كانت اجابته انه أكبر من 18 سنة و لا يمكن قبوله سوى داخل نظام الإقامة الكاملة بالمدرسة..؟!! فهل تكون الاختيارات المتاحة أمامي هي إما أن يلتحق ابني بمدرسة في طنطا بنظام المنازل او أن يتم حرماني من تواجده معنا بالمنزل ونلحقه بمركز خاص…؟!! خياران أحلاهما مر…!!

تستطرد إيمان وتقول

: “مصطفى حلمه انه يكون عارض أزياء عالمي بعد أن بدأ العمل في 2019 بمصر كعارض أزياء من أصحاب متلازمة داون، حيث استعانت به شركة ملابس في مصر، ومعه شاب آخر من متلازمة داون وآخر ممن يعانون من مرض البهاق، وقدموا عروض أزياء للشركة حققت مبيعات جيدة جدا.”

تكمل وتقول:” مصطفى تميز في الاشتراك في ملتقي العرب الأول لذوي الإعاقة بحضور رئيس الجمهورية، والاشتراك في بطولة الجمهورية في الكرة الخماسية وتكريمه بشهاده تقدير وميدالية ذهبية من الدكتورة هاله عبد السلام خفاجي وكيلة وزارة التربية والتعليم الخاص والموهوبين وتم تكريمه من محافظ ووكيل التربية والتعليم ومدير إدارة التربية ورئيس مجلس مدينة الغربية، جائزة المركز الأول بتمثال اولادنا في ملتقى اولادنا الدولي عن لجنة تحكيم ل 36 دولة عن فيلم وثائقي “لا للتنمر”، و ميدالية برونزية في الجري 100 متر.

“رهف- طفلة لم يتعدى عمرها 6 سنوات وبدأت منذ عامين كعارضة للأزياء، تعرضت رهف لمشكلات صحية عديدة من ميلادها، وتم إجراء عدة عمليات جراحية لها، ساندتها والدتها ووالدها وأشقائها، ويسعون دائما لتنمية وتطوير مهارات رهف ويحرصون على أن تمارس الرياضة وتتعلم رغم كل الصعوبات..

مروة عبد الرؤوف- والدة رهف، قالت

:” أكيد كانت هناك أوقات صعبة مررت بيها ما بين خوف وقلق عليها وعلى مستقبلها ونظرة المجتمع، لكن سريعا ما تخطيت تلك المشاعر، واستمريت في جلسات علاج طبيعي وتدخل مبكر وتخاطب وتنميه مهارات لابنتي.”

مريم نعيم – بطلة الأولمبياد الخاص في السباحة والفروسية وعازفه الأرج، وقدمت برنامج إذاعي على راديو بلدنا.. عمرها الآن 23 عاما وهي من أصحاب متلازمة داون وتخرجت في كلية الآداب جامعة حلوان العام الدراسي الماضي … مريم نموذج يبعث على الأمل وقصة كفاح ومجهود شاق سنوات طويلة من قبل الأم والابنة حتى تصل الى ماوصلت اليه واصبحت نموذج لتحدى الاعاقة والصعاب بالعمل والأمل.

حول تجربة مريم في الاندماج في المجتمع والتميز، تقول والدتها المهندسة سناء:” عندما أصبح عمرها أربع سنوات ونصف قدمت لها في المدرسة لأنى كنت أحلم أن تتعلم وتحصل على شهادة جيدة, واستمرت حتى الصف الثاني الإعدادي تدرس مثلها مثل باقي الطلاب بنفس الطريقة ونفس المنهج، ولكن في الصف الثالث الإعدادي التحقت بفصل بنظام الدمج وبعد ظهور النتيجة بحثت عن مدرسة ثانوية بنظام الدمج ووجدت صعوبة في ذلك حيث إن هناك مديري مدارس لا يعرفون نظام وقرارات الدمج و من ثم لا يطبقونها داخل المدارس القائمين عليها، ولكن بعد محاولات عديدة نجحنا في إلحاق مريم بمدرسة ثانوية حكومية و وحصلت على الثانوية العامة و من بعدها التحقت بجامعة حلوان بكلية الآداب إلى أن تخرجت العام الماضي.

الدكتورة سامية قدري أستاذة علم الاجتماع بكلية البنات بجامعة عين شمس سابقا- تقول:” الدولة تعمل على تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة والتي بها نصوص تؤكد على ضرورة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع، فالدولة بدأت تأخذ في السنوات الأخيرة خطوات من قبل الجهات المعنية بها نحو مزيد من الدمج المجتمعي لذوي الإعاقة ووضعت المجالس القومية الثلاثة – القومي لشئون الإعاقة، والقومي للمرأة، والقومي للطفولة والأمومة – هذا الأمر ضمن أجندة عملهم.”

وأضافت الدكتورة سامية قدري قائلة: ” النقطة الأساسية والمهمة في الدمج والعمل عليه أن يكون شيء مستدام ومستمر وليس مرحلي يستمر فترة ثم نعود لنقطة الصفر مرة أخرى، لأن الدمج لذوي الإعاقة على المدى المتوسط والبعيد يعود بالإيجاب على الأسرة المصرية خاصة الأسر التي لديها أبناء من ذوي الإعاقة، لان الدمج يحسن من وضعهم بالمجتمع يكونوا مقبولين اجتماعيا ولا يتعرضوا للتنمر ضدهم وما إلى ذلك. بل يصبح ذوي الإعاقة جزء لا يتجزأ من المجتمع ولهم حقوق وعليهم واجبات حسب قدراتهم، فذوى الإعاقة في مجتمعات كثيرة يعيشوا حياة طبيعية.”

تستطرد قدري: إن الدولة تتخذ خطوات نحو الإصلاح في قضايا كثيرة لم تكن مطروحة لسنوات، فعلى سبيل المثال مؤخرا تم عمل معسكرات للأطفال في ظروف الشارع أملا في الحد من ظاهرة أطفال في الشارع، ولكنى أؤكد مرة أخرى أن الاستدامة والاستمرار في العمل هو الذي يحسن الأوضاع ويؤدى إلى مجتمع صحي أكثر.