يسعى سكان وقادة كوكب الأرض لاستخدام الطاقة النظيفة، ومنها الطاقة النووية، أملاً في السيطرة على ظاهرة الاحتباس الحراري المُسببة لتغير المناخ، بآثاره المدمرة على البشر، لكن في الوقت نفسه، نجد ان النزاعات تحول دون الاستخدام الآمن بل تبددها وتلوح بها للتدمير والحروب، فالطاقة النووية Nuclear energy إحدى أشكال الطاقة الطاقة النظيفة، وإحدى مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية على مستوى العالم، ورغم الفوائد العظمى، واستخدامات الطاقة النووية في شتى المجالات، إلّا أن التلويح بها كأداة حرب خطير للغاية ولنا مثال في حادث تشيرنوبيل عام 1986 م الذي أدى إلى مقتل الآلاف من البشر نتيجة تسريب الإشعاع النووي الضار، ورغم مرور أكثر من 30 عامًا على هذه الحادثة، إلّا أنّها ما زالت تُعدّ منطقة موبوءة، ويحذر من الوصول إليها، فاستخدام الطاقة النووية في الحرب يقضي على الطبيعة والمياه والبشر في المكان المهدد لعشرات العقود من السنين، وهو ما يثير مخاوف العالم حالياً بسبب تلويح روسيا بذلك في حربها مع اوكرانيا، وبسبب المخاطر الضخمة التي تتعرض لها محطة زابوراجيا النووية، في اوكرانيا واستهدافها بالقصف عدة مرات.

في هذا الصدد، جدد مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل ماريانو جروسي، التأكيد على ضرورة أن يتوقف القصف حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية، مشدداً على الأهمية القصوى لإنشاء منطقة لحماية الأمان والأمن حول المحطة، وقال جروسي الذي عاد إلى أوكرانيا بعد اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سانت بطرسبرج: “إنه من غير المنطقي التحدث عن حماية شيء يتعرض للقصف، ويستغرق الأمر أسابيع وشهور لحمايته.”، وجاءت محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إطار الجهود التي تبذلها الوكالة من أجل منع وقوع أي حادث نووي خلال النزاع العسكري الجاري في أوكرانيا.

وعن لقائه مع الرئيس بوتين، قال جروسي: “قلت له وللحكومة الروسية ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يمكنها الاعتراف بالضم. هذه مسألة تتجاوز القضايا النووية، إنها مسألة تتعلق بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. نعم، بكل وضوح. لقد تحدثت إليه مباشرة”.، حيث ضمت روسيا اربعة مناطق اوكرانية خلال الشهر الماضي بعد اجراء استفتاء اسمته الأمم المتحدة “الاستفتاء الصوري” ضمن هذه المناطق منطقة زابوراوجيا التي تقع فيها المحطة النووية، التي استحوذت روسيا عليها، وتحتلها عسكريا منذ شهور، وتحول الامر الى الشكل الرسمي بعد الاستفتاء، والضم، بموجب مرسوم وقعه بوتين. وجاء في المرسوم الروسي ان حكومة روسيا ستحرص على دمج المنشآت النووية للمحطة.. كملكية اتحادية!!”.

وأضاف جروسي، أنه يحاول التقدم بأسرع ما يمكن في المفاوضات من أجل إنشاء منطقة الحماية حول المحطة. مشيراً الى إنَّ “الوضع في المنطقة المحيطة بمحطة زابوريجيا للقوى النووية وفي أماكن أخرى صار على درجة متزايدة من الخطورة والهشاشة والصعوبة، مع تكرار الهجمات العسكرية التي يمكن أن تهدد أيضا الأمان والأمن النوويين”. وأضاف أنه “خلال هذه الأوقات العصيبة للغاية، صار إنشاء منطقة للحماية حول محطة زابوريجيا للقوى النووية أمراً واجباً الآن أكثر من أي وقت مضى. ولم يعُد بوسعنا أن نتحمل إضاعة مزيد من الوقت لأننا نواجه مخاطر جسيمة. ولا بد من أن نفعل كلَّ ما بوسعنا للمساعدة على ضمان عدم وقوع أي حادث نووي خلال هذا النزاع المفجع، لأنَّ ذلك يمكن أن يتسبَّب في مزيد من الشقاء والمعاناة داخل أوكرانيا وخارجها”.

وردا على سؤال بشأن نائب مدير محطة الطاقة النووية المحتجز فاليري مارتينيوك، والذي احتجزته السلطات الروسية تحت دعوى استجوابه، بلا تفاصيل اكثر، قال جروسي إنه أثار القضية مع السلطات الروسية.وأضاف: “لقد ناقشت مع السلطات الروسية هذه المسألة وأكرر أن هذا غير مقبول”.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد التقى خلال الأسبوع الماضي بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف.، ويعكف جروسي، طوال الأسابيع الأخيرة، على إجراء مشاورات مكثفة مع كلٍّ من أوكرانيا والاتحاد الروسي من أجل الاتفاق على تنفيذ منطقة الحماية المذكورة في أقرب وقت ممكن، بالنظر إلى القصف الذي وقع في الأسابيع والأشهر الأخيرة داخل محطة زابوريجيا أو حولها، وهي أكبر محطة للقوى النووية في أوروبا.